تحفه الكرام في تاريخ مكه و بيت الله الحرام

اشارة

سرشناسه : بحرالعلوم، محمدمهدي بن مرتضي، 1155 - 1212ق.

عنوان و نام پديدآور : تحفه الكرام في تاريخ مكه و بيت الله الحرام/ تاليف محمدمهدي بحرالعلوم؛ تحقيق محمدجواد الجلالي، خالد الغفوري.

مشخصات نشر : تهران: مشعر، 1383.

مشخصات ظاهري : 344 ص.: نمونه.

شابك : 18000ريال: 9647635583

وضعيت فهرست نويسي : فاپا

يادداشت : عربي.

يادداشت : كتابنامه: ص. [335] - 340؛ همچنين به صورت زيرنويس.

يادداشت : نمايه.

موضوع : زيارتگاههاي اسلامي -- عربستان.

موضوع : كعبه -- تاريخ.

موضوع : مكه.

موضوع : مكه -- تاريخ.

موضوع : مسجدالحرام، مكه.

شناسه افزوده : حسيني جلالي، محمدجواد، 1331 - ، محقق

شناسه افزوده : غفوري، خالد ، محقق

رده بندي كنگره : BP262/2/م7ب 3

رده بندي ديويي : 297/761

شماره كتابشناسي ملي : م 83-9970

ص:1

اشارة

ص:2

ص:3

ص:4

ص: 5

المقدمة

الحمد للّه رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وآله الميامين.

وبعد، فإنّ اللّه سبحانه وتعالى اصطفى بيته الحرام من بيوت الأرض، وجعل له حرماً آمناً يجبى إليه ثمرات كلّ شي ء، وأوجب على الناس الاتيان إليه من كلّ فجّ عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم اللّه في أيّام معلومات.

ولايخفى ما للبحث حول هذه البقعة الشريفة من أهمية من نواح متعدّدة، منها:

1- عراقة هذه البقعة تاريخياً حيث يرجع تأريخها إلى الأيام الاولى من وجود الانسان الأول، وهو آدم عليه السلام؛ وقد ارتبط تأريخه بتأريخها، فمنذ أن أهبط الى الأرض وسعى لتشكيل الاسرة الاولى والمجتمع الأول كانت هذه البقعة هي المسرح الذي تمّت عليه تلك الأحداث.

وبعد أن أخذت البشرية بالتوسّع والانتشار ظلّت هذه البقعة تتمتّع بامتيازات فريدة؛ وكانت البشرية تنظر إليها نظرة تقديس واحترام رغم اختلاف الديانات وتطاول الازمنة والدهور.

ص: 6

2- كون هذه المنطقة قبلة للمسلمين يتوجّهون إليها في جميع صلواتهم، ويتعاملون معها تعاملًا متميّزاً؛ حيث شرّعت لها أحكام خاصّة تعبّر عن مدى قدسية وعظمة هذه البقعة وما تمضنته من مواضع شريفة.

3- كون هذه البقعة موضعاً لممارسة عبادة الحجّ وكذا العمرة، واللتان تعدّان من العبادات المهمّة في الاسلام، فقد ارتبطت المناسك بهذه المنطقة ومافيها من معالم، حيث تبدأ عادةً تلك المناسك بالاحرام من مواضع معيّنة وهي مواقيت، ثمّ يواصل الحاجّ أداء سائر الاعمال من طواف حول البيت الحرام والصلاة خلف المقام الابراهيمي والسعي بين جبلي الصفا والمروة والوقوف بصحراء عرفات والمبيت في المشعر الحرام والذبح في منى إلى غير ذلك من الأعمال الواجبة والمستحبّة، وكلّها مقيّدة بأن تؤدّى في مواضع خاصّة؛ لذا فدراسة هذه البقعة الشريفة ومعرفة تأريخها وتحديدها جغرافياً مسألة مهمّة جدّاً من الناحية الشرعية.

هذا، وقد اهتمّ علماء الاسلام بدراسة هذه البقعة وصنّفوا فيها وأكثروا في ذلك وتفنّنوا في مصنّفاتهم وتأليفاتهم من ناحية الاطناب والاقتضاب، ومن الناحية الاسلوب، ومن ناحية نوع البيان شعراً أو نثراً.

وممّن أفرد البحث في تاريخ مكة:

1- محمد بن عمر الواقدي (130- 207 ه) في كتاب خاص.

2- علي بن محمد المدايني (135- 225 ه) في كتاب خاص.

وقد فقد هذان الكتابان.

3- ابو الوليد محمد بن عبد اللّه بن أحمد الأزرقي (ت/ 250 ه) في كتابه «أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار».

ص: 7

ونظراً لاهميّة هذا الكتاب فقد تناوله العلماء بالشرح والتعليق والتلخيص، فاختصره بعضهم، ونظمه آخرون في ارجوزة، ومن هؤلاء:

أ- سعد الدين بن عمر الاسفرائيني (ت/ 726 ه) فقد اختصره في كتاب سمّاه «زبدة الأعمال وخلاصة الأفعال». نسخة منه في مكتبة الحرم المكي، برقم (64- 234-/ تاريخ)، وهو في 169 ورقة بتاريخ 17 ربيع الأوّل 1990 ه.

وانظر تاريخ التراث العربي؛ لسزگين 2: 203.

ب- يحيى بن محمد الكرماني المصري (ت/ 833 ه)، فقد اختصره سنة 821 في كتاب «مختصر تاريخ مكة المشرفة»، توجد نسخة من هذا الكتاب في برلين برقم 9752، في 169 ورقة بخط المؤلف.

ج- عبدالملك بن أحمد بن عبد الملك الانصاري الارمانتي (632- 722 ه) فقد نظم كتاب الازرقي في اجوزة سماها «نظم تاريخ مكة للازرقي في ارجوزة»، لكن فقدت هذه الأرجوزة.

4- الزبير بن بكار (172- 256 ه) الذي ولي قضاء مكة سنة 342 وتوفي فيها، ولم نقف على كتابه.

5- عمر بن شبَّة (173- 263 أو 284 ه) في كتابه «أخبار مكة»، وقد فقد هذا الكتاب أيضاً، ولم يصل إلينا سوى المنقول عنه في كتب متأخرة.

6- محمد بن اسحاق الفاكهي (ت/ 272 ه) في كتابه «تاريخ أخبار مكة».

7- المفضل بن محمد بن ابراهيم الجندي (ت/ 308 ه) في كتابه «فضائل مكة»، اقتبس منه ياقوت في معجم البلدان 2: 809.

ص: 8

8- المحب الطبري (ت/ 694 ه) في كتابه «القِرى في أخبار ام القرى».

9- تقيّ الدين محمد بن احمد الفاسي (775- 832 ه) في عدّة كتب جليلة، هي:

أ- «العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين»، في أربعة أجزاء ضخام، ومنه عدة نسخ خطية في دار الكتب المصرية بالقاهرة، وطبع في سبعة أجزاء بدار الكتب العلمية- بيروت، سنة 1419 ه/ 1998 م.

ب- «شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام»، وقد طبع في مجلدين كبيرين بدار الكتب العلمية- بيروت.

ج- «تحفة الكرام بأخبار البلد الحرام» أو «تحصيل المرام من تاريخ البلد الحرام»، وهو مختصر لكتابه «شفاء الغرام».

د- «هادي ذوي الأفهام إلى تاريخ البلد الحرام»، وهو مختصر من كتابه السابق «تحفة الكرام».

ه- «الزهور المقتطفة في تاريخ مكة المشرفة»، وهو مختصر من كتابه السابق «هادي ذوي الأفهام».

و- «عجالة القِرى للراغب في تاريخ امّ القرى».

ولم يطبع من كتبه سوى «العقد الثمين» و «شفاء الغرام».

10- محمد بن أحمد بن عمر بن يوسف القرشي الحنفي، المعروف بابن الضياء (ت/ 854 ه) في كتابه «تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام، والمدينة المنورة والقبر الشريف»، وقد طبع في دار الكتب العلمية- بيروت سنة 1418 ه/ 1997 م.

ص: 9

11- ابو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي (ت/ 597 ه) في كتابه «مثير العزم الساكن الى أشرف الأماكن»، ط/ دار الراية- الرياض، سنة 1415 ه/ 1995 م.

12- عمر بن فهد الهاشمي المكي (812- 885 ه) في كتابه «اتحاف الورى بأخبار امّ القرى».

وكتابه الآخر: «الدر الثمين بذيل العقد الثمين في تاريخ البلد الامين»، وقد طبع هذا الاخير في بيروت، دار خضر، سنة 1421 ه/ 2000 م في ثلاثة أجزاء.

13- محمد جار اللّه بن ظهيرة القرشي المكي (ت/ 986 ه) في كتابه «الجامع اللطيف في فضل مكة وأهلها وبناء البيت الشريف»، وقد طبع طبعة ثانية في مطبعة عيسى البابي الحلبي- القاهرة، سنة 1357 ه/ 1983 م.

14- قطب الدين الحنفي النهرواني المكي (ت/ 990 ه) الذي سمّاه ب «الإعلام بأعلام بيت اللّه الحرام» وطبع في بيروت.

15- علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري (1057- 1125 ه) في كتابه «منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم»، ط/ جامعة امّ القرى- مكة، سنة 1419 ه/ 1998 م. في ستة أجزاء.

16- كتاب «تحفة الكرام في تاريخ مكة والبيت الحرام»- وهو الكتاب الذين يديك.

ومن حسن التوفيق أن منّ اللَّه سبحانه علينا فجعل لنا نصيباً في خدمة هذا الكتاب القيّم وتحقيقه، فنسأله تعالى أن يتقبّل ذلك منّا ويجعله ذخراً لنا في الآخرة، وأن ينفع به طلّاب العلم وروّاده.

وسنتحدّث فيما يلي عن المؤلّف والكتاب بشي ء من التفصيل:

ص: 10

نبذة من حياة المؤلف قدس سره

اسمه ونسبه:

هو السيد مهدي بن مرتضى بن محمد بن عبد الكريم بن مراد بن الشاه أسدالله بن جلال الدين بن أمير بن الحسن بن مجد الدين بن قوام الدين بن اسماعيل المنتهي بن عباد ابن أبي المكارم بن عباد بن أبي المجد بن عباد بن علي بن حمزة بن طاهر بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الملقب طباطبا بن اسماعيل الديباج بن إبراهيم الغمر بن الحسن المثنى بن الحسن السبط عليه السلام.

ولادته:

ولد في كربلاء قبيل الفجر من ليلة الجمعة في غرة شوال سنة 1155 ه، وتربى في احضان والده تربية اسلاميّة، وتعلّم القراءة والكتابة قبل اجتياز السابعة من عمرة، ثم أخذ في تعلم العلوم الادبية من النحو والصرف وبقيّة العلوم العربية، ثم تدرج في مدارج العلوم؛ فدرس المنطق والاصول والفقه والتفسير والكلام على فضلاء عصره، ثم حضر دروس الحوزة العليا (البحث الخارج) على والده المرتضى (ت/ 1204 ه) والاستاذ الوحيد البهبهاني (ت/ 1206 ه) والشيخ يوسف البحراني (ت/ 1186 ه) حتى بلغ درجة الاجتهاد، واعترف بفضله العام والخاص وهو بعد لم يبلغ الحلم.

ص: 11

أخوه وشقيقته:

كان للسيد أخ اصغر منه، توفي سنة 1248 ه، وكان من عيون العلماء الابرار، وجد السادة البروجرديين في ايران، الذين من مفاخرهم السيد آقا حسين الطباطبائي البروجردي (1292- 1380 ه).

وله اخت كانت من ذوات الفهم والقدسية، تزوّجها العالم الجليل السيد أحمد القزويني (ت/ 1199 ه)، وهو جدّ السادة القزاونة في الحلة. توفيت هذه السيدة في النجف في سنة وفاة والدها المرتضى (ت/ 1204 ه)، بعد وفاة أبيها بأشهر.

هجرته إلى النحف:

هاجر إلى النحف الاشرف سنة 1169 ه فحضر على اعلامها كالشيخ مهدي الفتوني (ت/ 1183 ه) والشيخ محمد تقي الدورقي (ت/ 1186 ه) والشيخ محمد باقر الهزارجريبي (ت/ 1205 ه) وغيرهم من اعلام النجف.

هجرته إلى إيران:

في شهر ذي القعدة من سنة 1186 ه خرج السيد من النجف إلى زيارة الامام الرضا، وفي مدينة مشهد اختص بالسيد ميرزا مهدي الاصفهاني (ت/ 1218 ه) المتضلّع بالفلسفة والكلام، ولقّب من قبله ب «بحر العلوم»، ثم رجع إلى النجف أواخر شعبان سنة 1193 ه.

ص: 12

هجرته إلى الحجاز:

في أواخر سنة 1193 ه تشرف بالحج إلى بيت اللّه الحرام، ليس لقصد الحج فقط بل لاقامة مشاعر الحج واصلاح بعض مواقفه وتأسيس مواقيته، وبقي في مكة أكثر سنتين موضع حفاوة وعناية من كافة طبقات مكة، حتى أنّه كان يوضع له كرسي الكلام فيحاضر بالمذاهب المختلفة، ويحضر عليه أرباب المذاهب، وكان لقدرته العلمية ومعرفته بمختلف المذاهب الاسلاميّة يرتئيه كل مذهب لنصرته، ويدّعيه أهل كل مذهب لنفسه، ويستعمل التورية في بيان مذهبه عندما يسأل عنه، كقوله:

احمد جدي، وأما والدي مالكي، لكن ديني شافعي

واعتقادي حنفي، وأناشافعي بدليل قاطع

وأرى الحقّ مع السنّة في كل ما قالوا بأمر جامع(1)

هذا، ولقد بلغ من علمه وشأنه ان قال بعضهم: لو أنّ بحر العلوم ادّعى مذهباً لما تجرّأ أحد على البحث معه أو الوقوف بوجهه، فقد كان علماء مكة يتحلّقون حوله في صحن المسجد الحرام فيقضي في تدريسهم شطراً من الليل.

ولم ينحصر نشاط السيد اثناء اقامته في مكة على التدريس والبحث، بل تعدّى إلى بعض الأعمال الهامّة منها:

انه حدّد بدقة أماكن الحج ومواقف ومواقيت الاحرام طبقاً لما عيّنه الشرع،


1- ومراده بان جده احمد هو النبي صلى الله عليه و آله، وأما ان والده مالكي، انّ والده مالك له؛ طبقاً لحديث: «أنت ومالك لأبيك»، وأما ان دينه شافعي فهو أنّ دينه هو الذي سوف يشفع له في يوم القيامة، وكما أنّ اعتقاده هو بالدين الحنيف وهو الاسلام، وانّه يقول بالشفاعة في يوم القيامة، وانّ الحق دائماً مع سنة رسول اللّه المنضمّة إلى روايات اهل البيت عليهم السلام.

ص: 13

ولقد كانت قبل ذلك غامضة مبهمة، ولقد تحمل بحر العلوم في ذلك مشاقّ كبيرة كانت ثمارها أن يؤدي الحجيج اليوم مراسم الحج وشعائره بطمأنينة وفراغ بال، كما تمكن من استبدال الحجارة المعدنية المحيطة بالكعبة بحجارة أخرى يصح السجود عليها وفقاً للمذهب الجعفري، وهو أمرٌ في غاية الأهمية يعزز من أواصر الوحدة بين جميع المسلمين.

لقاؤه بامام جمعة مكة:

كان امام مكة المكرمة على درجة كبيرة من الزهد والتقوى والصلاح، وقد بلغ من زهده انّه كان يؤدّي صلاته ثم يعود إلى منزله لا يلوي على شي ء، فلم يكن ليتحدث إلى شخص أو يتوقّف في مكان، وكان يعدّ من علماء الحجاز المعدودين.

وقد صلّى خلفه السيد بحرالعلوم ذات مرّة ثم رافقه في عودته الى منزله، فدعاه امام الجمعة إلى بيته وقاده إلى مكتبته، فسأله السيد عن الكتب التي توجد في المكتبة، فأجابه امام الجمعة: انّها تحوي مالذّ وطاب.

فسأله بحر العلوم عن بعض كتب أهل السنة؛ فأجابه الرجل بالنفي، فقال السيد: ان لأبي حنيفة كتاباً في الرجال، فهل يوجد لديك؟ فقال العالم الحجازي:

للأسف انّه لا يوجد، ولكني رأيته من قبل.

فقال السيد: يقول أبوحنيفة في هذا الكتاب انّه تتلمذ على يد الامام الصادق عليه السلام، وانّه كان يتعلّم منه سبعين مسألة كل يوم، ثم أردف السيد متعجباً:

كم يبلغ- اذن- علم جعفر بن محمد الصادق لكي يقول فيه رجل مثل أبي حنيفة ذلك؟!

ص: 14

وكان امام الجمعة يصغي للحديث بصمت.. بعدها نهض السيد بحر العلوم عائداً إلى منزله، فرافقه امام جمعة مكة إلى منزله حتى إذا وصلا المنزل دعا السيد بحر العلوم صاحبه إلى الجلوس قليلًا، فأبى امام الجمعة قائلًا: كان غرضي ان أعرف منزلك.

مرّ على هذا الحادث عام كامل، وذات يوم أرسل امام الجمعة إلى السيد بحر العلوم يدعوه إلى الحضور في منزله، فلما حضر وجده يحتضر، فجلس عند رأسه وأومأ امام الجمعة إلى من عنده بمغادرة الغرفة، فلما خلا المكان تمتم إمام الجمعة:

أتذكر يوم وصفت لي الامام الصادق عليه السلام؟ لقد تشيّعت منذ ذلك اليوم ولكني التزمت التقيّة، والآن وقد حضرت الساعة الموت فقد عهدت إليك بوصيتي فتولَّ غسلي وتكفيني والصلاة عليّ. وما هي إلّالحظات حتى فارق الرجل الحياة، وقام السيد بوصيته على خير وجه»(1).

رجوعه إلى العراق:

وبعد أن انهى جميع مهامّه الدينية هناك وادّى رسالته الشرعية أظهر مذهبه وأعلن به، فازدحم عليه العلماء من سائر المذاهب وأخذوا يناقشونه ويناقشهم حتى اذعنوا له بالفضل، وقال له بعضهم عند توديعه: «إن كان للشيعة مهدي ينتظر فأنت ذلك المهدي بلاريب».

ورجع إلى النجف في أواخر سنة 1195 ه فاستقبل استقبالًا منقطع النظير من مختلف طبقات النجف، وقد أرّخ قدومه بعض الشعراء بعبارة: «ظهر المهدي».


1- «السيد بحر العلوم» ضمن سلسلة «ديدار با ابرار» لقاء مع الأبرار: 6: 38- 40.

ص: 15

الثناء عليه:

وصفه استاذهُ الوحيد البهبهاني بقوله: «الولد الأعز الأمجد المؤيّد الموفّق المسدّد والفطن الأرشد والمحقق الأسعد ولدي الروحاني العالم الزكي والفاضل الذكي والمنبع المطلع الالهي السيد السند النجيب».

وممّا قال النوري: «آية الله صاحب المقامات العالية والكرامات الباهرة، وقد أذعن له جميع علماء عصره ومن تأخّر عنه بعلوّ المقام والرئاسة في العلوم».

أسند إليه العلامة النوري في المستدرك وشيخنا العلامة في ضياء المفازات، وعقد له حلقة خاصة بطرقه.

أولاده:

اعقب السيد بحرالعلوم ثلاثة بنين يضرب بهم المثل في العلم والتقوى والورع، وهم: السيد رضا، والسيد حسين، والسيد محمد تقي.

وقد ذكرهم السيد الأمين في أعيان الشيعة 1: 160.

تلامذته:

تلمذ للسيد بحر العلوم طائفة كبيرة من العلماء، في مطلعهم:

1- الشيخ جعفر بن خضر النجفي (1145- 1227 ه)

2- السيد محمد جواد العاملي (1164- 1208 ه)

3- الملا أحمد النراقي (1185- 1245 ه)

4- محمد باقر الشفتي (1175- 1260 ه)

5- السيد يعقوب الكوهكمري (1176- 1256 ه)

6- السيد صدر الدين العاملي (ت/ 1263 ه)

ص: 16

7- السيد دلدار علي النقوي (1166- 1235 ه)

8- الشيخ محمد ابراهيم الكلباسي (1180- 1262 ه)

9- الشيخ عبدالحسين الأعسم (1177- 1247 ه)

10- الشيخ أبوعلي الحائري، صاحب منتهى المقال (1159- 1216 ه)

11- السيد عبداللّه شبّر (ت/ 1222 ه)

12- السيد محمد المجاهد (ت/ 1242 ه)

13- السيد محسن الأعرجي (ت/ 1227 ه)

آثاره:

للسيد المهدي آثار و بركات ومؤلفات جعلته من العلماء الخالدين في فهارس اعلام الشيعة، فقد عاش رحمه الله هموم الامة ومصالحها طيلة حياته، وقد ذكروا في آثاره الاجتماعيّة:

1- رفع جدران مسجد الكوفة؛ لتفادي هجوم الأعراب على العاكفين والمصلين فيه.

2- تعيين مقام الامام الحجة عليه السلام في مسجد السهلة.

3- تأسيس مكتبة ضخمة غنيّة بالمخطوطات النفيسة في النجف.

4- تحديد مواقع قبور بعض الأولياء والصالحين في العراق، وتحديد موقع الحنانة- وهو الموقع الذي وضع فيه رأس الحسين عليه السلام عند حمله إلى دمشق- ويعرف اليوم بمسجد الحنانة.

واعمال خيرية اخرى، ذكرت مفصلًا في كتاب ماضي النجف وحاضرها، وكذا في مقدمة رجال السيد بحر العلوم.

ص: 17

وأمّا آثاره العلمية، فأهمها:

للسيد المهدي آثار ومؤلفات مذكورة في فهارس اعلام الشيعة، وقد ذكروا في آثاره العلميّة:

1- اجتماع الأمر والنهي، والقول بامتناعه:

يوجد نسخة منه في مكتبة راجة محمد مهدي فيض آباد، كما في فهرسها (الذريعة 1: 269).

2- أجوبة عن مسائل الحج:

ذكره السيد الأمين في أعيان الشيعة 10: 160، ولم نقف على غيره، نعم قد أورد السيد بحرالعلوم في كتابه المصابيح بحوث مفصلة تتعلق بالحج في ضمن 15 مصباحاً، فراجع مصابيح الأحكام 162-/ 170.

3- أصالة البراءة:

أوله: «قاعدة: في أنّ الأجزاء والشرائط المحتملة، ما لم يقم دليل عليها نفياً أو إثباتاً، الأصل فيها البراءة أو الاشتغال؟ وتنقيح المسألة برسم مباحث، الأوّل:

لا ريب أنّ محل إجراء البراءة...» (الذريعة 2: 116).

4- تحفة الكرام في تاريخ مكة والمسجد الحرام:

وهو هذا الكتاب الذي نقدّم له، ذكره من جملة مصنفاته أكثر من ترجم له وسيأتي الحديث عنه مفصّلًا تحت عنوان (توثيق الكتاب).

5- تقرير بحوثه:

في مقدمة الرجال: «وأما تقريرات تلاميذه فهي كثيرة» كما جاء في مقدمة رجال السيد بحرالعلوم (1: 95)، وقد وقفنا على تقريرين له، هما:

أ- تقريرات تلميذه الجليل الحجة صاحب مفتاح الكرامة في الفقه، وفي أعيان

ص: 18

الشيعة (10: 16): انّه تقرير بحثه في الوافي (كذا).

ب- تقريرات تلميذه الآخر المحقق الآغا محمد علي النجفي بن الآغا محمد باقر الهزارجريبي، وفي أعيان الشيعة (10: 160): انّه في القضاء.

6- جواب سؤالات عن بعض مسائل الحج:

ذكره الشيخ الطهراني في الذريعة (15: 223) وقال: «هي كتاب العجالة الموجزة المتقدم ذكرها». قلت: سيأتي ذكرها برقم (38).

7- حاشية على ذخيرة المعاد؛ للسبزواري.

ذكرها السيد الأمين في أعيان الشيعة (10: 160)، وانظر مقدمة رجال السيد بحرالعلوم 1: 94.

8- الحاشية على شرائع الاسلام؛ للمحقق الحلي (602-/ 676 ه)

وهو من أوّل الطهارة إلى آخر شكوك الصلاة، في الذريعة (6: 108):

«تقرب من ثلاثة آلاف بيت(1)، رأيت نسخة منها في مكتبة السيد جعفر بن السيد باقر بن السيد علي بن السيد رضا بن السيد بحر العلوم، ثم دخلت بمكتبة السيد محمد علي بن السيد علي نقي بن السيد محمد تقي بن السيد رضا المذكور».

انظر أعيان الشيعة 10: 160.

9- الدرة النجفية- في الفقه:

طبعت طبعات متعدّدة حجرية وحروفية، منها: طبعة النجف سنة 1377، وعنها بالاوفسيت دار الزهراء- بيروت سنة 1406 ه/ 1966 م، ومكتبة المفيد بقم بدون تاريخ. وطبع ملحقاً ببعض طبعاتها الحجرية: الدرة البهية، وهي


1- يطلق البيت على ما يقارب السطر الواحد من الكتابة.

ص: 19

منظومة في الاصول نسخة منها منسوبة إليه، لكنها للشيخ عبد السميع الكرمانشاهي، حققت وطبعت في مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام، العدد (16)، السنة الرابعة، الصفحات (169- 180).

قال العلّامة الطهراني: «له شروح كثيرة وتتمات وملحقات، مرّ بعض تتميماته في ج 3: 341». ثم ذكر بعضها في الذريعة 8: 109-/ 111. وانظر الذريعة 8:

92 و 109.

10- ديوان شعر كبير:

له نظم في اللغة العربية والفارسية في مواضيع مختلفة، وفي مقدمة الرجال: انّه يناهز الآلاف بيت، أغلبه في مدح في مدح ورثاء أهل البيت عليهم السلام (مقدمة رجال السيد بحرالعلوم 1: 94)، ذكره السيد الامين في أعيان الشيعة 10: 160، وقال الشيخ الطهراني: «نسخة خطه توجد عند أحفاده»، الذريعة 9: 127 و 18:

378.

ومنها: «الاثنا عشريات في المراثي» ويقال لها أيضاً: العقود الاثنتا عشرة، وهي اثنتا عشرة قصيدة كلّ قصيدة اثنا عشر بيتاً في المراثي، وهي جزء من ديوانه المخطوط، نظم فيها بالعربية مضامين (دوازده بند) الفارسية؛ للشاعر الملقب بمحتشم، وقد تلفت منها القصيدة الثانية عشرة، والموجود منها فعلًا إحدى عشرة قصيدة، مجموع أبياتها مئة واثنان وثلاثون بيتاً، أوّلها:

الله أكبر ماذا الحادث الجلل فقد تزلزل سهل الأرض والجبل

ماهذه الزفرات الصاعدات أسىً كأنّها من لهيب القلب تشتعل(1)

11- رجال السيد بحرالعلوم/ الفوائد الرجالية.

طبع هذا الكتاب في اربعة أجزاء من منشورات مكتبة العلمين في الكاظمية، بتحقيق السيد محمد صادق بحر العلوم والسيد حسين بحر العلوم، مع مقدمة وترجمة مفصلة للمؤلف، طبع في مطبعة النجف، سنة 1385 ه/ 1965 م.

12- رسالة في الأطعمة والأشربة:

ورد ذكرها في مقدمة رجال السيد بحرالعلوم 1: 94.

13- رسالة سير وسلوك- بالفارسية- و «رسالة في معرفة الباري تعالى».

طبعت باهتمام رضا استادي في مركز انتشارات هجرت بقم، سنة 1401 ه، وبتحقيق السيد محمد حسين الطهراني في انتشارات حكمت بطهران، سنة 1402 ه، وبشرح حسن المصطفوي وتعريب لجنة الهدى في دار الروضة ببيروت، سنة 1414 ه. وان كان في صحّة النسبة إليه تأمّل.

14- رسالة في انفعال الماء القليل:

ذكره السيد الأمين في أعيان الشيعة 10: 160 ولم يذكره غيره، ولعلّه من مباحث كتاب المصابيح؛ فانّه قدس سرّه قد خصص المصباح 7 و 9 بالماء القليل، فالمصباح (7) أوّله: «مصباح: القليل من الراكد- عدا ما استثني- ينجس بمجرد الملاقاة، وهو مذهب الاصحاب...» (مصابيح الأحكام 1: 21- 24).

والمصباح (9) أوّله: «مصباح: لا فرق في الحكم بنجاسة القليل بين الملاقات لنجس أو متنجس، وارد أو مورود عليه، كثير أو قليل، غلبه كثير أو قليل، دمٌ


1- فهرس التراث 2: 100.

ص: 20

ص: 21

أو غيره، والمستند في ذلك كلّه تحقّق الملاقاة الموجبة للانفعال...» (مصابيح الأحكام 1: 26- 34).

15- رسالة في تحقيق معنى «أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم».

ورد ذكرها في مقدمة رجال السيد بحر العلوم 1: 94.

16- رسالة في الخلل:

قال الشيخ الطهراني: «رأيته ضمن مجموعة فيها صلاة المسافر له أيضاً في كتب الشيخ عبد الحسين الحلي، قاضي البحرين أخيراً». (الذريعة 7: 251).

راجع: كتاب قواعد الشكوك الآتي برقم (34).

17- الرسالة الرضاعيّة:

قال الشيخ الطهراني: «في مجموعة عند الشيخ عبد الحسين الحلي النجفي نزيل البحرين». (الذريعة 11: 194).

18- الرسالة الطاعونيّة:

في عدم وجوب الفرار من الطاعون، أولها: «أما بعد حمد اللّه وسلامه على عباده الذين اصطفى محمد وآله، فقد سألني...».

قال الشيخ الطهراني: «ضمن مجموعة في مكتبة المحيط». (الذريعة 11: 208).

19- رسالة في العصير الزبيبي:

20- رسالة في العصير العنبي:

ذكرهما السيد الأمين في أعيان الشيعة (10: 160) وقال: انّ الأخير مدرج في المصابيح.

والظاهر انّهما ليستا رسالتين مستقلتين، بل هما مصباحان من مصابيح الأحكام، فان كتاب مصابيح الأحكام يشمل على ثلاثة مصابيح في خصوص

ص: 22

العصير، هي:

أ- المصباح (145) أوله: «مصباح: أجمع المسلمون كافة على تحريم عصير العنب النيّ، وثبوت الحدّ فيه إذا بلغ حدّ الإسكار...»، وهو في 11 صفحة من ص 288-/ 292.

ب- المصباح (147) أوّله: «مصباح: أطبق علماؤنا رضوان اللّه عليهم على تحريم عصير العنب بالغليان، وعود الحلّ إليه إذا ذهب الثلثان...»، وهو في الصفحات: 293-/ 298.

ج- المصباح (148) أوّله: «مصباح: اختلف أصحابنا رضوان اللّه عليهم في العصير الزبيبي إذا غلا ولم يذهب ثلثاه، فأحلّه قوم، وحرّمه آخرون...»، وهو في الصفحات: 298-/ 312.

21- رسالة في الفرق والملل:

ورد ذكرها في مقدمة رجال السيد بحرالعلوم 1: 94.

22- رسالة في قاصد الأربعة من مسائل السفر:

قال الشيخ الطهراني: أوّلها: «الحمد لمن قصرت الألسن عن تمام حمده وثنائه، رأيتها في مكتبة السيد مهدي بن أحمد آل حيدر الكاظمي». (الذريعة 17: 4).

قلت: ولعله متّحد مع «صلاة المسافر» الاتي برقم (26)، و «مبلغ النظر في حكم قاصد الأربعة في السفر». الآتي برقم (35).

23- رسالة مناظرته ليهود في ذي الكفل:

ذكرها السيد العاملي في أعيان الشيعة (10: 160)، وقد أدرجت بتمامها في

ص: 23

مقدمة كتاب رجال السيد بحرالعلوم 1: 50-/ 66.

24- شرح جملة من أحاديث التهذيب؛ للشيخ الطوسي (385-/ 460 ه)

قال السيد الأمين في أعيان الشيعة (10: 160): هي باملائه وتقريره»، وانظر مقدمة رجال السيد بحرالعلوم 1: 94.

25- شرح الوافية؛ للفاضل التوني (ت/ 1071 ه)

فصّل عنه العلامة الطهراني في الذريعة (14: 167- 168)، وممّا قال فيه: انّه غير تام يقرب من نصف المعالم، خرج منه مبحث الوضع إلى أواخر مبحث الحقيقة والمجاز، موجود في خزانة السيد الحسن صدر الدين، وفي مكتبة الخوانساري بالنجف، وخزانة السيد المجدد بسامرّاء.

وقد ورد ذكره في مقدمة رجال بحر العلوم (1: 94) هكذا: «شرح باب الحقيقة والمجاز من الوافية؛ للفاضل التوني».

26- صلاة المسافر:

أشار إليه الشيخ الطهراني ضمن تعريفه لرسالة الخلل، وقال: «رأيته ضمن مجموعة فيها صلاة المسافر له أيضاً في كتب الشيخ عبد الحسين الحلي النجفي، قاضي البحرين أخيراً». (الذريعة 7: 251).

قلت: ولعله متّحد مع كتاب «مبلغ النظر في حكم قاصد الأربعة في السفر» الآتي برقم (35)، وانظر «رسالة في قاصد الأربعة من مسائل السفر» المتقدم برقم (22).

27- العجالة الموجزة في فروض الناسك التي لا يعذر في الجهل بجهالتها ناسك:

ص: 24

قال الشيخ الطهراني: أوّله: «الحمد للّه ماطاف طائف بالمسجد الحرام- إلى قوله:- هذه عجالة موجزة، وهو مرتّب على مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة، والنسخة الموجودة عند السيد جعفر بن علي بحر العلوم في النجف تاريخ كتابتها 1239». (الذريعة 15: 223).

28- الفوائد الاصوليّة:

قال الشيخ الطهراني: «فيه خمس وأربعون فائدة نظير الفوائد الحائرية البهبهانية، موجود في خزانة الخوانساري بالنجف وخزانة الشيرازي في سامراء، وآخر فوائدها في تحقيق حال فقه الرضا واعتباره».

وفي مقدمة رجال السيد بحرالعلوم (1: 94): «جمعها ولده الرضا بعد وفاته».

نسخة منه في مكتبة المرعشي في مجموعة رقم 155، وهي الرابعة في المجموعة بخط محمد بن محمد الحسين القمي بتاريخ 1362 ه.

(الذريعة 16: 325)

29- قصيدة في حساب عقود الأنامل:

قال الشيخ الطهراني: «شرحها بالفارسية الميرزا محمد علي المدرّس الچهاردهي». (الذريعة 9: 127).

30- القصيدة الجملية:

31- قصيدة الرد على اللامية:

32- القصيدة الرمّانية:

33- قصيدة في المناقب والمثالب:

ص: 25

ذكر هذه الأربعة الشيخ الطهراني في الذريعة (16: 325) عند تعريفه لكتاب الفوائد الاصولية، وقال: «انّها له».

قلت: أوّلها متّحد مع «قصيدة في حساب عقود الأنامل» المتقدم برقم (29).

والبواقي ضمن «ديوان شعره» المتقدم آنفاً برقم (10).

34- قواعد الشكوك:

قال الشيخ الطهراني: «في شكوك الصلاة، عناوينه: قاعدة.. قاعدة، في ثلاثمئة بيت، رأيته عند حفيده السيد جعفر بن باقر بن علي بن السعيد رضا بحر العلوم». (الذريعة 17: 184).

قلت: راجع «رسالة في الخلل» المتقدمة برقم (16).

35- مبلغ النظر في حكم قاصد الأربعة في السفر:

قال السيد الأمين في أعيان الشيعة (10: 160): «أوردها بتمامها السيد جواد العاملي في صلاة مفتاح الكرامة».

قلت: وهي في الطبعة القديمة في الجزء 2، الصفحات 501-/ 543، وفي الطبعة الجديدة في الجزء 6، الصفحات 1789-/ 1861. أوّلها: «أجمع عامة الفقهاء عدا من شذ من فقهاء العامّة على أن الترخّص في السفر بالقصر مشروط بمسافة محدودة يحصل معها النأي عن الوطن».

وآخرها: «فإن القائلين بالتخيير يجوّزون اختيار الصوم مع القصر والاتمام مع الفطر. إلى هنا جف قلمه الشريف في هذه الرسالة».

36- مشكاة الهداية/ المشكاة المقتبس من انوار الأئمة عليهم السلام:

قال الشيخ الطهراني: «متن في امّهات الاحكام الشرعية ومهمّات المطالب

ص: 26

الفرعيّة بعبارات جامعة... ويأتي بعنوانه الآخر: مشكاة الهداية أيضاً، وعنوانه الآخر: المصابيح».

وفي مقدمة الرجال: «هي منثور الدرة، لم يبرز منها الّا كتاب الطهارة، وقد شرحها تلميذه الأكبر الحجة الشيخ جعفر كاشف الغطاء بأمر من السيد نفسه».

(مقدمة رجال السيد بحرالعلوم 1: 93- 94).

37- مصابيح الاحكام/ المصابيح في الفقه المستنبط على الوجه الصحيح:

وهو كتاب فقهي مخطوط يحتوي على الطهارة والصلاة وأبواب فقهية أخرى، نسخة منه كاملة في مكتبة دائرة المعارف الاسلامية في قم، من جملة ذخائر مخطوطات النجف في 811 صفحة، ويحتوى على الطهارة والصلاة والزكاة والحج وأبواب فقهية اخرى.

وأخرى من مخطوطات مكتبة المرعشي برقم 7008 في مجلدين، الاولى في الطهارة في 312 صفحة، والاخر مجلد الصلاة إلى اواسط احكام الحج، في 170 ورقة.

وثالثة في مجلدين في مكتبة السيد الكلپايگاني في قم، وهي في الطهارة والصلاة إلى اواسط احكام الحج، في 312، ومجلد آخر في التجارة والمزارعة وغيرها.

قال الشيخ الطهراني: «وهو غير المصابيح المطلق» (الذريعة 21: 81 و 82).

38- مناسك الحج:

ذكره السيد الأمين في أعيان الشيعة 10: 160، وورد اسمه في مقدمة الرجال هكذا: «رسالة في مناسك الحج والعمرة». (مقدمة رجال السيد بحر العلوم 1:

94).

ص: 27

39- منظومة في ردّ الأخبارية والانتصار للُاصوليّين:

قال الشيخ الطهراني: «أولها:

الحق صبح واضح الإسفاروالبُطل ليل مظلم للساري

والعلم بحر درّه في قعره يدري به الغوّاص في الأخبار

لا في ظواهرها، فلا تك واثقاًبظواهر الأخبار من أخباري

والنسخة كتابتها سنة 1225». (الذريعة 23: 109)

40- الهداية:

قال الشيخ الطهراني: «فقه عملي مقتصراً على لبّ الفتوى، خرج منه قسم من الطهارة... وعناوينه: هداية. هداية، وهو غير المشكاة والمصابيح له، رأيت نسخة اخرى بخط الشيخ شريف بن عبد الحسين بن صاحب الجواهر، كتبها 1291، أوّله: الحمد لمن سنّ شرائع الاسلام... ذكر فيه انّه كتبه بالتماس جمع، وهو في العبادات إلى آخر الحج.

قال السيد جعفر بحر العلوم: وقد شرح الهداية الشيخ جعفر كاشف الغطاء، ونسخة الشرح موجودة في مكتبة علي بن محمد رضا آل كاشف الغطاء».

(الذريعة 25: 167).

وفاته قدس سره

وبعد عمر قضاه في طاعة اللّه وخدمة دينه، انتقل السيد بحر العلوم إلى رحمة اللّه تعالى في الرابع والعشرين من شهر ذي الحجّة سنة 1212 ه وقد هزّ رحيله

ص: 28

العالم الاسلامي، واغرق الشيعة في حزن مرير وبكاه القريب والبعيد»(1).

ومن المناسب أن نذكر هنا أحد كراماته المشهورة، مما يرتبط بوفاته، وهو ما نقله صاحب البرهان القاطع عن الشيخ السلماسي من ان السيد كان طريح الفراش وقد ألمّ به المرض، فقال: كنت أرغب بأن يصلّي عليّ الشيخ حسين نجف، فهو مضرب المثل بزهده وورعه وتقواه، ولكن لن يصلّي عليّ سوى العالم الرباني الميرزا مهدي الشهرستاني (وكان من معاصري السيد وأصدقائه، توفي سنة 1216 ه) فتعجّبنا من ذلك، لانّ الميرزا كان وقتها في كربلاء، ولما لفظ أنفاسه الأخيرة وودّع دار الفناء قمنا بتغسيله وتكفينه، ثم حملنا الجثمان الطاهر إلى الحرم العلوي، فطفنا حول المرقد المقدّس، وكان في الطليعة العلماء ومن بينهم الشيخ جعفر كاشف الغطاء والشيخ حسين نجف، ثم حان وقت الصلاة عليه وضاقت بي نفسي فقد سمعت من بحرالعلوم انّ الذي سيصلّي عليه الميرزا الشهرستاني، والأنظار تتّجه إلى الشيخ حسين نجف، وبينا انا أفكر في ذلك إذ لاح الميرزا من الباب الشرقي من الصحن، وقد بدت عليه آثار السفر والتعب، ففسحوا له الطريق ووقف أمام الجثمان المسجى وبدأ صلاته، فشكرت اللّه.

وقد تحدّث الشهرستاني عن ذلك الموقف قائلًا: كنت وقتها اصلّي الظهر في كربلاء، فلمّا عدت إلى منزلي وصلتني من النجف رسالة تفيد بتدهور حالة السيد بحر العلوم، وأنه لا أمل في شفائه، فنهضت على الفور متوجّهاً إلى النجف، فلمّا وصلت لاحت لي الجنازة من بعيد»(2).


1- تحفة العالم: 136.
2- الفوائد الرضوية: 670.

ص: 29

مثواه الأخير

وحمل الجثمان الطاهر إلى مثواه الأخير، وكان السيد قد أوصى بدفنه إلى جانب قبر الشيخ الطوسي (ت/ 460 ه)، وشارك في مراسم الدفن نجله الأكبر السيد رضا الطباطبائي، وسمع من يصدح باشعار لم يعرف قائلها:

للّه قبرك من قبر تضمّنه علم النبيين من نوح إلى الخلف

كانت حياتك احياء لما شرعواوفي مماتك موت العلم والشرف(1)

وما يزال قبره مزاراً يؤمّه المؤمنون تبركاً ببقعة ضمت بين حناياها بحراً من علوم آل البيت وسيرتهم.

وانطلقت القلوب بعد رحيله تشدو باخلاقه الرفيعة ومنزلته السامية، فأنشد تلميذه العبقري الشيخ كاشف الغطاء:

لساني عن احصاء فضلك قاصروفكري عن ادراك كنهك حاسر

جمعت من الأخلاق كل فضيلةفلا فضل إلّاعن جنابك صادر(2)


1- رجال السيد بحر العلوم 1: 116-/ 117.
2- رجال السيد بحر العلوم 1: 49.

ص: 30

نبذة حول الكتاب

اشارة

ان كتاب «تحفة الكرام في تاريخ مكة والبيت الحرام» الذي كتبه يراع الفقيه العلامة السيد مهدي بحرالعلوم، يعدّ من الكتب المتأخرة الشاملة لاحداث ووقائع تاريخية تخص البيت الحرام والبلد الشريف، وقد اهتم مصنّفه بذكر معالم المشاعر المقدسة وحدودها، وأهم الاحداث التي مرت بها، وكتابه قدس سره بحكم تأخّره عن علماء سبقوه في اثبات تاريخ البلد الامين- يعدّ من الكتب الجامعة لشتات ما تفرّق في الكتب من أقوال ونقولات.

ويختصّ بنقله عن كتب غير متوفّرة لدينا في الوقت الحاضر، منها: منهاج التائبين، والدرة الضويّة في هجرة خير البرية؛ للأفقهسي، وشرح المصابيح؛ للتوربشي، ومنسك ابن ظهيرة- جدّ صاحب الجامع اللطيف- ومنسك الملا علي القاري، ومنسك ابن الصلاح، كما ينقل عن الفاكهي، وعزّ الدين بن جماعة، وجماعة كثيرة من أعلام مكة المكرّمة.

منهج المؤلف في الكتاب:

عرض المؤلف منتخبات من عدة كتب وضعت في تاريخ مكة المكرمة ثم

ص: 31

تطرّق لعناوين ركّز عليها بعض الشي ء، مثل الركن اليماني، والشاذروان، ومقام ابراهيم، وحجر اسماعيل، والحجر الأسود، والصفا والمروة، ومعالم اخرى طمست اكثرها لاهمالها من قبل المعنيّين باعادة بناء المشاعر المقدسة، والتي كان ينبغي لهم حفظ تلك الآثار مع تجديد معالمها، واليك جولة خاطفة في محتويات هذا الكتاب الشريف.

جولة في الكتاب:

كتاب تاريخي كتبه يراع الفقيه العلم السيد مهدي بحر العلوم قدس سره، والذي يظهر من تاريخ حياته قدس سره أنّه قضى عامين من عمره الشريف في مكة المكرمة، وقد عاش عن قرب المشاهد المقدّسة والأماكن الشريفة التي تعرّض لتاريخها وذكر ضبطها نقلًا عن الكتب اللغوية.

ومن جهة اخرى فقد تمكّن من الاستفادة من مصادر كثيرة كانت متوفرة آنذاك في البلد الحرام والتي كتبت بيد علماء عاشوا الظروف التي كتبوا حولها وعاينوها، وغالباً ما ينقل النصوص بالمعنى أو يقتطف منها نتفاً نافعة.

ومن هنا تتضح أهمية هذا الكتاب، فإنّه مضافاً إلى عظمة الكاتب وكونه فقيهاً جليلًا فقد امتاز مؤلَّفه هذا بكثرة المصادر، وأنّه حاول أن يهدف من خلال هذا التأليف إلى تنقيح موضوعات بعض أحكام الحج، والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأماكن محدّدة كمنى وعرفات والمشعر والميقات.

ويبدأ الكتاب بعرض موجز لبناء البيت الحرام، وكيف توالت عليه الرعاية من أقدم العصور إلى عصر المؤلف قدس سره.

ويتعرض ضمناً لمسائل فقهية تتعلق بالموضوعات المطروحة في باب الحج.

ص: 32

حيث تعرّض إلى مسألة أنّ جدار البيت إذا تصدّع وصار عرضة للسقوط فهل يجوز هدمه؟ ويذكر ما أجاب عنه العامّة ولا يطرح رأيه في هذا الموضوع.

ثمّ ينقل عن الجامع اللطيف مطالب تتعلّق بالحجر الأسود ثمّ الركن اليماني، وبعد ذلك يتعرّض لمقام سيدنا ابراهيم عليه السلام وأنّه موضع قدم الخليل عليه السلام فذكر سبب وقوفه عليه، كما نقل أحوال بعض المؤرخين في ذرع المقام، وجمع بين الأقوال بقوله: أقول: لا مناقضة بين ما ذكره الأزرقي والقاضي وغيره، ويمكن الجمع بأنّ ذرع الأزرقي كان باليد وذرع القاضي كان بالحديد وبينهما فرق نحو الُّثمن أو قريب منه.

ثمّ ذكر أنّ المقام أزالته السيول عن موضعه الأصلي، وأنّه وضع في موضع أشار إليه المطلب بن أبي وداعة فأمر عمر أن يوضع فيه وهو موضعه اليوم.

ثمّ إنّه ذكر فائدة ملخصها أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم هو الذي وضع المقام في موضعه الآن.

ثمّ قال: وبقي أنّ السيل لو نقل هذا المقام إلى موضع آخر من المسجد فما محمل قوله تعالى: «واتخذوا من مقام ابراهيم مصلّى»(1)؟.

وأمّا حجر إسماعيل فلم يتعدّ الكلام فيه عن القضايا التاريخية وما مرّ عليه من التعمير وبعض ما قيل فيه من الشعر.

ثمّ ذكر الشاذروان وهي الأحجار اللاحقة بالكعبة والتي عليها البناء المسنّم المرخّم في جوانبها الثلاثة الشرقي والغربي واليماني.

فقد قال فيه: لم أدر متى كان تسنيم البناء في الشاذروان ثمّ ذكر بناء


1- البقرة: 125.

ص: 33

الشاذروان دفعات.

ثمّ تعرض لمذهب الفقهاء من العامّة بالنسبة إلى إدخال الشاذروان في المطاف وعدمه.

ونقل بعض آراء العامّة في ذلك من دون تعرّض لما هو عليه الشيعة من كون الشاذروان داخلًا في حريم البيت وأنّ الطائف بالبيت يجب أن يخرج عنه بتمام بدنه.

وانتقل السيد المؤلف بعد ذلك إلى وصف الباب والميزاب، والمواعيد المقرّرة لفتح باب الكعبة فيها.

ثمّ ذكر المعجن وهو اسم للحفيرة المرخمة التي في وجه الكعبة ويزعم انّها معجن طين الخليل عليه السلام يوم بنى الكعبة وقال: لم نجد لذلك أصلًا.

وفي بحث الكسوة والطيب والزينة لم يتعرض لذكر أيّة مسألة معينة، بل اكتفى بنقل تواريخ الأوائل الذين قاموا بذلك.

وفي بحث الحطيم والمستجار والملتزم ينقل عن مؤلفين تحديد مواضعها وعلّل تسميتها بذلك. وما ورد في هذين الأمرين من الاختلاف بين الفقهاء.

وفي بئر زمزم بعد أن ذكر قصة اسماعيل وعطشه وكيفية نبوع زمزم، قال: إنّها طمّت في الجاهلية أو دفنت أثر السيول المتكررة إلى أن نبّه اللَّه عبد المطلب وأمره بحفرها.

ثمّ ذكر فائدة نقلها عن السنجاري في أنّ بئر زمزم وحريمها الدائر على فم البئر هل هو من حريم المسجد، فيحرم فيه ما يحرم في المساجد ويحل فيه ما يحل فيها؟ ونقل جواب الطبري وغيره من أعلام مكة في ذلك ولم يذكر لنفسه رأياً خاصّاً في مناقشتهم.

ص: 34

ومن جملة ما جاء في هذا الكتاب أنّه ذكر ما يتعلق بالمسجد الحرام بصورة عامّة، وذكر عرضاً أنّ الكعبة كانت بصورة بسيطة لم تكن حولها دار ولا جدار، وأنّ أهل مكة كانوا يعظمون أن يبنوا حولها بيوتاً أو يدخلوا الحرم على جنابة، وكانوا يقيمون فيها نهاراً فاذا أمسوا خرجوا إلى الحل، وانّ أوّل من اشترى الدور التي حول الكعبة وأدخلها في المسجد هو عمر بن الخطاب سنة 17 ه وبعده عثمان وتلاه الخلفاء في توسعة المسجد الحرام.

ثمّ ذكر المسعى مصرحاً بأنّ المسعى قد اخّر عما كان عليه حيث قال في ما دخل في توسعة المسجد الحرام ما نصّه: قبل أن يؤخر المسعى.

ونقل إشكال الفقهاء من السنّة في أنّ السعي بين الصفا والمروة من الامور التعبدية التي أوجبها اللَّه سبحانه وتعالى في ذلك المحل المخصوص الذي سعى فيه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم... وأمّا المكان الذي نسعى فيه الآن فلا يتحقق أنّه بعض من المسعى الذي سعى فيه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم أو غيره، فكيف يصح السعي فيه...؟

كما ذكر جوابهم بأنّ المسعى في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم كان عريضاً... وانّ المهدي أدخل بعضه في المسجد الحرام وترك بعضه للسعي ولم يحول تحولًا كلياً، وإلّا لأنكره علماء الدين... إلخ ما ذكروه. ولكنه قدس سره لم يعلّق على هذا أيضاً.

وبعد صفحات عاد إلى طرح المسألة نقلًا عن الأعلام بصورة اخرى مفادها:

قيل: إنّ طول المسعى من الصفا والمروة خمسمئة وعشرون خطوة وعرضه اثنتان وثلاثون ذراعاً، وبطن العقد الذي في المروة ستة عشر ذراعاً بالحديد وهو آخر المروة، وما وراء العقد زائد على حدّ المروة، فاذا دخل تحت العقد فقد أدّى الواجب... الخ، ولم يعلّق عليه أيضاً.

ثمّ تعرّض إلى تاريخ مدينة مكة وحدودها وأنّ مبدأها المعلّى وهي المقبرة

ص: 35

الشريفة وأنّ لمكة أسماء كثيرة، وقد ورد منها في القرآن الكريم ثمانية: مكة وبكّة وامّ القرى والقرية والبلد والبلدة ومعاد والوادي.

بعد ذلك ذكر الحرم وسبب تسميته، وحدوده الجغرافية وأنّ له علامات مبنية وهي الأنصاب من جميع جوانبه خلا جهة جدّة وجهة الجعرانة فانّه ليس فيهما أنصاب. ونبّه على أهمية ذلك نظراً لترتّب أحكام كثيرة عليه.

ومن جملة ما تعرّض له هو مُنى وحدودها وعرفة وحدودها والمزدلفة وحدودها والمشعر الحرام، وموضع الجمرات، والمحصّب، وفخ وصاحبها الحسين ابن علي بن الحسن المثنّى بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

وفي الخاتمة أخذ في بيان المواقيت وبعض الفوائد والنكات المتفرّقة.

والحاصل: انّ السيد المؤلف قدس سره استهدف في هذا الكتاب جمع وتتبع المطالب وترتيبها ووضعها بين يدي أهل التحقيق. ولم يتصدّ لبيان رأيه الّا نادراً.

توثيق الكتاب:

ورد ذكر هذا الكتاب من جملة مصنّفات المؤلف في عدة كتب، منها: كتاب الذريعة 3: 462-/ 463، وأعيان الشيعة 10: 160، ومقدمة رجال السيد بحر العلوم 1: 94، وغيرها.

وللكتاب نسخ عديدة، رأى الشيخ الطهراني منها نسخة خط المولف، وقال: «توجد في مكتبة الشيخ على كاشف الغطاء، ونسخه خط الشيخ عباس ابن الشيخ علي بن جعفر كتبها عن خط المؤلف، توجد في مكتبة ولده الشيخ هادي بن الشيخ عباس المذكور». ثمّ أضاف: «ورأيت منه نسخاً اخرى».

(الذريعة 3: 462- 463)

ص: 36

وقد اعتمدنا على نسخة خطيّة من الكتاب تمّ استنساخها سنة 1295 هجرية، وهذه النسخة تتألف من سبع وثمانين صفحة من القطع المتوسط، بمقياس:

12 سم* 22 سم، وفي كل صفحة 21 سطراً. وهي من مخطوطات مكتبة كاشف الغطاء في النجف الأشرف القرص رقم (1).

وقد قوبلت هذه النسخة مع نسخة خط المؤلف كما ورد ذلك في هامش الصفحة (9) من المخطوطة، ونصه ما يلي: «بلغ مقابلة على التي بخط السيد رحمه اللّه». (انظر هامش الصفحة 60 من هذا الكتاب).

عملنا في الكتاب:

1- تم نسخ المخطوطة ومقابلتها على الأصل.

2- ضبط النص حسب القواعد الاملائية.

3- قمنا بوضع معقوفين [] لما يحتاجه النص من استدراك، ونبّهنا على ذلك في الهامش.

4- شرحنا بعض الكلمات الغريبة.

5- قمنا بتخريج الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.

6- أعدنا ترتيب مواضيع الكتاب بما يلائم المواضيع، مع المحافظة التامة في النقل عن الأصل على وجه لم يتغيّر به شي ء من المطالب.

ونسأل اللّه أن يجعل هذا العمل من ذخائر الأعمال ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون الّا من أتى اللّه بقلب سليم.

السيد محمد جواد الجلالي الشيخ خالد الغفوري

قم المقدسة، سنة 1424 ه.

ص: 37

صورة الصفحة الاولى من الكتاب

ص: 38

صورة الصفحة الاخيرة من الكتاب

ص: 39

تحفة الكرام

في تاريخ مكّة وبيت اللّه الحرام

تأليف: السيد محمد مهدي بحر العلوم

(1155-/ 1212 ه)

ص: 40

ص: 41

الحمد للَّه والصلاة على محمد وآله.

اللّهم بك استعين وبأصفياك إليك أتوسّل واتشفّع.

الكعبة الشريفة

اشارة

قال الشيخ قطب الدين الحنفي النهرواني ثم المكي المتوفى سنة 950 ه، في تاريخه تاريخ مكة الذي سماه ب (الإعلام بأعلام بيت اللَّه الحرام) وعمله للسلطان مراد(1) بن السلطان سليم العثماني في الباب الثاني من الكتاب المذكور «قال قاضي القضاة؛ السيد تقي الدين محمد بن أحمد بن علي [الحسني](2) المكي الفاسي في كتابه (شفاء الغرام)(3): لا شك أن الكعبة المعظّمة بنيت مرات، وقد اختلف في


1- في هامش الاصل هنا مايلي: «هو السلطان مراد بن السلطان سليم بن السلطان سليمان بن السلطان سليم بن السلطان بايزيد بن السلطان محمد بن السلطان مراد بن السلطان محمد بن السلطان قلدرم با يزيد بن السلطان مراد بن اورخان بن السلطان عثمان، هكذا نسبه القطبي في تاريخه».
2- من المصدر.
3- شفاء الغرام؛ هو: شفاء الغرام في تاريخ بلد اللَّه الحرام، لتقي الدين محمد بن أحمد بن علي الفاسي المكّي، المتوفى سنة 832 ه، ألفه على نمط تاريخ الأزرقي، و حذف منه أسانيد الأحاديث، والكتاب في أربعين باباً زاد فيها الفاسي ما جدّ بعد الأزرقي، واختصره الفاسي مراراً. وقد اعتمدنا على طبعة محققة، مطبوعة في دار الكتب العلميّة في بيروت بدون تاريخ.

ص: 42

عدد بنائها.

ويتحصّل من مجموع ما قيل في ذلك: أنها بنيت عشر مرات، وهي: بناء الملائكة عليهم السلام، وبناء آدم عليه السلام، وبناء أولاده، وبناء الخليل ابراهيم عليه السلام وبناء العمالقة، وبناء جرهم، وبناء قصي بن كلاب- جد النبي صلى الله عليه و آله و سلم- وبناء قريش قبل بعث النبي عليه السلام، وعمره الشريف يومئذٍ خمس وعشرون سنة، وبناء عبد اللَّه بن الزبير بن العوّام الأسدي، وآخرها: بناء الحجّاج بن يوسف الثقفي(1).

وفي إطلاق العبارة: «أن بناء الكعبة» تجوّز، فإنّ بعضها لم يستوعبه البناء كالبناء الاخير، وهو بناء الحجّاج، فإنه إنّما هدم جانب الميزاب فقط وأعاده، وأبقى الجوانب الثلاث، وهي جهة الباب، وجهة المستجار الذي هو مقابل الباب، وجهة الصفا المقابل لجهة الميزاب؛ فإنها باقية على بناء ابن الزبير(2).

[بناء الكعبة الشريفة؛ وأول بنائها]

قال القطبي: أمّا البناء الأوّل فذكره الإمام أبو الوليد أحمد بن عبد اللَّه بن أحمد بن الوليد [الأزرقي] في تاريخه، قال: «حدّثنا عبد اللَّه(3) بن مسلم العجلي، عن أبيه، حدّثنا القاسم بن عبد الرحمن(4) الأنصاري، [حدّثنا الإمام محمد الباقر


1- انظر شفاء الغرام 1: 91.
2- الاعلام بأعلام بيت الله الحرام: 55- 56.
3- في المصدر: حدّثني علي بن هارون.
4- كذا في المصدر، وفي المخطوطة: «عبد اللّه».

ص: 43

بن الإمام علي زين العابدين بن الحسين بن أمير المؤمنين؛ عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنهم](1)، قال: كنت مع أبي؛ عليّ بن الحسين عليه السلام بمكة، فبينا هو يطوف وأنا وراءه إذ جاءه رجل [شرجع من الرجال يقول](2) طويل، فوضع يده على ظهر أبي، فالتفت أبي إليه، فقال الرجل: السلام عليك يا ابن بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، إني اريد أن أسألك، فردّ عليه السلام، وسكت أبي وأنا والرجل خلفه، حتى فرغ من أسبوعه، فدخل الحجر، فقام تحت الميزاب [فقمت أنا والرجل خلفه](3) وصلّى ركعتي أسبوعه، ثم استوى قاعداً، فالتفت إليّ [فقمت](4) فجلست إلى جانبه، فقال: يا محمد، أين السائل؟ فأومأت إلى الرجل، فجاء فجلس بين يدي أبي، فقال له [أبي](5): عمّ تسأل؟ فقال: إني أسألك عن بدء هذا الطواف بهذا البيت، فقال له أبي: نعم، من أين أنت؟ قال:

من أهل الشام، قال: أين مسكنك؟ قال: في بيت المقدس، قال: أقرأت الكتابين- يعني التوراة والإنجيل-؟ قال: نعم، قال له أبي: يا أخا أهل الشام، احفظ عنّي، ولا ترو عنّي إلّاحقّاً، أما بدء هذا الطواف: فإن اللَّه تعالى قال للملائكة:

«إنّي جاعل في الأرض خليفة»(6) فقالت الملائكة: يارب، أتخلق غيرنا ممّن


1- بدل ما بين المعقوفتين في المصدر: «قال: حدثني محمد بن علي بن الحسين».
2- من المصدر.
3- لم يرد: «فردّ عليه السلام» في المصدر.
4- من المصدر.
5- من المصدر.
6- البقرة: 124.

ص: 44

يفسد فيها ويسفك الدماء ويتحاسدون ويتباغضون ويتباغون؟! اجعل ذلك الخليفة منّا، فنحن لانفسد فيها ولانسفك الدماء ولانتباغض ولانتحاسد ولانتباغى «ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك» ونعظّمك ولانعصيك. فقال اللَّه تعالى: «إنّي أعلم ما لا تعلمون»(1).

قال: فظنت الملائكة أنّ ما قالوا ردّاً(2) على ربهم، وأنه قد غضب من قولهم، فلاذوا بالعرش، ورفعوا رؤوسهم(3) [وأشاروا بالأصابع](4) يتضرّعون ويبكون؛ إشفاقاً من غضبه، فطافوا بالعرش ثلاث ساعات، فنظر اللَّه تعالى إليهم، ونزلت الرحمة عليهم، ووضع اللَّه سبحانه وتعالى تحت العرش بيتاً؛ وهو البيت المعمور على أربع أساطين من زبرجد يغشاهن ياقوتة حمراء.

وقال للملائكة: طوفوا بهذا البيت [ودعوا العرش، قال: فطافت الملائكة بالبيت وتركوا العرش](5) وصار أهون عليهم من العرش.

ثم إن اللَّه تبارك تعالى بعث ملائكة، وقال لهم: ابنوا لي بيتاً في الأرض بمثاله وقدره، وأمر اللَّه تعالى من في الأرض من خلقه أن يطوفوا بهذا البيت كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور، فقال الرجل: صدقت يا ابن بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، هكذا كان»(6)، انتهى.

قلت: هذا الحديث الشريف يدل على أن بناء الملائكة عليهم السلام للكعبة الشريفة


1- البقرة: 30.
2- كذا، وفي الاعلام: ردّ.
3- كذا في المصدر، وفي المخطوطة: «أيديهم».
4- من المصدر.
5- كذا في المصدر، وفي المخطوطة بدل ما بين المعقوفين: «فطافت الملائكة بهذا البيت».
6- أخبار مكّة؛ للازرقي 1: 33- 34 وانظر الاعلام: 56- 57.

ص: 45

كان قبل خلق الأرض، ولنا أحاديث دالة على أن الكعبة خلقت قبل الأرض بأربعين سنة [في رواية، وبألفي عام](1) في رواية.

قال الإمام أبو عبد اللَّه محمد بن إسحاق بن العباس الفاكهي المكي في أوائل تاريخ مكة(2): «حدثني عبد اللَّه بن أبي سلمة قال: حدّثني الواقدي، قال:

حدّثنا ابن جريح، عن بسر بن عاصم الثقفي، عن سعيد بن المسيب، قال: حدّثنا علي بن أبي طالب عليه السلام: «خلق اللَّه تعالى البيت قبل الأرض والسماوات بأربعين سنة، وكان غثاءً على الماء»(3).

[و] قال الفاكهي: وحدثني عبد اللَّه بن أبي سلمة، قال: حدّثنا النضر بن شميل، قال: حدّثنا ابن معشر، عن سعيد، ونافع مولى آل الزبير، عن أبي هريرة قال: «الكعبة خلقت قبل الأرض بألفي عام، قيل: وكيف خلقت قبل الأرض وهي من الأرض؟ فقال: لأنه كان عليها ملكان يسبحان بالليل والنهار ألف سنة، فلما أراد اللَّه تعالى أن يخلق الأرض دحاها من تحتها(4)، فجعلها في وسط الأرضين».

قال: وحدثني عبد اللَّه بن أبي سلمة، قال: حدّثنا الواقدي، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى بن طلحة؛ أنه سمع مجاهداً يقول: «إن قواعد البيت خلقت قبل الأرض بألفي سنة، ثم بسطت الأرض من تحته»(5).


1- من الاعلام.
2- المطبوع من تاريخ مكة بعنوان «أخبار مكة» هو النصف الثاني من الكتاب وقد ضاع النصف الأول منه كما أشار إليه محقق الكتاب في ج 1: 33 من أخبار مكة.
3- نقله النهرواني في الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 75، والأزرقي في أخبار مكّة 1: 31.
4- في ط: «تحت الكعبة».
5- في المصدر: «من تحت الكعبة».

ص: 46

أقول: وظهر مما رويناه أن موضع البيت الشريف خلق قبل الأرض، لانفس بناء البيت؛ فإنه أوّل من بنته الملائكة بأمر اللَّه(1) تعالى، كما سقناه، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم(2).

الثاني: بناء آدم عليه السلام [الكعبة المعظمة]:

الثاني: بناء آدم عليه السلام، وقد ذكره الإمام أبو الوليد الأزرقي، فقال: حدثني جدي، عن سعيد بن سالم، عن طلحة بن عمرو الحضرمي، عن عطاء بن أبي رباح- بفتح الراء، والموحدة بعدها ألف ثم حاء مهملة- عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما، قال: «لما أهبط اللَّه تعالى آدم إلى الأرض من الجنّة قال: يا ربي إني لا أسمع اصوات الملائكة، قال: بخطيئتك يا آدم، ولكن اذهب فابن لي بيتاً فطف به، واذكرني حوله كما رأيت الملائكة تصنع حول عرشي، قال: فأقبل آدم عليه السلام يتخطى الأرض، فطويت له، ولم يضع قدمه في شي ء من الأرض إلّاصار عمراناً وبركة، حتى انتهى الى مكة، فبنى البيت الحرام، وأن جبريل عليه السلام ضرب بجناحه الأرض فكشف عن اسٍّ ثابت على الأرض السابعة، فقذفت فيه الملائكة من الصخر ما لايطيق الصخرة منها ثلاثون رجلًا(3)، وأنه بناه من خمسة أجبل: من


1- كذا في المصدر، وفي المخطوطة: «بحمد اللّه».
2- الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 58.
3- في هامش المخطوطة هنا مايلي: «ذكر ابن ظهيرة بعد قوله: «ثلاثون رجلًا»: قال ابن عباس: فكان أوّل من أسس البيت وصلّى فيه وطاف به آدم، ولم يزل كذلك، حتى بعث اللَّه الطوفان فدرس مواضع البيت. ثم قال: اقول: هذا ما يشهد بان بناء الملائكة وبناء آدم عليه السلام بناء واحد، انتهى».

ص: 47

لبنان، وطور زيتا(1)، وطور سينا، والجودي، وحراء، حتى استوى على وجه الأرض»(2).

وهذا يدل على أنّ آدم عليه السلام إنّما بنى أساس الكعبة حتى ساوى وجه الأرض، ولعل ذلك بعد دثور ما بنته الملائكة بأمر اللَّه تعالى أوّلًا.

ثم أنزل اللَّه تعالى البيت المعمور لآدم عليه السلام يستأنس به، فوضعه على أساس الكعبة، ويدل على ذلك ما رواه أبو الوليد الأزرقي في تاريخه، قال: حدثني أبي، عن جدي، قال: حدّثنا [سعيد بن](3) سالم، عن عثمان بن ساج، قال: «بلغني أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال لكعب: يا كعب، أخبرني عن البيت الحرام؟ قال كعب:

أنزل اللَّه تعالى يا قوتة من السماء مجوّفة مع آدم، فقال له: يا آدم؛ إن هذا بيتي أنزلته معك يُطاف حوله كما يطاف حول عرشي، ويصلّى حوله كما يصلّى حول عرشي. ونزلت معه الملائكة، فرفعوا قواعده من حجارة، ثم وضع البيت عليه، فكان آدم عليه السلام يطوف حوله كما يطاف حول العرش، ويصلي عنده كما يصلى عند العرش. فلمّا أغرق اللَّه قوم نوح رفعه إلى السماء، وبقيت قواعده»(4).

وقال الأزرقي أيضاً: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن يحيى، عن عبد العزيز بن عمران، عن عمر بن أبي معروف، عن عبد اللَّه بن أبي زياد، أنه قال:

«لما أهبط اللَّه تعالى آدم عليه السلام من الجنة، قال: يا آدم؛ ابن لي بيتاً بحذاء بيتي الذي في السماء، تتعبد فيه أنت وولدك، كما تتعبد ملائكتي حول عرشي، فهبطت عليه


1- طور زيتا: هو جبل يشرف على المسجد الأقصى.
2- اخبار مكّة 1: 37.
3- من الاعلام.
4- أخبار مكّة 1: 40.

ص: 48

الملائكة، فحفر حتى بلغ الأرض السابعة، فقذفت فيه الملائكة الصخر حتى أشرف على وجه الأرض، وهبط آدم عليه السلام بياقوتة حمراء مجوّفة؛ لها أربعة أركان بيض، فوضعها على الأساس، فلم تزل الياقوتة كذلك حتى كان زمن الغرق، فرفعها اللَّه تعالى»(1).

وقال الأزرقي أيضاً: «حدثني محمد بن يحيى، عن إبراهيم بن محمد، عن أبي يحيى، عن أبي المليح، انه قال: كان ابو هريرة يقول: حج آدم فقضى المناسك، فلما حج قال: يا رب ان لكل عامل أجراً، قال اللّه تعالى: أما أنت يا آدم فقد غفرت لك، وأما ذريتك، فمن جاء منهم هذا البيت فباء بذنبه غفرت له، فاستقبلته الملائكة فقالوا: برّ حجك يا آدم، فقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام، قال: وما كنتم تقولون حوله. قالوا: كنا نقول: سبحان اللّه والحمد للّه ولا اله الّا الله والله اكبر، قال: فكان آدم عليه السلام اذا طاف يقول هذه الكلمات. وكان طواف آدم عليه السلام سبعة اسابيع بالليل وخمسة [أسابيع](2) بالنهار»(3).

وقال الأزرقي أيضاً: حدثني محمد بن يحيى قال: حدثني هشام بن عبدالرحمن سليمان المخزومي، عن عبد الله بن ابي سلمى- مولى بني مخزوم- أنه قال: طاف آدم عليه السلام سبعاً بالبيت، ثم صلّى تجاه باب الكعبة ركعتين، ثم أتى الملتزم، وقال: «اللَّهم إنك تعلم سريرتي وعلانيتي، فأقبل معذرتي، وتعلم ما في نفسي وما عندي فاغفر لي ذنوبي، وتعلم حاجتي فاعطني سؤلي، اللَّهم إني أسألك إيماناً تباشر به قلبي، ويقيناً صادقاً حتى أعلم أنه لا يصيبني الّا ما كتبت لي، والرضا بما قضيت عليّ.


1- أخبار مكّة 1: 43.
2- من أخبار مكة 1: 44.
3- أخبار مكة 1: 43- 44.

ص: 49

قال: فأوحى اللَّه تعالى إليه: يا آدم قد دعوتني بدعوات فاستجبت لك، ولن يدعوني بها أحد من ولدك الّا كشفت همومه وغمومه، ونزعت الفقر من قلبه، وجعلت الغنى بين عينيه، واتجرت له من وراء كل تاجر، وأتته الدنيا وهي راغمة؛ وإن كان لا يريدها. قال: فمذ طاف آدم عليه السلام كانت سنة الطواف»(1).

الثالث: بناء أولاد آدم عليه السلام [الكعبة المعظمة]:

[45] روى الأزرقي بسنده إلى وهب بن منبه، قال: «لما رفعت الخيمة التي عزى اللَّه بها آدم عليه السلام من حلية الجنة حين وضعت له بمكة في موضع البيت، ومات آدم، فبنى بنو آدم عليه السلام من بعده مكانها بيتاً بالطين والحجارة، فلم يزل معموراً يعمرونه هم ومَن بعدهم، حتى كان زمن نوح عليه السلام فنسفه الغرق، وغيّر مكانه حتى بوّى ء لإبراهيم عليه السلام»(2)، انتهى.

قال الحافظ أبو القاسم السهيلي(3) في الفصل الذي عقده لبنيان الكعبة: «وكان


1- الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 60، أخبار مكّة 1: 44.
2- الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 61، أخبار مكة 1: 49.
3- أبو القاسم السهيلي؛ هو: عبد الرحمن بن عبداللَّه بن أحمد بن أصبغ بن حسن بن حسين بن سعدون الخثعمي الأندلسي المالقي؛ أبو القاسم، وأبو زيد، صاحب «الروض الانف»، و «التعريفات في مبهمات القرآن»، وغير ذلك. ولد سنة 508 ه، سمع من ابن العربي وطائفة، وأخذ النحو والأدب عن ابن الطراوة والقراءات عن أبي داود والصغير؛ سليمان بن يحيى، كان جامعاً بين علوم كثيرة؛ التاريخ والحديث والتفسير وأصول الفقه وعلم الرجال والأنساب. مات السهيلي سنة 581 ه. طبقات الحفاظ: 478، 479. البداية والنهاية 12: 319. طبقات المفسرين 1: 266، أنباء الرواة 2: 162، وفيات الأعيان 1: 280.

ص: 50

بناؤها الأول حين بناها شيث بن آدم عليه السلام»(1)، انتهى.

و لعلّ مراد السهيلي بالأوّليّة: بالنسبة إلى بناء البشر، لا الملائكة، وأن بناء آدم عليه السلام إنّما هو الأساس إلى أن ساوى وجه الأرض، وأنزل اللَّه عليه من الجنة البيت المعمور، فوضعه على ذلك الأساس.

والمراد بالخيمة المشار إليها في خبر وهب بن منبه هو البيت المعمور، أو لعلها خيمة غير البيت المرفوع، لعلّها رفعت بعد وفاة آدم عليه السلام، وأبقى البيت المعمور إلى أن رفع في زمان الطوفان.

وفي ذلك من ارتكاب المجاز ما يصحح به هذه الروايات المتباينة ظواهرها، واللَّه أعلم(2).

حكى السنجاري قال: «ذكر الفاسي إن أوّل من بوّب الكعبة آنوش بن شيث بن آدم عليه السلام وأنّه ذكر عن الفاكهي: أن أوّل من بوّبها وجعل لها غلقاً جرهم، واللّه أعلم»(3)، انتهى.

الرابع: بناء إبراهيم الخليل عليه السلام:

قال السيد الإمام الفاسي رحمه الله: «أما بناء الخليل عليه السلام فهو ثابت بالكتاب والسنة الشريفة، وهو أول من بنى البيت؛ على ما ذكره الفاكهي عن علي بن أبي طالب، وجزم الشيخ عماد الدين بن كثير في تفسيره، قال: «لم يرد عن معصوم أن البيت


1- انظر: الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 61.
2- الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 61.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 274.

ص: 51

كان مبنياً قبل الخليل عليه السلام»(1)، انتهى. فهو ينكر ما قدّمناه من الآثار.

وأمّا على ما قدمناه من الآثار: فبناء إبراهيم عليه السلام أول نسبيّ بالنسبة إلى من بناه بعده، لا أول حقيقي؛ واللَّه أعلم(2).

قال ابن ظهيرة: «وجعل الخليل عليه السلام طول البيت في السماء تسعة أذرع، وعرضه في الأرض اثنين وثلاثين ذراعاً من الركن الأسود إلى الركن الشامي الذي عند الحجر- بالكسر- وجعل عرض ما بين الركن الشامي إلى الركن الغربي اثنين وعشرين ذراعاً، وجعل طول ظهرها من الركن الغربي إلى الركن اليماني أحداً وثلاثين ذراعاً، وجعل عرض شقّها اليماني من الركن الأسود إلى الركن اليماني عشرين ذراعاً، فلذلك سميت كعبة؛ لأنّها على خلقة الكعب، وكذلك بنيان أساس آدم عليه السلام، وجعل بابها بالأرض غير مبوّب، حتّى كان تبّع الحميري هو الذي جعل لها باباً وغلقاً فارسياً. وجعل الخليل الحجر- بالكسر- إلى جنب البيت عريشاً من أراك تقتحمه العنز، فكان زرباً لغنم اسماعيل، وحفر في بطن الكعبة جبّاً على يمين الداخل يكون خزانة للبيت. وهو الذي نصب عليه عمرو بن لحي هبل، صنم قريش. ثمّ عدا على ذلك الجب قوم من جرهم فسرقوا ما فيه، فبعث اللّه الحيّة لحراسته وهي التي اختطفها العقاب»(3). نقل باختصار.

وروى الأزرقي رحمه الله في تاريخه(4)، عن ابن إسحاق: «أن ابراهيم عليه السلام لما بنى


1- شفاء الغرام 1: 92.
2- الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 62.
3- الجامع اللطيف: 79-/ 80، وانظر أخبار مكة؛ للازرقي 1: 64-/ 65.
4- اخبار مكة 1: 64- 66، وانظر: الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 62- 63.

ص: 52

البيت جعل طوله في السماء سبعة أذرع(1)، وجعل طوله في الأرض من قبل وجه البيت الشريف من الحجر الأسود إلى الركن الشامي اثنين وثلاثين ذراعاً، وجعل عرضه في الأرض من قبل الميزاب من الركن الشامي إلى الركن الغربي- الذي يسمى الآن: الركن العراقي- اثنين وعشرين ذراعاً، وجعل طوله في الأرض من جانب ظهر البيت الشريف من الركن الغربي المذكور إلى الركن اليماني احدى وثلاثين ذراعاً، وجعل عرضه في الأرض من الركن اليماني إلى الحجر الأسود عشرون ذراعاً، وجعل الباب لاصقاً بالأرض غير مرتفع عنها ولا مبوباً، وجعل لها تبع الحميري باباً وغلقاً بعد ذلك وجعل إبراهيم عليه السلام في بطن البيت على يمين من دخله حفرة لتكون خزانة للبيت يوضع فيها ما يهدى إلى البيت، فكان إبراهيم عليه السلام يبني وإسماعيل عليه السلام ينقل له الأحجار على عاتقه، فلما ارتفع البنيان قرّب له المقام، فكان يقوم عليه ويبني، ويحوّله إسماعيل عليه السلام في نواحي البيت حتى انتهى إلى موضع الحجر الأسود، فقال إبراهيم لإسماعيل عليهما السلام:

يا إسماعيل، ائتني بحجر أضعه هنا، يكون علماً للناس يبتدؤون منه الطواف، فذهب إسماعيل في طلبه، فجاء جبريل عليه السلام إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام بالحجر الأسود، وكان اللَّه عزّوجل استودعه جبل أبي قبيس حين طوفان نوح، فوضعه جبريل في مكانه، وبنى عليه إبراهيم عليه السلام، وهو حينئذٍ يتلألأ نوراً، فأضاء بنوره شرقاً وغرباً وشمالًا ويميناً(2) إلى منتهى أنصاب الحرم في كل ناحية، وإنّما سوّدته


1- في اخبار مكة 1: 64: تسعة أذرع.
2- في اخبار مكة 1: 65: شرقاً وغرباً ويمناً وشاماً.

ص: 53

الجاهلية وأرجاسها»(1).

قال: ولم يكن إبراهيم عليه السلام سقّف البيت، ولا بناه بمدر، وإنّما رصّه رصّاً»(2).

قال: وذكر سنده إلى عبد اللَّه بن عمر: أن جبريل عليه السلام نزل بالحجر على إبراهيم من الجنة، وأنه وضعه حيث رأيتم، وأنتم لا تزالون بخير ما دام بين ظهرانيكم، فتمسكوا به ما استطعتم، فإنه يوشك أن يجي جبريل عليه السلام فيرجع به من حيث ما جاء به»(3)، انتهى.

وقال السيد الإمام تقي الدين الفاسي: «روينا عن قتادة، قال: ذكر لنا: أن الخليل عليه السلام بنى البيت من خمسة أجبل؛ من طور سينا، وطور زيتا(4)، ولبنان، والجودي، وحراء، قيل: وذكر لنا ان قواعده من حراء».

قال: «ويروى أن الخليل أسس البيت من ستة أجبل: من أبي قبيس، ومن الطور، ومن القدس، ومن ورقان، ومن رضوى، ومن أحد»(5).

قال الأزرقي رحمه الله: « [حدّثنا أبو الوليد، قال:](6) حدثني جدي، عن سعيد بن سالم، عن ابن جريج، عن مجاهد، أنه قال: [كان] موضع الكعبة قد خفي ودرس زمن الطوفان فيما بين نوح وإبراهيم عليهما السلام. قال: وكان موضعه أكمة حمراء لا تعلوها السيول، غير أن الناس كانوا يعلمون أن موضع البيت فيما هنالك من غير تعيين محله، وكان يأتيه المظلوم والمتعوّذ من أقطار الأرض، ويدعو عنده


1- في اخبار مكة 1: 65: «وانما شدّة سواده لأنّه أصابه الحريق مرة بعد مرة في الجاهليّة».
2- في اخبار مكة 1: 66: «وانّما رضمه رضماً»، والرضم: التنضيد، يقال: رضم المتاع: نضّده، والرضم والرضام: الصخور العظيمة يرضم بعضها فوق بعض في الأبنية.
3- أخبار مكّة 1: 63-/ 64، الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 63.
4- طور زيتا: جبل يشرف على المسجد الأقصى.
5- شفاء الغرام 1: 93.
6- من اخبار مكة.

ص: 54

المكروب، وما دعا عنده أحد إلا استجيب له. وكان الناس يحجون إلى موضع البيت، حتى بوّأ اللَّه [مكانه](1) لإبراهيم عليه السلام لما أراد عمارة بيته وإظهار بنيته وشعائره، فلم يزل منذ أهبط اللَّه سبحانه وتعالى آدم إلى الأرض معظّماً عند الأمم والملل»(2).

وعن ابن عمر: «كانت الانبياء يحجّونه ولايعلمون مكانه حتى بوّأه اللَّه لخليله وأعلمه مكانه».

وروي: «ان هوداً وصالحاً ومن آمن بهما حجّوا البيت»، وهو كذلك(3).

ونقل العلّامة السيوطي في بعض كتبه: «ان جميع الانبياء حجّوا البيت إلّا هوداً وصالحاً اشتغلا بأمر قومهما فلم يحجّا»(4).

وأنّ آدم لمّا حجّ حلق جبرئيل عليه السلام رأسه بياقوتة من الجنة، فلمّا بوّأ اللَّه تعالى لخليله مكان البيت ... أقبل من الشام وله يومئذٍ مئة سنة ولاسماعيل ستة وثلاثون سنة، وارسل اللَّه معه السكينة والصرد والملك دليلًا حتى تبوّأ البيت الحرام(5).

قال: «والسكينة لها رأس كرأس الهرّة وجناحان»(6)، وفي رواية: «كأنها غمامة او ضبابة تغشى الأرض كالدخان في وسطها كهيئة الرأس يتكلّم، وكانت بمقدار البيت، فلما انتهى الخليل الى مكة وقعت في موضع البيت ونادت: يا ابراهيم ابن على مقدار ظلّي لا يزيد ولاينقص»(7).


1- لم ترد «مكانه» في المخطوطة.
2- اخبار مكة 1: 52- 53.
3- الجامع اللطيف: 76.
4- الجامع اللطيف: 76.
5- الجامع اللطيف: 76، اخبار مكة 1: 60.
6- اخبار مكة 1: 60.
7- الجامع اللطيف: 76- 77. اخبار مكة 1: 60- 61.

ص: 55

وفي رواية: «انها تطوّقت بالأساس الأول كأنها حيّة»(1).

وفي اخرى: «انها لم تزل راكدة تظلّ ابراهيم وتهديه مكان القواعد، فلما رفع القواعد قدر قامة انكشفت»(2).

قال: «وذكر أنّ الخليل لمّا حفر القواعد أبرز عن ربضٍ كأمثال خلف الابل، لايحرّك الصخرة الّا ثلاثون رجلًا، وكان يبني كان يوم سافاً»(3)، وهو المدماك في عرفنا الآن(4).

قال ابن عباس: «اما واللَّه ما بنياه بقصّة- وهي النورة وشبهها ولامدر، ولا كان معهما مايسقفانه، ولكن أعلماه وطافا به»(5). وفي رواية: «رضماه رضماً»(6).

قال: «وروي ان ذا القرنين قدم مكة والخليل وابنه يبنيان، فقال: ما هذا؟

فقالا: نحن عبدان امرنا بالبناء، فطلب منهما البرهان على ذلك، فشهد بذلك خمسة أكبش»(7).


1- الجامع اللطيف: 77.
2- الجامع اللطيف: 77. اخبار مكة 1: 61، وتاريخ مكة المشرفة: 37.
3- اخبار مكة 1: 64، وتاريخ مكة المشرفة: 37.
4- الجامع اللطيف: 77.
5- اخبار مكة: للارزقي 1: 66.
6- اخبار مكة: للارزقي 1: 66.
7- تاريخ مكة المشرفة: 38.

ص: 56

ثم قال: قال السهيلي: «بناه الخليل من خمسة أجبل كانت الملائكة تأتيه بالحجارة منها، وهي: طور سينا، وطور زيتا(1) وهما بالشام، والجودي وهو بالجزيرة، ولبنان وحرا وهما بالحرم».

قال المجد: «وفي كون لبنان بالحرم نظر؛ اذ لايعرف ذلك»، ثم ذكر القطب قصة مهاجرة الخليل بعد أن نجّاه اللَّه من نار نمرود، وولادة إسماعيل وإسحاق، وإسكان الخليل إسماعيل وامّه هاجر الحرم، وظهور ماء زمزم وغير ذلك(2)، ثم قال: قالوا: «ومرّت رفقة من جرهم يريدون الشام، فرأوا طيراً يحوم على جبل أبي قبيس، فقالوا: إن هذ الطير يحوم على ماء فتبعوه؛ فأشرفوا على بئر زمزم، فقالوا لهاجر: إن شئت نزلنا معك وآنسناك، والماء ماؤك نشرب منه؛ فأذنت لهم فنزلوا معها، وهم أول سكان مكة»(3).

وقال بعد ذلك: «قال الأزرقي: ثم ولد لإسماعيل من زوجته [السيدة] بنت مضاض بن عمرو الجرهمي اثنا عشر رجلًا، منهم: ثابت بن إسماعيل، وقيدار بن إسماعيل [وقطور بن إسماعيل]، وكان عمر إسماعيل مئة وثلاثين عاماً، ومات ودفن في الحجر مع امّه، ثم ولي البيت بعده ثابت بن اسماعيل، ونشر الله العرب من ثابت وقيدار فكثروا ونموا، ثم توفي ثابت؛ ثم ولي البيت بعده جده لأمه مضاض بن عمرو الجرهمي، وضم بني ثابت بن إسماعيل، وصار ملكاً عليهم وعلى جرهم، ونزلوا بقعيقعان بأعالي مكة، وكانوا أصحاب سلاح كثير وتقعقع فيهم، وصارت العمالقة-/ وكانوا نازلين بأسفل مكة-/ إلى رجل منهم ولّوه ملكاً


1- طور زيتا: جبل يشرف على المسجد الأقصى.
2- راجع الإعلام بأعلام بيت الله الحرام: 64-/ 67.
3- الإعلام بأعلام بيت الله الحرام: 68.

ص: 57

عليهم، يقال له: السميدع، ونزلوا بأجياد، وكانوا أصحاب خيل و ماعز، وكان الأمر بمكة لمضاض بن عمرو دون السميدع، إلى أن حدث بينهم البغي؛ واقتتلوا، فقُتل السميدع، وتمّ الأمر لمضاض بن عمرو. قال: قال: ثم نشر اللَّه بنى إسماعيل وخؤولتهم وجرهم، وكانت جرهم ولاة البيت لا ينازعهم بنو إسماعيل لقرابتهم، فلما ضاقت عليهم مكة انتشروا في الارض؛ فلا يأتون قوماً، ولاينزلون بلداً الّا أظهرهم اللَّه عليهم بدينهم، وهو يومئذٍ دين إبراهيم حتى ملأوا البلاد، ونفوا عنها العماليق، وكانت ولاة مكة؛ وكانوا ضيعوا حرمها واستحلوها واستخفوا بها فأخرجهم اللَّه من أرض الحرم.

قال: ثمّ انّ جرهماً استخفّت بأمر البيت والحرم، [وارتكبوا الأمور العظام، وأحدثوا فيها ما لم يكن قبل ذلك]؛ فأعثر لهم مضاض بن عمرو وخرج ببني اسماعيل من مكة بجانب خزاعة؛ فأخرجت خزاعة جرهماً من البلاد، ووليت أمر مكة وصاروا أهلها فسألهم بنو إسماعيل السكنى معهم، فأذنوا لهم، وسألهم في ذلك مضاض بن عمرو [وانطلق مضاض بن عمرو ومن معه إلى اليمن، يحزنون على مفارقة مكة](1) وصارت خزاعة حجبة بيت اللَّه الحرام وولاة أمر مكة وفيهم بنو إسماعيل لا يشاركونهم في شي ء ولا يطلبونه إلى أن كثر شأن قصي بن كلاب بن مرة، واستولى على حجابة البيت وأمر مكة(2).

وقد نقلنا هذا الفصل من القطبي من ابتداء قصة جرهم باختصار لايخلّ بشي ءٍ


1- كذا في المصدر، وفي المخطوطة بدل ما بين المعقوفين: «وثابت عليه خزاعة».
2- كتاب الاعلام بأعلام بيت اللَّه الحرام: 72- 75 بتلخيص وما بين المعقوفات من المصدر.

ص: 58

مما نحن بصدده.

وقصي- تصغيراً- اسمه زيد، وإنّما لقب قصيّاً لأنه ابعد عن أهله ووطنه مع امّه لمّا توفي ابوه كلاب، وتزوجت امة بربيعة بن حزام ورحل بها الى الشام، فلما كبر وقع بينه وبين آل ربيعة شي ء فعيّروه بالغربة، فرجع الى قومه بمكة وعليها خزاعة وكبيرهم خليل بن حُبيشة الخزاعي وبيده البيت الشريف، فتزوج ابنته، وهلك خليل وصار مفتاح البيت لأبي غبشان وكان سكّيراً فأعوز الخمر فباع مفتاح البيت بزقٍّ من خمر، فاشتراه منه قصيّ، وفي الامثال: «أخسر صفقة من أبي غبشان»(1).

الخامس والسادس: بناء العمالقة وجرهم:

ذكر الأزرقي ذلك، وذكر بسنده إلى سيدنا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنه قال في خبر بناء جرهم للكعبة: «ثم انهدم فبنته العمالقة، ثم انهدم فبنته قبيلة من جرهم»(2).

روى الفاكهي بسنده إلى سيدنا عليّ بن أبي طالب عليه السلام [أنه قال: «أول من بنى البيت إبراهيم عليه السلام، ثم انهدم فبنته جرهم، ثم انهدم فبنته العمالقة». ورواه السيد التقي الفاسي رحمه الله](3).


1- انظر تفصيل ذلك في كتاب الإعلام بأعلام بيت اللَّه الحرام: 77- 78، وكتب هنا في هامش المخطوطة ما يلى: «بلغ مقابلة على التي بخط السيد رحمه اللّه».
2- اخبار مكة 1: 62.
3- ما بين المعقوفين من المصدر، انظر شفاء الغرام 1: 94.

ص: 59

قال السنجاري: «وذكر الفاكهي ما يقتضي أنّ بناء جرهم قبل العمالقة وفي هذا نظر، فان العمالقة قبل جرهم، ولم يل بعد جرهم الّا خزاعة(1)، انتهى. قلت:

هذا يقتضي أنّ جرهماً بنت البيت الشريف قبل العمالقة، والخبر الأول يقتضي أن العمالقة بنته قبل جرهم، وبه جزم المحب الطبري في القرى، وروى المسعودي في مروج الذهب: أن الذي بنى الكعبة من جرهم هو الحارث بن مضاض الأصغر، وأنه زاد في بناء البيت ورفعه(2)، كما كان على بناء إبراهيم، واللَّه أعلم بحقيقة الحال(3).

وروى الأزرقي شيئاً من خبر العمالقة، يقتضي سبقهم على جرهم، فإنّه روى بسنده إلى سيدنا عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه عنهما، أنه قال: «كان بمكة حيّ يقال لهم: العماليق كانوا في عزّ [و كثرة](4) وثروة، وكانت لهم خيل وإبل وماشية ترعى حول مكة، وكانت العضاه ملتفة والأرض مبقلة، وكانوا في عيش رخي، فبغوا في الأرض وأسرفوا على أنفسهم، وأظهروا المظالم والإلحاد، وتركوا شكر اللَّه؛ فسلبوا نعمتهم، وكانوا بمكة يكرون الظل ويبيعون الماء؛ فأخرجهم اللَّه من مكة، وسلّط عليهم النمل، حتى خرجوا من الحرم، ثم ساقهم بالجدب حتى ألحقهم اللَّه بمساقط رؤوس آبائهم ببلاد اليمن، فتفرّقوا وهلكوا، وأبدل اللَّه تعالى بعدهم الحرم بجرهم؛ فكانوا سكانه إلى أن بغوا فيه أيضاً


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 324.
2- كذا في المصدر، وفي المخطوطة: «وردمه».
3- شفاء الغرام 1: 94.
4- من المصدر.

ص: 60

فأهلكوا أجمعين»(1)، انتهى.

السابع: بناء قصي [الكعبة الشريفة]:

(2)ذكر الزبير بن بكار قاضي مكة في كتاب النسب: أن قصي بن كلاب لما ولي أمر البيت، جمع نفقته، ثم هدم الكعبة فبناها بناء لم يبنه أحد ممن بناها قبله مثله(3).

ذكر أبو عبد اللَّه محمد بن عائد الدمشقي في مغازيه: «أن قصي بن كلاب بنى البيت الشريف»، وجزم به الإمام الماوردي في الأحكام السلطانية، فإنه قال فيها: «أول من جدد بناء الكعبة الشريفة من قريش بعد إبراهيم عليه السلام قصي بن كلاب، وسقفها بخشب الدوم وجريد النخل»(4)، انتهى.

قال السيد التقي الفاسي في شفاء الغرام: «وما رواه القاضي الزبير بن بكار:

أن قصياً بنى الكعبة على خمسة وعشرين ذراعاً، ففيه نظر؛ لما اشتهر في الأخبار أن إبراهيم الخليل عليه السلام بنى طول الكعبة تسعة أذرع، وأنّ قريشاً لمّا بنت الكعبة زادت في طولها تسعة أذرع، وأنّ قصياً أراد أن يجعل عرضها(5) خمسة وعشرين ذراعاً».

فالمعروف أن عرضها من الجهة الشرقية والغربية لاينقص عن ثلاثين ذراعاً في بناء الخليل عليه السلام بل يزيد، على خلافٍ في مقدار الزيادة، وان اراد عرضها من


1- اخبار مكة 1: 89-/ 90.
2- من الاعلام.
3- شفاء الغرام 1: 94.
4- الأحكام السلطانية 2: 160، وعنها الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 77.
5- في المصدر: «جعل عرضها».

ص: 61

[الجهة] الشامية واليمانية، فعرضها في هاتين الجهتين ينقص عن خمسة وعشرين ذراعاً، ثلاثة أذرع أو أزيد.

وكل من بنى الكعبة بعد إبراهيم عليه السلام لم يبنها الّا على قواعد إبراهيم عليه السلام، غير أن قريشاً اقتصرت من عرضها من جهة الحجر الشريف لأمر اقتضاه الحال، وصنع ذلك الحجاج بعد [عبد اللَّه] بن الزبير رضى الله عنه عناداً له، واللَّه تعالى أعلم(1).

الثامن: بناء قريش [الكعبة المشرفة]:

(2) قال خاتمة الحفاظ والمحدّثين، مولانا الشيخ محمد الصالحي في كتاب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد؛ وهو أحسن كتاب للمتأخرين وأبسطهُ في السيرة النبوية، ولنا به إجازة عامة: «إن امرأة جمّرت الكعبة بالبخور، فطارت شرارة من مجمرها في ثياب الكعبة فأحترق أكثر أخشابها، ودخلها سيل عظيم فصدع جدرانها بعد توهينها، فأرادوا أن يشيدوا بنيانها ويرفعوا بابها حتى لا يدخلها الّا قرشي، وهم في ذلك إذ رمى البحر بسفينة إلى ساحل جدّة لتاجر رومي اسمه باقوم- بموحدة وقاف مضمومة- وكان نجّاراً بنّاءً، فخرج الوليد بن المغيرة في نفر من قريش إلى جدّة، فابتاعوا منه خشب السفينة وكلّموا باقوم الرومي أن يقدم معهم إلى مكة، فقدموا إليها، وأخذوا أخشاب السفينة، وأعدوها لسقف الكعبة(3).

قال الأمنوي: كانت هذه السفينة لقيصر ملك الروم، يحمل فيها الرخام والخشب والحديد مع باقوم إلى البيعة التي أحرقها الذين بالحبشة، فلما بلغت


1- الاعلام بأعلام بيت اللَّه الحرام: 77.
2- من الاعلام.
3- انظر سبل الهدى والرشاد 2: 169.

ص: 62

قريباً من مرسى جدّة، بعث اللَّه عليها ريحاً فحطمها، انتهى.

قلت: لا يعرف طريق بين بحر الروم والحبشة، يمر فيها على جدّة الّا أن يكون ملك الروم طلب ذلك من ملك مصر فجهزها له من بندر السويس أو الطور أو نحو ذلك.

قال ابن إسحاق: وكان بمكة قبطي يعرف نجر الخشب وتسويته، فوافقهم أن يعمل لهم سقف الكعبة، ويساعده باقوم، وقال: وكانت حية عظيمة تخرج من بئر الكعبة-/ التي يطرح فيها ما يهدى إلى الكعبة- تشرف على جدار الكعبة، لا يدنو منها أحد الّا كشت وفتحت فاها، وكانوا يهابونها ويزعمون أنها لحفظ الكعبة وهداياها، وأن رأسها كرأس الجدي، وظهرها وبطنها أسود، وأنها أقامت فيها خمسمئة سنة وقال ابن عنبة: «فبعث اللَّه تعالى طائراً فاختطفها، وذهب بها، قالت قريش: نرجو أن يكون اللَّه تعالى رضي لنا بما أردنا فعله؛ فأجمع رأيهم على هدمها وبنائها(1).

قال ابن هشام: فتقدم عائذ بن عمران بن مخزوم، وهو خال أبي النبي صلى الله عليه و آله و سلم، فتناول حجراً من الكعبة، فوثب من يده حتى رجع إلى مكانه، فقال: يا معشر قريش لا تدخلوا من مالكم في بنيانها الّا حلالًا طيباً، ليس فيه مهر بغيّ ولا رباً ولا مظلمة.

ثمّ إنّ قريشاً اقتسموا جوانب البيت، فكان شق الباب لبني زهرة(2) وبني عبد


1- الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 82- 83، وانظر سيرة ابن هشام 1: 204-/ 205.
2- بنو زهرة: بطن من مرة بن كلاب؛ من قريش؛ من العدنانية، وهم: بنو زهرة بن كلاب بن مرة، منهم: سعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف ومنهم: آمنة بنت وهب أمّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله. انظر: نهاية الإرب في معرفة أنساب العرب: 275.

ص: 63

مناف(1). وما بين الركن الأسود والركن اليماني لبني مخزوم(2) ومن انضم إليهم من قريش. وكان ظهر الكعبة لبني جمح(3) وبني سهم(4).

وكان شق الحجر لبني عبد الدار(5) وبني أسد بن عبد العزى(6)، وبني عديّ بن


1- بنو عبد مناف: بطن من قريش؛ من العدنانية، وهم: بنو عبد مناف بن قصي، وأمه: حبى بنت خليل. نهاية الإرب: 342.
2- بنو مخزوم: بطن من لؤي بن غالب؛ من قريش، وكان لمخزوم من الولد: عمرو، وعامر، وعمران. منهم: خالد بن الوليد، ومنهم: أبو جهل؛ عدو رسول اللَّه، وأخوه العاص، قتلا كافرين ببدر، وأخوهما سلمة بن هشام أسلم فكان من خيار المسلمين، ومنهم: سعيد بن المسيب التابعي المشهور. نهاية الإرب: 416.
3- بنو جمح: بطن من هصيص؛ من قريش؛ من العدنانية؛ وهم: بنو جمح بن عمرو بن هصيص، كان له من الولد: حذافة، وسعد. من بني سعد بن جمح: أبو محذورة؛ مؤذّن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، وأخوه أبي بن خلف عدوّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، وكلدة ابن خلف بن حذافة بن جمح. نهاية الإرب: 218.
4- بنو سهم: بطن من هصيص، من قريش، من العدنانية، وهم: بنو عمرو بن هصيص، كان له الولد: سعد، وسعيد، فمن بني سعيد بن سهم: قيس بن عدي بن سهم، وابنه الحارث بن قيس من المستهزئين برسول اللَّه صلى الله عليه و آله، ومنهم عبد اللَّه بن الزبعرى الشاعر. ومن بني سعد بن سهم: عمرو بن العاص بن وائل بن هشام بن سعيد بن سهم. نهاية الإرب: 298.
5- بنو عبد الدار: بطن من قصي بن كلاب؛ من العدنانية، وكان لعبد الدار من الولد: عثمان، وعبد مناف، والسباق. منهم: عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار، وهو الذي أخذ منه النبي صلى الله عليه و آله مفتاح الكعبة يوم الفتح. نهاية الإرب: 336.
6- بنو أسد بن عبد العزى: يبدو أنهم أحد بطون بني أسد بن قصي بن كلاب الذين منهم: الزبير من العوام، وحكيم بن حزام بن خويلد بن أسد، وهو ابن عم الزبير بن العوام، ومنهم أيضاً: خديجة بنت خويلد زوجة النبي صلى الله عليه و آله، وورقة بن نوفل كذلك من بني أسد. نهاية الإرب: 38.

ص: 64

كعب(1)، وجمعوا الحجارة، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم ينقل معهم حتى إذا انتهى الهدم إلى الأساس، فأفضوا إلى حجارة خضر كالأسنمة، فضربوا عليها بالمعول، فخرج برق كاد أن يخطف البصر، فانتهوا عند ذلك الأساس.

ثم بنوها حتى بلغ البنيان موضع الركن، فاختصم فيه القبائل، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه، وكادوا أن يقتتلوا على ذلك، فقال لهم أبو أمية بن المغيرة ابن عبد اللَّه بن عمرو بن مخزوم، وكان شريفاً مطاعاً: اجعلوا الحكم بينكم فيما اختلفتم [فيه] أوّل من يدخل من باب الصفا؛ فقبلوا ذلك منه، وكان أول داخل [من ذلك] رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، فلما رأوه قالوا: هذا محمد الأمين، وكان يسمّى قبل أن يوحى إليه أميناً؛ لأمانته وصدقه، [فقالوا جميعاً: رضينا بحكمه، ثم قصوا عليه قصتهم] فقال صلى الله عليه و آله و سلم: هلمّ إليّ ثوباً، فاتي به، فأخذ الركن فوضعه بيده فيه ثم قال:

ليأخذ كبير كل قبيلة بطرف من هذا الثوب، فحملوه جميعاً، وأتوا به، ورفعوه إلى ما يحاذي موضعه؛ فتناوله رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم من الثوب، ووضعه بيده الشريفة في محله.

وفي ذلك يقول هبيرة بن وهب المخزومي شعراً:

تشاجرت الأحياء في فضل حطّه جرت طيرهم بالنحس من بعد أسعد


1- بنو عدي بن كعب: بطن من لؤي بن غالب؛ من العدنانية، وهم: بنو عدي بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، وكان لكعب من الولد: رزاح، وعويج، فمن بني رزاح: عمر بن الخطاب، ومن بني عويج: نعيم بن عبد اللَّه، المعروف بالنحّام؛ بفتح النون وتشديد الحاء. نهاية الإرب: 358.

ص: 65

تلاقوا بها بالبغض بعد مودّةوأوقد ناراً بينهم شرُّ موقد

فلما رأينا الأمر قد جدّ جدّه ولم يبق شيئاً غير سلّ المهنّد

رضينا وقلنا العدل أول طالع يجي من البطحاء من غير موعد

فقد جاءنا(1) هذا الأمين محمّد

فقلنا رضينا بالأمين محمّد

بخير قريش كلها أسّ شيمة(2)

وفى اليوم مهما(3) يحدث اللَّه في غد

فجاء بأمر لم ير الناس مثله أعم وأرضى في العواقب والبدي

أخذنا بأطراف(4) الرداء وكلنا

له حصة من رفعه قبضة اليد

فقال ارفعوا حتّى إذا ما علت به أكفهم وافى به خير مسند(5)

وكل رضينا فعله وصنيعه(6)

فأعظم به من رأي هادٍ ومهتدي

وتلك يدٌ منه علينا عظيمةنروح بها هذا الزمان ونفتدي(7)

ولما بنت قريش الكعبة جعلت ارتفاعها من خارجها ثمانية عشر ذراعاً، منها تسعة أذرع زائدة على ما عمره الخليل عليه السلام، ونقصوا من عرضها أذرعاً من جهة


1- في المخطوطة: «ففاجأنا» وفي سبل الهدى: «فلم يفجنا إلّاالأمين محمّد».
2- في سبل الهدى: «أمر ديمة».
3- في سبل الهدى: «مع ما».
4- في سبل الهدى: «بأكناف».
5- في سبل الهدى: «أكف إليه فسر في خير مسند».
6- في سبل الهدى: «وكان رضينا ذاك عنه بعينه».
7- في سبل الهدى: «لتلك يد منه علينا عظيمة يروح بها ركب العراق ويغتدي»، انظر سبل الهدى والسلام 2: 172.

ص: 66

الحجر لقصر النفقة الحلال التي أعدّوها لعمارة الكعبة، ورفعوا بابها عن الأرض ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، وجعلوا في داخلها ست دعائم في صفين، ثلاثة في كل صف من شق الحجر إلى الشق اليماني، وجعلوا في ركنها الشامي من داخلها درجة، يصعد منها إلى سطح الكعبة(1).

قال ابن ظهيرة: «ان قريشاً رفعت الكعبة ثمانية عشر ذراعاً، وقيل عشرين».

قال: وفي رواية: «ان طول الكعبة كان سبعة وعشرين ذراعاً فاقتصرت قريش منها على ثمانية عشر ذراعاً ونقصوا من عرضها أذرعاً ادخلوها في الحجر». أخرجها الازرقي في تاريخه.

قال: «وهو مناقض لما ذكره في بناء ابن الزبير انه زاد على قريش بتسعة اذرع كما زادت قريش على بناء الخليل تسع». وهذا هو المشهور في التواريخ.

قال: «ولم يصح أن أحداً بناها بعد الخليل، ولو صح فلم يصح أنّه جعل طولها سبعة وعشرين ذرعاً، وما تقدم من بناء العمالقة وجرهم وقصي بعد الخليل فانما هو مجرد خبر، وهو إن صح فلم يذكر الازرقي ولا غيره قدر ارتفاع بنائهم. نعم نقل الفاسي عن الزبير بن بكار انّ قصيّاً بنى الكعبة بناءً محكماً على خمس وعشرين ذراعاً، وهو مع مخالفته لما ذكره المشهور في بنائها، لايصحح به هذه الرواية المتضمنة لبنائها على سبعة وعشرين ذراعاً، فما ذكره الازرقي مجرد رواية، لا يعتضد بشي ءٍ، فلا تعويل عليه.» نقل باختصار(2).


1- كتاب الإعلام بأعلام بيت اللَّه الحرام: 86، وانظر سيرة ابن هشام 1: 20-/ 210.
2- الجامع اللطيف: 83.

ص: 67

تنبيه:

اختلف في سنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم حين بنت قريش الكعبة؛ فقيل: كان ابن خمس وثلاثين سنة، وهو أشهر الأقوال.

وروى مجاهد: «أن ذلك قبل المبعث بخمسة عشر عاماً»، والذي جزم به ابن إسحاق أنه كان قبل المبعث بخمس سنين، واللَّه أعلم(1).

قال ابن ظهيرة: «اختلف في سنه صلى الله عليه و آله إذ ذاك، فقيل: انه خمس و ثلاثون سنة وهو الأشهر، وقيل: خمس وعشرون وهو مشهور، وعن الفاكهي: كان قد ناهز الحلم، وفي تاريخ الأزرقي ما يؤيّده، وهو ضعيف جدّاً»(2).

التاسع: بناء عبد اللَّه بن الزبير في زمن الإسلام:

[قال القطب النهرواني]: وسيأتي تفصيل ذكره وما وقع له، في الباب الثالث، [في بيان ما كان وضع المسجد الحرام في الجاهلية وصدر الإسلام إن شاء اللَّه تعالى](3).

العاشر: بناء الحجاج بن يوسف الثقفي بعد بناء عبداللَّه بن الزبير:


1- الاعلام بأعلام بيت الله الحرام: 86.
2- الجامع اللطيف: 82.
3- الاعلام بأعلام بيت الله الحرام: 86.

ص: 68

[قال القطب النهرواني:] وسيأتي بيانه عقيب ذكر بناء ابن الزبير، وبناء الحجاج هو جهة الميزاب والحجر- بسكون الجيم- وتعلية جوف الكعبة، ورفع الباب الشريف في لصق الملتزم، وسد الباب الغربي الذي يلصق بالمستجار لا غير، وما عدا ذلك في الجهات الثلاث، وهو وجه الكعبة الشريفة وجهة ظهرها، وما بين الركن اليماني والحجر الأسود، فهو بناء عبد اللَّه بن الزبير باقٍ إلى الآن، كما سنذكره في زيادة ابن الزبير في المسجد الحرام، وهدم الكعبة، وبنائها على قواعد إبراهيم عليه السلام»(1)، انتهى.

ثمّ انّ القطب ذكر في الباب الموعود به ان عبد اللَّه بن الزبير كان ممّن امتنع من بيعة يزيد بن معاوية، وفرّ إلى مكة، وأطاعه أهل الحجاز واليمن والعراق، وأنّ يزيد أرسل عليه عسكراً جهّزه وعليهم الحصين بن نمير، فالتجأ ابن الزبير الى المسجد الحرام، فنصب عليه الحصين المجانيق، وأصاب بعض حجارته الكعبة الشريفة؛ فانهدم بعض جدرانها ثم احترق بعض أخشابها وكسوتها. وانهزم الحصين بعسكره لهلاك يزيد وبلوغه خبر نعيه، فرأى عبد اللَّه بن الزبير أن يهدم الكعبة ويحكم بناءها، ويبنيها على قواعد إبراهيم عليه السلام؛ لما سمع من حديث عائشة تقول: إن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم قال لها: «يا عائشة لولا أن قومك حديثو عهد بشرك لهدمت الكعبة فألزقتها بالأرض، وجعلت لها بابين: بابا شرقياً وباباً غربياً، وزدت فيا ستة أذرع من الحجر، فإن قريشا اقتصرتها حيث بنت الكعبة، فان بدا لقومك بعدي أن يبنوه فهلمي لاريك ما تركوه، فأراها قريباً من سبعة أذرع»، أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما(2). وهو رواية عن مسلم عن عطاء، قال:


1- الاعلام بأعلام بيت اللَّه الحرام: 87.
2- رواه البخاري في 2: 574، كتاب الحج، باب فضل مكّة وبنيانها، الحديث 1509، ط/ اليمامة- دمشق 1410، ومسلم في 3: 143، كتاب الحج، الحديث 401، وذيله في الحديث 403. ط/ مؤسسة عزّالدين-/ بيروت 1407 ه. وانظر فتح الباري 2: 353.

ص: 69

قال ابن الزبير: «اني سمعت عائشة تقول: إن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم قال: لولا أن الناس حديث عهدهم بكفر وليس عندي من النفقة ما يقوى على بنائه، لكنت أدخلت من الحجر خمسة أذرع»(1)، انتهى.

فاستشار عبد اللَّه بن الزبير أصحابه ومن بقي من الصحابة رضى الله عنه في ذلك، فكان منهم من أبى، ومنهم من وافقه على ذلك. فصمم على ذلك وأقدم عليه وهدم الكعبة.

قال الإمام عبد اللَّه بن أسعد اليافعي في تاريخه مرآة الجنان: انّ ابن الزبير، لما أكمل هدم الكعبة، كشف عن أساس إبراهيم عليه السلام فوجد الحجر داخلًا في البيت؛ فبنى البيت على ذلك الأساس، وأدخل الحجر في البيت، وألصق باب الكعبة بالارض؛ ليدخل الناس منه، وفتح له باباً غربياً في مقابلة هذا الباب ليخرج الناس منه، كما كان عليه لما جددت قريش الكعبة قبل بعثته صلى الله عليه و آله و سلم وحضره النبي صلى الله عليه و آله و سلم وعمره الشريف يومئذٍ خمس وعشرون سنة(2).

وكانت النفقة قصرت بقريش لما بنوا الكعبة يومئذٍ؛ فأخرجوا الحجر من البيت، وجعلوا عليه حائطاً قصيراً علامة على أنه من الكعبة، فأعادها ابن الزبير كما كانت زمن الجاهلية، وبنى على قواعد إبراهيم عليه السلام، وكان طول الكعبة قبل قريش تسعة أذرع فزادت قريش عليه تسعة أذرع، فلما بناها ابن الزبير كان طولها ثمانية عشر ذراعاً، فرآها عريضة لا طول لها، فزاد في طولها تسعة أذرع؛ فكان لها في السماء سبعة وعشرون ذراعاً.


1- رواه مسلم 3: 144، ذيل الحديث 402، ط/ مؤسسة عزالدين-/ بيروت سنة 1407.
2- لم نقف عليه في مرآة الجنان، وانظر التاريخ القويم المجلد الثاني 3: 66- 67.

ص: 70

فلما فرغ من بنائها طيّبها بالمسك والعنبر، وكساها بالديباج، وبقيت من الحجارة بقية فرشها حول البيت، نحواً من عشرة أذرع.

وكان فراغه من عمارة البيت الشريف في سابع عشر رجب سنة 64 من الهجرة»، انتهى(1).

ثم إنّ عبدالملك بن مروان لمّا ولي الخلافة جهّز جيشاً كثيفاً على ابن الزبير، وأمّر عليهم الحجاج بن يوسف الثقفي، فحاصره ورمى عليه بالمنجنيق، وخذل ابن الزبير أصحابه، فخرج وحده وقاتل قتالًا شديداً إلى أن قتل سنة 73 من الهجرة.

وفي سنة 74 من الهجرة كتب الحجاج إلى عبد الملك بن مروان يذكر له أن عبد اللَّه بن الزبير زاد في الكعبة ما ليس منها، وأحدث فيه باباً آخر، فكتب إليه عبد الملك بن مروان: أعدها على ما كانت على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم.

فهدم الحجاج من جانبها الشامي قدر ستة أذرع وشبراً، وبنى ذلك الجدار على أساس قريش، ولبس أرضها بالحجارة التي فضلت، ورفع الباب الشرقي، وسد الباب الغربي، وترك سائرها لم يغيّر منها شيئاً.

ثم إنّ عبد الملك لمّا حج ذلك العام وسمع حديث عائشة من الحارث بن عبد اللَّه المخزومي ندم على ذلك فجعل ينكت بقضيبه في الأرض ساعة طويلة منكّساً، ثم قال: وددت واللَّه أني تركت ابن الزبير وما تحمّل من ذلك. كذا ذكره النجم عمر بن فهد(2)، انتهى ما أردنا نقله من تأريخ القطب في هذا الموضع، وفي النقل اختصار ومخالفة في بعض المواضع لترتيب النقل في الأصل على وجه


1- الاعلام بأعلام بيت اللَّه الحرام: 117- 119 باختصار.
2- كتاب الاعلام بأعلام بيت اللَّه الحرام: 119- 120 باختصار.

ص: 71

لم يتغيّر به شي ء من المعنى.

وقال الشيخ جمال الدين محمد جار اللّه بن محمد نور الدين بن أبي بكر علي ابن ظهيرة القرشي المخزومي في تأريخه الذي سمّاه ب «الجامع اللطيف في فضل مكّة وأهلها والبيت الشريف» وقد انتهى تأريخه بعام خمسين وتسعمئة، قال في الباب الثالث من تأريخه فيما يتعلّق ببناء الكعبة الشريفة: «اعلم أنّ الكعبة-/ زادها اللّه شرفاً-/ بنيت مرّات، قال في منهاج التائبين: بنيت خمس مرّات: بناء الملائكة، وقيل: آدم عليه السلام، بناء الخليل عليه السلام، بناء قريش، بناء عبد اللّه بن الزبير، بناء الحجاج، وقد قيل: إنّها بنيت مرّتين آخرتين: بناء العمالقة بعد إبراهيم عليه السلام، وبناء جرهم بعد العمالقة، ثمّ بنته قريش، واللّه أعلم»، انتهى.

ثم نقل عن الفاسي بناءها عشر مرّات كما مرّ حكايته عن القطب. ثمّ قال:

«وفي منسك الجدّ: أنّها بُنيت خمس مرّات: بناء الملائكة، بناء آدم عليه السلام، بناء إبراهيم، بناء قريش، بناء ابن الزبير، ثمّ هدم الحجاج بعضه وبناه»، قال: وفي الروض الآنف للسهيلي: «انّ أوّل من بنى الكعبة شيث بن آدم عليه السلام، وذكر في موضع آخر: أنّ الملائكة هي التي أسّست الكعبة، وذكر القاضي تقيّ الدين أيضاً:

أنّه وجد بخطّ عبداللّه المرجاني أنّ عبدالمطلب جدّ النبي صلى الله عليه و آله بنى الكعبة بعد قصيّ بن كلاب وقبل بناء قريش، ثمّ قال: ولا أعلم له سلفاً ولا خلفاً، واللّه أعلم». ثمّ حكى عن الفاكهي روايته عن علي عليه السلام: «انّ أوّل من بنى الكعبة الخليل عليه السلام، وأنّ ابن كثير جزم بذلك في تفسيره قال: وقال- أي ابن كثير في تأريخه- عند قوله تعالى: «إنّ أوّل بيت وضع للناس»(1) أنّه تعالى يذكر عن خليله أنّه بنى البيت


1- آل عمران: 96.

ص: 72

العتيق الذي هو أوّل مسجد وضع لعموم الناس يعبدون اللّه فيه، وبوّأه مكانه أي أرشده إليه ودلّه عليه، ثمّ قال ابن كثير: ومن تمسّك في هذا بقوله تعالى: «مكان البيت»(1) فليس بناهض ولا ظاهر؛ لأنّ المراد مكانه الكائن في علم اللّه، المعظم عند الأنبياء موضعه من لدن آدم إلى زمن إبراهيم عليه السلام، وقد ذكر أنّ آدم نصب عليه قبّة، وأنّ الملائكة قالوا له: قد طفنا قبلك بهذا البيت، وانّ السفينة طافت به أربعين يوماً أو نحو ذلك، وكل هذه اخبار عن بني اسرائيل، وهي لا تصدّق ولا تكذّب»، انتهى.

قال ابن ظهيرة: «أقول: فعلى هذا يكون بناء البيت ثلاث مرّات: الأوّل: بناء الخليل، الثاني: بناء قريش، الثالث: بناء ابن الزبير والحجاج؛ لأنّ بناء الخليل ثابت بنصّ الكتاب، وبناء قريش ثابت في صحيح البخاري وغيره، وبناء ابن الزبير والحجاج ذكره عامّة المفسرين وأهل التواريخ وغيرهم من العلماء.

ويحتمل أن يقال: إنّها بنيت أربع مرّات: بناء الملائكة وآدم عليه السلام معاً في آن واحد، ويشهد له ما حكي عن ابن عبّاس في سبب بناء آدم وهو مجرّد تأسيس.

الثاني والثالث: بناء الخليل، وبناء قريش. الرابع: بناء ابن الزبير والحجاج.

فيكون البناء الأوّل والرابع مشتركاً.

ثمّ على القول إنّ بناء الملائكة وبناء آدم في وقتين، فهو تأسيس أيضاً كما ذكره الفاسي في شفاء الغرام، لا بناء مرتفع كغيره من الأبنية؛ لانّه حينئذٍ يحتاج إلى معرفة السبب في نقض الملائكة بناء آدم، أو نقض آدم بناء الملائكة، ولم أر أحداً


1- الحج: 26.

ص: 73

ذكر ذلك فيما وقفت عليه، ولا تعرّض لمقدار ارتفاع بناء الملائكة وآدم في السماء، فيحتمل أن لايكون هناك ارتفاع، أو يكون وهدم بتتابع القرون فبني ثانياً على ما وجد من الأساس»(1).

قال: «وأمّا سبب بناء ابن الزبير فهو أنّ الحصين بن نمير لما قدم مكة ومعه الجيش من قبل يزيد بن معاوية لقتال ابن الزبير، جمع ابن الزبير أصحابه فتحصّن بهم في المسجد الحرام حول الكعبة، ونصب خياماً يستظلّون فيها من الشمس، وكان الحصين قد نصب المنجنيق على أخشبي(2) مكة، وهما أبوقبيس والأحمر الذي يقابله، وصار يرمي به على ابن الزبير وأصحابه فتصيب الأحجار الكعبة، فوهنت لذلك وتخرّقت كسوتها عليها، وصارت كأنّها جيوب النساء. ثمّ إنّ رجلًا من أصحاب ابن الزبير أوقد ناراً في بعض تلك الخيام مما يلي الصفا بين الركن الأسود واليماني، والمسجد يومئذٍ صغير، وكانت في ذلك اليوم رياح شديدة، والكعبة إذ ذاك مبنية بناء قريش مدماك من ساج ومدماك من حجارة، فطارت الريح بشرارة من تلك النار فتعلّقت بكسوة الكعبة فاحترقت واحترق الساج الذي بين البناء فازداد تصدّع البيت وضعف جدرانه، وتصدّع الحجر الأسود أيضاً حتى ربطه ابن الزبير بعد ذلك بالفضة، ففزع لذلك أهل مكة وأهل الشام: الحصين وجماعته.

وعن الفاكهي: إن سبب حريق البيت إنّما كان من بعض أهل الشام، أحرق


1- الجامع اللطيف: 69- 71. باختصار.
2- الأخشبان- بفتح اوّله وسكون ثانيه: تثنية الأخشب، والاخشب من الجبل: الخشن الغليظ، ويقال: هو الذي لا يرتقى فيه، والأخشبان جبلان يضافان إلى مكة تارة وإلى منى اخرى، أحدهما: أبو قبيس، والآخر الجبل الاحمر المشرف على منى. انظر هامش اخبار مكة 2: 267.

ص: 74

على باب بني جمح وهو باب الصفا، وفي المسجد يومئذٍ خيام فمشى الحريق حتى أخذ في البيت، فظنّ الفريقان أنّهم هالكون(1).

قال الجدّ(2): قلت: وهذا يخالف ما ذكر أنّ السبب في ذلك بعض أصحاب ابن الزبير، ولعلّ ما ذكره الفاكهي أصوب، على أنّه يمكن الجمع بوقوع كل من ذلك، فيكون السبب مركبّاً»، انتهى.

ثمّ جاء نعي يزيد بعد ذلك بتسعة وعشرين يوماً، والحصين مستمر على حصار ابن الزبير، فأرسل ابن الزبير إلى الحصين جماعة من قريش فكلّموه وعظّموا عليه ما أصاب الكعبة، وقالوا له: إنّ هذا من رميكم لها، فأنكر ذلك، ثمّ ولّى راجعاً إلى الشام فدعا ابن الزبير حينئذٍ وجوه الناس واستشارهم في هدم الكعبة، فأشار عليه القليل من الناس بذلك وأبى الكثير وكان أشدّهم إباءً عبداللّه بن عباس، وقال: دعها على ما أقرّها رسول اللّه صلى الله عليه و آله، فإنّي أخشى أن يأتي بعدك من يهدمها، فلاتزال تهدم وتبنى، فيتهاون الناس بحرمتها، ولكن أرقعها، فقال ابن الزبير: ما يرضى أحدكم أن يرقع بيت أبيه وامه، فكيف أرقع


1- أخبار مكة؛ للأزرقي 1: 200، ونقل نص ذلك عن الأزرقي في التاريخ القويم، المجلد الثاني 3: 62- 63، إلّاأنّ في أخبار مكّة للفاكهي 2: 355: إنّ ابن الزبير ضرب فسطاطاً في المسجد فكان فيه نساء يسقين الجرحى ويداوينهم ويطعمن الجائع. قال الحصين: ما يزال يخرج علينا من هذا الفسطاط أُسد كأنّها تخرج من عرينها فمن يكفينيه! قال رجل من أهل الشام أنا. قال فلمّا جنّ الليل وضع شمعة في طرف رمح ثمّ ضرب فرسه حتّى طعن الفسطاط فالتهب ناراً. قال: والكعبه يومئذ مؤزره بطنافس حتّى احترقت الكعبة واحترق يومئذ فيها قرنا الكبش.
2- المراد هو جدّ صاحب الجامع اللطيف، وهو المسمى بابن ظهيرة أيضاً، صاحب المنسك الكبير.

ص: 75

بيت اللّه؟ واستقرّ رأيه على هدمها رجاء أن يكون هو الذي يردّها على قواعد الخليل عليه السلام لقوله صلى الله عليه و آله لعائشة: «لولا قومك حديثو عهد بشرك- وفي رواية حديث عهدهم بكفر- لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين»(1).

ثمّ إنّ ابن الزبير أمر بهدم الكعبة، وكان ذلك سنة أربع وستين من الهجرة يوم السبت النصف من جمادى الآخرة، أخرجه الازرقي، وقيل: سنة خمس وستين، فلم يجترى ء أحد على ذلك [وخرج أهل مكة إلى منى وأقاموا بها ثلاثاً خوفاً أن ينزل عليهم عذاب بسبب ذلك] وخرج عبداللّه بن عباس إلى الطائف، فلما رأى ذلك ابن الزبير علاها بنفسه وأخذ المعول وجعل يهدمها، فلما رأى [الناس] أنّه لم يصبه شي ء صعدوا معه وهدموا، وأرقى ابن الزبير عبيداً من الحبشة يهدمونها رجاء أن يكون فيهم صفة الحبشي الذي قال فيه صلى الله عليه و آله: «يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة»(2).

قال: «ولما انتهى ابن الزبير من هدم الكعبة حفر عن الاساس من نحو الحجر- بالكسر- ليقف على قواعد إبراهيم عليه السلام فلم يصب شيئاً، فشقّ عليه ذلك، فبالغ في الحفر ونزل بنفسه، فكشفوا له عن قواعد إبراهيم عليه السلام فإذا هي صخر أمثال الخلف من الإبل- بالخاء المعجمة واللّام- وعن عطاء انّه قال: كنت في الامناء الذين جمعوا على حفره، فحفروا قامة ونصفاً فهجموا على حجارة لها عروق تتصل بزرد عروق المروة، فحرّكوها بالعتل فتحركت قواعد البيت، وارتجّت مكة بأسرها ورأوه بنياناً مربوطاً بعضه ببعض، فحمد اللّه ابن الزبير وكبّر، ثم أحضر


1- تقدم تخريج الحديث آنفاً.
2- الجامع اللطيف: 84- 87.

ص: 76

الناس وأمرهم بالإشراف، فنزلوا وشاهدوا ذلك، فشرع حينئذٍ في أمر البناء، وأراد أن يبنيها بالورس، فقيل له: انّ الورس يذهب، ولكن ابنها بالقصّة، وأخبر أن قصّة صنعاء أجود، فأرسل بأربعمئة دينار يشتري بها ذلك(1).

وفي الزهر الباسم: أنّه بناها بالرصاص المذاب بالورس(2).

ثمّ إنّه سأل رجالًا من أهل العلم بمكّة: من أين أخذت قريش حجارتها؟

فأخبروه بمقلعها، فنقل ما احتاج إليه، وعزل من حجارة البيت ما يصلح أن يعاد فيه، ثمّ بنى على تلك القواعد، بعد أن جعل أعمدة من الخشب وستر عليها الستور ليطوف الناس من ورائها، ويصلّون إليها حتى ارتفع البناء.

وأخرج الأزرقي: أن البناء لما صار ثمانية عشر ذراعاً في السماء، وكان هذا طولها يوم هدمها، قصرت حينئذٍ لأجل الزيادة التي زادها من الحجر، فلم يعجب ابن الزبير ذلك إذ صارت عريضة لاطول لها، فقال: قد كانت الكعبة قبل قريش تسعة أذرع، وزادت قريش تسعة أذرع، وأنا أزيد تسعة اخرى، فبناها سبعة وعشرين ذراعاً، وعرض الجدار ذراعان، وجعل فيها ثلاثة دعائم في صف واحد، وكانت قريش جعلت فيها ست دعائم في صفين. وأرسل إلى صنعاء فاتي برخام منها يقال لها: البلق، فجعله في الروازن الذي في سقفها للضوء(3)، انتهى.


1- انظر اخبار مكة 1: 202، ونقله عنه في التاريخ القويم، المجلد الثاني 3: 65.
2- في التاريخ القويم، المجلد الثاني 3: 79: «وقيل إنّه بناها بالرصاص المذاب المخلوط بالورس، وهو نبت أصفر يزرع باليمن ويصبغ به».
3- الجامع اللطيف: 88-/ 89، وانظر اخبار مكة 1: 209، والتاريخ القويم، المجلد الثاني 3: 65- 68.

ص: 77

قال: «وجعل ابن الزبير للبيت بابين متقابلين، أحدهما يدخل منه والآخر يخرج منه. وفي شفاء الغرام: انّهما لاصقان بالأرض».

قال الحافظ ابن حجر: جميع الروايات التي جمعتها في هذه القصّة متفقة على أنّ ابن الزبير جعل الباب بالأرض، ومقتضاه أن يكون الباب الذي زاده على سمته. وقد ذكر الأزرقي أن جملة ما غيّره الحجاج: الجدار الذي من جهة الحجر والباب المسدود في الجانب الغربي عن يمين الركن اليماني، وما تحت عتبة الباب الأصلي وهو أربعة أذرع وشبر، وهذا موافق لما في الرواية المذكورة، لكن المشاهد الآن في ظهر الكعبة باب مسدود يقابل الباب الأصلي وهو في الارتفاع مثله، ومقتضاه أن يكون الباب الذي في عهد ابن الزبير لم يكن لاصقاً بالأرض، فيحتمل أن يكون لاصقاً كما صرّحت به الروايات، لكن الحجاج لمّا غيّره رفعه ورفع الباب الذي يقابله أيضاً، ثم بدا له فسدّ الباب المجدّد، لكن لم أر النقل بذلك صريحاً»(1).

ثمّ قال: «وذكر الفاكهي: أنّه شاهد هذا الباب المسدود من داخل الكعبة في سنة ثلاث وستين ومئتين، فإذا هو مقابل باب الكعبة، وهو بقدره في الطول والعرض. وفي أعلاه كلاليب ثلاثة، كما في الباب الموجود سواء، واللّه أعلم»(2)، انتهى.

قال الجدّ: قوله: «ويحتمل أن يكون لاصقاً كما صرحت به الروايات»، فيه


1- الجامع اللطيف: 89-/ 90.
2- أخبار مكّة 5: 230، «ما عليه بناء الكعبة في زمن الفاكهي»، الجامع اللطيف: 90.

ص: 78

بعد؛ إذ مشاهدة البناء من أسفل الباب وارتباط بعضه ببعض يقضي بخلاف ذلك، انتهى.

أقول: وكان باب الكعبة قبل بناء ابن الزبير مصراعاً واحداً فجعله مصراعين، ولما انتهى إلى موضع الحجر الأسود تحرّى غفلة الناس نصف النهار في يوم صائف وجاء بالحجر هو وولده وجبير بن شيبة ووضعوه بأيديهم، كذا في الزهر الباسم، وقيل: بل الحجبة تواعدوا لوضع الركن، فلمّا دخل ابن الزبير في صلاة الظهر خرجوا به فوضعوه، فأدركهم حمزة بن عبد اللّه بن الزبير فأخذ بطرف الثوب فرفعه معهم، وقيل: بل وضعه ابن الزبير بنفسه وشدّه بالفضة، وقيل: وضعه عباد بن عبداللّه بن الزبير وجبير بن شيبة، أوهما ابن الزبير أن يجعلا الركن في ثوب ويخرجا به وهو يصلّي بالناس على غفلة من الناس لئلّا يعلموا بذلك فيتنافسوا في وضعه، أخرجه الأزرقي.

وقيل: وضعه ابن حمزة ابنه وحده، بأمر أبيه، نقله السهيلي بالصواب، وكان الحجر قد تصدّع من الحريق وانفرق ثلاث فرق وانشظت منه شظية كانت عند بعض آل شيبة بعد الحريق بدهر طويل، فشدّه ابن الزبير بالفضة إلى تلك الشظية، وموضعها بيّن في أعلى الركن.

ثمّ تزلزلت تلك الفضّة بعد ذلك وتقلقلت حتى خيف على الحجر، فلمّا اعتمر هارون الرشيد في سنة تسع وثمانين ومئة أمر بنقب الاحجار التي فوق الحجر والتي تحته، فنقبت بالماس من فوقها ومن تحتها، ثم افرغ فيها الفضّة(1).


1- الجامع اللطيف: 89-/ 91.

ص: 79

قال السنجاري في تأريخه: «اختلف أهل العلم؛ هل رفع ابن الزبير الحجر الأسود عن محلّه لما هدم الكعبة؟ قال الشيخ محمد حجازي الشعراوي نقلا عن أشياخه مثل الشيخ علي المقدسي وآخرين: أنّه لم يرفعه، وقال: «ما كنت لأرفع حجراً وضعه النبي صلى الله عليه و آله»، ووافقه على ذلك مفتي السادة الحنفية بمصر الشيخ عبد اللّه النحراوي، والذي في الأزرقي(1) وغيره من التواريخ(2) وفي شرح السيرة للسهيلي(3): «أنّه رفعه من محلّه ووضعه في صندوق وجعله في دار الندوة، ولما ارتفع البنيان أمر بوضعه، فنقر حجرين من المدماك الذي فوقه والذي تحته بقدر الحجر الأسود، وطابق بينهما».

قال الشيخ العلامة محمد بن علان: «ولم نر لما هدم محل الحجر هذا التطبيق، ولعله ازيل لمّا أخرجه القرمطي فاعيد على الوجه الذي رأيناه، تحته حجر وفوقه حجر». انتهى كلامه مع اختصار. انتهى كلام السنجاري(4).

ولمّا فرغ ابن الزبير من بناء الكعبة- وذلك في سابع وعشرين رجب من سنة خمس وستين(5)- خلق جوفها بالعنبر والمسك، ولطخ جدرانها من خارج بذلك،


1- اخبار مكة 1: 143، 153.
2- مثل تاريخ ابن جرير الطبري 6: 520.
3- الروض الآنف 1: 132 طبعة باكستان.
4- منائح الكرم؛ للسنجاري 2: 23- 24، ونقل بعض ذلك الازرقي في اخبار مكة 1: 207.
5- في الاعلام: «سنة أربع وستين من الهجرة»، انظر الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 119.

ص: 80

من أعلاها إلى أسفلها، وسترها بالديباج، وقيل: بالقباطي، وما فضل من الحجارة فرشها حول البيت، ثم اعتمر هو وأصحابه من التنعيم شكراً للّه، وأحرم من أكمة أمام مسجد عائشة بمقدار غلوة تقارب المسجد المنسوب لعلي عليه السلام، وطاف بالبيت واستلم الأركان الأربعة، وقال: «إنّما تركت استلام الركنين الشامي والغربي؛ لأنّ البيت لم يكن تاماً يعني على قواعد ابراهيم عليه السلام»(1).

وصارت هذه العمرة سنّة عند أهل مكّة في هذا اليوم، يعمرونها في كلّ سنة إلى يومنا هذا، وأهدى ابن الزبير في تلك العمرة مئة بدنة نحرها في جهة التنعيم وبعض طرق الحل، ولم يبق من أشراف مكّة، وذوي الاستطاعة بها الّا أهدى، وأقاموا أياماً يتطاعمون ويتهادون شكراً للّه تعالى على الإعانة والتيسير على بناء بيته الحرام بالصفة التي كان عليها مدّة الخليل عليه السلام.

قال: وأمّا سبب بناء الحجّاج وتغييره بعض ما صنعه ابن الزبير، فهو أنّ ابن الزبير لما قتل كتب الحجاج إلى عبد الملك بن مروان يخبره أنّ ابن الزبير قد زاد في الكعبة ما ليس منها وأحدث فيها باباً آخر، واستأذنه في ردّ ذلك على ما كان عليه من بناء قريش، فكتب إليه عبد الملك لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شي ء، أمّا ما زاده في طوله فأخّره، وأمّا ما مازاد فيه من الحجر- بالكسر- فردّه إلى بنائه، وسدّ بابه الذي فتحه- يعني الغربي- فبادر الحجاج عند ذلك ونقض الشقّ الذي يلي الحجر، وبناه، ورفع بابها، وسدّ الباب الغربي.

وقد روي عن غير واحد من أهل العلم: انّ عبد الملك بن مروان ندم على إذنه للحجاج في ذلك، ولعن الحجاج لمّا أخبره الحارث بن عبد اللّه بن أبي ربيعة


1- نقله السنجاري في منائح الكرم 2: 25- 26.

ص: 81

أنّه سمع الحديث من عائشة الذي اعتمده ابن الزبير فيما فعله في الكعبة(1).

قال ابن ظهيرة: وكلّ شي ء فيها الآن، بناء ابن الزبير، ما عدا الجدار الذي في الحجر، وسدّ الباب الغربي، وتغيير ما تحت عتبة الباب الشرقي والدرجة التي في باطنها. قال: وروي أنّ هارون الرشيد أو أباه المهدي أو جدّه المنصور سأل مالك بن أنس في هدمها وردها إلى بناء الزبير للحديث المذكور، فقال مالك: نشدتك اللّه يا أمير المؤمنين أن لا تجعل هذا البيت ملعبة للملوك، لا يشاء أحد الّا نقضه وبناه، فتذهب هيبته من صدور الناس»(2)، انتهى ما أردناه إيراده هنا من تأريخ ابن ظهيرة باختصار يسير لايخل بشي ء من المراد.

وقال الشيخ علي السنجاري بن(3) بن تقي الدين السنجاري في كتابه تأريخ [مكة] المسمى ب «منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم» وهو أجمع ما رأيت من تواريخ مكّة المشرفة، وقد انتهى فيه إلى سنة ألف ومئة وأربع وعشرين. قال:

«رأيت في بعض حواشي الكشاف انّ كلّ بيت مربع فهو عند العرب كعبة، ذكره الأزهري. قال صاحب الحاشية: سمعت من الثقات انّ إبراهيم عليه السلام بنى البيت على صورة الفرع المقدّم، وهو من القدر الثاني- وهو من كواكب القوس- طوله باع، وعرضه بطرم، وهو على صورة الفرع المذكور، وكان ابراهيم عليه السلام مطلعاً على أسرار ملكوت السماوات والأرض. ولايقدح في هذا أنّه بناه على مقدار


1- الجامع اللطيف: 92.
2- الجامع اللطيف: 93.
3- بياض في المخطوطة بمقدار كلمة.

ص: 82

السكينة؛ لأنّ المفهوم منه تعيين المكان لا الشكل، ولبنائه على هذه الصورة أسرار لايطلع عليها الّا الماهر في علم الفلك»، انتهى كلام صاحب الحاشية(1).


1- نقله عن حاشية الكشاف، في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 253- 254.

ص: 83

الكثيب الأحمر

(1)


1- كذا في المخطوطة، وبعده بياض بمقدار سطر. والظاهر انه عنون الكثيب الأحمر وأراد توضيحه فيما بعد، ولم يصدر من قلمه الشريف ذلك، هذا وقد ورد ذكر الأكمة الحمراء في موضعين من هذا الكتاب هما: 1- عند قوله: قال الأزرقي؛: «قال أبي: وحدثني جدي، عن سعيد بن سالم، عن ابن جريح، عن مجاهد، أنه قال: موضع الكعبة قد خفي ودرس زمن الطوفان فيما بين نوح وإبراهيم عليهما السلام. قال: وكان موضعه أكمة حمراء لا تعلوها السيول، غير أن الناس كانوايعلمون أن موضع البيت فيما هنالك من غير تعيين محله، وكان يأتيه المظلوم والمتعوّذ من أقطار الأرض، ويدعو عنده المكروب، وما دعاعنده أحد الّا استجيب له. وكان الناس يحجون إلى موضع البيت، حتى بوّأ اللَّه مكانه لإبراهيم عليه السلام لما أراد عمارة بيته وإظهار بنيته وشعائره، فلم يزل منذ أهبط اللَّه سبحانه وتعالى آدم إلى الأرض معظّماً عند الأمم والملل». وعن ابن عمر: «كانت الانبياء يحجّونه ولايعلمون مكانه حتى بوّأه اللَّه لخليله وأعلمه مكانه». 2- عند قوله: «وكان آدم أوّل من أسّس البيت وصلّى فيه، ثمّ إنّ ابراهيم عليه السلام امر ببناء البيت وكان عمره إذ ذاك مئة سنة، فوفد مكّة من الشام وهي وفدته الثالثة، فادرك اسماعيل تحت دوحة قريباً من زمزم وهو يبري نبلًا، فلما رآه قام إليه، فقال له: يا اسماعيل إنّ اللّه أمرني أن ابني له بيتاً ها هنا-/ وأشار إلى أكمة حمراء مرتفعة-/ فقال: اصنع ما أمرك. قال: وتعينني؟ قال: واعينك. وكان سنّ اسماعيل إذ ذاك ستّة وثلاثون سنة- وفي رواية الأزرقي: عشرون سنة، وفي رواية ذكرها المسعودي: ثلاثون سنة- فعزما على البناء وجمعا الحجارة» ... الى آخر ما قال، فراجع.

ص: 84

ص: 85

[البيوت التي عورض بها الكعبة]

وذكر الزمخشري في كتابه ربيع الأبرار: «ونوبهار بلخ، بناه أجداد خالد بن برمك، عارضوا به الكعبة، وكانوا يطوفون به، ويحجّه أهل مملكتهم، ويلبس الحرير، وكان بيتاً [عظيماً](1) حوله الأروقة وثلاثمئة وستون مقصورة، يسكنها خدّامه وقوّامه، وكان من يليه يسمّى برمكاً، يعني والي مكّة، وانتهت البرمكة إلى خالد بن برمك، فأسلم على يد عثمان، وسمّاه عبد اللّه»(2)، انتهى.

قلت: وفي القاموس: «بُس- بالضمّ- بيت لغطفان، بناه ظالم بن أسعد لما رأى قريشاً يطوفون بالكعبة ويسعون بين الصفا والمروة، فذرع البيت وأخذ حجراً من الصفا وحجراً من المروة فرجع إلى قومه فبنى بيتاً على قدر البيت ووضع الحجرين، وقال: هذان الصفا والمروة، فأجتزؤا به عن الحجّ، فأغار زهير بن خباب الكلبي فقتل ظالماً وهدم بناءه»(3)، انتهى.


1- من المصدر.
2- ربيع الابرار 1: 358، ط/ 1410.
3- القاموس المحيط 2: 291. وفي ص 261: «العزّى: سمرة عبدتها غطفان، اول من اتخذها ظالم بن أسعد، فوق ذات عرق الى البستان بتسعة أميال، بنى عليها بيتاً وسماه: بسّاً، وكانوا يسمعون فيها الصوت، فبعث اليها رسول اللّه صلى الله عليه و آله خالد بن الوليد فهدم البيت وأحرق السمرة».

ص: 86

وبنى أبرهة ملك اليمن من جهه النجاشي كنيسة سماها «القليس» لم ير مثلها في زمنها، وكتب إلى النجاشي ملك الحبشة يقول له: اني بنيت لك أيّها الملك كنيسة لم تبن لأحد قبلك، ولست بمنتهٍ حتى أصرف إليها حج العرب، فلما تحدثت العرب بكتاب أبرهة غضب رجل من النساة- أحد بني تميم بن عامر بن تغلب بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس من مضر فخرج حتى أتى القليس فأحدث [فيه] ثم خرج فلحق بأرضه، فنمى الخبر إلى أبرهة، فقال:

من فعل ذلك؟ قالوا: رجل من أهل البيت الذي يحجه العرب لما سمع من كتابك إلى النجاشي، فغضب أبرهة عند ذلك وحلف ليهدمنّ الكعبة، ويأبى اللّه ذلك. ثمّ أمر الحبشة للخروج فتهيّأت فكان قصة الفيل المشهورة»، من السنجاري(1).


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 146 وما بعدها.

ص: 87

[تعظيم الكعبة]

اشارة

وذكر المسعودي في المروج ما نصّه: «وقد ذهب قوم إلى أنّ البيت الشريف كان على مرور الدهور معظماً في سائر الأعصار؛ لأنّه بيت زحل، وأنّ زحل تولّاه، وزحل من شأنه البقاء والثبوت، وما كان له فغير داثر ولازائل، وعن التعظيم غير حائل»(1)، انتهى.

وذكر الأزرقي: أنّ الناس كانوا يبنون بيوتهم مدوّرة؛ إعظاماً للكعبة، وأوّل من بنى بيتاً مربعاً بمكّة حميد بن زهير فقالت قريش:

ربّع حميد بن زهير بيتاًامّا حياةً، وامّا موتاً(2)

قال السنجاري: «وأمّا الكلام على بنائها، ففي عدّة بنائها خلاف».

قال الفاسي: «ويتحصل من مجموع ما قيل: إنّها بنيت عشر مرّات».

قلت: والمشهور انّها بنيت خمس مرّات(3).

الأوّل: بناء الملائكة.


1- مروج الذهب 2: 237 ط/ دار المعرفة بيروت، سنة 1403.
2- اخبار مكة 1: 280.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 259.

ص: 88

والثاني: بناء سيدنا آدم عليه السلام.

والثالث: بناء ابراهيم عليه السلام.

والرابع: بناء قريش في الجاهليّة، وحضره صلى الله عليه و آله وهو ابن خمس وعشرين سنة.

والخامس: بناء ابن الزبير، ثمّ هدم الحجّاج بعضه وبناه.

وقيل: بنيت عشر مرّات: بناها الملائكة، ثمّ آدم، ثمّ أولاده، ثمّ الخليل، ثمّ العمالقة، ثمّ جرهم، ثمّ قصي بن كلاب، ثمّ قريش، ثمّ ابن الزبير، ثمّ الحجاج(1).

قال القاضي تقي الدين الفاسي: «ووجدت بخطّ عبداللّه بن عبد الملك المرجاني: أنّ عبد المطلّب- جد النبي صلى الله عليه و آله- بنى الكعبة بعد قصي قبل قريش، ولم أر ذلك لغيره، وأخشى أن يكون وهماً»(2)، انتهى كلامه.

وقد جمع ذلك في أبيات منظومة كثير من الناس، من ذلك ما أورده شيخ مشايخنا الشيخ نور الدين علي [المرجاني](3) في شرحه لمنظومة السير عن منسك خليل المالكي لبعضهم شعراً:

أجب عن بناء البيت من جاء سائلًابناء لبيت أتى فيه بحجاج

فآدم ابراهيم عملاق جرهم قريش ونجل الزبير وحجاج

وأورد أيضاً قول بعضهم شعراً:


1- الكلام لابن ظهيرة في الجامع اللطيف: 67.
2- شفاء الغرام 1: 91.
3- من المصدر.

ص: 89

بتاريخ الخميس أتاك عشربناء البيت بالترتيب فأعلم

ملائك آدم وكذا بنوه وابراهيم عملاقٌ وجرهم

قصيّ بعده قالوا قريشٌ وعبد اللّه والحجاج تمّم

ولم تبن لغير بعد هذاعلى ما قاله واللّه أعلم

ولشيخ مشايخنا [الشيخ حسن](1) باكثير المكي شعراً:

بنى الكعبة الغرّاء عشر ذكرتهم ورتبتهم حسب الذي أخبر الثقة

ملائكة الرحمن آدم ولده كذاك خليل اللّه ثم العمالقة

وجرهم يتلوهم قصيّ قريشهم كذا ابن الزبير ثمّ حجّاج لاحقه

ومن بعدهم من آل عثمان قد بنى مراد بخير أطلع اللّه شارقه(2)

وذيّل عليها برهان الدين المهتار الشاعر المكي بقوله ذاكراً لبناء العثمانية، وهو الباقي إلى عصرنا هذا سنة 1040، شعراً:

وجاء مراد وهو حادي عشرهم بناه جميعاً وهو أعظم سابقه

وذلك عام الأربعين وألفهاعلى يد رضوان بغير ممازقه

وقال الشيخ محمد بن علان من قصيدة جمع فيها من بنى الكعبة شعراً:

وفي عصرنا فالسيل قد هدّ بعضهاومن بعده الباقي له الهد قد وهد

فهدت جميعاً ثم تمت بدولةلسلطاننا نجل الملوك أبا وجد

مراد أبوه أحمد بن محمدخيار بني عثمان من عمروا البلد


1- من منائح الكرم بأخبار مكة و ولاة الحرم.
2- انظر أخبار مكة 1: 372- 373.

ص: 90

وجمع الاحد عشر الامام نور الدين علي بن عبد القادر الطبري المكي في قوله شعراً:

بنى البيت خلق وبيت الاله مدى الدهر من سابق يكرم

ملائكة، آدم، ولده خليل، عمالقة، جرهم

قصي، قريش، ونجل الزبيروحجاج بعدهم يعلم

وسلطاننا الملك المرتجى مراد هو الماجد الأعظم

قال الفاسي: «امّا بناء الملائكة فذكره الأزرقي وأنّ ذلك قبل خلق آدم عليه السلام، واستدلّ له بخبر رواه عن زين العابدين عليه السلام، وذكر ما يدلّ له من خبر ابن عبّاس أيضاً.

وأمّا بناء آدم عليه السلام فروي في خبر مرفوع من حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص في كتاب دلائل النبوّة؛ للبيهقي.

وكان آدم أوّل من أسّس البيت وصلّى فيه»(1).

ثمّ إنّ ابراهيم عليه السلام امر ببناء البيت وكان عمره إذ ذاك مئة سنة، فوفد مكّة من الشام وهي وفدته الثالثة، فأدرك اسماعيل تحت دوحة قريباً من زمزم وهو يبري نبلًا، فلما رآه قام إليه، فقال له: يا اسماعيل إنّ اللّه أمرني أن ابني له بيتاً ها هنا-/ وأشار إلى أكمة حمراء مرتفعة-/ فقال: اصنع ما أمرك. قال: وتعينني؟ قال:

واعينك. وكان سنّ اسماعيل إذ ذاك ستّة وثلاثون سنة- وفي رواية الأزرقي:


1- الى هنا من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 259- 263.

ص: 91

عشرون سنة(1)، وفي رواية ذكرها المسعودي: ثلاثون سنة(2)- فعزما على البناء وجمعا الحجارة».

قال الفاسي عن قتادة: «بنى الخليل البيت من خمسة أجبل»(3)، جمعها بعض العلماء في بيتين هما قوله شعراً:

ومن أجبل خمس بنى البيت آدم فخذه ببيت قد أتاك بنيان

فمن طور سينا ثم زيتا ومن حرى ومن جبل الجودي أيضاً ولبنان

وفي رواية من ستّة جمعتها وقلت:

وقد قيل من ستّ بنى البيت غيرهاوقيّدتها نظماً مخافة نسيان

فمن أحد مع طور سينا ومن أبي قب- يس ومن قدس(4) ورضوى وورقان

قال ابن الضياء: وكانت الملائكة تأتيه بالحجارة من هذه الجبال، فلمّا اجتمعت هذه الحجارة أرسل اللّه السكينة وهي ريح طيّبة خجوج- قال ابن الضياء: لها رأس ووجه يتكلّم، وذكر روايات- فما زالت تنسف الأرض حتّى أظهرت أساس الكعبة، فبنى ابراهيم عليه السلام، وجعل طول البيت في السماء تسعة أذرع، وعرضه في الأرض من جهة الحجر الأسود إلى الركن الشامي اثنين وثلاثين ذراعاً، وعرضه من الشامي إلى الغربي اثنين وعشرين ذراعاً، وطوله من جهة ظهر البيت من الغربي إلى اليماني أحداً وثلاثين ذراعاً، وعرضه من اليماني إلى الحجر الأسود عشرين ذراعاً، وجعل الباب لاصقاً بالأرض غير مرتفع ولامبوّب، وحفر حفرة في بطن البيت جعلها خزانة لما يهدى للكعبة،


1- أخبار مكة 1: 64، وتاريخ مكة المشرفة؛ لابن الضياء: 40.
2- أخبار مكة 1: 64، وتاريخ مكة المشرفة؛ لابن الضياء: 40.
3- شفاء الغرام 1: 93.
4- المراد بالقدس هو «طور زيتا» الذي هو جبل يشرف على المسجد الأقصى.

ص: 92

وكان يبني واسماعيل ينقل الحجارة على رقبته، ولم يبنها بقصّة(1) ولا مدر ولا سقف، على ما رواه الفاسي عن ابن عباس(2)، وزاد ابن ظهيرة في شفاء الغليل(3):

«وكذلك بنيان أساس آدم عليه السلام»(4)، انتهى.

وكان ابتداء عمل الخليل ثاني يوم من ذي القعدة، قاله العلّامة المرشدي في كتاب «براعة الاستهلال»(5).

وذكر الفاسي عن ابن الحاج: أنّ بناء ابراهيم عليه السلام كان مدوّراً من ورائه، وكان للبيت ركنان وهما اليمانيان، وإنّما ربّعته قريش مماثلة مع ما تقدّم من صفة البناء(6)، وهذا يؤيّد اشتقاق اسمها من التكعيب(7).

فلمّا ارتفع البناء أتاه اسماعيل عليه السلام بالمقام وهو الحجر الذي وضع عليه رجله يوم غسلت رأسه زوجة اسماعيل، فقام عليه، وكان ينقله من محل إلى محلّ، فقيل له: «المقام»(8)- واستغرب العلّامة ابن حجر المكي هذا المعنى، فراجعه إن شئت(9)- فلمّا انتهى إلى محل الحجر الأسود أتاه به جبرئيل عليه السلام فوضعه في


1- القصة- بفتح القاف-: هي النورة أو شبهها. الجامع اللطيف: 77.
2- شفاء الغرام 1: 93.
3- هذا اسم كتاب ابن ظهيرة؛ جدّ مؤلف الجامع اللطيف، كما في الصفحة 200 من الجامع اللطيف.
4- تاريخ مكة المشرّفة؛ لابن الضياء: 36-/ 38 باختصار، وانظر شفاء الغرام 1: 93، والجامع اللطيف: 73-/ 74.
5- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 294.
6- انظر شفاء الغرام 1: 93.
7- كذا في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 294، وفي المخطوطة: «من الكعب».
8- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 295. وانظر شفاء الغرام 1: 202.
9- راجع: منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 295.

ص: 93

محلّه»(1).

قال العلّامة القسطلاني: «ليس على وجه الأرض بناء أشرف من الكعبة، لأنّ الآمر ببنائها الملك الجليل، والمبلغ والمهندس جبرئيل عليه السلام، والبنّاء الخليل عليه السلام، والتلميذ العامل فيه اسماعيل عليه السلام»(2)، انتهى.

قال ابن الضياء: «أجمع العلماء على أنّ الكعبة أوّل بيت وضع للناس للعبادة»(3)، وفي المعنى المراد من ذلك ستّة أقوال مذكورة في المطوّلات(4).

وعن أبي الدرداء: «قلت: يا رسول اللّه صلى الله عليه و آله أيّ مسجد وضع في الأرض أوّلًا؟ قال: المسجد الحرام. قلت: ثمّ أيّ؟ قال: المسجد الأقصى. قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون عاماً»(5).

فإن قيل: المسجد الأقصى بناه سليمان بن داود، وبين سليمان و ابراهيم عليه السلام زمان يزيد على الألف كما قال أهل التأريخ(6)؟

فالجواب: أنّ سليمان إنّما جدّده كما جدّد إبراهيم عليه السلام الكعبة. و أمّا الأساس فقديم من زمن آدم عليه السلام، فيجوز أن يكون أحد أبناء آدم بنى بيت المقدس بعد الكعبة بأربعين عاماً، ثمّ درس كالكعبة فجدّده سليمان عليه السلام. ذكره القاضي في جامعه(7).


1- تاريخ مكة المشرفة؛ لابن الضياء: 39.
2- منائح الكرم بأخبارمكة وولاة الحرم 1: 313.
3- تاريخ مكة المشرفة؛ لابن الضياء: 25- 26.
4- انظر: تفسير البيضاوي 1: 82.
5- كذا الجامع اللطيف: 20.
6- انظر: تاريخ القضاعي 60- 61.
7- الجامع اللطيف: 20-/ 21.

ص: 94

قلت: وجزم بهذا ابن القيّم في الهدي النبوي، وأنّ الذي أسّس بيت المقدس يعقوب بن اسحاق بعد بناء الكعبة بأربعين عاماً، ثمّ جدّده سليمان بن داود بعد خرابه، فاحفظ فإنّه مهمّ(1).

ثمّ إنّ ابراهيم عليه السلام لما فرغ من بناء البيت أتاه جبرئيل عليه السلام فصعد به و باسماعيل و من معهم من جرهم يوم التروية إلى أن قضى بهم الحجّ- فرائضه ونوافله- على الوجه المشروع، ثمّ أمر بالنداء بالناس. وقيل: إنّه امِر به قبل أن يحجّ، وكان نداؤه على ثبير، وقيل: على المقام تطاول به كأطول الجبال.

وعاش ابراهيم عليه السلام: مئتي سنة، وقيل: إلّاخمسة أعوام، فمات ودفن في مزرعة هارون.

وفي إبراهيم لغات، جمعها ابن مالك في قوله:

بتثليثهم هاء ابراهيم صحّ بمدّوقصر، ووجها الضمّ قد عرفا

فيقال: ابراهم وابراهيم وابراهَم، وابراهام، وابراهُم، وابراهوم، وهما غريبان(2).

ولمّا توفّي ابراهيم عليه السلام صار أمر مكّة والبيت إلى اسماعيل عليه السلام، ثم توفّي اسماعيل عليه السلام وله من العمر مئة وثمانون سنة(3). وقال القاضي في جامعه: مئة وثلاثون، وقيل: مئة وسبعة وثلاثون، ودفن في الحجر عند امّه، وقيل: في


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 314.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 322- 323.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 325.

ص: 95

الحطيم، وقيل: في المسجد من غير تعيين(1).

قال المحبّ الطبري: انّ البلاطة الخضراء محل قبر اسماعيل، ويشرف رأسها إلى ناحية الركن الغربي مما يلي باب بني سهم ستّة أشبار، فعند انتهائها يكون محلّ رأسه. كذا نقله عنه القاضي محمّد جار اللّه في جامعه(2).

فلما توفّي اسماعيل ولي أمر مكة ابنه الأكبر نابت(3) بن اسماعيل واستمر إلى أن تُوُفّي، ولم أقف على ذكر وفاته، فولي مكّة مضاض بن عمرو- جد نابت لُامّه- وليها مئة سنة، ثمّ ابنه عمرو بن مضاض مئة وعشرون سنة، ثمّ الحارث بن عمرو بن مضاض مئة سنة، ثمّ عمرو بن الحرث مئتي سنة، ثمّ مضاض بن عمرو الأصغر أربعين سنة(4).

قال ابن اسحاق: وجرهم وقطورا اتباعهم أقبلا سيّارة من اليمن، وعلى جرهم مضاض بن عمرو، وعلى قطورا السميدع، فنزلا مكّة، نزل مضاض قيقعان وبها سمي بذلك لأنّهم كانوا أصحاب سلاح تقعقع، ونزل السميدع باجياد وبه سمي المحل لأنّهم كانوا أصحاب خيل.

وقال السهيلي: سمي بذلك لأنّ مضاض بن عمرو ضرب فيه اجياد مئة رجل من العمالقة، فلمّا استقرّ بهم المكان جعل مضاض يعشر من يدخل مكّة من أعلاها، والسميدع من يدخلها من اسفلها، والقوم الذين يعشر أموالهم من العماليق، وكانوا ولاة مكّة قبل جرهم، فانتهكوا حرمة الحرم، فجاءهم جرهم وقطورا وأخرجتهم، فكان إذا دخل أحد منهم بميرة عشِّر. ثمّ لمّا رأت قطورا


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 326.
2- الجامع اللطيف: 141، وانظر أقوال اخرى في مدفنه عليه السلام في شفاء الغرام 1: 14.
3- كذا في أكثر المصادر، واعله في المخطوطة: «ثابت» كما في بعض المصادر الاخرى، وكذا في الموارد التالية.
4- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 331- 332.

ص: 96

اجتماع بني اسماعيل على مضاض بن عمرو حسدته فبغى بعضهم على بعض، فاقتتلوا بفاضح، وهو أوّل قتالٍ وقع بمكّة، فقتل السميدع وتمّ الأمر لمضاض بن عمرو، واستولى على من بقي من قطورا، ثمّ إنّ جرهماً نفت قطورا من مكّة وأقامت في ولاية البيت لاينازعهم أحد»(1).

قال ابن الضياء: «وجاء سيل فهدم البيت فبنته جرهم على بناء ابراهيم عليه السلام»(2).

قال الفاسي: «وكان الباني له أبو الجدرة عمرو، فسمّى بنوه المجدرة(3)، ثمّ انّ جرهماً عجبوا بأنفسهم، وانتهكوا حرمة الكعبة، وظلموا، فخطبهم مضاض بن عمرو وحذّرهم عاقبة الأمر، فأبوا أن يصغوا لكلامه، فقالوا: من نحذر، وأيّ العرب يقوى علينا ونحن أكثر العرب سلاحاً وعداداً؟ ودخل رجل منهم بامرأة في جوف الكعبة ففجر بها، ويقال: بل قبّلها، فمسخهما اللّه حجرين، وهما أساف ونائلة، فلمّا أيس مضاض بن عمرو من قومه عمد إلى غزالين من ذهب كانا في بئر الكعبة ودروع وأسياف، وطرحها في بئر زمزم، وطمّها، فلم تزل مطمومة لايعرف أحد محلّها إلى زمن عبد المطلب، فحفر البئر وأخرجها كما هو مشهور»(4).


1- اخبار مكة 1: 81-/ 83 بتلخيص، وانظر تاريخ مكة المشرفة: 49. ومنائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 335- 336.
2- تاريخ مكة المشرفة: 53.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 337.
4- انظر تفصيل ذلك في تاريخ مكة المشرفة؛ لابن الضياء: 51-/ 53. ومنائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 337- 338.

ص: 97

قال الحلبي: وتلك المدّة نحوٌ من خمسمأة سنة. ويقال: ان عمرو بن مضاض(1) اقتلع الحجر الأسود وخبّأهُ أسفل مكّة، ثمّ اعتزل قومه ببني اسماعيل(2) وخرجوا إلى جهة اليمن وجعل مضاض يقول قصيدته الرائية، شعراً:

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفاأنيس ولم يسمر بمكة سامر

ولم يتربع واسط فجنوبه إلى المنحنى من ذي الأراكة حاضر

بلى نحن كنا أهلها فأبادناصروف الليالي والجدود العواثر

وابدلنا منها الأسى دار غربةبها الذئب يعوي والعدو محاصر

وكنا لاسماعيل صهراً وجيرةًفابناؤه منّا ونحن الأصاهر

وكنا ولاة البيت من بعد نابت نطوف بهذا البيت والخير ظاهر

فأخرجنا منها المليك بقدرةكذلك يا للناس تجري المقادر

وصرنا أحاديثاً وكنّا بغبطةكذلك عضّتنا السنون الغوابر

وسحت دموع العين تجري لبلدةبها حرم أمن وفيها المشاعر

بواد أنيس لايطار حمامه ولا تنفرن يوماً لديه العصافر

وفيها وحوش لاتزال أنيسةإذا خرجت منها فما ان تغادر

فياليت شعري هل تعمّر بعدناجياد وتمضي سيله والظواهر

وهل فرج يأتي بشي ء تريده وهل جزع ينجيك ممّا تحاذر(3)

قال ابن هشام: وحدثني بعض أهل العلم بالشعر: أنّ هذه الأبيات «كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا» أول شعر قيل في العرب، وانّها وجدت مكتوبة في حجرٍ باليمن(4)، انتهى.

فسلّط اللّه بعد ذلك على جرهم من أخرجهم من مكّة، وفي المخرج لهم أقوال:

أحدها: أن المخرج لهم بنو اسماعيل بعد أن سلط اللّه على جرهم آياتٍ من النمل والرعاف وغير ذلك، و أتاهم- وهم بأضم من أرض جهينة بعد ما خرجوا من مكّة- سيل فذهب بهم، ذكره المسعودي.

ثمّ استولت على مكّة خزاعة، وأوّل من ملك منهم عمرو بن لحي- بالضم فالفتح- ابن قمعة بن حذف بن خزاعة، وهو أوّل من سيّب السوائب ووصل الوصيلة وحمى الحام وبحّر البحيرة ونصب الاصنام حول الكعبة، وأتى بهبل فنصب في بطن الكعبة، وعاش ثلاثمئة وأربعين سنة، وكانت ولاية البيت في خزاعة مئتي سنة، ومات عمرو بن لحي وله من الولد وولد الولد ألف رجل، قاله المسعودي في المروج(5).

وآخر من صار إليه مفتاح الكعبة أبو غبشان، فانتزعه قصي بن كلاب، وأمره شهير وقد تقدّم بعض حكايته، وفيه يقول بعض قريش شعراً:

إذا فخرت خزاعة من قديم وجدنا فخرها شرب الخمور

وبيع كعبة الرحمان جمعاًبزقّ بئس مفتخر الفخور

وقال آخر:

ابو غبشان أظلم من قصي وأظلم من بني بكر خزاعة

فلا تلحوا قصيّاً في شراهاولوموا شيخكم إذ كان باعه

وقال الآخر:

باعت خزاعة بيت اللّه إذ سكرت بزقّ خمر فبئست صفقة البادي

باعت سدانة بيت اللّه وانتزعت عن المقام وظل البيت والناد(6)

فلمّا آل الأمر إلى قصي سكن حول البيت وبنى حولها الدور والمساكن، وترك المطاف للطواف، وبنى دار الندوة، ثمّ جمع من فارض(7) أمواله وهدم الكعبة وبناها بالحجر والطين، وزاد في طولها تسعة أذرع على ما كانت عليه زمن الخليل، فبناها خمساً وعشرين ذراعاً، على كلام في ذلك تقدّم ذكره، وسقّف الكعبة بخشب الروم وجريد النخل، وهو أوّل من سقّفها ولم يسقّفها أحد قبله(8).

قال الفاسي: وسمع يقول(9) وهو بمنى شعراً:

ابني وبيتي اللّه يرفعهاوليبن أهل وراثها بعدي

بنيانها وتمامها وحجابهابيد الإله وليس للعبد(10)

ثمّ ذكر السنجاري بناء قريش وبناء ابن الزبير وبناء الحجاج نحواً ممّا سبق نقله من تاريخ القطب وغيره(11).


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 359.
2- كذا ظاهرا، ولعلّ الصحيح: «طارف».
3- راجع البناء السابع للكعبة الشريفة في ص 62 وما بعدها.
4- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 359.
5- كذا ظاهرا، ولعلّ الصحيح: «طارف».
6- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 359.
7- كذا ظاهرا، ولعلّ الصحيح: «طارف».
8- راجع البناء السابع للكعبة الشريفة في ص 62 وما بعدها.
9- اي قصي بن كلاب، كما في شفاء الغرام 1: 94.
10- شفاء الغرام 1: 94.
11- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 365 وما بعدها.

ص: 98

ص: 99

ص: 100

قال المسعودي بعد قصّة اسماعيل وهاجر ما نصّه: «وأقحطت الشجر والثمر فتفرّقت العماليق وجرهم من هنالك يعني اليمن- من عاد، فنحت العماليق نحو تهامة يطلبون الماء والمرعى، وعليهم السميدع، فنزلوا مكة، وتسامعت بهم جرهم، فبادروا نحو مكة وعليهم الحرث بن مضاض بن عمرو، واستوطن جرهم الدار مع اسماعيل ومن تقدّم من العماليق، وتزوّج اسماعيل زوجته الثانية من جرهم، قيل: والاولى من العماليق، ثم إنّ جرهم نفت العماليق من مكّة لمّا عتوا واستخفّوا بالحرم»، نقل من السنجاري باختصار(1).

قال السنجاري: «انه نزل مكة قبل العماليق وجرهم المحض بن جندل وبنوه، وكانوا متفرقين في البلاد، فمنهم المسمّى بأبجاد وهوّز وحطي... إلى آخر حروف الجمل، وكان أبجد ملك مكة(2)، وأما ولاية طسم(3) لمكة فهم آخر العماليق(4)، فأهلكهم اللّه تعالى»، انتهى.

قال السنجاري: وفي الفاسي: «انّ إياد بن نزار بن معد، ولي مكّة قال- بسنده إلى الكتاني، بعد ذكر ولاية نابت بن اسماعيل-: «ثم وليت حجابة البيت اياد، فكان أمر البيت إلى رجل منهم يقال له: وكيع بن سلمة بن زهير بن إياد، وكان له صرح بأسفل مكّة يتعبّد فيه، ويرقاه بسلّم، وجعل فيه بومة تسمّى الحزورة، وبها سمّي المكان، وقيل فيه: انّه صدّيق من الصدّيقين، ولما حضرته


1- معناه في اخبار مكة 1: 85-/ 86.
2- انظر شفاء الغرام 1: 352.
3- «طسم» هو اخو عملاق، كما في شفاء الغرام 1: 356، وقد وليت قبيلة طسم مكة قبل قريش.
4- انظر العقد الثمين 1: 292.

ص: 101

الوفاة جمع إياد وقال: وصيّتي: الكلام كلمتان، والأمر بعد البيان، من رشد فاتبعوه، ومن غوى فارفضوه، وكلّ شاة معلّقة برجلها. فكان أوّل من قالها، ثم مات(1)، ثم اقتتلت مضر وإياد فغلبت مضر، فقالت اياد: أجّلونا ثلاثة أيام فأجلّوهم، فظعنوا قبل المشرق، فلما ساروا يومين تبعتهم فهم وعدوان، وكانوا مع مضر، فقاتلوهم، فقالوا: لا تقتطعوا قرابتنا، اعرضوا على النساء فمن اختارت قومها فلترجع، فكانت أوّل من اختارت أهلها امرأة من خزاعة يقال لها: قدامة. وفي رواية: أنّ إياد بعد أن سارت خارجة من مكّة رجع منهم ناس بعد ثانية لأخذ الحجر الأسود، فحملوه على بعير فبرك، فحملوه على آخر فلم يطق، فلما رأوا ذلك بحثوا له ودفنوه تحت شجرة وارتحلوا، فلما كان بعد ليلتين افتقدت مضر الحجر، وكانت أمرأة من خزاعة يقال لها: قدامة متزوّجة في إياد، فأبصرتهم حين دفنوا الحجر، فقالت لقومها من خزاعة لما لحقوهم: قولوا لهم يعطوكم العهد على أن يجعلوا لكم حجابة البيت وأنا ادلّهم على الحجر الأسود، فأخذوا بذلك عهداً فوليتها خزاعة حتى أتى قصي بن كلاب، فهذا أحد أسباب ولاية خزاعة لمكة»(2).

واستفدنا من هذا: أنّ إياد ومضر كانت على البيت قبل خزاعة(3).


1- شفاء الغرام 2: 26.
2- شفاء الغرام 2: 27، وفي العقد الثمين 1: 229 ما نصه: «انّ رجلًا من إياد ورجلًا من مضر خرجا يتصيّدان، فمرت بهما إرنب، فاكتنفاها يرميانها، فرماها الإيادي فنزل سهمه فنظم قلب المضري، فقتله، فبلغ الخبر مضر، فاستغاثت بفهم وعدوان، يطلبون لهم قود صاحبهم، فقالوا: إنما أخطأه، فأبت فهم وعدوان الّا قتله، فتناوش الناس بينهم بالمدور- وهو مكان- فسمت مضر من أياد ظفراً، فقالت لهم إياد: أجّلونا ثلاثاً فلن نساكنكم أرضكم، فأجّلوهم ثلاثاً، فظعنوا قبل المشرق». العقد الثمين 1: 299.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 351- 352.

ص: 102

وقال الزبير بن بكار: «لما حضرت نزار الوفاة آثر أياد بولاية الكعبة، وأعطى مضر قبة له حمراء فسمّيت مضر الحمراء، وأعطى ربيعة فرسه فسميت ربيعة الفرس، وأعطى نمار جارية يقال لها: بجيلة فحاضنت أولاده، فقيل لهم:

بجيلة انمار»(1)، واللّه أعلم.

قال في القاموس في مادة «عرف»: «ومعروف بن مسكان باني الكعبة»(2)، انتهى. ولم يذكر في أيّ بناء.

قال السنجاري: بعد ذكر بناء الحجاج: فائدة: قال ابن زياد النووي في كتابه: تحديد الايلام عن تفسير بناء البيت الحرام؛ نقلًا عن فتاوى الطبنداوي الصديقي عن النووي، قال في شرح مسلم: «قال العلماء: ولا يغيّر [عن] هذا البناء»(3).

قال الطبنداوي: فقوله نقلًا عن العلماء: «لا يغيّر»، صريح في منع الزيادة في السمك والطول والعرض، انتهى. قلت: والأمر كذلك(4)، انتهى كلام السنجاري.

فائدة:

قال الزبير بن بكار: حدثني حمزة بن عتبة اللهبي قال: حدّثنا محمد بن عثمان بن ابراهيم الحجبي قال: «كان شجر الحرم خضيداً لاشوك فيه، فلما أحدثت


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 353.
2- القاموس المحيط 3: 251، مادة «عرف».
3- انظر: مسلم بشرح النووي 9: 89، والزيادة من المصدر.
4- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 31.

ص: 103

خزاعة المعاصي اقشعرّ الشجر من معاصيهم فخرج له هذا الشوك»(1)، انتهى.

قال ابن الضياء: «وكان بعض التتابعة قصد مكّة لتخريب البيت، فقاتلته خزاعة أشدّ القتال، وقصده ثانٍ فقاتلوه أيضاً، وأمّا تبّع الثالث الذي نحر الإبل وكسى البيت فهو زمن قريش»(2).

فائدة:

قال السهيلي: معنى تبّع- بلغة اليمن- الملك المتبوع(3). وقال المسعودي: لا يقال للملك تبّع حتى يملك اليمن والبحر وحضرموت، وممّا وقع في زمان خزاعة سيل عظيم دخل الحرم وأحاط بالكعبة ورمى بالشجر، وجاء برجل وامرأة ميّتين، فعرفت المرأة وكانت بأعلى مكّة(4).

ثمّ إنّ البيت الشريف استمرّ على بناء ابن الزبير والحجاج إلى سنة 1039 (ألف وتسع وثلاثين) من الهجرة.

قال السيد الامام رضي الدين بن العلامة السيد محمد بن حيدر الموسوي في تاريخه «تاريخ أشراف مكّة المشرّفة» الموسوم ب «تنضيد العقود السنية بتمهيد الدولة الحسينية»(5): «وفي هذه السنة نقل المؤرخون أنّه نزل ليلة الأربعاء لأحد عشر ليلة بقين من شعبان مطر شديد، ونزل في خلاله بردٌ مالح شديد الملوحة، وسالت الأودية، وخربت دور كثيرة، ودخل المسجد الحرام وعلاه الماء إلى أن


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 353.
2- راجع تاريخ مكّة المشرّفة؛ لابن الضياء: 76.
3- نقله عنه السنجاري في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 353.
4- انظر: منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 354.
5- كذا ظاهرا، ولعلها: «الحسنيّة». ولم نقف على الكتاب المذكور.

ص: 104

وصل إلى طراز البيت الشريف، وامتلأ المسجد من التراب، ومات من الخلق نحو خمسئة شخص، وتغيّر ماء زمزم بملوحة شديدة حتى صار لايساغ.

وفي ثاني يوم: سقط البيت العتيق من جهة الحجر جميعاً، و من جهة الشرق إلى الباب وثلاثة أرباع الجهة الغربيّة، ولم يبق غير جهة اليمن، فانزعج الناس لذلك أشدّ انزعاج، ولم يقع في البيت الشريف من عهد النبي إلى عهدنا هذا مثل هذا الانهدام، فجمع شريف مكة-/ وهو الشريف مسعود بن إدريس بن حسن بن أبي نمى-/ العلماء وسألهم عن حكم عمارة البيت، فأجابوه بأنّه فرض كفاية على سائر المسلمين، ثمّ استمع الناس خبر خراب المسجد الحرام، وجعل أخشاب على دائر البيت الشريف، ووضع من فوقها ثوباً أخضر، ورفع الأمر إلى السلطان مراد بأخبار.

وفي سنة أربعين وألف: وصل رضوان آغا المعمار من طرف السلطان مراد، وابتدأ بالعمارة في البيت الشريف، وأتم عمارته في السنة المذكورة على أحسن منوال، وفي هذه السنة توفي الشريف مسعود، وكان مدّة ولايته سنة وثلاثة أشهر، وقام بالأمر بعده الشريف عبد اللّه بن حسن بن أبي نمى»(1)، انتهى.

وقال السنجاري في ذكر حوادث سنة 1039 وولاية الشريف مسعود المذكور: «وفي أيّام مولانا الشريف المذكور كان سقوط البيت الشريف، وذلك أنّه لما كان يوم الأربعاء التاسع عشر من شعبان من السنة المذكورة وقع مطر شديد، ودخل المسجد وغرق امّة من الناس، قال الشيخ أحمد بن علان الصديقي: وخرص من مات فيه في النهار والليل نحو ألف انسان، وبات تلك الليلة السيل بالمسجد إلى الصبح، ودخل البيوت وأخرج امتعة العالم إلى أسفل


1- مفصّل هذه الحادثة في ملحق أخبار مكّة 1: 356.

ص: 105

مكّة، وبلغ في الحرم إلى طوق القناديل»(1).

قال الشيخ أحمد المذكور: فكان ابتداء المطر في الساعة الثانية من اليوم المذكور وكانت ساعة عطارد، والنهار إذ ذاك اثنا عشر ساعة ودرجتين، فانّها قد زادا في النيروز في سادس شعبان، وكانت الشمس في برج الحمل في منزلة الرشا في الدرجة الاولى منها، والقمر في برج الميزان في منزلة العوا، وما زال المطر يقل ويكثر إلى قبيل العصر، فاشتد، وكانت قوة السيل في ساعة المشتري والمريخ، ونزل مع المطر برد كثير. وذكر لي بعض الناس: انّه ذاق ماء ذلك البرد فكان ملحاً أو مرّاً، ولمّا أن أصبح الصبح ثاني يوم المطر صبيحة يوم الخميس نزل مولانا الشريف وأمر بفتح باب سرب ابراهيم من أبواب الحرم بحضرته، [ففتح](2) وخرج الماء إلى أسفل مكّة.

فلما كان عصر يوم الخميس قبيل الغروب، نهار عشرين من شعبان، سقط الجانب الشامي من الكعبة بوجهيه، واتخذ(3) معه من الجدار الشرقي إلى حدّ الباب، ومن الغربي من الوجهين نحو السدس، وهذا الذي سقط من الجانب الشامي، هو الذي بناه الحجّاج بن يوسف الثقفي، فكانت لها وقعة عظيمة مهيلة، فنزل مولانا الشريف مسعود بنفسه و أمر بالتنظيف وإفراز الحجارة بعد أن رفع الميزاب وما وجدوه من القناديل الذهب المعلّقة، وكانت عشرين قنديلًا، أحدها


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 64- 65. اخبار مكة 1: 356.
2- من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.
3- في أخبار مكة 1: 356 «وانجذب»، وهو الصحيح.

ص: 106

مرصّع باللؤلؤ وغيره من المعادن، ووضعت في بيت الشيخ جمال الدين [محمد](1) بن أبي القاسم الشيبي العبدري الحجبي(2)، بعد أن ضبط ذلك بحضرة صاحب مكّة، فأخذه إلى منزله بالصفا، وهو منزل من أوقاف السلطان مراد على الحجاب، فوضعه في مخزن، وختم [عليه](3) بخاتم صاحب مكّة مولانا الشريف، وأجلس عليه حرساً، كل ذلك قبل الغروب.

وفي هذا اليوم نزل صفر آغا رئيس باش المشدين لصاحب جدّة مصطفى آغا، وأخذ منه خمسمئة دينار من مال العشور المجتمع عنده للسلطنة، فوصل بها مكّة يوم الاثنين رابع عشر من شعبان(4).

وممّا كان من [أمر](5) مولانا الشريف فإنّه لما كان يوم الجمعة أمر بالنداء العام في البلد بالتنظيف، ونزل بنفسه فنظفه العامّة والخاصّة، وخطب بالناس في هذا اليوم القاضي فايز بن ظهيرة وصلى الناس خلفه في المطاف.

ولما كان يوم السبت ثاني عشرين شعبان نزل مولانا الشريف إلى الحرم، واجتمع اليه علماء البلد، وحضر أعيان الناس وحضر حسين آغا الشاووش من قبل صاحب مصر محمّد باشا، فوقع السؤال من الشريف عن عمارة ماوهي من الكعبة، هل يؤثر بالمبادرة إلى عمارتها ويعمر في الحال [أو يوكل الامر إلى](6) وليّ الأمر الذاب عن سرحها؟ ومن أي مال يكون التعمير، بمال قناديلها أم بمال


1- من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.
2- اخبار مكة 1: 356.
3- من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.
4- في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم: «رابع عشرين شعبان».
5- من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.
6- الزيادة اقتضتها العبارة.

ص: 107

غير ذلك؟ وكان من حاضري المجلس الشيخ خالد المالكي البصير، والقاضي عبداللّه بن أبي بكر الحنبلي، والقاضي أحمد بن عيسى المرشدي وغيرهم من علماء مكّة، فانعقد رأي الجماعة أن يبادَر عمارتها من مال الكعبة، ويعرض الأمر إلى الأبواب، ولا يمنع أحد من المسلمين أن يعمرها من ماله إذا لم يكن فيه شبهة، وانّ ذلك لايتوقف على العرض على السلطان، ولما اجتمع رأي الحاضرين على هذا، أمر الشريف أن يكتب صورة سؤال ويضع العلماء عليه خطوطهم بعد مخض الفكر ليبعث إلى الأبواب، فقاموا من ذلك المجلس وفرش لهم بساط في باب الرحمة، وطلبوا كتاب الشيخ أحمد بن حجر المكي الهيثمي المكي المسمّى ب «المناهل العذبة في اصطلاح ماوهي من الكعبة» فاحضرته لهم، وقرى ء ما يحتاج إليه، فهمّ مولانا القاضي تاج الدين المالكي وجلس يقرأه عليهم عشرة أيّام، والحاضرون يسمعونه، فلمّا وصل إلى المطلوب كتبوا سؤالًا كما قلناه أوّلًا:

من أنّ المبادرة إلى العمارة ممن له على الحرمين الشريفين أمارة، وأنّ ذلك يعمّر من مال البيت الشريف، ويكتب بالواقع(1).

ثم ظهر لي أنّ المخاطب بالعمارة انّما هو سلطان الزمان وناشر العدل والأمان سلطان الإسلام والمسلمين، وكان إذ ذاك السلطان مراد خان، فراجعت بعض الفقهاء المفتين، وعرضت عليه ما يؤخذ منه ذلك، فأبى الرجوع، فرجعت عمّا رأيته من الرأي الموافق لهم وألّفت الرسالة المسمّاة ب «نشر ألوية التشريف بالإعلام والتعريف بمن له عمارة ما سقط من البيت الشريف» فاتفق أنّ [مولانا](2) الشريف أمر بتغيير السؤال المكتوب لأمر اقتضى ذلك فغيّر بعبارة


1- في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم: «ويكتب بذلك الواقع الى الابواب».
2- من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.

ص: 108

اخرى، وكتب الجماعة كما كتبوا أوّلًا وكتبت عليه: «والمخاطب بهذا الفرض- أي عمارة الكعبة الغرّاء- سلطان الاسلام المكرّم مولانا السلطان مراد خان، ثم نائبه مولانا الشريف، واللّه الموفّق».

وبهذا السؤال وما معه من المعروض أرسل إلى صاحب مصر صحبة أحمد جاووش أحد جماعة حسين آغا المتقدم ومعه النوري علي سنجقدار اليمن، وكان خروجهم من مكّة يوم الاثنين الرابع والعشرين من شعبان.

وفي هذا اليوم دخلوا باضماد البقر(1) حتى شرعوا في حرث المسجد.

وفي يوم السبت سابع رمضان: وصلت من صاحب جدة خمسمئة دينار اخرى.

وفي يوم الأحد عاشر(2) رمضان: انتهى العمل بالبقر.

وفي يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من رمضان: ورد من مصر آغاة(3) ومعه النوري علي سنجقدار اليمن، وأخبر بوصول الآغا رضوان آغا بيك معماراً على المسجد وأنّه خلفه، فدخل رضوان بيك ومعه السيد [علي بن هيزع](4) ومعه قفطان لمولانا الشريف، وذلك ليلة الجمعة خامس عشرين رمضان(5)، انتهى كلامه.


1- أي الابقار التي تجرّ ألواح الحراثة.
2- كتب في الهامش المخطوطة هنا كلمة: «ثامن- ظ».
3- كذا في المخطوطة.
4- من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.
5- اي كلام الشيخ احمد بن علان الصديقي، وكان على رأس الأقلّية التي عارضت تنظيف المسجد الحرام ريثما يرد الأمر من السلطان، وقد جمع يوميات تاريخ بناء الكعبة في كتاب اسمه: أنباء المؤيّد الجليل مراد ببناء بيت الوهاب الجواد»، راجع اخبار مكة 1: 357 و 358.

ص: 109

ونقلت من خط البرهان إبراهيم المهتار [تأريخاً للامام فضل الله بن عبد الله الطبري، وهو](1) قوله مؤرّخاً لذلك شعراً:

هدم البيت أمر رب تغشّاه مسيل [لم يحو غرقاه](2) ضبط

في نهار الخميس عشرين شعبان قبل الغروب في عام لغط

ومن خطه أيضاً تاريخاً للإمام فضل بن عبد اللّه الطبري، وهو قوله شعراً:

سئلت عن سيل أتى والبيت منه قد سقط

متى أتى قلت لهم تاريخه عام غلط(3)

ومن البديع في تاريخه: «اعلموا انّ اللّه على كلّ شي ء قدير»(4).

وقول [الامام فضل قول صاحبه](5) حسين الينبعي، وهو ما قال شعراً:

لا غرو انّ الذنب أوجب ما جرى مما أرى ورأيته منّي فقط

فأخذت في تاريخه من هجرةوحسبته فوجدت صحته غلط

قال العلّامة الشيخ محمد بن علان: وأنشدني صاحبنا عزّ الدين الخليلي المدني قوله:

لم ينهدم بيت الإله لحادث يجنى ولا من شدّة العصيان

لو كان للعصيان يهدم بيته لانهَدّ فيما فات من أزمان

وخصوصاً الحجاج لما أن أتى في وقته بالفسق والطغيان

لكن تجلّى اللّه جل جلاله بجلاله لقواعد الأركان


1- من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.
2- من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 78.
4- وهذه بحساب الجمل تساوي 1040، وبحذف أ تكون 1039.
5- من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.

ص: 110

فاندك كالطور المقدّس رهبةوجلالةً بجلالة الرحمن(1)

ورأيت للمهتار قوله في ذلك أيضاً:

آهِ من ديمة بها أقفر ال- حيّ وأخلت معاهداً وربوعا

هدمت بيت ذي الجلال فأمسى كلّ بيت له الفداء(2) تبيعا

فغدت مكّة كما حكم اللّه ديارها بلاقعاً وبقيعا(3)

بلدة أثنت الليالي عليهاوأساء الزمان فيها صنيعا

فبهذا الآتي بل قيل يأتي(4)

هلك الناس والكلاب جميعا(5)

فائدة:

في سيرة الحلبي: «أنّ الطاعون وقع بمكّة في هذه السنة وأنّه استمرّ إلى ان ستروا المنهدم من البيت بالأخشاب- الآتي بيانها- فعند ذلك ارتفع، كما أخبرني الثقات من أهل مكّة»(6) انتهى. ولم أره لغيره.

قال الشيخ محمد بن علان: «فاحيط على الكعبة بخشب وخصف، والبست ثوباً من الدولعي الأخضر فوق ذلك الخشب والأخصاف، وكان إلباسها لهذا الثوب سابع شوّال من السنة المذكورة(7)، وصار الناس يطوفون به على هذه


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 79- 80.
2- في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم: «الغداة».
3- في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم: «وصريعاً».
4- في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم: «فبهذا قد أتى تاريخه».
5- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 80- 81.
6- لم نقف عليه، و نقل نصاً في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 81- 82.
7- في اخبار مكّة 1: 356: ان العمل استمر من 26 رمضان إلى 13 شوال، ثم البست الكعبة الثوب.

ص: 111

الحالة بعد أن توجّه القاصد بالخبر إلى الأبواب السلطانية»(1).

قال العلّامة الحلبي في السيرة: «لما وصل الخبر إلى صاحب مصر جمع العلماء والفقهاء وعرض عليهم ذلك، فاتفق رأيهم على المبادرة لعمارته فعيّن لذلك من الصناجق رضوان بيك المعمار، فورد مكة بصحبة مولانا السيد محمد افندي قاضي المدينة، وقد عيّنا لذلك، فلما قرب الافندي المذكور خرج للقائه السيد عبدالكريم بن ادريس بن حسن [ابن أبي نما](2)، وكان وصوله مكة ليلة الأحد السادس والعشرين من شوّال ومعه قفطان لصاحب مكّة مولانا الشريف مسعود بن ادريس [ابن حسن](3)، ودخل به بصحبة السيد عبدالكريم من الحجون في آلاي الأعظم(4) إلى أن وصل الحطيم، وحضر الأعيان ولم يحضر الشريف لوعك حصل له، وكان بالمعابدة، فلمّا أن قرأ الأمر الوارد معه طلع بالخلعة إلى مولانا الشريف فألبسه ايّاها في البستان المعروف بالقائد أحمد بن يونس. كذا نقلته من خط بعض علماء وفضلاء مكّة(5).

وقال العلّامة ابن علان: [ان مولانا الشريف](6) لبس القفطان الوارد به رضوان بيك في الحطيم يوم السبت سادس عشر شوال، وفي ليلة الثلاثاء ثامن والعشرين من ربيع الثاني انتقل مولانا الشريف مسعود إلى رحمة اللّه، وصلّي عليه بالمسجد الحرام بعد أن خطب له بأعلى زمزم ودفن بالمعلاة بقبّة السيّدة


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 82- 83.
2- من المصدر.
3- من المصدر.
4- كلمة تركية، معناها: ضابط المدفعية.
5- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 84- 85.
6- من المصدر.

ص: 112

خديجة رضي الله عنها؛ لرؤياً رآها فأوصى بذلك، وكان مسلولًا، وفي أيّامه كان الغلاء الشديد بمكّة، بحيث أنّه كان لا يوجد الّا الدخن، فسمّي العام عام دخنة، وهذا إطلاق من العامّة باقٍ إلى عصرنا هذا، وعقب ذلك الغلاء [وقع](1) مرض عامّ غريب حصل منه اعتقال في الركب بحيث أنّ الانسان كان يخرج إلى السوق على رجليه فيعاد محمولًا لا قدرة له على القيام من غير داء يشكوه، فاطلقت العامّة على هذا الحادث: المكسِّر- على صيغة الفاعل- وتلاعبت ادباء مكّة بهذا المعنى، فمن ذلك قول القاضي محمد بن عبد اللّه بن ظهيرة القرشي المكي:

لقد واصل المحل المكسِّر في القرى وعمّ جميع الخلق في أشرف القرى

وقد كان جمع الخلق بالخصب سالماًفصيّرهم بالمحل جمعاً مكسّراً

وكان دواء الناس منه شرب ماء الليم(2) مع السكر بعد تحميته في جلده على النار.

فولي مكّة مولانا الشريف عبد اللّه بن حسن بن أبي نمى فخلع عليه الأمير رضوان قفطان الولاية، وألبسه الخلعة بالسبيل المنسوب إلى ابن مزهر وهو بالمروة، محاذياً لدار حاجب البيت الشريف، بنظر الأفندي القاضي محمد قاضي المدينة السابق ذكره، ورضيت به العباد واطمأنّت به البلاد(3).

ولمّا كان يوم السبت ثالث عشر(4) جمادى الاولى- وقيل: يوم الجمعة سابع عشر جمادى الاولى-: حضر مولانا الأفندي المذكور ورضوان بيك المعمار


1- من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.
2- الليم: الليمون.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 86- 90.
4- في هامش المخطوطة في نسخة: «ثامن عشر- ظ».

ص: 113

والمعلّم علي بن شمس الدين المهندس المكي، والمعلّم محمد بن زين الدين، وأخوه المعلّم عبدالرحمان، فعرض عليهم بناء الكعبة، فألتزموا بناءها على وجه الكمال فسجّل القاضي ذلك.

ثمّ ذكر المعلّم محمد بن زين الدين أنّ مراده نصب أخشاب حول البيت وتجعل عليها ستور تمنع عن مشاهدة الهدم، فاختلف رأي الحاضرين في ذلك؛ فمنهم المبيح والمانع، وانقضى المجلس بالاتفاق على نصب الساتر، وصنف الامام علي بن عبدالقادر الطبري في ذلك رسالة سمّاها «شنّ الغارة على مانعي نصب الستارة»، وأفتى بالجواز جماعة من الأعيان كالشيخ خالد المالكي والشيخ عبد العزيز الزمزمي الشافعي وغيرهما(1).

ثمّ وقع اجتماع ثانٍ بالحطيم [يوم الجمعة سابع عشر جمادى الاولى](2) مع جملة الأعيان المذكورين، وسأل مولانا الشريف عبد اللّه بن حسن في هدم الجدار اليماني؛ فإنّه كان قائماً، فدار الكلام ثم اقتضى الحال الإشراف عليه من خلف الخشب، والإشراف على بقيّة الجدران، فأشرف غالب الجماعة ومعهم مولانا الشريف، ونصب المعلّمون الميزان فوجدوه خارجاً عن الميزان قدر أربعة أذرع، فإذا نظر الجماعة إلى هدم بقيّة الجدارين الشرقي والغربي، ثم ينظر في اليماني فإن زاد في الميل هدم، وإلّا فلا، وانصرف الناس على الرأي بعد أن سجّل ذلك.


1- في ملحق أخبار مكة؛ للأزرقي 1: 357 ان ايوب صبري باشا جمع الفتاوى واجوبة العلماء عليها في كتابه «مرآت الحرمين» بنصّها باللغتين العربية والتركية، ولم نقف على الكتاب.
2- من المصدر.

ص: 114

وبعد يومين من هذا المجلس رفع سؤال إلى العلماء مضمونه: «إذا شهد المهندسون بخراب الجدار اليماني، هل يهدم أم لا؟».

فأجاب الشيخ خالد بجواز ذلك إذا شهد أرباب الخبرة.

ونقل الحلبي عن الشيخ شهاب الدين بن حجر صاحب «التحفة» ما لفظه:

«ومن الواضح البيّن أنّ ما وهى وتشقق منها في حكم المنهدم. قال- اعني الحلبي- بعد ذكر هذا الهدم: «وألحق أنّ الكعبة لم تبن جميعاً الّا ثلاث مرّات: الأوّل: بناء الخليل عليه السلام. والثاني: بناء قريش، وكان بينهما ألفا سنة وستمئة وخمس وسبعون سنة. والثالث: بناء عبد اللّه بن الزبير، وكان بينهما نحو اثنين وثمانين سنة. وأمّا بناء الملائكة وآدم وشيث لم يصح. وأمّا بناء جرهم والعمالقة وقصي فإنّما كان ترميماً»(1)، انتهى.

وكان ابتداء الهدم في يوم العشرين من جمادى الاولى.

وفي ضحى يوم السبت خامس عشر(2) من جمادى فتح مقام ابراهيم ووضعت فيه الكسوة الشريفة.

وفي يوم أحد سادس [والعشرين من](3) الشهر(4)، وصلوا في الهدم إلى باب الكعبة المشرفة، فرفعوه- اعني الباب- ووضعوه في بيت السيد محمّد أفندي شيخ


1- نقله السنجاري في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 92- 96.
2- في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم: «والعشرين».
3- من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.
4- الظاهر انّه من الشهر التالي، لا جمادى الاولى المذكور سابقا، ثم انّ المحقق رشدي صالح، محقق كتاب اخبار مكة، قد الحق بالجزء الأوّل ما حصل له مما أوضحه الازرقي واتفق عليه المؤرخون الآخرون: بناء الكعبة للمرة الحادية عشرة عام 1039 هجرية في عهد السلطان مراد العثمانى، وذكر تفصيل البناء في الصفحات 353-/ 373 من ملحق أخبار مكة، فراجع.

ص: 115

حرم المدينة.

وفي يوم السبت ثاني عشر الشهر المذكور(1) دخلت الكعبة ونظرت إلى الركن الذي فيه الحجر الأسود، وجاء المعلّم محمد بن زين الدين فوزن الحجر الأسود والذي فوقه، فوجد الحجر الذي فوق الحجر الأسود ناقصاً قدر ثلاثة قراريط تقريباً، وباقي الجدار من أسفله ومن أعلاه مائلًا إلى الداخل، والبناء صحيح، فاقتضى رأي المعلّم محمد بن شمس الدين هدم ذلك كلّه وأنّه لايبقى من بناء ابن الزبير شي ء، فمنع من هدم الجدار اليماني، ثمّ اقتضى الحال أن يهدمه ما عدا الحجر الأسود.

فلما كان يوم الثلاثاء تاسع شهر رجب عام أربعين وألف عند طلوع الشمس حضر ناظر العمارة من قبل السلطان الأعظم السلطان مراد، وهو السيّد محمد أفندي بن محمود الأنقوري قاضي المدينة والأمير رضوان بيك المعمار وآغاة جدّة مصطفى آغا، وجاء النجّارون بأخشاب وستروا بها ما حاذى الحجر الأسود؛ لئلّا يصل إليه أحد من الناس فيمنعهم العمل، ثمّ أخرجوا الحجر الأعلى ونقلوه إلى محل آخر، ثمّ حضر الشيخ عبدالعزيز الزمزمي والشيخ محمّد الشيبي وشيخ الحرم المكي شمس الدين عتاقي زاده وافندي الشرع مولانا محمد ابو المحامد حسين بن يحيى الشهير بمتولي زاده والشيخ العارف باللّه الشيخ تاج الدين النقشبندي العثماني، ونائب الحرم المكي السيد محمد، ثم سلطان مكة مولانا الشريف عبداللّه بن حسن بن أبي نمى وأولاده: السيد محمد والسيد أحمد، و صحبتهم مولانا السيد علي بن بركات، في آخرين من السادة والاشراف، فأخذ المهندس والمعلّم عبدالرحمان بن زين الدين يقلعان بأصبع الحديد ما أطاف


1- في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم: «من الشهر» أي جمادى الثانية.

ص: 116

بالحجر الذي كان عليه من الفضّة والجير، والخارج يتلقّاه ولد مولانا الشريف السيد محمد بن عبد اللّه في محرمة بيده، فبينا هم كذلك كأنّ من يده المعول قرص بلا تأنّ(1)، فإذا الحجر الأسود متشظّ نحو أربع شظايا من وجهه وتفارقت منه وكادت أن تسقط(2)، فعند ذلك احضروا مولانا السيد علي بن بركات، فلمّا رأى ما أهاله من الأمر الشديد الذي أهال ذوي الايمان وأزعج أهل الإيقان، قال: يا أمّة الاسلام إن اخرج الحجر تفرّقت أجزاؤه، ولا واللّه لا تقدرون على ضمّها وجمعها، ويترتب على ذلك ضرر عام [فدعوه في محلّه](3) وأصحلوا هذا الذي انزعج منه. فقال المعلّم ابن شمس الدين: الحجر الذي عليه الحجر الأسود خارج، وفي بقائه خلل؛ لأنّه ركن وعليه عتبة الباب. فقال السيد علي المعلّم:

يقدر يعتق(4) أكبر من هذا الجرم، يمكن عتق الحجر الذي عليه الأسود، وما زال بهم جزاه اللّه خيراً حتى أمر ناظر العمارة والمعمار باتباع قوله، وابن شمس الدين مصرّ على رفع الحجر من مكانه، ثم وافق على ذلك قهراً، ثم شرعوا في اصلاح ما تكسّر منه وإلصاقه... إلى آخر ما ذكره الشيخ محمد بن علان في رسالته المتعلّقة بالحجر الأسود.

وملخّص ذلك: أنّهم أصلحوا ما خرج منه بعد تعب كثير، وكان تمام عمله ليلة


1- كذا، والعبارة غير واضحة.
2- العبارة غير واضحة في المخطوطة، وفي ملحق اخبار مكة 1: 362 مانصه: «... وقصدابن شمس الدين رفعه من محلّه ورفع الحجر تحته، اخذ عبدالرحمن بن زين البنّاء وصار يقلع به ما على ظهر الحجر الاسود من فضة وجير، فقوّس به في وسط الحجر والتكي، فإذا يقطع وجه الحجر الأسود انقشر ماكان تحتها وتفارق ماكان بينها وكادت تسقط».
3- من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.
4- كذا، والعبارة غير واضحة.

ص: 117

الجمعة بعد مضي نصفها، وأحضروا السيد علي والسيد محمد بن عبد اللّه وشيخ الحرم المكي، وبعد تمام العمل رفعوا الخشب المانع من تقبيل الحجر وأسفر الحجر عن محيّاه.

وفي تاسع شوال: تخلخلت أحجار اخر، وتحركت الفضّة التي فيه، فجاؤوا بالمعلّم محمود الدهان(1) الساكن برباط ربيع، فنظر بعد رفع الفضّة، فإذا الحجر التصقت(2) أجزاؤه، وتحتها خلاء بحيث من أراد قلع بعضه تمكّن من ذلك، فصنع مركباً ملأ به ما اتصل به من الخلل بين الحجارة، وعمل ذلك بعد صلاة الظهر إلى بعد الصلاة منه في يومين.

وفي أوّل ذي الحجّة عند الظهر، دهن الحجر بدهان وطلاه بالسندروس، فصلح متخلله.

وفي يوم العشرين من ربيع الثاني عام أربعين وألف: عمل فيه عملًا يسيراً وأصلح ما يحتاج فيه إلى الاصلاح، كل ذلك بعمل محمود الدهان(3).

رجع إلى بقيّة ذكر عمارة البيت:

قال ابن علان المذكور: «وفي ضحى يوم الأحد ثالث عشر جمادى الاخرى:

وهى(4) أساس الجدار الشامي وبعض أساس الجدار الغربي، وحضر وهن(5)


1- كذا، وفي ملحق اخبار مكّة 1: 369: «محمود الهندي».
2- في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم: «تكسرت».
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 97- 103.
4- في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم: «رمي».
5- في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم: «رمي».

ص: 118

الاساس صاحب مكّة مولانا الشريف عبداللّه والأفندي المذكور وغيرهم من الأعيان، وباشر مولانا الشريف شيئاً من العمل وتبعه الأعيان في ذلك.

وفي هذا اليوم وضعوا عتبة الباب، ثمّ شرعوا في البناء، ووقع اجتماع في الحطيم بعد هذه المباشرة، فألبس مولانا الشريف خلعة وكذا المعلّمون وبعض أعيان مكّة، وهيّئت القراءة في المقامات الأربعة، فذبح ثور وكبشين على باب السلام، وكذا على باب الصفا، وكذا على باب ابراهيم.

وفي يوم الاحد غرّة رجب [وضع الحجر اليماني في ركنه بعد أن ضمّخ بالعنبر والمسك وبخّر بالعود. وفي يوم السبت السابع من رجب](1) حضر مولانا الشريف وبعض ابناء عمّه وجملة من الأعيان وأرباب العمارة وأرادوا قلع الحجر الأسود؛ لتمكينه في محلّه على وجه الكمال، فما أمكن، وغاية ما قدروا عليه رفع الحجر الذي فوقه.

وأخبرني مولانا الشيخ عبدالعزيز [الزمزمي](2)- وكان حضر هذا المجلس معهم- أنّه رأى باطن الحجر، وأنّ لونه أشهب وانّه مربّع كتربيعة مفتاح الدار(3).

وفي ثاني عشر رجب: حضر مولانا الشريف وجماعة من الأعيان والأشراف وتعاطى الجميع رفع باب الكعبة.

وفي خامس عشر من رجب: ازيل الخشب الساتر لوجه البيت فظهرت جهة


1- من المصدر.
2- من المصدر.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 104- 106.

ص: 119

الباب.

وفي غرّة شعبان-/ وكان يوم الاربعاء-/: رفعت جميع الساتر.

وفي ثاني شعبان يوم الخميس: ركّبوا الميزاب في سطح الكعبة، وحضر تركيبه جماعة من الأكابر.

وبعد النصف من شعبان: شرعوا في تركيب السقف الأوّل، ثم شرعوا في تركيب السقف الثاني، فتمّ يوم السبت سادس(1) عشر(2) من شعبان.

وفي ضحى يوم الجمعة غرّة رمضان: البست الكعبة المشرّفة ثوبها(3)، وكان ذلك بعد شروق الشمس.

وفي هذا اليوم البس الشريف خلعة مبطّنة، وكذا المهندسون ومن له عادة.

وفي يوم الاثنين رابع رمضان: اتمّوا ترخيم سطح الكعبة.

وفي هذا اليوم وصلت الخلع الباشويّة لمولانا الشريف عبداللّه وقرئت المراسيم بالحطيم، والبس الشريف القفطان الوارد، وكذلك البس الامير رضوان بيك.

وفي يوم الثلاثاء ثاني عشر رمضان: شرعوا في هدم ظاهر الحجر-/ بالكسر-/ ثمّ شرعوا في ترميم الحرم، وانتهى العمل في عشر من ذي القعدة، وفرشت الحصباء وحصل السرور لجميع أهل الاسلام بذلك»، انتهى ملخّصاً من رسالة الامام علي بن عبد القادر الطبري، ذيّل بها كتاباً له سمّاه «الأقوال المعلّمة في وقوع الكعبة المعظمّة»، ولم أقف عليه إلى الآن.

قال المذكور: «وقد جعلت لهذه العمارة عدّة تواريخ منها: قوله في قصيدة مطلعها هذا:


1- في هامش المخطوطة: «خامس- ظ».
2- في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم: «سادس عشرين شعبان».
3- انظر ملحق اخبار مكة 1: 366.

ص: 120

عاد بيت الإله بعد انهدامه وغدا فائقاً بحسن نظامه

وأتتنا بشرى بالهنا والتهاني إذ أتانا بشيرنا بتمامه

فحمدنا الاله والحمد منّالم يزل دائما على اتمامه

وشكرناه إذ رأيناه قد ق- ام وفزنا بلثمه واستلامه

وبذلنا الدعا لخير مليك كان هذا البناء في أيّامه

إلى أن قال:

فلهذا طير المسرة أمسى منشداً عند بدئه وختامه

جاد لما أتمّه بمرادشيد بيت اللّه تاريخ عامه

وقال مولانا القاضي تاج الدين بن أحمد المالكي مؤرخاً لذلك في جملة أبيات:

مرادٌ بنى بيت الاله وزاده سناء بها يزهى به زيد مجده

وقبل هذا البيت:

فدونك تاريخاً لعام بنائه وفيّاً بضبط العام حين تعدّه

وله أيضاً:

تاريخه أسّس بنيانه على هدى تقوىً من اللّه

وأرّخه غيره بقوله:

رفع اللّه قواعد البيت إلّاأنّ رفع القواعد لفظ قاعد(1)

قال السنجاري: «وهذا البناء هو الباقي إلى عصرنا هذا، وهومن أجلّ مفاخر بني عثمان»(2)، ثم قال العلّامة الشيخ محمد بن علان الصديقي: ومن خطه


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 107- 114.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 114.

ص: 121

نقلت مانصّه: «قلت لمولانا الشريف- يعني صاحب مكّة-: لو أمرتم بذرع جوانب البيت وكتبه بحضور الجماعة لئلّا يزاد في القبلة أو ينقص؛ فإنّه يترتب عليه الخطر الكبير، فإنّه لا يجوز تغيير القبلة ولا الزيادة فيها، ولا يجوز تغيير الكعبة عن البنيّة التي عليها بعد عمل الحجاج(1). فقال المعلّم علي بن شمس الدين المهندس: نحن إذا بنينا لا ينهدم إلى الأساس، بل إلى المدماك الذي على وجه الأرض، وهو باقٍ، وعليه يكون العمل، نعم يخشى سقوط القائم من الجدر الباقية فينطمس أثر سمكها، ولا يعلم سمك مابين أرضها وعتبة بابها، فجي ء برمحين وجمعا بمسمار، ووضع أسفل الأسفل منهما بأرض المطاف، وعلا على سقف الكعبة المعلّم محمد بن زين الدين واخوه، ووقف في أرض المطاف المعلّم علي بن شمس الدين والفقير وجمع من الأعيان، منهم العلّامة الشيخ عبد العزيز الزمزمي والقاضي أحمد بن عيسى المرشدي والقاضي تاج الدين المالكي، وحضر لكتابة ذلك الذرع الشيخ أبوبكر الخاتوني، فذرع ذلك فكان من جهة كل من المستجار والملتزم سبعة عشر ذراعاً بذراع العمل، وسبعة عشر قيراطاً، منها أربعة قراريط للسارح من الشاذروان، وذرع مابين العتبة وأرض المطاف فكان ذراعين بذراع العمل وسبعة عشر قيراطاً، منها أربعة قراريط للدوسة التي بأصل الباب بحذاء الشاذروان»(2).

وذكر لي بعض المهندسين لما ذرعوا داخل الكعبة: إن عرض الكعبة من داخلها من الجدار الشرقي إلى الجدار الغربي أحد عشر ذراع عمل ونصف، وإن


1- ولم يبيّن الخصوصية التي حواها بناء الحجّاج حتى عدّ محوراً لهذا الحكم دون غيره.
2- ذكر الأزرقي ذرع البيت من خارجها وداخلها في اخبار مكة 1: 289- 293.

ص: 122

عرض الجدار ذراع وربع من سائر جهاتها، وعرضها من الجدار اليماني إلى مقابله أربع فجوات كلّ فجوة ثلاثة أذرع عمل، وجملة طول البيت من داخل خمسة عشر ذراع عمل وربع، انتهى كلامه(1).

وقد ذكر الامام علي بن الامام عبدالقادر الطبري في تأريخه: «انّ ذرعها اليوم- يعني بعد العمارة- موافق لما ذكره الفاسي»(2).

قال في شفاء الغرام: «ذرعها من داخل بذراع الحديد، فطول جدارها الشرقي من السقف إلى الأرض سبعة عشر ذراعاً- بتقديم السين- ونصف ذراع إلّا قيراطاً، وعرضها من الركن الذي فيه الحجر الأسود إلى جدار الدرجة التي فيها بابها خمسة عشر ذراعاً، وثمن ذراع، وذرع بقيّة الجدار يعرف تقريباً من جدار(3) الدرجة الغربي، لكونه في محاذاة بقيّة هذا الجدار، وذرع جدار الدرجة الغربي المشار إليه ثلاثة أذرع وقيراط، فيكون ذرع الجدار الشرقي على التقريب ثمانية عشر ذراعاً وسدس ذراع، وطول الجدار الشامي من سقفها الأسفل إلى أرضها سبعة عشر ذراعاً- بتقديم السين أيضاً- وعرض هذا الجدار من جدار الدرجة الغربي إلى ركن الكعبة الغربي أحد عشر ذراعاً وقيراط، وذرع بقيّة هذا الجدار يعرف تقريباً من جدار الدرجة اليماني؛ لكونه في محاذاة بقيّة هذا الجدار، وذرع جدار الدرجة المشار إليها ثلاثة أذرع الّا ثمناً، فيكون ذرع الجدار الشامي على التقريب أربعة عشر ذراعاً الّا قيراطين، وطول جدارها الغربي من سقفها الأسفل إلى أرضها سبعة عشر ذراعاً- بتقديم السين أيضاً- وربع ذراع وثمن ذراع، وعرض هذا الجدار من الركن الغربي إلى الركن اليماني [ثمانية عشر ذراعاً


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 114- 117.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 118.
3- في المخطوطة «الجدر» هنا وفي الموارد المشابهة، وصححناه على المصادر.

ص: 123

وثلث ذراع، وطول جدار الكعبة اليماني من سقفها الأسفل إلى أرضها سبعة عشر ذراعاً- بتقديم السين- ونصف ذراع وقيراطان، وعرض هذا الجدار من الركن اليماني](1) إلى الركن الذي فيه الحجر أربعة عشر ذراعاً وثلثا ذراع، ومن وسط جدارها الشرقي إلى الغربي أربعة عشر ذراعاً ونصف ذراع وثمن ذراع، وما بين الجدار الشرقي وكرسي الاسطوانة الاولى التي [على اليمن و](2) باب الكعبة سبعة أذرع وثمن- بتقديم السين- وكذلك بينه وبين [كرسي](3) الاسطوانة الوسطى، وكذلك ما بينه وبين [كرسي] الاسطوانة التي تلي الحجر سبعة أذرع- بتقديم السين- وقيراط، وبين كل من كراسي هذه الاساطين وما يقابله من الجدار الغربي سبعة أذرع- بتقديم السين- الّا أنّه ينقص في ذرع ما بين كرسي الاسطوانة [الوسطى وما يحاذيها من الجدار الغربي المذكور قيراطين، وبين كرسي الاسطوانة الاولى] التي تلي باب الكعبة وبين الجدار اليماني أربعة أذرع وثلث(4)، ومابين [كرسيها وكرسي الاسطوانة الوسطى اربعة اذرع وربع وثمن، و مابين كرسي الوسطى وكرسي الاسطوانة الثالثة التي تلي الحجر- بسكون الجيم- أربعة أذرع ونصف، ومابين كرسي هذه الاسطوانة الثالثة والجدار الشمالي الذي يليها ذراعان وربع، وذرع تدوير الاسطوانة الاولى التي تلي الباب ذراعان وربع وثمن، وذرع تدوير الوسطى ذراعان ونصف ذراع وربع ذراع، وذرع تدوير الاسطوانة التي تلي الحجر ذراعان ونصف وقيراطان، وهي مثمّنة، وطول فتحة الباب من داخله مع


1- من شفاء الغرام 1: 110، ومحله بياض فى المخطوطة.
2- الزيادة من المصدر، وكذا في الموارد التالية.
3- من المصدر، وفي المخطوطة: «بينه».
4- الى هنا نقله السنجاري في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 118- 121.

ص: 124

الفياريز ستة أذرع، وطوله من خارجه بغير الفياريز ستة أذرع الّا ربعاً، وذرع فتحة الباب من داخل الكعبة مع الفياريز ثلاثة أذرع وثلث الّا قيراطاً، وطول كل من فردتي الباب ستة أذرع الّا ثمناً، وعرض كلّ منهما ذراعان الّا ثلثاً، وذرع عرض القبة ذراع الّا ربعاً، وسعة فتحة باب الدرجة التي يصعد منها إلى أعلى الكعبة من أسفله ذراع وقيراطان ومن أعلاه ذراع وثمن، وارتفاع الباب عن الأرض ذراعان ونصف ذراع وسدس ذراع وثمن ذراع](1).

قال الامام علي [بن عبد القادر الطبري](2): «وأرض الكعبة وجدرانها من رخام ملوّن وفيها أربعة دعائم، والدرجة الصاعدة إلى السطح في بطن الجدار الشامي عليها باب صغير، وعلى يسار الداخل كرسي من خشب يجلس عليه فاتح الباب، وعلى جدرانها من داخل كسوة حرير احمر، ولها سقفان»، انتهى كلامه. هذا ما اردنا نقله هنا من تاريخ السنجاري(3).


1- مابين المعقوفين من المصدر، ومحله بياض في المخطوطة.
2- من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 121.

ص: 125

الحجر الاسود

ص: 126

ص: 127

الحجر الأسود

ابن ظهيرة في الجامع اللطيف قال: «قال عزّ الدين بن جماعة: وقد رأيته- اي الحجر- أوّل حجّاتي سنة ثمان وسبعمئة، وبه نقطة بيضاء ظاهرة لكل أحد، ثمّ رأيت البياض بعد ذلك قد نقص نقصاً بيّناً»(1)، انتهى.

قال ابن ظهيرة في جامعه أيضاً: «فلمّا انتهى الخليل عليه السلام في البناء إلى موضع الحجر- بالفتح- طلب من اسماعيل حجراً يضعه ليكون علماً على بدأة الطواف، فجاء جبرئيل بالحجر الأسود، قيل: نزل به من الجنّة، وقيل: جاء به من أبي قبيس؛ لأنّ اللّه تعالى استودع الحجر أبا قبيس لمّا غرقت الأرض. وفي رواية أنّ الحجر بنفسه نادى الخليل من أبي قبيس: ها أنا ذا، فرقى إليه فأخذه فوضعه في موضعه»(2)، انتهى.

وقال العلّامة ابن الخليل في منسكه الكبير: «ولقد أدركت في الحجر الأسود ثلاثة مواضع بيض نقيّة في الناحية التي تلي باب الكعبة المعظّمة، أحدها بها وهي


1- الجامع اللطيف: 34.
2- الجامع اللطيف: 79.

ص: 128

أكبرهنّ قدر حبّة الذرّة الكبيرة، والاخرى إلى جنبها وهي أصغر منها، والثالثة إلى جنب الثانية وهي اصغر من الثانية تأتي قدر حبة الدخن، ثمّ إنّي اتلمّح تلك النقط فإذا هي في كلّ وقت في نقص»(1). انتهى بنصّه.

قال: «وروى الشيخان عن عمر بن الخطاب أنّه قبّل الحجر ثمّ قال: واللّه لقد علمت أنّك حجر لا تضرّ ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقبّلك ما قبّلتك، وقرأ: «لقد كان لكم في رسول اللّه اسوة حسنة»(2)».

وروي أنّه لمّا قال ذلك، قال له ابيّ بن كعب: «أنّه يضرّ وينفع؛ انّه يأتي يوم القيامة وله لسان ذلق يشهد لمن قبّله واستلمه»[(3)، فهذه منقبة. وفي رواية أيضاً:

أنّ علي بن أبي طالب كرّم اللّه وجهه قال لعمر: «بل أنّه يضرّ وينفع، وأنّ اللّه لمّا أخذ المواثيق على ولد آدم كتب ذلك في رقّ فألقمه الحجر، وقد سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول: يؤتى بالحجر الأسود يوم القيامة وله لسان يشهد لمن قبّله بالتوحيد، فقال عمر: لا خير في عيش قوم لست فيهم يا أبا الحسن». وفي رواية: «لا أحياني اللّه لمعضلة لايكون فيها ابن أبي طالب حيّاً». وفي اخرى للأزرقي: «أعوذ باللّه أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن»(4).

ثمّ قال: «قال الجدّ: فإن قلت: هل كان الحجر يسمّى بالأسود قبل اسوداده


1- نقله ابن ظهيرة في الجامع اللطيف: 34، وانظر شفاء الغرام 1: 169.
2- الجامع اللطيف: 35، والاية من سورة الاحزاب: 21، والحديث أخرجه الكحلاني في سبل السلام 2: 205.
3- نقله ابن ظهيرة في الجامع اللطيف 35.
4- الجامع اللطيف: 37.

ص: 129

حال كونه أشدّ بياضاً من اللبن، أو لا؛ وانّما تجدّد له هذا الاسم بعد اسوداده؟

قلت: لم أر في ذلك شيئاً لأحد، ويحتمل أنّه كان يسمّى بذلك لما فيه من السؤدد، فيكون المراد بقولهم: أسود، أي ذو سؤدد، ويحتمل أنّه لم يسمّ بذلك الّا بعد اسوداده، واللّه أعلم»(1)، انتهى.

قال: «ومن خواص الحجر انّه إذا جعل في الماء لايغرق، بل يطفو ويرتفع، وإذا جعل في النار لايحمى ولاتعمل فيه النار، بل يبقى بارداً على حاله، كذا نقله الطرسوسي. و من آيات الحجر: أنّه ازيل عن مكانه غير مرّة ثمّ أعاده اللّه اليه، ووقع ذلك من جرهم وإياد والعمالقة وخزاعة والقرامطة، وآخر من أزاله منهم أبو طاهر سليمان بن الحسن القرمطي، وذلك انّه في موسم سنة سبع عشر وثلاثمئة، حصل منه في يوم التروية أذىً عامّ، وذلك أنّه نهب الحاج، وسفك الدماء حتى سال بها الوادي، ثمّ رمى ببعض القتلى في بئر زمزم حتى امتلأت، واصعد رجلًا أعلا البيت ليقلع الميزاب فتردّى على رأسه ومات، ثمّ انصرف ومعه الحجر الأسود فعلّقه على الاسطوانة السابعة من جامع الكوفة؛ لاعتقاده الفاسد أنّ الحج ينتقل إليها، فاستمرّ عنده إلى أن اشتراه منه المطيع للّه أبوالقاسم، وقيل:

أبوالعباس الفضل بن المقتدر بثلاثين ألف دينار، ثمّ اعيد إلى مكانه سنة تسع وثلاثين وثلاثمئة، وكان مدّة مكثه عندهم اثنين وعشرين سنة الّا شهراً. ولمّا ذهب به هلك تحته أربعون جملًا، ولما اعيد حمل على قعود أعجف فسمن تحته»(2)، انتهى.


1- الجامع اللطيف: 37.
2- الجامع اللطيف: 37-/ 38.

ص: 130

وقال السنجاري في ذكر صفة الحجر الأسود: «قال الفاسي عن المسبحي عن محمد بن نافع الخزاعي: انّه تأمّل الحجر الأسود باثر ردّ القرامطة فرأى أن السواد في رأسه دون سائره وسائره أبيض، قال: وكان مقدار طوله فيما حزرته مقدار عظم الذراع أو كالذراع المقبوضة الأصابع، والسواد في وجهه غير ماض في جميعه»(1).

وقيل في طوله أكثر من هذا، ذكر صاحب العقد أنّ طوله ثلاثة أذرع، واللّه أعلم، وارتفاعه من أرض المطاف ذراعان وربع وسدس بذراع الحديد(2)، قاله ابن جماعة.

وقال ابن الضياء: «طوله ذراعان، قد أخذ عرض جدار الكعبة، وأنّ مؤخّره مضرّس على ثلاثة أرؤس»(3).

قال السنجاري: «ومن خواصه أنّه إذا جعل في النار لايحمى، ومن حفظ اللّه له انّه ازيل من مكانه مرات ثمّ اعيد، وها هو محفوظ إلى الآن، وللّه الحمد»(4).

انتهى.

قال الشيخ علي السنجاري في تأريخه: «رأيت في كتاب الفوائح المسكيّة والفواتح المكية»؛ للشيخ عبدالرحمن البسطامي: أنّ سنبر بن الحسن القرمطي لما


1- نقله عن المسبحي عن ابن الضياء في تاريخ مكّة المشرفة: 178-/ 179. وانظر شفاء الغرام 1: 194.
2- شفاء الغرام: 195.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 300- 302.
4- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 302.

ص: 131

أتى بالحجر الأسود [كان القرمطي](1) دسَّ معه حجراً آخر قريب من لون الحجر الأسود، وقال له: ادفع لهم هذا أوّلًا ليعلم هل جهلوه لبُعد المدّة أم لا؟ فأظهره سنبر أوّلًا على أنّه الحجر الأسود، فأمر الخليفة عبداللّه بن عكيم باستلامه، وكان من العلماء المحققين، فقال: لنا في حجرنا علامة، وهو انّه لا يحمى في النار ولايرسب في الماء، فأمر بإحماء الحجر فحمى ووضعه في الماء فرسب، فقال ابن عكيم: ليس هذا بحجرنا. فقال سنبر: صدقت، وأمر بالحجر الأسود فجي ء به فالقي في النار، فلم يحم والقي في الماء فطفى، فقال ابن عكيم: هذا حجرنا. فقال له:

صدقت، فممّ أخذت هذا؟ فأورد الحديث: أنّ الحجر الأسود يمين اللّه في أرضه.

وفي روايته زيادة: «وأنه يطفو على الماء ولا يسخن بالنار»، فقال سنبر: هذا دين مضبوط بالنقل»(2)، انتهى.

وقال قبل ذلك: «وفي زمنه- أي في زمن المقتدر باللّه العباسي- دخل أبو طاهر القرمطي- واسمه سليمان بن الحسن مكّة- وكان ظهور أبيه الحسن بن بهرام القرمطي بالبحرين سنة مائتين وثمانية وخمسين، واستفحل أمره وقويت شوكته وحارب الخلفاء [ثمة](3) ودخل البصرة على المعتضد في امور طويلة، فخلفه ابنه ابو طاهر هذا، وقيل: ان أصلهم من ابناء ملوك فارس، وكان دخوله مكة يوم الاثنين لسبع خلون من ذي الحجة سنة 317 (ثلاثمائة وسبعة عشر) في سبعمائة رجل، فخرج إليهم والي مكّة في جماعة من الأشراف، فقتلهم القرامطة جميعاً، ودخلوا المسجد بخيولهم وسلاحهم، ووضعوا السيف في الطائفين والمصلّين


1- من المصدر.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 193- 194.
3- من المصدر.

ص: 132

والمحرمين إلى أن قتلوا في المسجد وشعائب مكة زهاء ثلاثين ألف انسان.

قال ابن الأثير: «قتلوا ألفاً وسبعمئة من رجل وامرأة وهم متعلّقون بالكعبة، وركض ابوطاهر بفرسه في المسجد وسيفه مشهور بيده، واقتلع باب الكعبة والحجر الأسود، وصاح بالناس: يا حمير، أنتم تقولون: «ومن دخله كان آمناً»(1) فأين الأمن؟ فقال رجل بذل نفسه للّه وأخذ بعنان فرسه وقال: ليس كما فهمت، وإنّما المراد ومن دخله فآمنوه، فلم يلتفت إليه، وسلّمه اللّه بصدق نيّته(2).

ثمّ أمر القرمطي بإلقاء الموتى في زمزم وما في مكّة من آبار، وأراد قلع الميزاب فأطلع قرمطياً ليقلعه فجاءه سهم غرب من أبي قبيس [فصكه](3) فسقط إلى الأرض، فأصعد آخر فزلقت رجله وسقط إلى الأرض، فأمر آخر بالصعود فامتنع أصحابه، فتركه رغماً، وأراد المقام فما وجده. وكان بعض السدنة اخفاه فتألّم لفقده. ثمّ إنّه نهب الأموال وسبى النساء والذراري وأخذ ما في خزانة الكعبة، وقسّم كسوتها على أصحابه، وهدم قبّة زمزم، و أقام بمكّة أحد عشر يوماً، وقيل: ستّة أيّام، ثم انصرف إلى هجر وأخذ الحجر الأسود معه، فمات تحته أربعون هجيناً، وقيل: مئة، وقيل أزيد، وعلّقه بمسجده بهجر، وقيل: بمسجد الكوفة يستجلب الناس به ليحجوا ذلك المسجد عوضاً عن الكعبة، فأبى اللّه تعالى، وبقي موضع الحجر خالياً يلتمسه الناس»(4).


1- آل عمران: 97.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 187- 189.
3- من المصدر.
4- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 190- 191. ونقل معناه الفاسي في شفاء الغرام 1: 193، وانظر الاعلام: 195- 197.

ص: 133

قال ابن الأثير: «ورمى اللّه القرمطي بمرض في جسده حتى تقطّعت أوصاله إرباً إرباً، وبذل لهم المقتدر في الحجر مالًا جزيلًا فأبوا أن يردّوه، ولمّا أيسوا من حج الناس إليه ارسلوه مع سنبر بن الحسن القرمطي فدخل به مكّة يوم النحر نهار الثلاثاء عاشر ذي الحجّة الحرام سنة 339 (ثلاثمئة وتسعة وثلاثين)، فحضر أمير مكّة يومئذٍ- وهو أبو جعفر محمد بن الحسن عبد العزيز العباسي- من قبل الاخشيدية، فأخرج سنبر الحجر من سفط كان معه وعليه ضباب فضة لشظايا وقعت فيه، فوضعه بيده في محله، وقال: أخذناه بأمر اللّه ورددناه بقدرة اللّه»(1).

وقيل: «انّ الذي وضعه في محلّه حسن بن مزوق البنّاء، وكانت مدّة غيبته اثنان وعشرون [سنة](2) الّا شهراً»[(3)، وقال الفاسي: «إلّاأربعة أيام»(4).

وذكر القونوي في شرح التعريف: «أنّ القرامطة منعت الناس الحج ستّة عشر سنة»، يعني من جهتهم(5).

ثمّ انّ السدنة أخرجت الحجر بعد ذهاب القرمطي وأحكموا فضّته وأعادوه في محلّه، قال المسبحي: «وذلك سنة 340، ولما قلعوه جعلوه في جوف الكعبة خوفاً عليه، فعملوا له طوقاً من فضّة كما كان زمن ابن الزبير وأحكموه وأعادوه، ونقل عن محمد بن نافع أن مبلغ الفضّة التي كانت على الحجر من الطوق وغيره

(6)


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 191- 192. وانظر شفاء الغرام 1: 193.
2- من المصدر.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 192- 193. الاعلام: 199.
4- شفاء الغرام 1: 193.
5- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 193.
6- السيد محمد مهدي بحر العلوم، تحفة الكرام في تاريخ مكة وبيت الله الحرام، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1425 ه. ق..

ص: 134

ثلاثة آلاف وتسعة وتسعون درهماً»(1).

والظاهر انّها هي التي اقتلعها منه داود بن عيسى أمير مكّة، كما سيأتي بيانه(2).

وقال الفاسي: «لم اتحقّق أنّ الحجر قلع بعد وضع القرامطة إلى يومنا، غير أن بعض الفقهاء المصريين [أخبرني](3) أنّه قلع من موضعه سنة 781 (سبعمئة وإحدى وثمانين) لتحليته في هذا السنة بحليةٍ بعث بها سيدون باشا، ورأيت غير واحد من المكّيين ينكر هذا، وهو يثبته ويقول: انّه شاهده مقلوعاً، وسمعه منه قبلي غير واحد وسألته وحققته منه، وكان إخباره لنا موسم سنة 814 (ثمانمئة وأربعة عشر) وهو الفقيه نورالدين علي الميرقي»(4)، واللّه أعلم.

قال العلّامة ابن حجر المكي عن الخزاعي قال: «تأمّلت الحجر وهو مقلوع، فإذا السواد في رأسه وبقيّته أبيض، وطوله قدر عظم الذراع»(5)، انتهى.

قال ابن الضياء في البحر: «إن قلع القرامطة للحجر قلع خامس، وأنّه وقع من جرهم واياد والعماليق وخزاعة والقرمطي»، كذا نقله عن ابن جماعة. ثمّ قال: «ولم أر من ذكره عن العماليق»(6).


1- مضمونه في تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام: 127.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 194- 195.
3- من المصدر.
4- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 195- 196. شفاء الغرام 1: 194.
5- نقله ابن الضياء في تاريخ مكّة المشرفة: 178-/ 179.
6- لم نقف عليه، ونقل معناه في هامش اخبار مكة 1: 346، وفيه ذكر العمالقة ايضاً، وانظر اخبار الحجر في شفاء الغرام 1: 191-/ 195 أيضاً.

ص: 135

وذكر العلّامة ابن علان: «أنّ في سنة 363 (ثلاثمئة وثلاثة وستين) دخل الحرم وقت القيلولة رجل عليه طمران، مشتمل على رأسه [ببرد](1)، يسير رويداً وقد خفّ الطواف ولم يبق فيه الّا رجل أو رجلان، فإذا معه معول من حديد، فضرب الحجر الأسود ضربة شديدة، ثم رفع يديه ثانياً يريد ضربه، فابتدره رجل أهل اليمن فطعنه بخنجر معه حتى ألقاه، وأقبل الناس من نواحي المسجد، فإذا هو رجل رومي جاء من الروم وجعل له مال على ذهاب الركن، فأخرج من المسجد وأحرق بالنار، قال: وهذه غير الواقعة التي في تحفة الكرام(2).

وفي سنة 414 (أربعمئة وأربعة عشر) قال الفاسي: «كانت فتنة بمكّة نهبت الحجاج لأجلها. كما قال ابن الأثير: «لمّا كان يوم النفر الأوّل- وكان يوم الجمعة- دخل المسجد رجل من أهل مصر أحمر أشقر، بيده سيف مسلول ودبوس من حديد، فتقدّم بعد ما فرغ الامام من صلاة الجمعة وقصد الحجر الأسود، فضربه بالدبوس ثلاث مرّات، وقال: إلى متى يعبد هذا الحجر ومحمّد وعلي، فليمنعني مانع من هذا، فانّي اريد هدم هذا البيت، فخافه أكثر الحاضرين، وكاد أن يفلت، فثار إليه رجل فضربه بخنجر فقتله، وقطّعه الناس وأحرقوه، وقتل من اتّهم بمصاحبته أكثر من عشرين انساناً [وألحّ الناس ذلك اليوم في](3) المغاربة


1- من المصدر.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 204- 205. وورد ذكره في هامش اخبار مكة 1: 346.
3- العبارة في المخطوطة غير واضحة. ومابين المعقوفتين من الكامل لابن الاثير 9: 333.

ص: 136

والمصريين بالنهب والسلب إلى الليل، فلما كان غدوة يوم السبت هاج الناس واضطربوا وأخذوا أربعة أنفس من أصحاب ذلك الرجل، فقالوا: نحن مئة رجل، فضرب اعناق الأربعة»(1).

وقال الذهبي: «انّ ذلك كان سنة 413 (أربعمئة وثلاثة عشر)، وفي خبره زيادة: أنّه كان على باب المسجد عشرة أنفس على جوانبه حماية لذلك الرجل الداخل لضرب الحجر»(2).

ونقل عن هلال بن محسن: «أنّ الضارب ممن استقربهم الحاكم العبيدي وأفسد أديانهم»(3).

وذكر الجلال السيوطي هذه القصّة في كتاب المحاضرة وفيها: «أنّ الفوارس العشرة دخلوا المسجد فقاتلهم الناس، وأنّه حصل في الحجر تشطّر أعاده السدنة، وآثار ذلك باقية»(4)، انتهى.

قال السنجاري: «قال الفاسي: وفي سنة خمسمئة وخمسة وثمانين أخذ داود بن عيسى بن فليتة طوق الحجر الأسود، وكان من فضّة وزنه ثلاثة آلاف وسبعة وتسعون درهماً على ما قيل»(5)، انتهى.


1- الكامل في التاريخ 9: 333.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 214- 215، ونقل معناه ابن الضياء في تاريخ مكّة المشرفة: 178 مع اختلاف.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 216.
4- نقل ذلك عنه في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 216.
5- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 265. وانظر شفاء الغرام 1: 194.

ص: 137

الركن اليماني

ص: 138

ص: 139

الركن اليماني

قال السنجاري: روى السهيلي(1) عن الترمذي مرفوعاً: «إنّ الركن الأسود والركن اليماني ياقوتتان من الجنّة، ولولا ماطُمس من نورهما لاضاءتا مابين المشرق والمغرب». وفي رواية غيره: «ولا برأ من استلمهما من الخرس والبرص والجذام. انتهى كلام السهيلي.

قلت: ويُنظر في معنى الركن اليماني، هل هو هذا الحجر الذي في الركن الآن، أو حجر غيره، ولم أر من تعرّض لذكره بأكثر من الفضيلة، وما ورد في الركن من ذلك، ثم رأيت في الشفا للفاسي ما معناه: «أنّ هذه اللفظة- وهي الركن اليماني- رواها السهيلي عن الترمذي قال: و هذا غير معروف، وانّما المعروف في الحديث:

الحجر الأسود والمقام، ولعلّ الركن من السهيلي سبق قلم(2)، انتهى كلام الفاسي في الشفاء. و به يحصل الشفاء، واللّه الموفّق، انتهى(3).

قال: وفي سنة 433 (اربعمائة وثلاث وثلاثين) انكسر من الركن اليماني قدر إصبع وغفل الناس عن سدّها، وصارت القطعة عند قوم من أهل مكّة من الحسنيّين، فحصل بمكّة وباء عظيم، وموت لايقيم المريض أكثر من ثلاث


1- كذا في شفاء الغرام، وفي المخطوطة: «البلوي» بدل «السهيلي».
2- شفاء الغرام 1: 168.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 311- 312.

ص: 140

ويموت، ومات من أهل الدار التي فيها القطعة من الركن نحو من اثني عشر رجلًا، فرأى بعض الصالحين من المجاورين في المنام من يقول: ردّوا ما فُقد من البيت [فانه](1) يرفع عنكم الوباء، فأخبر بذلك، وردّت القطعة فارتفع الوباء. ذكره شيخ مشايخنا الشيخ محمد بن علان الصديقي المكّي في تاريخه(2).

قال: «وفي هذه السنة- يعني بها 515 (خمسمئة وخمسة عشر)- حصلت بمكّة زلزلة فتزعزع الركن اليماني فعُمّر وأصلح»(3).

وقال أيضاً: «قال المسعودي: وفي هذ السنة- يعني 559 (خمسمئة وتسعة وخمسين)- تضعضع الجانب اليماني في زلزلة وقعت وعمرت»(4)، انتهى.

قال السنجاري: «وفي سنة 592 (خمسمئة واثنين وتسعين) عند خروج الحاج وقعت بمكّة ريح سوداء وعمّت الدنيا، ووقع على الناس رمل أحمر، وسقطت احجار من الركن اليماني من الكعبة الشريفة»(5).

وذكر ابو شامة في ذيل الروضتين في سنة 592 (خمسمائة واثنين وتسعين):

«فيها وقع من الركن قطعة، وتحرّك البيت الشريف مراراً، وهذا شي ء لم يعهد»(6)، انتهى.


1- من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 223- 224. ونقل ذلك الفاسي في شفاء الغرام 1: 185.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 243، وذكره الفاسي في شفاء الغرام 1: 185.
4- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 255.
5- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 265. ونقل معناه الفاسي شفاء الغرام 1: 185.
6- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 265. ونقله الفاسي في شفاء الغرام 1: 185.

ص: 141

الحطيم والمستجار

والملتزم والمدعى

ص: 142

ص: 143

الحطيم والمستجار والملتزم والمدعى

قال ابن ظهيرة في جامعه: «أمّا الملتزم: فهو ما بين الحجر الأسود و باب الكعبة، كما ثبت عن ابن عباس(1).

وأمّا المستجار(2)، فهو ما بين الركن اليماني والباب المسدود في دبر الكعبة، والدعاء عنده مستجاب كما رواه ابن أبي الدنيا(3).

[الحطيم]

وأمّا الحطيم، فهو ما بين الحجر الأسود و مقام ابراهيم و زمزم وحجر اسماعيل، وسمي بذلك لأنّ الناس كانوا يحطمون هنالك بالأيمان، ويستجاب فيه الدعاء للمظلوم على الظالم، فقلّ من حلف هناك كاذباً الّا عجلت له العقوبة(4).

وقيل(5): «انّ الشاذروان هو الحطيم؛ لأنّ البيت رفع بناؤه وترك هو


1- الجامع اللطيف: 45.
2- كذا، وفي المصدر: «المستجاب» ولعله خطأ.
3- الجامع اللطيف: 46.
4- الجامع اللطيف: 46-/ 45.
5- قاله ابن ظهيرة في الجامع اللطيف.

ص: 144

بالأرض محطوماً، والحطيم عندنا- أي عند الحنفيّة- هو الحجر- بكسر الحاء وسكون الجيم- وهو الموضع الذي نصب فيه ميزاب البيت، وانّما سمي بالحطيم لأنّه حطم من البيت، أي كسر كذا في كتبنا(1).

[المتعوّذ والمدعى]

وأمّا المتعوّذ والمدعى: «فروي عن ابن عباس أنّ الملتزم والمتعوّذ والمدعى مابين الحجر الأسود والباب(2)، وعن عمر بن عبدالعزيز: أنّ الملتزم هو مابين الحجر(3) الأسود والباب، والمتعوّذ مابين الركن اليماني والباب المسدود، وكأنّه جعل الأوّل موضع رغبة والثاني موضع استعاذة»(4)، انتهى.

وقال ابن ظهيرة في موضع آخر: «وفي رواية عن الفاكهي أنّ الموضع الذي تِيبَ فيه على آدم عليه السلام دبر الكعبة عند الباب الذي فتحه ابن الزبير جانب الركن اليماني»(5)، انتهى.

قال السنجاري: أمّا الملتزم، فهو ما بين الحجر الأسود والباب، ويقال له:

المدعى والمتعوّذ(6).


1- الجامع اللطيف: 46.
2- في المصدر: «الركن» بدل «الباب».
3- في المطبوعة من المصدر: الركن.
4- الجامع اللطيف: 46.
5- الجامع اللطيف: 75.
6- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 307، ونقل معناه ابن ظهيرة فى الجامع اللطيف: 45.

ص: 145

[المستجار]

وأمّا المستجار: فهو ما بين الركن اليماني والباب المسدود في دبر الكعبة، ويقال للمستجار: المتعوذ، ويقال له: ملتزم عجائز قريش(1).

[الحطيم]

وأمّا الحطيم: فاختلف فيه وفي سبب تسميته بذلك، فقيل: هو ما بين الحجر الأسود ومقام ابراهيم وزمزم والحِجْر بالسكون(2)، وهذا مقتضى ماقاله ابن جريح.

وفي كتب الحنفية: «انّ الحطيم الموضع الذي فيه الميزاب»(3)، وقال ابن عبّاس: «الحطيم: الجدار. قال المحب الطبري: يعني جدار حجر الكعبة، قال:

وقيل: الحطيم هو الشاذروان، سمّي بذلك لأنّ البيت رفع وترك هو محطوماً، وقيل: سمي حطيماً لأنّ العرب كانت تطرح ما طافت فيه من الثياب فيبقى حتى يتحطّم من طول الزمان، وقيل: لأنّ الناس كانوا يحطمون هناك بالأيمان، فقال:

ما(4) دعا هنالك على ظالم الّا هلك، وقلّ من حلف آثماً الّا عجلت له العقوبة»(5).


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 307- 308، ونقل معناه ابن ظهيرة فى الجامع اللطيف: 47.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 308، وانظر شفاء الغرام 1: 197.
3- شفاء الغرام 1: 197.
4- كذا في هامش المخطوطة، وفي المتن: «من».
5- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 308- 309، ونقل كلّ ذلك الفاسي في شفاء الغرام 1: 197.

ص: 146

ومن فضائله ما رواه الفاكهي عن عائشة: «أنّ خير البقاع وأطهرها وأزكاها وأقربها من اللّه مابين الركن والمقام، روضة من رياض الجنّة، فمن صلّى فيه أربع ركعات نودي من بطنان العرش: أيّها العبد غفرلك ما قد سلف منك فاستأنف العمل»(1).

ومن ذلك: «أنّ فيه قبر تسعة وتسعين نبياً جاؤوا [حجاجاً فقبضوا هنالك»(2).

وروى الفاسي باسناده عن محمد بن سابط عن النبي صلى الله عليه و آله قال: «كان النبي من الأنبياء إذا هلكت امته لحق بمكة فيتعبد فيها النبي ومن معه حتى يموت، فمات بها](3) نوح وهود وصالح وشعيب، وفي رواية: انّ فيه قبر تسعين نبيّاً منهم هود وصالح واسماعيل، وقيل: ان قبر اسماعيل في الحجر»(4)، انتهى.


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 309، ورواه الفاسي في شفاء الغرام 1: 197.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 309، وشفاء الغرام 1: 197.
3- مابين المعقوفتين من شفاء الغرام 1: 197.
4- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 309- 310، وشفاء الغرام 1: 218.

ص: 147

الشاذروان

ص: 148

ص: 149

الشاذروان

في حاشية الجامع لابن ظهيرة: «قال في شفاء الغرام: أمّا شاذروان الكعبة فهو الأحجار الملاصقة بالكعبة التي عليها البناء المسنّم المرخّم في جوانبها الثلاثة:

الشرقي والغربي واليماني، وبعض حجارة الجانب الشرقي بناءا(1) عليه، وهو شاذروان أيضاً. وأمّا الحجارة الملاصقة بجدار الكعبة التي تلي الحجر فليست شاذرواناً؛ لأنّ موضعها من الكعبة بلاريب.

والشاذروان هو ما نقصته قريش من عرض جدار أساس الكعبة حين ظهر على الأرض كما هو عادة الناس في الأبنية، أشار إلى ذلك الشيخ أبو حامد الاسفرائيني وغيره.

ولم أدر متى كان تسنيم البناء في الشاذروان، ولم يبن مرّة، وانّما بني دفعات:

منها: في سنة اثنين وأربعين وخمسمئة، ولم أدر ما بني منه في هذه السّنة.

ومنها: في أواخر عشر الستين وستمئة أو في أوائل عشر السبعين وستمئة؛ لأنّ القاضي بدرالدين بن جماعة ذكر أنّه رأى الشاذروان سنة ستّ وخمسين


1- كذا في المخطوطة.

ص: 150

وستمئة وهي مصطب يطوف عليها بعض العوام، ورآه في سنة إحدى وستين وقد بني عليه ما يمنع من الطواف، على هيئته اليوم، هكذا نقل عنه ولده عزالدين.

وأن ارتفاع الشاذروان عن أرض المطاف في جهة باب الكعبة ربع ذراع وثمن ذراع، وعرضه في غير هذه الجهة نصف وربع.

وذكر الازرقي أنّ طول الشاذروان في السماء ستة عشر اصبعاً، وعرضه ذراع، وقد نقص عرضه عمّا قال الأزرقي. وله في ذلك تأليف استقصى البيان في مسألته، واللّه أعلم»(1)، انتهى.

وقال ابن ظهيرة في جامعه: «يجوز الطواف عندنا على الشاذروان؛ لأنّه ليس من البيت، نصّ على ذلك الأصحاب، ومذهب الشافعية والحنابلة وبعض متأخري المالكيّة أنّه يجب أن يكون الطائف بجميع بدنه خارجاً عن البيت والحجر والشاذروان، وينبغي الاحتراز عند الشافعي لمن قبّل أو استلم من أن يمرّ وشي ء من بدنه في الشاذروان، بل يقرّ قدميه إلى أن يعتدل بعد التقبيل أو الاستلام، فإن لم يقرّهما فليرجع إلى مكانه قبل الاستلام؛ لئلّا يقع بعض طوافه في البيت، لا بالبيت؛ لأنّ الشاذروان عنده جزءٌ نقصته قريش من عرض جدار أساس الكعبة حين ظهر على الأرض.

قال الجدّ: لم ينقل وقوع هذا التحرّز(2) عن أحد من السلف الصالح، ولو وقع لنقل، ولكن القواعد المقرّرة اقتضت ذلك، مع أنّه لا يلزم من عدم الاطلاع على


1- لم نقف على حاشية الجامع اللطيف، الّا انّ النص مع التفصيل موجود في شفاء الغرام 1: 113، وانظر أخبار مكة 1: 310.
2- كذا في المصدر، وفي المخطوطة: «التحرير».

ص: 151

النقل أن لا يكون منقولًا؛ اذ لا يلزم من عدم الوجدان عدم الوجود.

وعند الحنابلة: أن الطائف لو كان يمس الجدار بيده في موازاة الشاذروان صحّ طوافه؛ لأنّ معظمه خارج البيت،

وأفاد الشيخ القدوة ابو عبد اللّه خليل- إمام مقام المالكيّة بالمسجد الحرام- أنّه لم يشترط أحد من متقدمي المالكيّة- فيما علمه- الطواف خارج الشاذروان، وأن الشيخ أبا الطيب القابسي المالكي كان ينكر ذلك ولا يثبته في مذهب مالك.

قال الفاسي: ينبغي الاحتراز منه؛ لأنّه إن كان من البيت كما قيل، فالاحتراز منه واجب، وإلّا فلا محذور في ذلك، كيف؟ والخروج من الخلاف مطلوب، وهو هنا قوي، واللّه أعلم»(1).

قال ابن ظهيرة: «اعلم أنّ منشأ الخلاف بين الأئمة في ذلك حديث عائشة المتقدّم المصرّح بأنّ قريشاً اقتصروا على قواعد ابراهيم عليه السلام، وأن ابن الزبير لمّا بلغه ذلك هدم الكعبة وبناها على قواعد ابراهيم، وأدخل فيها الحجر، فإذا كان كذلك ظهر أنّ ما ذكره الشافعيّة ليس بناهضٍ، وأنّه ينبغي صحة الطواف على الشاذروان كما قاله ابن الملقّن(2) منهم، ولو وقع ما قاله الشافعيّة لنبّه عليه النبي صلى الله عليه و آله بقولٍ أو فعل؛ لكونه ممّا تمس الحاجة إليه، ونُقل ذلك لتوفّر الدواعي على النقل، ونازع الفاسي في ذلك، فقال: وبعض الناس يعارض القول بأنّ الشاذروان من البيت بكون ابن الزبير بنى البيت على أساس ابراهيم عليه السلام كما في


1- الجامع اللطيف: 131-/ 132
2- كذا ظاهرا، وفي الجامع اللطيف: «ابن الميلق».

ص: 152

خبر بنائه، وهذا المعارض لا يخلو عن حالين، أحدهما: أن يدّعى ان ابن الزبير استوفى البناء على جميع أساس جدران البيت بعد ارتفاعها عن الأرض، والآخر: أن يدّعى أنّ البناء اذا نقص من عرض اساسه بعد ارتفاعه عن الارض لا يكون مبنيّاً على أساسه.

والأوّل: لايقوم عليه دليل؛ لأنّ ماذكره من صفة بناء [ابن] الزبير البيت لا يقتضي أن يكون بناؤه مستوفى على جميع أساس جدرانه بعد ارتفاعها عن الأرض، ولا ناقصاً عن أساسها، ووقوع هذا في بنائه أقرب من الأوّل؛ لأنّ العادة جرت بتقصير عرض أساس الجدار بعد ارتفاعه لمصلحة البناء، وإذا كان هذا مصلحة فلا مانع من فعله في البيت لمّا بني في زمن ابن الزبير. نعم في بناء ابن الزبير على أساس ابراهيم عليه السلام دليل واضح على انه ادخل في البيت ما أخرجه منه قريش من الحجر، فإنّه بنى ذلك على أساس ابراهيم عليه السلام لا أساس قريش.

والثاني: غير مسلّم؛ لأنّ الجدار إذا اقتصر عن عرضه بعد ارتفاعه من الأرض لايخرجه ذلك عن كونه مبنيّاً على أساسه. وهذا ممّا لا ريب فيه، وانكاره مكابرة، واللّه أعلم»(1)، انتهى.


1- الجامع اللطيف: 132-/ 133.

ص: 153

الباب والميزاب

ص: 154

ص: 155

الباب والميزاب

قال السنجاري: «ذكر الفاسي: أنّ أوّل من بوّب الكعبة آنوش بن شيث بن آدم عليه السلام، وذكر عن الفاكهي: أنّ أوّل من بوّبه وجعل له غلقاً جرهم»(1)، واللّه أعلم.

وتقدّم عن ابن ظهيرة أن الخليل عليه السلام جعل باب الكعبة بالأرض غير مبوّب [و] كان تبّع أسعد الحميري هو الذي جعل لها باباً وغلقاً فارسياً وكساها كسوة تامّة(2).

وأمّا الميزاب: فلم أجد تصريحاً بتعيين أوّل من نصبه، ولا اعتبار يقتضي أنّ أوّل من نصبه هو أوّل من سقّف الكعبة، وقد تقدّم أنّ أوّل من سقّفها قصيّ(3).

[ذكر وقت فتح باب الكعبة]

قال ابن ظهيرة: «روى الفاكهي: أنّ الكعبة كانت تفتح في الجاهليّة يوم الاثنين ويوم الجمعة(4).


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 374، وشفاء الغرام 1: 104.
2- ذكره الفاسي في شفاء الغرام 1: 104، وتقدم عن الجامع اللطيف آنفا.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 369.
4- الجامع اللطيف: 118.

ص: 156

وفي تاريخ الأزرقي: «انّها كانت تفتح في الجاهليّة يوم الاثنين ويوم الخميس»(1)، قال الفاسي: «وفتحها يوم الجمعة مستمرّ إلى الآن- يعني في زمنه- وفتحها يوم الاثنين متروك»(2)، وفي هذا دلالة لصحّة ما رواه الفاكهي.

وممّا يؤيّده أيضاً: ما ذكره ابن جبير في خبر رحلته- وكانت في سنة تسع وسبعين وخمسمائة-: «من أنّ الكعبة تفتح يوم الاثنين ويوم الجمعة الّا في رجب فتفتح كلّ يوم»، وما عن علي بن عثمان بن طلحة الحجبي قال: كنا نفتح الكعبة في الجاهليّة يوم الاثنين ويوم الجمعة... الحديث، فيه تأييد لما رواه الأزرقي، والجمع ممكن»(3)، انتهى.

قال السنجاري: «وقد ترك ذلك، وصارت تفتح أيّاماً معدودة من السنة، منها- وهو أوّلها- يوم عاشورا، وثاني عشر [ها، والنصف من](4) ربيع الأوّل، وأوّل جمعة من رجب، والنصف من ذلك، وخامس عشر شعبان، وأوّل(5) جمعة من رمضان، وآخر جمعة منه، وفي ذي القعدة للغسيل، وفي كلّ هذه الفتحات يفتح يوماً للرجال، والثاني للنساء؛ الّا فتح الغسيل»(6)، انتهى. وفتح الغسيل الآن يوم العشرين من ذي القعدة، ويفتح لرفع الزبل منها في الخامس والعشرين


1- اخبار مكة 1: 174.
2- شفاء الغرام 1: 128.
3- الجامع اللطيف: 118.
4- من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.
5- في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم: «وآخر».
6- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 389- 390، مع اختلاف.

ص: 157

ويوم النحر للإلباس.

الكسوة

والطيب والزينة

ص: 158

ص: 159

الكسوة والطيب والزينة

قال ابن ظهيرة في جامعه: «قيل: إنّ اسماعيل عليه السلام أوّل من كسا الكعبة»(1)، وقال السنجاري: «قال الفاسي: ويقال إن اسماعيل هو أوّل من كسا الكعبة»(2)، انتهى. وقال القطب وابن ظهيرة: «إنّ أوّل من كساها وجعل باباً وغلقاً تبع الحميري»(3).

قال ابن ظهيرة: «وخلع على الكعبة سبعة أثواب» قال القطب: «ذكر الأزرقي وابن جريح: إنّ أوّل من كسا الكعبة تبع الحميري أسعد من ملوك اليمن؛ تعظيماً لها، رأى في منامه أنّه يكسوها فكساها الأنطاع، ثم رأى أنه يكسوها فكساها من حبر اليمن، وجعل لها باباً يغلق، وقال في ذلك:

وكسونا البيت الذي حرم اللّه ملاءاً مقصياً وبروداً

واقمنا به من الشهر عشراًوجعلنا لبابه إقليدا

وخرجنا منه نؤمّ سهيلًاقد رفعنا لواءنا معقودا(4)

قال ابن ظهيرة: «ويروى انّه لمّا كساها المسوح والأنطاع انتفضت، فأزال ذلك عنها، وكساها الخصف فانتفضت عنها، فكساها الملاء والوصايل


1- الجامع اللطيف: 105.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 370، وشفاء الغرام 1: 121.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 371، والجامع اللطيف: 105.
4- اخبار مكة 1: 249-/ 250، الجامع اللطيف: 105.

ص: 160

فقبلتها»(1). في تاريخ السنجاري: «قال الشيخ محي الدين بن عربي في كتاب المسامرة: والخصف نوع من الثياب غلاظ جداً، انتهى. وكذا هو في القاموس، فاحفظه»(2)، انتهى.

وقال ابن ظهيرة: «والقباطي- بفتح القاف- جمع قبطيّة بالضم، ثوب رقيق [أبيض] من ثياب مصر، منسوب إلى القبط [والضم فيه من تغيير النسب والضمّ] خاصّ بالثياب. والوصايل ثياب حمرٌ مخطّطة [يمانية]، والعصب برود يمنيّة والانماط ضرب من البسط»(3)، انتهى ملخّصاً.

قال السنجاري: «أنّ قصيّاً لمّا فرغ من بناء الكعبة استرفد قريشاً لكسوتها؛ فكانت كسىً شتّىً من انواع الثياب، كلّما جاءت كسوة طرحت فوق الاولى»(4).


1- الجامع اللطيف: 105، هذا وقد ذكر الفاسي في شفاء الغرام تفسير وبيان هذه الكلمات، فقال: «فأمّا القباطي فهي جمع قبطية- بالضم- وهو ثوب من ثياب مصر رقيق أبيض كان منسوباً إلى القبط، وهم أهل المصر، والضم فيها من تغيير النسب، وهذا في الثياب. وأمّا في الناس فقبطي- بالكسر- لا غير. وأمّا الوصايل فثياب حمر مخططة يمانية. وأمّا الحبرات فجمع حبرة، وهو ما كان من برود مخططة يقال لها: برد حبرة وبرد حبر على الوصف وعلى الاضافة، وهو من ثياب اليمن. وأما العصب فهو برود يمانية يعصب غزلها، أي يجمع ويشدّ ثم يصبغ وينسج، فنأى موسى لبقايا عصب منه أبيض، ثم يأخذه صبغ يقال له: برد عصب وبرود عصيب بالتنوين والاضافة. وأما الانماط فضرب من البسط، واحدها نمط. ذكر تفسير ذلك كله على ما ذكرنا من يعتمد من العلماء». شفاء الغرام 1: 121
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 372- 373، وانظر القاموس المحيط 3: 196.
3- الجامع اللطيف: 106، وما بين المعقوفات من المصدر.
4- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 370.

ص: 161

وفي تاريخ القطب عن الأزرقي باسناده عن ابن أبي مليكة، قال: «كان يهدى للكعبة هدايا شتّى من أكسية وحِبَر وأنماط يكسى منه الكعبة ويجعل الباقي في خزائنها، فإذا بلي شي ء منها جعل فوقه ثوب آخر ولا ينزع ما كان عليها.

وكانت قريش في الجاهليّة ترافد في كسوة البيت فيضربون على القبائل بقدر احتمالها من عهد قصي بن كلاب حتى نشأ أبو ربيعة بن المغيرة بن عبد اللّه بن [عمر بن] مخزوم، وكان ثريّاً، فقال لقريش: أنا اكسو الكعبة وحدي سنة وجميع قريش سنة، وكان يفعل ذلك إلى أن مات، فسمّته قريش العدل، لأنّه عدل قريشاً وحده في كسوة البيت، ويقال لبنيه بنو العدل»(1).

قال السنجاري وابن ظهيرة: «وأوّل عربية كست الكعبة الحرير والديباج نتيلة بنت خباب بن كلب، وينتهي نسبها إلى ربيعة بن نزار، وهي امّ العباس بن عبد المطلب، فإنّها أضلّت العباس بن عبد المطلب [وهو صغير] وقيل: ضرار بن عبد المطلب، فنذرت إن لقيته أن تكسو الكعبة، فلقيته فوفت بنذرها وكست الكعبة ثياباً بيضاً»(2)، انتهى. وجعلت تنشد:

اضللته أبيض لوذعيّالم يك مجلوباً ولا دعيّا

ويقال: ان عدنان كساها أيضاً، وكذا خالد بن جعفر بن كلاب، [كذا عن](3) ابن ظهيرة(4). وروى الأزرقي باسناده: أنّ النبي كسا البيت الثياب اليمانية، ثم


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 371، واخبار مكة 1: 251-/ 252.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 373، وانظر الجامع اللطيف: 107.
3- الزيادة اقتضاها السياق.
4- الجامع اللطيف: 107.

ص: 162

كساه عمر وعثمان القباطي(1).

قال ابن ظهيرة: «وكساها في الاسلام النبي صلى الله عليه و آله منها الثياب اليمنيّة، ثم كساها ابوبكر وعمر وعثمان، ثمّ معاوية وابن الزبير ومن بعدهما من الخلفاء والامراء(2).

ويقال: أوّل من كساه الديباج الحجّاج، وقيل: يزيد، وقيل: ابن الزبير، وقيل: عبد الملك بن مروان(3)، قال: وكانت الكعبة فيما مضى انّما تكسى يوم عاشوراء إذا ذهب آخر الحاج حتى كانت دولة بني هاشم، وكانوا يعلّقون عليها بالقميص يوم التروية، والإزار يوم عاشورا(4)، ثمّ انّ المأمون كان يكسوها ثلاث مرّات: الديباج الأحمر يوم التروية، والقباطي يوم هلال رجب، والديباج الأبيض يوم سبع وعشرين في رمضان لأجل العيد. قال: وأوّل من كسا الكعبة الديباج الأسود الناصر العباسي، فاستمرّ ذلك إلى يومنا هذا»(5)، انتهى.

قال السنجاري: «وأمّا كسوة داخل البيت، فهي من حرير أحمر [ولم يكن لها وقت معيّن](6)، ولا ترد في كل عامّ، وقد جرت عادة ملوك بني عثمان بأن يبعثها من يقوم بأمر السلطنة في أوّل عام ولايته، وذلك في غالب الأحوال لا دائماً»(7)، انتهى.

وأمّا الطيب للكعبة: فروى الأزرقي الأمر بذلك عن عائشة(8). وقد طيّبها


1- اخبار مكة 1: 253.
2- الجامع اللطيف: 105.
3- تاريخ مكة 1: 253.
4- انظر الجامع اللطيف 107.
5- الجامع اللطيف: 107.
6- من المصدر.
7- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 379- 380.
8- أخبار مكة 1: 257.

ص: 163

ابن الزبير وتبعه الولاة، هذا حاصل كلام ابن ظهيرة في هذا المقام(1).

حِجر اسماعيل عليه السلام


1- الجامع اللطيف: 109.

ص: 164

ص: 165

حِجر اسماعيل عليه السلام

ذكر المؤرخون وكثير من أصحاب المناسك أنّ الحجر- بالكسر- موضع جعله الخليل عليه السلام عريشاً من أراك تقتحمه العنز، فكان زرباً لغنم اسماعيل(1)، وأن اسماعيل دفن فيه امّه هناك(2)، ثم إنّه لما مات دفنه فيه بنوه(3). والحجر الآن هو المحوط بين الركنين الشاميين بجدار قصير بينه وبين كل واحد من الركنين فتحة.

قال السنجاري: «وأمّا ذرعه، فقال الفاسي: قد حررته فكان ما بين وسط جدار الكعبة الذي فيه الميزاب إلى مقابله من جدار الحجر خمسة عشر ذراعاً، وكان عرض جدار [الحجر من وسطه](4) ذراعين وربعاً، وسعة فتحته الشرقيّة خمسة أذرع، وكذلك الغربيّة بزيادة قيراط، وسعة مابين الفتحتين سبعة عشر ذراعاً وقيراطان، وارتفاع جداره من داخله عند الفتحة الشرقيّة ذراعان إلّا قيراطاً، ومن خارجه عندها ذراعان وقيراطان، وارتفاع جدار الحجر من


1- شفاء الغرام 1: 211.
2- الجامع اللطيف: 256.
3- الجامع اللطيف: 141.
4- ما بين المعقوفتين من شفاء الغرام، وفي المخطوطة: «جداره».

ص: 166

وسطه من داخله ذراعان الّا ثلثاً، ومن خارجه ذراعان وقيراطان، وارتفاع جداره عند الفتحة الغربيّة ذراعان الّا قيراطاً، ومن خارجه عندها ذراعان وثمن ذراعٍ، وكل(1) ذلك بذراع الحديد»(2)، انتهى.

ورأيت في حاشية الجامع لابن ظهيرة: «قال في شفاء الغرام: وقد حرّرنا اموراً تتعلّق بالحجر- ثمّ ذكر ما حكاه السنجاري- ثم قال: وذرع تدوير الحجر من داخله ثمانية وثلاثون ذراعاً، ومن خارجه أربعون ذراعاً وست أصابع، هذا بذراع اليد. وأمّا بذراع الحديد فمن داخله الفتحة إلى الفتحة أحد وثلاثون وثلث، ومن خارجه من الفتحة إلى الفتحة سبعة وثلاثون ونصف وربع وثمن»(3). انتهى

وفي حاشية الجامع نقلًا من شفاء الغرام عن الازرقي باسناده عن ابن الزبير أنّه قال على المنبر: إنّ هذا المحدودب قبور عذارى بنات اسماعيل عليه السلام، يعني مما يلي الركن الشامي من المسجد الحرام. قال: وذلك الموضع يستوي مع المسجد فلايلبث أن يعود محدودباً كما كان»(4)، انتهى.

قال ابن ظهيرة: «ويروى عن أبي هريرة وسعيد بن جبير وزين العابدين عليه السلام انّهم كانوا يلتزمون ما تحت الميزاب من الكعبة قال: ومن فضائل الحجر أنّ فيه قبر اسماعيل وامّه هاجر»(5).


1- في المخطوطة: «وكان».
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 316- 317. شفاء الغرام 1: 217.
3- انظر: منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 316- 317. شفاء الغرام 1: 217.
4- شفاء الغرام 1: 198. وفي التاريخ القويم 1: 580 وفيه ...
5- انظر أخبار مكة 1: 313.

ص: 167

ثم نقل أنّ المحب الطبري سُئل عن الحفرة الملاصقة للكعبة وعن البلاطة الخضراء التي في الحجر؟ فأجاب بأنّ الحفرة مصلّى جبرئيل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه و آله، وأنّ البلاطة الخضراء قبر اسماعيل عليه السلام، وأنّه يشبر من رأسها إلى ناحية الركن الغربي مما يلي باب بني سهم ستّة أشبار، فعند انتهائها يكون رأس اسماعيل عليه السلام»(1)، انتهى.

قال ابن ظهيرة في جامعه: «وأمّا صفته- أي الحجر بالكسر- فهو عرصة مرخّمة عليها جدار مقوّس صورته نصف دائرة، وأوّل من رخّمه المنصور العباسي في سنة أربعين ومئة، فإنّه لما حجّ ورأى حجارته بادية دعا بعامله على مكّة زياد ابن عبد اللّه، وامره أنّه لايأتي الصباح الّا وقد ستر بالرخام، فدعا زياد الصنّاع فعملوه على السرج قبل أن يصبح.

ثمّ جدّد بعد ذلك مراراً كثيرة، وآخر من عمّره على ما هو عليه الآن في زمن هذا التأليف قانصوه الغوري، وذلك في سنة سبع عشر وتسعمئة»(2)، انتهى.

وقد سبق أنّه جدّد بعد ذلك سنة أربعين وألف، بتجديد البيت بأمر السلطان مراد بن أحمد، وهو هذا البناء الموجود.


1- الجامع اللطيف: 141.
2- الجامع اللطيف: 142.

ص: 168

قال السنجاري: «وممّا ينسب إلى ضرار بن الخطاب ما يؤيّد أنّ اسماعيل عليه السلام دفن في الحجر، قوله:

ما ضمّن الحجر فيما قد مضى أحدٌمن البريّة لا عرب و لا عجم

بعد ابن هاجر أنّ اللّه فضّله إلّا زهيرٌ له التفضيل والكرم

يعني زهير بن الحرث بن أسد، كذا رأيته في بعض التعاليق»(1)، انتهى.

ويقال: إنّ اسماعيل عليه السلام هو أوّل من كسا الكعبة، ذكره الفاسي، حكاه السنجاري عنه(2).


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 326.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 372، وانظر شفاء الغرام 1: 121.

ص: 169

المعجن

ص: 170

ص: 171

المعجن

وهو عند أهل مكّة اسم للحفيرة المرخّمة التي في وجه الكعبة، زعموا أنّها معجن طين الخليل عليه السلام يوم بنى الكعبة، ولم نجد لذلك أصلًا.

قال السنجاري: «وأما الحفرة التي في وجه الكعبة، فذكر العزّ بن سلام أنّها المكان الذي صلّى فيه جبرئيل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه و آله الصلوات الخمس المفروضة حين فرضها اللّه على امته، قال ابن جماعة: ولم أر ذلك لغيره»(1)، وتقدّم ان المقام كان في مقدار نصفها من جهة الباب، وأنّ النبي صلى الله عليه و آله صلّى عنده ركعتي الطواف، قال الفاسي: فتكون صلاته في نصف الحفرة مما يلي الحِجر- بسكون الجيم- وطول هذه الحفرة من الجهة الثانية إلى الجهة اليمانية أربعة أذرع، وعرضها من الجهة الشرقيّة إلى جدار الكعبة ذراعان وسدس [وعمقها نصف ذراع، كل ذلك بذراع الحديد](2)»(3)، انتهى.


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 319. ومعناه في الجامع اللطيف: 138.
2- من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 319- 320. شفاء الغرام 1: 223.

ص: 172

وفي حاشية الجامع: «جدّد رخام هذه الحفيرة في سنة احدى وثمانمئة(1)، ثم ذكر طولها وعرضها بعين ما مرّ آنفاً عن الفاسي، قال: وعمقها نصف ذراع، كل ذلك بذراع [الحديد](2)»(3) والظاهر أنّ النقل من الفاسي وإن لم يصرّح به.


1- كذا في المخطوطة، وكتب الناسخ بعدها كلمة: «كذا»، والحفرة لم ترخّم الّا بعد قدوم ابن جبير الى مكة، وكان قدومه في سنة تسع وسبعين وخمسمئة، كما في شفاء الغرام 1: 227.
2- من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 320.

ص: 173

مقام ابراهيم عليه السلام

ص: 174

ص: 175

مقام ابراهيم عليه السلام

قال ابن ظهيرة في الجامع: «المقام- لغة- موضع قدم القائم، ومقام ابراهيم هو الحجر الذي وقف عليه الخليل، وفي سبب وقوفه عليه أقوال:

الأوّل: أنّه وقف عليه لبناء البيت، قاله سعيد بن جبير.

الثاني: أنّه جاء يطلب ابنه اسماعيل فلم يجده، فقالت زوجته: انزل، فأبى، فقالت: دعني أغسل رأسك، فاتته بحجر فوضع رجله عليه وهو راكب، فغسلت شقة، ثمّ رفعته وقد غابت رجله فيه، فوضعته تحت الشق الآخر وغسلته فغابت رجله الثانية فيه، فجعله اللّه من الشعائر، وهذا القول منسوب إلى ابن عباس وابن مسعود.

الثالث: انّه وقف عليه للأذان بالحجّ(1). قال الفاسي: «نقل السهيلي عن مجاهد: انّ ابراهيم عليه السلام لما امر بالنداء، قام على المقام فتطاول المقام حتى كان كأطول جبل على ظهر الأرض فنادى»(2)، وذكر مثله ابن جماعة في هداية


1- الجامع اللطيف: 30.
2- نقله الازرقي عن مجاهد في أخبار مكة 2: 30، وانظر شفاء الغرام 1: 202.

ص: 176

المسالك، قاله السنجاري(1).

قال القاضي تقي الدين الفاسي في شفائه: «ويمكن الجمع بين هذه الأقوال بأن يكون الخليل وقف على ذلك لهذه الامور كلّها»(2)، واللّه أعلم.

وذكر الازرقي في تاريخه: «انّه لمّا فرغ من التأذين جعل المقام قبلة، فكان يصلّي إليه مستقبل الباب»(3)، وذكر أيضاً: «أن ذرع المقام ذراع، وأن القدمين داخلان فيه سبعة أصابع»(4)، وذكر القاضي عزّ الدين بن جماعة في منسكه: أنّه حرز مقدار ارتفاعه من الأرض فكان نصف ذراع وربع وثمن بذراع القماش المستعمل بمصر في زمنه، وذكر أنّ أعلى المقام مربّع، من كلّ جهة نصف ذراع وربع، وموضع غوص القدمين في المقام ملبّس بفضّة وعمقه من فوق الفضّة سبع قراريط ونصف قيراط بالذراع المتقدّم»(5).

أقول: لا مناقضة بين ما ذكره الأزرقي والقاضي عزّ الدين في ذرع المقام، ويمكن الجمع بأن ذرع الأزرقي كان باليد، وذرع القاضي بالذراع الحديد حسب ماتقدّم، وبين ذراع اليد والحديد فرق نحو ثمن أو قريب منه بحسب الأشخاص، فتأمّل(6).


1- لم نقف عليه، راجع ما ذكره السنجاري عن المقام في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 395 وما بعدها.
2- شفاء الغرام 1: 202.
3- أخبار مكّة 2: 30.
4- أخبار مكّة 2: 38.
5- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 396، ونقله ابن ظهيرة في الجامع اللطيف: 31، وانظر تاريخ مكّة المشرفة: 131.
6- الجامع اللطيف: 31.

ص: 177

وأخرج الازرقي أيضاً: «أن السيول كانت تدخل المسجد الحرام فربما رفعت المقام عن موضعه، حتى جاء سيل أم نهشل(1) الذي ماتت فيه، فاحتمل المقام فذهب به، فوجد بأسفل مكّة، فاتي به فربط إلى استار الكعبة في وجهها، وكتب بذلك إلى عمر، فأقبل فزعاً فدخل معتمراً في رمضان وقد عفى السيل موضع المقام، فدعا الناس وسألهم عن موضعه؟ فقال المطلب بن أبي وداعة: عندي علم ذلك، كنت أخشى عليه هذا، فأخذت قدره من موضعه إلى الركن وإلى باب الحجر، وإلى زمزم بمقاط(2) وهو عندي في البيت، فقال له عمر: اجلس عندي وارسل اليها، فارسل المطلب(3) فأتي بها، فوجدها عمر كما قال، فشاور الناس عمر واستثبت فقالوا: هذا موضعه، فأمر بإحكام ربطه تحته ثم حوّله، فهو في مكانه إلى اليوم»(4)، انتهى بمعناه.

ومكانه هذا هو مكانه في زمن الخليل عليه السلام كما نقله الإمام مالك في المدوّنة، ثم قال: «وكانت قريش في الجاهليّة ألصقته بالبيت خوفاً عليه من السيل، واستمرّ كذلك في عهده صلى الله عليه و آله وعهد أبي بكر، فلمّا ولي عمر رده إلى موضعه الذي كما سمعت»(5)، انتهى.


1- هي ام نهشل ابنة عبيدة بن أبي أحيحة سعيد بن العاصي، وإنّما سمي السيل باسمها لأنّه ذهب بها فماتت فيه، كما ذهب بمقام ابراهيم عليه السلام، وذلك في سنة 17 ه كما في هامش أخبار مكّة 2: 33.
2- المقاط: حبل صغير شديد الفتل.
3- كذا.
4- الجامع اللطيف: 31.
5- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 397. الجامع اللطيف: 32.

ص: 178

وأمّا الموضع الذي ربط فيه المقام عند الكعبة لما ذهب به السيل، فقد بيّنه الفاكهي لأنّه قال: «وذكر عن بعض المكّيين أنّ الموضع الذي ربط فيه عنده المقام في وجه الكعبة بأستارها إلى أن حجّ عمر بن الخطاب فردّه، وذلك أنّ بُعد الطائف من باب الحجر الشامي حجارة شاذروان الكعبة إلى أن يبلغ الحجر الرابع، فهو موضعه، والّا فهو التاسع من حجارة الشاذروان»(1)، انتهى.

وفي تاريخ الأزرقي ذكر السنة التي ردّ فيها عمر المقام إلى موضعه هذا، وهي سنة سبع عشر من الهجرة على ما ذكره ابن جرير وابن الأثير في كلامه، وقيل:

سنة ثماني عشرة ذكره ابن حمدون في تذكرته، واللّه سبحانه أعلم». من شفاء الغرام(2).

وأخرج الازرقي عن ابن أبي مليكة انّه قال: «موضع المقام- هذا الذي هو فيه اليوم- هو موضعه في الجاهليّة وفي عهد النبي صلى الله عليه و آله وأبي بكر وعمر، الّا أنّ السيل ذهب به في خلافة عمر، ثم رُدّ وجعل في وجه الكعبة، حتى قدم عمر فردّه»(3).

وفي هذا مناقضة لما قاله مالك في المدوّنة، واللّه أعلم بالحقائق(4).


1- انظر أخبار مكّة 2: 34.
2- شفاء الغرام 1: 209.
3- أخبار مكّة 2: 35.
4- انظر شفاء الغرام 1: 206، وقد نقل عن مالك في المدونة: ان المقام كان في عهد ابراهيم عليه السلام في مكانه اليوم، وكان أهل الجاهلية ألصقوه بالبيت خيفة السيل، فكان كذلك في عهد النبي عليه السلام وعهد أبي بكر، فلما ولي عمر ردّه بعد أن قاس موضعه بخيوط قديمة قيس بها حين أخّروه.

ص: 179

وصحّح ابن جماعة ما قاله مالك(1).

ويروى أنّ رجلًا يهودياً أو نصرانياً كان بمكّة فأسلم ففقد المقام ذات ليلة فوجد عنده، أراد أن يخرجه إلى ملك الروم، فأخذ منه ثمّ قتل.

قال الشيخ علي السنجاري في تاريخه: «أنّ سيل ام نهشل لما أتى المسجد أخذ المقام إلى أسفل مكّة، فلما جفّ الماء أتوا بالمقام وألصقوه بالكعبة، وكتبوا إلى عمر بذلك، فورد مكّة معتمراً في شهر رمضان من ذلك العام، وسأل هل أحد عنده علم بمحل الحجر؟ فقال المطلب بن وداعة السلمي- وقيل رجل من آل عابد بن عبد اللّه بن مخزوم، والأوّل أشهر-: أنا كنت أخاف عليه مثل هذا، فأخذت مقياسه من محلّه إلى الحجر، فأجلسه عمر عنده وقال له: ابعث فأتني بالمقياس من بيت المطلب أو الرجل الآخر، فوضع عمر المقام في محلّه»(2).

فائدة:

قال العلّامة النووي: «هذا الموضع الذي فيه المقام اليوم هو الموضع الذي كان فيه في الجاهليّة»(3). وذكر الأزرقي مثله(4).

ونقل المحب الطبري عن مالك مايخالف ماتقدّم(5)، وانّ المقام كان في زمن ابراهيم عليه السلام في موضعه هذا، وإن أهل الجاهليّة ألصقوه بالبيت فكان كذلك في


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 297.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 516، ومعناه في أخبار مكّة 2: 35.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 517.
4- انظر أخبار مكّة 2: 35.
5- تقدم نقله في هامش الصفحة السابقة.

ص: 180

عهد النبي صلى الله عليه و آله وعهد أبي بكر، فلما ولي عمر ردّه بعد أن قاس موضعه بخيوط قديمة قيس بها حين أخبروه فأخّروه»(1).

وحكى ابن عقبة ما يوافق كلام مالك، الّا أنّه قال في آخره: رسول اللّه صلى الله عليه و آله(2). ووافقه ابن عروبة في الأوائل(3)، ذكر الفاكهي خبراً يقتضي أنّ الولاة أخّروه وكان إلى جانب الكعبة(4).

وذكر ابن سراقة ما نصّه: «أنّ ما بين الباب- يعني باب الكعبة- ومصلّى آدم حين فرغ من طوافه وأنزل اللّه عليه التوبة أرجح من تسعة أذرع، وهناك كان موضع مقام ابراهيم عليه السلام وصلّى رسول اللّه صلى الله عليه و آله عنده حين فرغ من طوافه ركعتين، وأنزل اللّه عليه: «واتخذوا من مقام ابراهيم مصلّى»(5) ثمّ نقله صلى الله عليه و آله إلى الموضع الذي هو فيه الآن، وذلك على عشرين ذراعاً من الكعبة؛ لئلّا ينقطع الطواف بالمصلّين خلفه، ثم ذهب به السيل في أيام عمر بن الخطاب إلى أسفل مكّة، فاتي به، وأمر عمر بردّه إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول اللّه صلى الله عليه و آله، فتحصل في من


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 517، وانظر شفاء الغرام 1: 206.
2- نقله الفاسي في شفاء الغرام 1: 206.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 517، ونقله الفاسي عن ابي عروبة في شفاء الغرام 1: 206.
4- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 517، وقال الفاسي في شفاء الغرام 1: 207 نقلًا عن الفاكهي باسناده عن سعيد بن جبير، انه قال: كان المقام في وجه الكعبة، وانّما قام ابراهيم عليه حين ارتفع البنيان، فأراد ان يشرف على البناء، قال: فلما كثر الناس خشي عمربن الخطاب ان يطأوه باقدامهم، فأخّره إلى موضعه الذي هو به اليوم حذاء موضعه الذي كان قدام الكعبة.
5- البقرة: 125.

ص: 181

وضعه في موضعه الآن ثلاثة أقوال»(1)، واللّه أعلم.

قلت: بل فيه خمسة أقوال، ذكرها العلّامة ابن الجزري الشافعي في مؤلّف أفرده بذكر المقام:

الأوّل: أنّ عمر أوّل من أخّره.

الثاني: أنّ المقام كان في زمن ابراهيم عليه السلام بمكانه اليوم، ثم نقل في الجاهليّة فالصق بالبيت، وبقي كذلك زمن النبي صلى الله عليه و آله وأبي بكر إلى زمن عمر حتى ردّه إلى هذا الموضع.

الثالث: أنّ الناقل له النبي صلى الله عليه و آله من عند البيت إلى هذا الموضع.

الرابع: أنّ عمر نقل المقام أوّلًا إلى موضعه، فلمّا أخذه السيل أعاده إلى موضعه بعد سؤاله عن موضعه.

الخامس: أنّ المقام كان في موضعه هذا زمن ابراهيم عليه السلام، وبقي على ذلك إلى سيل أم نهشل، فأعاده عمر إلى محلّه الذي كان فيه، وأطال في الاستدلال لكلّ وجه(2).

قلت:

وبقي أن السيل لو نقل هذا المقام إلى موضع آخر من المسجد فما محمل قوله تعالى: «واتخذوا من مقام ابراهيم مصلّى»(3)؟.


1- انظر شفاء الغرام 1: 208.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 517- 518، وانظر شفاء الغرام 1: 108-/ 209.
3- البقرة: 125.

ص: 182

ولم أر من تكلّم على هذا، وقضيّة ما تقدّم- من أنّه صلى الله عليه و آله كان يصلّي خلفه وهو ملصق بالبيت ثم نقل فصلّى خلفه- اعتبار الخلفيّة للمقام حيث كان.

الّا إنّي رأيت بخط العلّامة الشيخ علي بن الجمال المكي الشافعي مانصّه: «قال ابن القاسم في حاشية التحفة ما نصّه: قوله: خلف المقام. لو نقل المقام عن محلّه الآن فالوجه اعتبار محلّه الآن، يصلّى خلفه لا خلف المنقول اليه؛ لأنّ فعله صلى الله عليه و آله بيّن أنّ خلفه محلّه الآن هو المراد من الآية، وأنّه المشروع، وأنّ وجود الحجر في ذلك المحل أي في محله الآن، ليس الّا علامة على محل الصلاة، فيتأمّل، فالكلام بعد في محل نظر»(1)، انتهى. فليحرر ذلك.

هذا ما وجدته بخط المشار إليه، وهو كما ذكره محل نظر، لما قدمته، واللّه الموفق، فاحفظه فإنّه نفيس.

قال الفاسي بعد كلام طويل: «وعلى مقتضى ما قيل: من أنّ موضعه الآن محاذياً موضعه عند الكعبة يكون موضعه عند الكعبة في مقدار نصف الحفرة التي تلي الحجر- بسكون الجيم-، واللّه أعلم»(2).

وذكر ابن جبير في رحلته ما يقتضي أنّ الحفرة المرخّمة التي عند باب الكعبة في وجهها علامة موضع المقام في عهد ابراهيم عليه السلام إلى أن صرفه النبي صلى الله عليه و آله إلى الموضع الذي هو فيه الآن(3)، قال الفاسي: وفيه نظر؛ لأنّ موضع المقام الآن هو موضعه


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 520.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 521، وشفاء الغرام 1: 208.
3- نقله الفاسي في شفاء الغرام 1: 209.

ص: 183

في عهد الخليل عليه السلام بلاخلاف فيه أعلمه في ذلك، وانّما الخلاف في موضعه الآن، أهو موضعه في زمن النبي صلى الله عليه و آله كما ذكره ابن مليكة، أو لا كما قاله مالك؟ واللّه أعلم.(1) قال ابن جماعة: «وحكي مسدد عن أشهب عن مالك: أنّ الذي حمل عمر [على ذلك](2)- واللّه أعلم- ما كان النبي صلى الله عليه و آله يذكره من كراهة تغيير مراسم ابراهيم عليه السلام، ومنه قوله صلى الله عليه و آله لعائشة: «لولا أنّ قومك حديثو عهد بكفر لنقضت البيت... الحديث» فرأى عمر أنّ ذلك ليس فيه تغيير لمراسم ابراهيم عليه السلام.

وسؤال عمر عن موضعه يحتمل أمرين؛ أحدهما: عن موضعه في زمن النبوة، والثاني: أنّه سأل عن موضعه في زمن ابراهيم؛ لعلمه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان يؤثر مراسم ابراهيم عليه السلام، ويكون صلاته خلفه مع اقراره له ملصقاً بالبيت إلى أن توفّي، من سبيل سكوته عن نقض البيت في حديث عائشة؛ تأليفاً لقريش في عدم تغيير مراسمهم، فلذلك سأل عمر عن موضع المقام في زمن ابراهيم عليه السلام.

وعلى هذا فلا مناقضة بين الأقوال كلّها، كذا لابن جماعة(3)، إلّاأنّه بقي عليّ فيه شي ء وهو قول المطلب بن أبي وداعة: «قدكنت أخشى عليه مثل هذا وأخذت مقداره»، أو ما في معناه؛ فإنّه يأبى الاحتمال الثاني في قول عمر،


1- شفاء الغرام 1: 209.
2- الزيادة اقتضتها العبارة.
3- نقل ابن الضياء معنى ذلك في تاريخ مكة المشرفة: 130.

ص: 184

وكونه صلى الله عليه و آله نقله ولم يعلم عمر بذلك بعيد جداً، فليتأمّل.

ومقدار ذرع ما بين المقام اليوم والكعبة، وما بينه وبين الحجر الأسود، وما بينه وبين الحجر، وما بينه وبين جدار زمزم مذكور في تحفة الكرام للفاسي، فراجعه إن شئت انتهى من السنجاري(1).


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 522- 523، وتحفة الكرام باخبار البلد الحرام هو اختصار لكتابه شفاء الغرام. انظر شفاء الغرام 1: 305.

ص: 185

زمزم

ص: 186

ص: 187

زمزم

اشارة

قال ابن ظهيرة في جامعه: ان سيدنا ابراهيم عليه السلام لمّا هاجر باسماعيل وامّه من الشام إلى مكّة شرفها اللّه تعالى، وكانت إذ ذاك ترضعه، وضعهما تحت دوحة وهي شجرة كبيرة، وليس معها الّا شنة(1) فيها قليل ماء، ولم يكن بمكّة يومئذٍ أحد ولا بها ماء، ووضع عندهما جراباً فيه تمر، ثمّ ذهب راجعاً إلى الشام، فتبعته امّ اسماعيل فقالت له: يا ابراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس به أنيس؟ وجعلت تردد ذلك مراراً وابراهيم لايلتفت إليها، فقالت له: آللّه أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذاً لا يضيّعنا، ثمّ رجعت عنه، فانطلق ابراهيم حتى إذا غاب عن البصر وقف واستقبل البيت ورفع يديه و دعا بالآيات: «ربّنا انّي أسكنت» الى قوله: «لعلّهم يشكرون»(2).

ثمّ مضى سائراً، و جعلت ام اسماعيل ترضعه وتشرب من ذلك الماء [ولبنها يدرّ على صبيّها](3) إلى أن نفد، فعطشت وعطش ابنها وصار يتلوى- وفي رواية:

يتليّظ- فانطلقت كراهة أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل يليها، فقامت


1- الشنة: القربة
2- ابراهيم: 37.
3- من المصدر.

ص: 188

عليه، ثمّ استقبلت الوادي ورفعت طرف درعها، ثم سعت- أي جرت- سعي الانسان المجهود حتى جازت الوادي، ثمّ أتت المروة، فقامت عليها ونظرت هل ترى أحداً؟ فلم تر أحداً، ففعلت ذلك سبع مرات، فكان فعلها ذلك سبب السعي بين الصفا والمروة، فلمّا اشرفت على المروة آخراً سمعت صوتاً، فقالت:

صه- تريد نفسها-، ثم تسمّعت فإذا الصوت، فقالت: قد اسمعت إن كان عندك غواث، فإذا هي بالملك- يعني جبرئيل عليه السلام- عند موضع زمزم، فبحث بعقبه أو جناحه حتى ظهر الماء، فصارت تحوطه(1) بيدها وتغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعد أن تغرف.

قال ابن عباس: «قال النبي صلى الله عليه و آله: يرحم اللّه امّ اسماعيل لو تركت زمزم ولم تغرف من الماء لكانت عيناً معيناً، فشربت وأرضعت ولدها، فقال لها جبرئيل:

لاتخافي الضيعة فإن هاهنا بيت اللّه يبنيه هذا الغلام وأبوه، وأنّ اللّه لايضيع أهله»، كذا في صحيح البخاري.

فاستمرّت زمزم كذلك إلى أن مرّت رفقة من جرهم فرأوا طائراً [يحوم على جبل أبي قبيس](2) عائفاً، فقالوا: إنّ هذا الطير ليدور على ماء، وعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء، فأرسلوا رسولًا فرأى الماء فأخبرهم، فأقبلوا وامّ اسماعيل عليه السلام عند الماء، فقالوا لها: أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟ قالت: نعم، ولكن لاحقّ لكم في الماء، قالوا: نعم، فنزلوا وأرسلوا إلى أهلهم فنزلوا معهم حتى صاروا أهل أبيات [واول سكان مكة].

وشبّ اسماعيل وتعلم العربيّة منهم، وزوّجوه امرأة من نسائهم، ثم لم تلبث امّ


1- اي تحوط عليه بالتراب خوفاً من أن يسيل، وفي المخطوطة: «تحوضه».
2- من المصدر.

ص: 189

اسماعيل الّا أن ماتت ولها من العمر تسعون سنة، ولاسماعيل عليه السلام عشرون سنة، فدفنها في الحجر، واسمها هاجر- وقيل: آجر، بالهمزة والمد- القبطية، وقيل:

الجرهمية، وكانت للجبّار الذي يسكن عين البحر التي بقرب بعلبك، فوهبها لسارة امرأة ابراهيم عليه السلام، فوهبتها لابراهيم صلوات الله عليه»(1).

قال السنجاري: «وذكر الفاسي: أنّ سارة لمّا أخرجت هاجر كان اسماعيل صغيراً، ويقال: رضيعاً، وإنّما أخرجها غيرةً، وهو الصحيح، ففرغ الماء وعطش الغلام، فنظرت يميناً وشمالًا فلم تر أحداً، فقامت وتركت الغلام وصعدت الصفا تلتمس ماءً فما وجدت، فانحدرت إلى الوادي وهي تنظر إلى ابنها، فلمّا غاب عنها صعدت حتى نظرته، فسارت حتى بلغت المروة، ولم تزل حتى أتمّت سبعة أشواط، فلمّا كانت بالمروة نظرت إلى ابنها وقد أتاه جبرئيل عليه السلام فضرب بعقبه محل زمزم، فنبعت، فاسرعت إلى الماء وجعلت تحجزه وتقول: زم زم، بمعنى قف قف. وفي الحديث: انها لولا أنّها عجلت لكانت عيناً معيناً، فقال لها جبرئيل عليه السلام:

لا تخافي الضيعة؛ فانّ للّه تعالى هنا بيتاً يبنيه هذا الغلام وأبوه، واللّه لا يضيع أهله»(2). قال: وفي ربيع الابرار للزمخشري: «زمزم هزمة جبريل أنبطها مرّتين، مرّة لآدم عليه السلام فلم تزل كذلك حتى انقطعت زمن الطوفان، ومرّة لاسماعيل»، انتهى. وهذه فائدة لم أرها لغيره(3).

ال ابن ظهيرة: ولم تزل- أي زمزم- كذلك [إلى](4) أن دفنتها جرهم حين


1- النص بطوله من الجامع اللطيف: 254-/ 257، وما بين المعقوفات من المصدر.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 281، وانظر معناه في شفاء الغرام 1: 113.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 281.
4- من المصدر.

ص: 190

ظعنوا من مكة. وقيل: بل دفنتها السيول، فاستمرت مدفونة إلى أن نبه قعبدالمطلب وأمر بحفرها، ذكر ابن اسحاق وغيره: انّ عبد المطلب بينا هو نائم إذ أتاه آتٍ فقال له: احفر طيبة. قال له: وما طيبة؟ فذهب عنه، ثم جاء مرّة اخرى فقال له: احفر المضنونة، فقال له: وما المضنونة؟ فذهب عنه، ثم جاءه مرّة ثالثة فقال له: احفر زمزم. فقال له عبدالمطلب: وما زمزم؟ قال: لاتنزف ابداً ولا تزم، تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدم، عند نقرة الغراب الأعصم، عند قرية النمل.

وفي رواية: احفر زمزم، انك ان حفرتها لم تندم، وهي تراث من أبيك الأعظم، لا تنزف أبداً ولا تزم... إلى آخر ما تقدّم.

فلما بُيّن له شأنها غدا بمعوله ومعه ابنه الحرث، وليس له يومئذٍ غيره، فحفرها فلما بدا له طيّ البئر كبّر، فحسدته بطون قريش وهمّوا أن يمنعوه، وقالوا: اشركنا معك، فقال لهم: ما أنا بفاعل، شي ءٌ خصصت به دونكم، فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم، فقالوا: كاهنة بني سعد، فخرجوا إليها فعطشوا في الطريق حتى أيقنوا بالهلاك وتساقطوا من الركاب، فقال عبدالمطلب: والله إنّ إلقاءنا بأيدينا هكذا عجز، فعسى الله أن يرزقنا ماءً، فارتحلوا بنا وقام عبد المطلب إلى راحلته فركبها، فلما انبعثت به انفجرت تحت خفّها عين ماء عذب، فكبّر عبدالمطلب وكبّر أصحابه وشربوا جميعاً، وقالوا: قد قضى لك علينا الذي سقاك، فواللّه لا نخاصمك فيها أبداً، فرجعوا وخلّوا بينه وبين زمزم، وكفاه اللّه شرهم»(1).


1- الجامع اللطيف: 260-/ 259.

ص: 191

قال: «ويروى أنّ عبدالمطلب لمّا حفر زمزم وجد غزالين من ذهب يقال: إن جرهماً دفنتهما حين خرجوا من مكّة، ووجد أسيافاً وسلاحاً، فأرادت قريش أن يشاركوه فيها فامتنع وضرب بالقداح فخرج الغزالان للكعبة والسلاح لعبد المطلب، ولم يخرج لقريش شي ء، فضرب الأسياف التي خرجت له مع أحد الغزالين على باب الكعبة وجعل الغزال الآخر في الجب الذي في بطن الكعبة، فكان ذلك أوّل حليّ الكعبة، أخرجه الأزرقي»(1)، انتهى.

قال السنجاري: «فحفر عبد المطلب زمزم وأخرج الدروع والسيوف والغزالين التي دفنها مضاض بن عمرو الجرهمي، فسبك الحديد صفائح وألبسها ذهب الغزالين وحلّى بها باب الكعبة، وهو أوّل ذهب حلّيت به الكعبة، ومن شعره في ذلك:

اعطي بلا شح ولا مشاحح سقياً على رغم العدوّ الكاشح

بعد كنوز الحلي والصفائح حلياً لبيت اللّه ذي المنائح(2)

وذكر الحلبي عن شفاء الغرام: «أنّ عبدالمطلب علّق الغزالين في الكعبة، فكان أوّل من علّق المعاليق. قال: ثمّ إنّ الغزالين سرقتا من الكعبة وبيعتا على بعض التجار [الذين] قدموا مكّة بخمر، وقد ذكر أنّ أبا لهب مع جماعة نفدت خمرهم فسرقوا غزالة واشتروا بها خمراً، وطلبتها قريش وكان أشدّهم لها طلباً عبد اللّه ابن [جدعان] فعلموا بالقوم فقطعوا بعضهم وهرب بعضهم، وكان فيمن هرب أبولهب [هرب] إلى إخواله من خزاعة فمنعوا عنه [قريشاً]. ومن ثمّ كان يقال لأبي


1- الجامع اللطيف: 161، وانظر اخبار مكة 2: 47.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 404- 405، وانظر شفاء الغرام 1: 113.

ص: 192

لهب: سارق غزال الكعبة... وقد قيل: لامنافاة بين كونها علّقتا وسرقتا، أو احداهما، وبين كون عبدالمطلب حلّى بهما باب الكعبة، لجواز أن يكون ذلك بعد الاستخلاص من التجار»(1)، انتهى ملخصاً.

قال السنجاري: «فائدة أحببت ذكرها، قال صاحب كتاب النبراس في فضائل زمزم وسقاية العباس، وهو لبعض الزمازمة المتأخّرين، ونصّه: اعلم انّي رفعت سؤالًا إلى علماء وقتنا، صورته:

ما قولكم- نفع اللّه بعلومكم-: هل بئر زمزم، وكذا حريمها- وهو البناء الدائر على فم البئر- من المسجد؟ فيحرم فيه ما يحرم في المساجد، ويحل فيه ما يحل، ويثبت فيه ما يثبت لها؟ أفتونا مأجورين.

أجاب الشيخ الامام أبوعبد اللّه محمد بن عبد اللّه الطبري: الحمد للّه ربّ العالمين، لم أر لأحد في ذلك نقلًا الّا ما ذكره جدّي العلّامة أحمد بن حجر في التحفة- بعد قول السبكي: إذا رأينا مسجداً يصلّى فيه من غير منازع ولا علمنا له واقعاً، فليس لأحد أن يمنع منه؛ لأنّ استمراره على حكم المساجد دليل على وقفه كدلالة اليد على الملك، فدلالة يد المسلمين على هذا للصلاة فيه دليل على أنّه مسجد»(2)، انتهى.

قلت: ويؤيّد ذلك ما ذكر المحب الطبري في القرى عن ابن عباس: أنّه بلغه أن رجلًا اغتسل من زمزم، فوَجِدَ من ذلك، فقال: ما احلّها لمغتسلٍ- يعني في المسجد- وهي لشاربٍ [ومتوضى ء] حِلٌّ وبِلٌّ»(3).


1- السيرة الحلبيّة 1: 56-/ 55، ط/ دار المعرفة، والزيادات من المصدر.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 410- 411.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 411، وفيه: «حلّ، بل قال سفيان: حلّ محلل»، ونقله الأزرقي في أخبار مكّة 2: 58.

ص: 193

والظاهر أنّه يريد الغسل من الجنابة؛ لتحريم اللبث في المسجد على الجنب، وفي قوله: «في المسجد» تنبيه عليه(1)، انتهى.

فأفهم ما ذُكر أنّ لها حريماً وأن له حكم المسجد.

وأجاب الشيخ عبدالرحمن بن عيسى المرشدي الحنفي المفتي: «الحمد للّه سبحانك لا علم لنا إلّاما علّمتنا انّك أنت العليم الحكيم، لم نر من تعرّض لذلك من علماء مذهبنا بنفي ولا إثبات، لا في كتب المناسك ولا غيرها، والعلم أمانة، واللّه أعلم»(2).

وأجاب الشيخ عبدالعزيز الزمزمي مفتي الشافعيّة: «الحمد للّه ولا حول ولاقوّة الّا باللّه، صريح كلام جدّي خاتمة المحققين شهاب الدين أحمد بن حجر في التحفة: أنّ حريم زمزم من المسجد، وقضيّة عبارته أنّ البئر كذلك؛ إذ القول بعدم مسجديّتها مع القول بمسجديّة ما حولها يستحيل عادة، إن جاز عقلًا، واللّه أعلم»(3).

وأجاب مفتي المالكية الشيخ أبو السعود بن علي المؤمن المالكي: «الحمد للّه الذي هدانا إلى هذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا اللّه، نعم، بئر زمزم مع حريمها ليست من المسجد، وعلّلوه بأنّ تحبيسها سابق على تحبيس المسجد، فيباح للجنب المكث فيه، وكذا الغسل، ولا تصح الجمعة ولا الاعتكاف؛ لكون المسجد شرطاً فيهما، ولا في علوها، ويقدّم الداخل يساره والخارج يمينه، ولا تحيّة لها»(4)، انتهى المقصود من ذلك.


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 411.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 412.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 412.
4- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 413.

ص: 194

وذكر في هذا الكتاب أنّ الخلوة التي إلى جنب زمزم هو محل الدوحة التي أبقى الخليل تحتها هاجر، وأن سقاية العباس كانت هناك إلى زمن ابن الزبير، فنقلها إلى محلها الآن(1)، واللّه أعلم.

قال السنجاري: «وذكر الفاسي: أنّ ذرع غورها من أعلاها إلى أسفلها ستون ذراعاً على ما ذكره الازرقي»(2).

وقال أيضاً: غورها من رأسها إلى الجبل أربعون ذراعاً، وذلك كلّه بنيان، ومابقي فهو جبل منقور، وهو تسعة وعشرون ذراعاً [ثم قال الفاسي:](3) وهذا يخالف ماسبق، واللّه أعلم(4).

قال: وفي قعرها ثلاثة عيون: عين حذاء الركن الأسود، وعين حذاء الصفا، وعين حذاء المروة، قاله الازرقي والفاكهي(5).

قال السنجاري: وفي الماء ثقل، وقد يحلو بعض الأحيان بالمشاهدة، خصوصاً إذا برد، وقال بعض العلماء: إنّه يعذب ليلة النصف ومن شعبان»(6)، انتهى.


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 413، ومعناه في اخبار مكة 1: 60، وقد حدد الفاسي سقاية العباس في شفاء الغرام 1: 259.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 413. شفاء الغرام 1: 248.
3- الزيادة اقتضاها السياق
4- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 414. شفاء الغرام 1: 248-/ 249.
5- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 415. أخبار مكة 2: 61. وانظر: شفاء الغرام 1: 148.
6- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 415. ونقل معنى ذلك الفاسي في شفاء الغرام 1: 257.

ص: 195

[أسماء زمزم]

قال ابن ظهيرة في تاريخه: «نقل الفاسي عن أشياخه من أهل مكّة ان لزمزم عدّة أسماء، وهي: زمزم؛ سميت بذلك لكثرة مائها، من الزمزمة بمعنى الكثرة والاجتماع، أو لأنّها زمّت بالتراب حين نبع الماء كبلد يسيح، أو لزمزمة الماء وهي صوته، أو زمزمة الفرس عليها لما كانت تحجّ، وانشد المسعودي:

زمزمت الفرس على زمزم وذاك في سالفها الأقدم

وهزمة جبريل(1)، وسقيا اسماعيل، وبركة، وسيّدة، ونافعة، ومضنونة، أي ضنّ بها اسماعيل؛ لأنّها أوّل ما خرجت له؛ أخرجه الازرقي عن كعب.

وعونة، وبشرى، وصافية، وبرّة، وعصمة، وساملة، وميمونة، ومباركة، وكافية، وعافية، ومغذية(2)، وطاهرة، وحرميّة(3)، ومروية، وطعام طعم، وشفاء سقم، وسابق، وظبية [بالظاء المعجمة المشالة وبعدها باء موحدة ساكنة ثم مثناة من تحت مفتوحة](4) تشبيهاً لها بالظبية التي هي الخريطة الجامعة لما فيها.


1- هزمة جبريل: اي ضربته، حيث ضربها برجله. انظر النهاية 5: 263.
2- من الغذاء.
3- بالحاء المهملة لكونها بالحرم.
4- من المصدر.

ص: 196

وتكتم- على صيغة المضارع المعلوم، وشباعة المعتل(1)، وشراب الأبرار، وحفيرة العباس، وهزمة اسماعيل، وهزمة جبرئيل، وطيبة، وزُمْزَم ضبطه السهيلي هكذا بالشكَل في روضه، وزمازم، وقرية النمل، ونقرة الغراب.

وأخرج الأزرقي في معنى تسميتها بنقرة الغراب هو: «ان عبد المطلب لمّا امر بحفر زمزم ونُبّه على ذلك وقيل له: عند نقرة الغراب الأعصم، جاء إلى المسجد ليتعرف موضع الحفر بما رأى من العلامات، فبينا هو على ذاك إذ نحرت بقرة عند الحزورة فانفلتت من الذابح تجري حتى غلبها الموت في موضع زمزم فجزرت في ذلك الموضع، فأقبل غراب يهوي حتى وقع في الفرث، فبحث عن قرية النمل، قام عبد المطلب فحفر هناك»(2)، انتهى.

ولم أدر ما قرية النمل التي بحث عنها الغراب ولا وقفت على كلام فيها(3)، والغراب الاعصم هو الذي في جناحه ريشة بيضاء كذا في الصحاح»(4)، انتهى.


1- في الجامع اللطيف: وشباعة العيال.
2- أخبار مكة 2: 42.
3- ان ابن ظهيرة لم يدر معنى الجملة لوقوع التحريف في نقل الحديث عنده هنا، وكان قدنقله صحيحاً في ص 259 من جامعه عند ذكره لحديث رؤيا عبد المطلب في ذلك، وأنها بين الفرث والدم عند نقرة الغراب الاعصم عند قرية النمل. وقد أوضح العلّامة السيد محمد حسين الجلالي هذه الفقرة في كتابه «موارد الاعتبار في سيرة النبي المختار» عند تعرّضه لقصّة حفر زمزم فقال: انّ الاستدلال بوجود النمل على الماء قد أثبته التجارب؛ فان النمل لا يتواجد الّا في القرب منها، ومن وجودها يمكن الوصول إلى وجود الآبار. راجع موارد الاعتبار: 35.
4- النص منقول من الجامع اللطيف: 273 بتصرف يسير، وانظر شفاء الغرام 1: 220 فقد نقله عن الازرقي أيضا.

ص: 197

المسجد الحرام

ص: 198

ص: 199

المسجد الحرام

قال أصحاب التواريخ والسير- ومنهم القطب النهرواني وابن ظهيرة- نقلًا عن الأزرقي والماوردي وغيرهما من ثقات الرواة والقطب في الباب الثالث عشر من تاريخه: «اعلم أنّ الكعبة الشريفة لما بناها الخليل عليه السلام لم يكن حولها دار ولاجدار، واستمرت كذلك في أيام العمالقة وجرهم وخزاعة، لايجرأ أحد أن يبني عليه داراً ولا جداراً؛ احتراماً للكعبة الشريفة، وكانوا يعظمونها أن يبنوا حولها بيوتاً أو يدخلوا الحرم على جنابة، وكانوا يقيمون بها نهاراً، فإذا أمسوا خرجوا إلى الحل، وكان أمرهم على ذلك إلى أن آل امر البيت إلى قصي بن كلاب واستولى على مفتاح الكعبة، فجمع قومه وإذن لهم أن يبنوا حول الكعبة الشريفة بيوتاً من الجهات الأربع، وقال لهم: إن سكنتم حول [الكعبة](1) هابتكم العرب والملوك، ولم تستحل مالكم ولا الهجوم عليكم، و اما هو فقد بنى داره من الجانب الشامي كما تقدّم بيانه»(2)، انتهى.

وأشار بقوله: كما تقدّم بيانه، إلى ما ذكره في الباب المتقدّم على هذا الباب: أن


1- كذا يقتضيه السياق، وفي الاعلام: «ان سكنتم حول الحرم».
2- نقل معناه القطب النهرواني في الاعلام: 78.

ص: 200

قصيّاً ابتدأ فبنى دار الندوة، قال في هذا الباب: «ويقال: إنّها محلّ مقام الحنفية الذي يصلي فيه الآن الامام الحنفي الصلوات الخمس»(1).

قال في البابين: «وقسّم قصيّ جهات البيت بين قبائل قريش، فبنوا دورهم حول الكعبة الشريفة من جهاتها الأربع، وتركوا للطائفين مقداراً يقال: إنّه القدر المفروش الآن حول البيت الشريف بالحجر المنحوت، المسمى بالمطاف الشريف، وشرعوا أبوابهم إلى نحو البيت، وتركوا ما بين كل بيتين طريقاً ينفذ منه إلى المطاف، ثم كثرت البيوت واتصلت إلى زمان النبي صلى الله عليه و آله- على أشهر الأقوال- بشعب بني هاشم، بقرب المكان المسمّى الآن بشعب علي عليه السلام، واستمرّ الامر على ذلك في عهد النبي صلى الله عليه و آله وأيام أبي بكر وشطراً من إمارة عمر، فلمّا تكاثر المسلمون وضاق المسجد بالناس رأى عمر أن يزيد في المسجد الحرام فاشترى دوراً حول المسجد وهدمها وادخلها في المسجد، وبقيت دوراً احتيج إلى ادخالها فأبى أصحابها من بيعها فقهرهم عمر على ذلك، وقال: إنّما نزلتم في فناء الكعبة ولا تملكون ذلك، ولم تنزل الكعبة بفنائكم، فقوّمت الدور وهدمت وادخلت في المسجد، ووُضع أثمانها في جوف الكعبة حتى طلبه أصحابها فسلّمت إليهم، وأمر ببناء جدار قصير محيط بالمسجد جعل فيه أبواباً في محاذاة الأبواب السابقة، وكانت المصابيح توضع على ذلك الجدار»(2).

[قال] ابن ظهيرة: «وكان ذلك سنة 17 سبعة عشر من الهجرة(3)، عقيب سيل


1- نقله رشدي الصالح؛ محقق اخبار مكة، في هامش اخبار مكة 2: 114.
2- انظر اخبار مكه للازرقي 2: 68-/ 69، وشفاء الغرام 1: 224، والجامع اللطيف: 197، والاعلام: 79.
3- الجامع اللطيف: 198.

ص: 201

ام نهشل الذي ذهب بها وبالمقام الشريف، وفيها عمل عمر الردم بأعلى مكة المعروف بردم بني جمح، وهو الموضع الذي يقال له الآن: المدعى»(1).

قال السنجاري في ذيل زيادة عمر في المسجد: «وهذه الزيادة أوّل زيادة وقعت في المسجد، وقد وسّعه جماعة ذكرهم بعض الناس في أبيات، وهي:

تحقيق ذا المسجد ذي التباهي أوسع من عهد رسول اللّه

إذ بعده بالقطع زاده عمروشيّد الجدران منه إذ عمر

ووسّع الأمكنة المضيّقةعثمان واستجدّ فيه الأروقة

وابن الزبير بعده قد وسّعه ثم الوليد بعد زاده سعة

ثم انقضى ملك بني اميّةواحترقوا بمثل لدغ الحيّة

ثمّ انتهى الملك ورفع الباس من بعدهم إلى بني العباس

فوسّع المنصور ثم المهدي ودام ذا الأمر إلى ذا العهد

انتهى(2).

ثمّ إنّ عثمان حذا حذو عمر في توسيع المسجد، فاشترى دوراً حول المسجد وهدمها وأدخلها فيه، وأبت طائفة ففعل بهم ما فعل عمر، فضجّ الناس لذلك


1- ذكر بعض ذلك الفاسي في شفاء الغرام 1: 24.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 525.

ص: 202

وهاجوا، فدعاهم وقال لهم: انّما جرّأكم عليّ حلمي عنكم، ألم يفعل ذلك بكم عمر فلم يضجّ منه أحد ولا صاح عليه؟ وقد احتذيت حذوه فضجرتم مني وصحتم عليّ، ثمّ أمر بهم إلى الحبس فشفع عبد اللّه بن خالد بن أسيد فتركهم، وهدم الدور ووسّع بها المسجد، واتّخذ حول المسجد اروقة، وكان ذلك سنة ست وعشرين من الهجرة(1).

وكان أوّل من زاد في المسجد وبنى له جداراً عمر، وأوّل من اتّخذ له أروقة عثمان، فلمّا كان زمن ابن الزبير زاد في المسجد زيادة كبيرة واشترى دوراً منها بعض دار الازرق- جدّ الازرقي المشهور صاحب تاريخ مكّة- ببضعة عشر ألف دينار أحالهم بها على أخيه مصعب بن الزبير بالعراق، فوجدوه يقاتل عبد الملك بن مروان، فتربّصوا حتى قتل، ثم رجعوا [الى مكة](2) وصار ابن الزبير يدافعهم حتى قتل في محاربته للحجاج، ولم يصل إليهم من ذلك شي ء(3).

وروى الازرقي: «أنّ المسجد كان في زمان ابن الزبير سبعة أجربة ومسجد الكوفة تسعة أجربة»(4).

ثمّ عمّر المسجد بعد ذلك عبدالملك بن مروان ولم يزد فيه، لكنّه رفع جدرانه وسقّفه بالساج وعمره عمارة حسنة.

ثمّ إنّ الوليد بن عبد الملك زاد فيه ونقض عمل أبيه، وعمله عملًا محكماً وزخرف سقفه وآزره من داخله بالرخام، وجعل له سرادقات وشرفاً، وجعل في وجوه الطيقان من أعلاها الفسيفساء، وهو أوّل من صنع ذلك»(5).

وفي تاريخ القطب: «قال النجم عمر بن فهد: بعث الوليد إلى واليه على مكّة


1- الجامع اللطيف: 197-/ 198.
2- من اخبار مكة.
3- انظر أخبار مكة 2: 70.
4- انظر اخبار مكة 2: 69.
5- أخبار مكة 2: 72.

ص: 203

خالد بن عبد اللّه القسري بتسعة وثلاثين ألف دينار ذهباً، فضرب بها على بابي الكعبة الشريفة وميزابها واساطينها الداخلة صفائح الذهب، ويقال: إنّ هذه الحلية التي حلّي بها الكعبة كانت في مائدة سليمان بن داود التي احتملت إليه من طلطيلية من جزيرة الاندلس»(1).

ثمّ لما افضى الأمر إلى أبي جعفر وسّع المسجد الحرام من جانبه الشامي والغربي، ولم يجعل فيما وسّعه من الجانبين الّا رواقاً واحداً. قال القطب: «زاد المنصور في المسجد الحرام في شقّه الشامي الذي يلي دار الندوة، وزاد في أسفله إلى أن انتهى إلى المنارة التي في ركن باب بني سهم، ولم يزد في الجانب الجنوبي شيئاً؛ لاتصاله بمسيل الوادي وصعوبة البناء فوقه وعدم ثباته اذا قوي عليه السيل، وكذلك لم يزد في أعلى المسجد، واتصل عمله في الأعلى بعمل الوليد»(2)، انتهى ملخّصاً.

وكان ابتداء عمله في المحرّم سنة سبع وثلاثين ومئة، والفراغ منه في ذي الحجّة سنة أربعين ومئة، وكان الذي زاده المنصور النصف ممّا كان عليه قبل ذلك.

ثمّ أنّ المهدي بن أبي جعفر المنصور وسّع المسجد الحرام بعد موت أبيه من أعلاه ومن الجانب اليماني ومن الموضع الذي انتهى إليه أبوه في الجانب الغربي، حتى صار على ما هو عليه اليوم، ما عدا الزيادتين؛ فانّهما احدثتا بعده.

وكانت عمارة المهدي في نوبتين؛ الاولى: في سنة احدى وستين ومئة، وكان زيادته فيها فيما عدا جهة المسيل من الجانب اليماني، وزاد فيها أيضاً فيما زاده أبوه


1- الاعلام بأعلام بيت الله الحرام: 122، ومعناه في شفاء الغرام 1: 115.
2- راجع اخبار مكة 1: 72-/ 73.

ص: 204

رواقين.

والثانية: في سنة سبع وستين، وكان أمر بها لما حجّ حجته الثانية في سنة أربع وستين ورأى الكعبة في شقّ من المسجد، فكره ذلك، وأحب أن يكون متوسّطة في المسجد، فدعا المهندسين لأجل تربيع المسجد والزيادة فيه من جهة الجانب اليماني؛ لتتوسط الكعبة في المسجد، وكان بين جدار الركن اليماني وجدار المسجد الحرام الذي يلى الصفا تسعة وأربعون ذراعاً ونصف ذراع، وكان ما وراء ذلك مسيل الوادي فقدروا ذلك؛ فإذا هو لايستوي لهم من أجل الوادي والمسيل، وقالوا: انّ وادي مكّة له سيول قويّة العرم، ونخشى إن حوّلنا الوادي عن مكانه أن لا يتمّ لنا ما نريد، فقال المهدي: لابدّ من ذلك ولو انفقت فيه جميع ما في بيوت المال، وقوي عزمه على ذلك. فقدّر المهندسون ذلك وهو حاضر [ونصبوا الرماح على الدور من اول الوادي الى آخره، ثم ذرعوه من فوق الرماح](1) حتى عرفوا ما يدخل من الوادي في المسجد وما يبقى فيه، ثم خرج المهدي وخلّف الاموال فاشتروا من الناس دورهم ووسّعوا المسجد، حتى زيد على ما كان من الجدار القديم إلى الجديد تسعون ذراعاً، ولم يكمل العمل الّا في خلافة ابنه الهادي.

قالوا: وأنفق المهدي على ذلك أموالًا عظيمة بحيث صار ثمن كلّ ذراع في ذراع مكسّر ممّا دخل في المسجد خمسة وعشرين ديناراً، وثمن كلّ ذراع مكسّر ممّا دخل في الوادي خمسة عشر ديناراً(2)، ونقل إلى المسجد الحرام أساطين


1- من الجامع اللطيف.
2- انظر أخبار مكّة 1: 80.

ص: 205

الرخام من مصر وغيرها في السفن حتى انزلت بجدّة، وحملت منها على العجل إلى مكّة»(1)،

«ثمّ إنّه لم يزد أحد على بناء المهدي في المسجد شيئاً سوى الزياديتن المعروفتين: زيادة [دار الندوة](2) في الجانب الشامي بأمر المعتضد العباسي، وزيادة باب ابراهيم بالجانب الغربي بأمر المقتدر العباسي»(3)،

ثمّ بعد ذلك لم يحصل زيادة وتوسيع في المسجد إلى هذا الوقت من الملوك والأمراء، وإنّما كان الترميم والترخيم والاصلاح لا غير(4).

قال ابن ظهيرة في جامعه: «نقل الازرقي: أنّ ذرع المسجد الحرام مكسراً مئة ألف ذراع وعشرون ألف ذراع(5).

وأمّا طول المسجد الحرام وعرضه، فقد حرّره الفاسي بذراع الحديد، فكان طوله من وسط جداره الغربي- الذي هو جدار رباط الخوزي، بضم الخاء المعجمة وبعدها واو ثم زاء معجمة- إلى وسط جداره الشرقي الذي عند باب الجنائز مع المرور في نفس الحِجر- بكسر الحاء- واللصوق بجدار الكعبة الشامي:

ثلاثمئة ذراع وستّة وخمسين ذراعاً وثمن ذراع بالذراع المذكور، ويكون ذلك


1- الجامع اللطيف: 199-/ 201.
2- في المخطوطة هكذا: «زيادة باب الزيادة»، ومابين المعقوفتين من شفاء الغرام والجامع اللطيف.
3- شفاء الغرام 1: 22، الجامع اللطيف: 202-/ 203.
4- اخبار مكّة: 81.
5- اخبار مكّة 1: 81.

ص: 206

بذراع اليد أربعمئة ذراع وسبعة أذرع.

وكان عرضه من وسط جداره القديم الذي يدخل منه إلى زيادة دار الندوة إلى وسط جدار المسجد اليماني فيما بين بابي المسجد- باب الصفا وباب أجياد- مارّاً كذلك فيما بين مقام ابراهيم والكعبة وأنت إلى المقام أقرب، مئتي ذراع وستة وستين ذراعاً بذراع الحديد، ويكون ذلك بذراع اليد ثلاثمئة ذراع وأربعة أذرع.

وكان تحريره لذلك في ليلة الخميس السابع عشرين من شهر ربيع الأوّل سنة أربع عشر و ثمانمئة»(1)، انتهى.

قال ابن جماعة: «ومساحة المسجد الحرام ستة أفدنة ونصف وربع، والفدان عشرة آلاف ذراع بذراع العمل المستعمل [في البنيان](2) بمصر، وهو ثلاثة أشبار تقريباً»(3).

ثم قال ابن ظهيرة: «فائدة: أخرج الازرقي بسنده إلى أبي هريرة أنّه قال: انا لنجد في كتاب اللّه(4) أنّ حد المسجد الحرام من الحزورة إلى المسعى!. وأخرج أيضاً بسنده إلى عمرو بن العاص أنّه قال: أساس المسجد الذي وضعه ابراهيم عليه السلام من الحزورة إلى المسعى إلى مخرج سيل أجياد، ثم قال: والمهدي وضع المسجد على المسعى»(5).


1- شفاء الغرام 1: 230- 231، الجامع اللطيف: 206- 207.
2- من شفاء الغرام.
3- راجع شفاء الغرام 1: 231.
4- كذا، وفي المصدر زيادة: «تعالى».
5- الجامع اللطيف: 207.

ص: 207

[الحزورة والعزورة]

اشارة

قد تكرر ذكر الحزورة والعزورة في الأخبار وكلام مؤرخي مكّة المشرفة، ومن ذلك حديث ابي سلمة عن عبد اللّه بن عدي الزهري قال: «رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله على راحلته واقفاً بالحزورة، يقول: واللّه انّك لخير أرض اللّه وأحبّ أرض اللّه إلى اللّه، ولولا أنّي أخرجت منك ماخرجت... الحديث»(1).

قال ابن ظهيرة: «وهو حديث حسن، أخرجه أصحاب السنن، و صحّحه جماعة، منهم الترمذي، وزاد الامام أحمد: «واقف بالحزورة في سوق مكة، وقد دخل في المسجد بعد ذلك» وفي رواية ابي هريرة: «انه صلى الله عليه و آله وقف بالحزروة وقال: ... الحديث»(2).

قال ابن ظهيرة: «والحزورة- بحاء مهملة وزاء معجمة، كقسورة، وعوام مكّة يصحّفونها ويقولون: عزورة، بعين مهملة، والمحدثون يشدّدونها-،


1- الجامع اللطيف: 152.
2- الجامع اللطيف: 152.

ص: 208

والحزورة هي الرابية الصغيرة، وكان عندها سوق الحنّاطين بمكة»(1).

وذكر هو وغيره في تعداد منائر المسجد الحرم أنّها ستّ؛ أربعة منها في الأركان، أوّلها: تعرف بمنارة عزورة؛ لأنّها على باب عزورة، وفي تعداد المنارة الخارجة عن المسجد منارة على جبل الحزورة(2).

وفي تعداد الأبواب: انّ بالجانب الغربي ثلاثة أبواب، ثالثها: باب الحزورة المصحّف الآن بعزورة، وهو منفذان(3). وقال: عرّفه الازرقي بباب بني حكيم بن حزام- بالمهملة ثم المعجمة- وبباب بني الزبير بن العوام، وأنّه قال: والغالب عليها باب الحزامية(4).

قال ابن ظهيرة: «وباب عزورة بإزاء باب عليّ، بمعنى مقابله»(5)، انتهى.

وحكى السنجاري عن الفاسي في قصّة حجابة إياد للبيت الشريف: «انّه كان أمر البيت إلى رجل منهم يقال [له]: وكيع بن سلمة، وكان له صرح بأسفل مكّة يتعبد فيه ويرقاه بسلّم، وجعل فيه بومة تسمّى الحزورة، وبها سمي المكان»(6)،

وقال في زيادات المهدي: «قال ابن الضياء: وأمر المهدي بحفر بئر خارج باب الحزورة عوضاً عن بئر جاهليّة كانت في المسجد حفرها قصيّ بن كلاب في


1- راجع الجامع اللطيف: 153.
2- انظر الجامع اللطيف: 205-/ 206.
3- الجامع اللطيف: 218.
4- أخبار مكة 1: 91.
5- الجامع اللطيف: 201.
6- شفاء الغرام 2: 26.

ص: 209

شرقي المسجد.

قلت: وهي باقية إلى الآن ينتفع بها في غسل الطرحاء بمكّة لها نفع كبير»(1)، انتهى. ونحو ذلك قال القطب في تاريخه(2).

وهذا كلّه يقتضي أن يكون الحزورة في مسفلة مكّة في الجانب الغربي، ويؤيّده ما روي أن دخوله [أي النبي صلى الله عليه و آله](3) كان من عقبة المدنيّين وخروجه من ذي طوى في حجّة الوداع؛ فإن الكلام المنقول عنه إنّما قاله عند خروجه، هذا إن كان قوله ذلك في حجّة الوداع. وروى الازرقي أنّه قال ذلك عام الفتح(4).

وقال ابن ظهيرة: «قاله في عمرة القضاء حين سألت قريش خروجه بعد الثلاثة الأيام على ما وقع الشرط»(5).

وقال في القاموس: «وحزورة- كقسورة-: الناقة المقتّلة المذلّلة، والرابية الصغيرة»(6). وقال في مادة «ع زر»: «العزور: السي ء الخلق، وبهاء الأكمة، وبلا لام: موضع قرب مكّة أو ثنية المدنيين الى بطحاء مكة»(7).

وقال الملا علي القاري في منسكه: «ويخرج من أسفل المسجد استحباباً، قيل: من باب العمرة، والأصحّ أنّه من باب الحزورة، كما عليه عمل العامّة، ويؤيّده ما رواه الترمذي وابن ماجة انّه صلى الله عليه و آله وقف على الحزورة... الحديث»(8).


1- انظر الجامع اللطيف: 219.
2- الاعلام بأعلام بيت الله الحرام: 143، تاريخ مكة المشرفة: 154.
3- الزيادة منّا.
4- اخبار مكة 2: 163.
5- الجامع اللطيف: 152-/ 153.
6- القاموس المحيط 2: 13.
7- القاموس المحيط 2: 125.
8- الترمذي، كتاب المناقب، باب فضل مكة، ح 3925.

ص: 210

وقال السنجاري في أخبار فتح مكة: «أنه صلى الله عليه و آله أمر الزبير أن يركز رايته بالحجون، ولايبرح حتى يأتيه، وأمر خالد بن الوليد أن يدخل من أسفل مكّة، ولا يقاتل الّا من قاتله ... وأنّه قاتل جماعة خالداً فقاتلهم حتى أدخلهم المسجد من باب الحزورة، ولم يقع قتالٌ بأعلى مكّة»، من السنجاري نقلًا عن أصحاب التواريخ(1)،.

قال السنجاري بعد ذكر عمارة المسجد الحرام في دولة السلطان سليم والسلطان مراد بن سليم: «قال الامام علي بن عبدالقادر الطبري: وقد ذرعناه خلا الزيادتين فكان من وسط جداره الغربي الذي هو جدار رباط الخوزي إلى وسط جداره الشرقي الذي هو عند باب الجنائز مع المرور في نفس الحِجر- بالكسر- واللصوق بجدار الكعبة الشامي فكان ثلاثمئة وستة وخمسون ذراعاً وثمن ذراع بالذراع الحديد، وعرضه من جداره القديم، الذي يدخل منه إلى زيادة دار الندوة إلى وسط الجدار اليماني بين باب الصفا وباب أجياد، كذلك [مارّاً] فيما بين الكعبة والمقام، وأنت إلى المقام أقرب مئتا ذراع وستة وستين ذراعاً بذراع الحديد(2)، وطول زيادة دار الندوة من جدار المسجد الكبير إلى الجدار المقابل له عند باب المنارة أربعة وسبعون ذراعاً الّا ربع ذراع، وذرع عرضها من وسط جدارها الشرقي وهو جدار المدرسة السليمانية إلى وسط جدارها الغربي وهو جدار بيت ميرزا مخدوم سبعون ذراعاً ونصف ذراع(3)،


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 3: 479- 482.
2- نقله ابن ظهيرة في الجامع اللطيف: 206-/ 207، وتقدم مثل ذلك عن السنجاري آنفا.
3- نقله ابن ظهيرة في الجامع اللطيف: 207-/ 208.

ص: 211

وذرع زيادة باب ابراهيم طولًا من الأساطين مما يحاذي رباط الخوزي إلى الجدار الذي فيه الباب سبعة وخمسون ذراعاً، وعرضه من جدار رباط الخوزي إلى جدار مدرسة الخاص اثنان و خمسون ذراعاً وربع»(1).

وأفاد بعض مؤرخي مكة: «أنّ ذرع هذه الزيادة نقص قليلًا لتغيير الباب ورفعه، وما أحدث فيه من البسطة الداخلة في المسجد»(2)، انتهى كلامه.

واخترناه لكونه آخر المؤرخين.

قال السنجاري: «وصفة المسجد الآن: أربعة أروقة خلا الزيادتين والكعبة المعظّمة في الوسط، وفيه من الاسطوانات الرخام ثلاثمئة وأحد عشر، ومن الاسطوانات الشميسي مئتان وأربع وأربعون، وأما الاسطوانات من النحاس الأصفر المحيطة بالمطاف فاثنان و ثلاثون اسطوانة ينظمها طوق من حديد يعلق بين كل اسطوانتين سبعة قناديل، جمع الكل في قوله:

«فدت نفسي دعائمه»

وما جمع في هذا الجمع غير موافق لماذكره القطبي، فتأمّله حاسباً»(3).

وعدةُ القبب: مئة واثنان وخمسون قبّة. وعدة الطواق: مئتان واثنان


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 3: 473- 476.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 3: 476، وانظر ذرع المسجد الحرام في شفاءالغرام 1: 230-/ 331.
3- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 3: 476- 477، وقد تعرّض لذكر اساطين المسجد كلّ من الأزرقي في أخبار مكة 2: 82، والفاسي في شفاء الغرام 1: 233.

ص: 212

وثلاثون.

وأمّا المصليات: فستّة وخمسون.

وأمّا الشرافات: فمئة وثمانية وثلاثون.

وأمّا أبوابه: فتسعة عشر [باباً وثمانية وثلاثون](1) طاقة، باب السلام ثلاث طاقات، باب الجنائز طاقتان، باب العباس طاقتان، باب علي ثلاث طاقات، باب باذان طاقتان، باب البغلة طاقتان، باب الصفا خمس طاقات، باب أجياد طاقتان، باب الرحمة طاقتان، باب الشريف طاقتان، باب امّ هاني طاقتان، باب الحزورة طاقتان، باب ابراهيم طاقة واحدة، باب العمرة طاقة، باب السدرة(2) طاقة، باب العجلة(3)- ويعرف بالباسطية- طاقة، باب الفهود طاقة، وهو في الركن الغربي من الزيادة، باب الزيادة ثلاث طاقات، باب الدريبة طاقة(4).

وأمّا المنائر، فسبعة: منارة باب العمرة، منارة باب السلام، منارة باب علي، منارة باب الحزورة، منارة باب الزيادة، منارة قايتباي، منارة السيلمانية، وذكر الفاسي عدة منائر خربت»(5)، انتهى ملخصاً.(6)


1- الزيادة اقتضاها السياق.
2- كذا في المخطوطة، وفي الجامع اللطيف 218: «باب السدة؛ لكونه سدّ ثم فتح».
3- في الجامع اللطيف: «وسمي بذلك لكونه عند دار كانت تسمى قديماً دار العجلة». الجامع اللطيف: 218.
4- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 3: 478- 482، الّا انّ الازرقي ذكر عدد ابواب المسجد فى اخبار مكة 2: 86-/ 94، والفاسي في شفاء الغرام 1: 237، وابن ظهيرة في الجامع اللطيف: 217.
5- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 3: 485- 488، وقد ورد ذكر قبب ومنائر المسجد الحرام في الجامع اللطيف: 204-/ 206 و 215، فراجع.
6- السيد محمد مهدي بحر العلوم، تحفة الكرام في تاريخ مكة وبيت الله الحرام، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1425 ه. ق..

ص: 213

فصل في توسعة المسجد الحرام

قال الحافظ نجم الدين ابن فهد في حوادث سنة 167 ما ملخصه: «فيها هدمت الدور التي اشتريت لتوسعة المسجد والزيادة فيه- الزيادة الثانية للمهدي- فهدموا أكثر دار محمد بن عبّاد، وجعلوا المسعى والوادي فيها، وهدموا ما بين الصفا والوادي من الدور، وحرفوا(1) الوادي في موضع الدور حتى أوصلوه إلى مجرى الوادي القديم في اجياد الكبير، وهو الآن [الطريق](2) الذي يمرّ منه دور السادة الاشراف امراء مكّة المشرّفة، وابتدأوا من باب بني هاشم من أعلى المسجد الذي يقال له: باب علي رضي الله عنه، ووسع المسجد يمنة الى أسفل المسجد، وجعل في مقابلة هذا الباب باب في المسجد يعرف الان بباب حزورة- ويحرّفه العوام فيقولون: باب عزّورة لأنّ السيل إذا كان على مجرى الوادي ودخل إلى المسجد خرج من هذا الباب إلى أسفل مكّة، فإذا طفح عن ذلك يخرج من باب الخياطين أيضاً، ويسمى الآن باب ابراهيم، فيمر السيل ولا يصل إلى


1- في الاعلام: «وحرثوا».
2- من المصدر.

ص: 214

جدار الكعبة الشريفة من الجانب اليماني، وكان من جدار الكعبة إلى الجدار اليماني من المسجد المتصل بالوادي تسعة وأربعون ذراعاً ونصف ذراع، فلمّا زيدت هذه الزيادة الثانية صار من جدار المسجد أوّلًا إلى الجدار الذي عمل أخيراً- وهو إلى اليوم باقٍ- تسعون ذراعاً، فاتّسع المسجد غاية الاتساع وأدخل في الركن اليماني من دار امّ هاني؛ لأنّ الباب الذي فتح هناك باب ام هاني؛ لأنّ دارها كانت بقرب ذلك الباب داخل المسجد الحرام الآن، ومن هذا الباب يدخل إلى المسجد شرفاء مكّة آل الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام، وكانت عند دار ام هاني بئر جاهليّة حفرها قصي بن كلاب، أحد أجداد النبي صلى الله عليه و آله، فأدخلت تلك البئر أيضاً في المسجد، وحفر المهدي عوضها بئراً خارج باب الحزورة يغسلون عندها الموتى من الفقراء إلى الآن.

ومن أبواب المسجد الحرام من أسفله: باب بني سهم، يعرف الآن بباب العمرة؛ لأنّ المعتمرين من التنعيم يدخلون منه، يستقربونه بالنسبة إلى الدخول من أعلى المسجد.

ثمّ إنّ العمل استمرّ في المسجد إلى ان توفي المهدي سنة 169 قبل أن تتمّ العمارة، فتولّى بعده ابنه الهادي موسى بن المهدي، وكان أوّل شي ء بادر به الهادي الأمر بإكمال المسجد وإتمامه، فكمل العمل في أيامه، وكان عدّة ملكه سنة وشهراً، وكان العمل في أيام الهادي دونه في أيام المهدي في الزينة والاستحكام»(1)، انتهى ما أردنا نقله من تاريخ القطب.


1- راجع الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 142- 145. بتلخيص.

ص: 215

المسعى

ص: 216

ص: 217

المسعى

اشارة

قال قطب الدين بن الشيخ علاء الدين علي القاري الخرقاني النهرواني في تاريخه المسمّى بالإعلام؛ نقلًا عن المؤرخين المعتمدين كالازرقي والفاكهي والحافظ نجم الدين بن فهد وغيرهم: «إنّ المهدي العباسي لمّا حجّ سنة 160 استدعى قاضي مكة يومئذٍ- وهو محمد الأوقص بن محمد بن عبدالرحمن المخزومي- وأمره أن يشتري دوراً في أعلى المسجد ويهدمها ويدخلها في المسجد الحرام، وأعدّ لذلك أموالًا عظيمة، فاشترى القاضي جميع ما كان بالمسجد الحرام والمسعى من الدور، فما كانت من الصدقات والأوقاف اشترى للمسجد بدلها دوراً في فجاج مكّة، واشترى كل ذراع مكسّر في مثله ممّا دخل في المسجد الحرام بخمسة وعشرين ديناراً، وما دخل في مسيل الوادي بخمسة عشر ديناراً، وكان ممّا دخل في ذلك الهدم دار الأرزق(1)، وهي يومئذٍ لاصقة بالمسجد الحرام من أعلاه على يمين الخارج من باب بني شيبة، وكان ثمن ناحية منها ثمانية عشر ألف دينار. وقد كان أكثرها دخل في المسجد الحرام في زيادة ابن الزبير، ودخلت


1- كذا في المصدر: «الازرقي».

ص: 218

أيضاً دار خيرة(1) بنت سباع الخزاعيّة، وكان ثمنها ثمانية وأربعين ألف دينار، وكانت شارعة على المسعى يومئذٍ قبل أن يؤخّر المسعى، ودخلت أيضاً دار لأل(2) جبير بن مطعم ودار شيبة بن عثمان، اشترى جميع ذلك وهدم وادخل في المسجد، وجعلت دار القوارير رحبة بين المسجد الحرام والمسعى حتى اقتطعها جعفر البرمكي من الرشيد لمّا آلت الخلافة اليه فبناها داراً، ثم صارت إلى حماد البربري فعمرها وزيّن باطنها بالقوارير وظاهرها بالرخام والفسيفساء.- قال القطب:- وتداولها(3) الأيدي بعد ذلك إلى أن صارت رباطين متلاصقين، أحدهما يعرف برباط المراغي والثاني برباط السدرة، فاستبدلهما السلطان قايتباي فبناهما مدرسة ورباطاً في سنة 882، وهو باقٍ إلى الآن صدقة جارية على سكّانه، انتهى.

وهذه الزيادة الاولى للمهدي في أعلى المسجد كذلك وأسفله إلى أن انتهى به إلى باب بني سهم، ويقال له الآن: باب العمرة، وإلى باب الخياطين ويقال له الآن: باب ابراهيم، وكذلك زاد من الجانب الشامي إلى منتهاه الآن، وكذلك زاد في(4) الجانب اليماني أيضاً إلى قبّة الشراب وتسمى الآن: قبة العباس، وإلى حاصل الزيت، وكان بين جدار الركن اليماني وجدار المسجد الحرام الذي يلي


1- كذا في المصدر، وفي المخطوطة: «ضرّة».
2- كذا في المصدر، وفي المخطوطة: «لأبي».
3- كذا في المصدر، وفي المخطوطة: «وتداولت».
4- كذا في المصدر، وفي المخطوطة: «من».

ص: 219

الصفا تسعة وأربعون ذراعاً ونصف ذراع، وكان ماوراءه مسيل الوادي، فهذه الزيادة كلّها الزيادة الاولى للمهدي.

واستمرّ الأمر على ذلك إلى سنة 164(1) فحجّ المهدي من ذلك العام وشاهد الكعبة المعظّمة ليست في وسط المسجد، بل في جانب منه، ورأى المسجد قد اتّسع من أعلاه ومن أسفله ومن الجانب الشامي، وضاق من الجانب اليماني الذي يلي مسيل الوادي، و كانوا يسلكون من المسجد في بطن الوادي ثم يسلكون زقاقاً ضيّقاً ثم يصعدون إلى الصفا، وكان المسعى في جانب المسجد الحرام(2)، وكان باب دار محمد بن عباد بن جعفر العائذي عند حد ركن المسجد الحرام عند موضع المنارة الشارعة في نحر الوادي، فيها علم المسعى، وكان الوادي يمرّ دونها، وكان مروره إلى بعض المسجد الحرام اليوم... فهدموا أكثر دار محمد بن عباد بن جعفر العائذي وجعلوا المسعى والوادي فيها، وكان عرض الوادي من الميل الاخضر الملاصق للمأذنة التي في(3) الركن الشرقي وإلى الميل [الاخر الثاني الملاصق الان لرباط العباس. وكان هذا الوادي مستطيلًا الى أسفل المسجد الان يجري فيه السيل](4) ملاصقاً لجدار المسجد الحرام اذ ذاك، وهو الآن بطن(5) المسجد من الجانب اليماني، فلما رأى المهدي تربيع المسجد الحرام ليس على الاستواء، ورأى الكعبة الشريفة في الجانب اليماني من المسجد، جمع المهندسين وقال لهم: اني اريد


1- كذا في المخطوطة، وفي المصدر: «191»، وهو خطأ.
2- العبارة في المصدر هكذا: «وكان السعي في موضع المسجد الحرام».
3- كذا في المصدر، وفي المخطوطة: «بعمارته التي فيها».
4- من المصدر.
5- كذا في المصدر، وفي المخطوطة: «بجدار».

ص: 220

أن أزيد في الجانب اليماني من المسجد لتكون الكعبة وسط المسجد، فقالوا له:

لايمكن ذلك الّا بأن تهدم البيوت التي على حافة المسيل في مقابلة هذا الجدار اليماني من المسجد، ويسلك السيل إلى تلك البيوت ويدخل المسيل في المسجد كما قدّمناه، ومع ذلك كان وادي ابراهيم له سيول عارمة وهو وادٍ حدور، يخاف ان حوّلناه عن مكانه أن لا يثبت لنا أساس البناء فيه على مزيد الاستحكام، فتذهب به السيول أو تعلو السيول فيه وتنصبّ في المسجد، ويلزم هدم دور كثيرة وتكثر المؤونة ولعلّ ذلك لا يتمّ.

فقال المهدي: لابدّ أن أزيد هذه الزيادة ولو انفقت جميع بيوت المال، وصمّم على ذلك، وعظمت نيّته واشتدت رغبته وصار يلهج به، فهندس المهندسون ذلك بحضوره وربطوا الرماح ونصبوا على أسطحة الدور من أوّل الوادي إلى آخره، وربّعوا(1) المسجد [وشوهد](2) من فوق الأسطحة، وطلع المهدي إلى جبل أبي قبيس وشاهد تربيع المسجد ورأى الكعبة في الوسط ورأى ما يهدم من البيوت ويجعل محلًا للمسعى وشخّصوا له ذلك بالرماح المربوطة من الاسطحة، ووازنوا له ذلك مرة بعد اخرى حتى رضي به، ثم توجّه إلى العراق وخلّف الأموال الكثيرة لشراء هذه البيوت والصرف على هذه العمارة المعظمة، وهذه هي الزيادة الثانية في المسجد الحرام، وهذا ملخص ما ذكره الازرقي والفاكهي والحافظ نجم الدين عمر بن فهد في تاريخهم.

وههنا إشكال عظيم، ما رأيت من تعرّض له، وهو: أنّ السعي بين الصفا


1- كذا في المصدر، وفي المخطوطة: «وذرعوا».
2- من المصدر.

ص: 221

والمروة من الامور التعبّدية التي أوجبها اللّه سبحانه وتعالى علينا في ذلك المحل المخصوص، ولايجوز لنا العدول عنه، ولاتعتبر هذه العبادة الّا في ذلك المكان المخصوص الذي سعى فيه رسول اللّه صلى الله عليه و آله، وعلى ما ذكره هؤلاء الثقات ادخل هذا المسعى في الحرم الشريف وحوّل ذلك المسعى إلى دار ابن عبّاد كما تقدّم، وأمّا المكان الذي يسعى فيه الآن فلا يتحقق أنّه بعض من المسعى الذي سعى فيه رسول اللّه صلى الله عليه و آله أو غيره، فكيف يصح السعي فيه وقد حوّل عن مكانه كما ذكره هؤلاء الثقات؟

ولعلّ الجواب: أنّ المسعى في عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان عريضاً، وبنيت تلك الدور بعد ذلك في بعض عرض المسعى القديم، فهدمها المهدي وأدخل بعضها في المسجد الحرام وترك بعضها للسعي فيه، ولم يحوّل تحويلًا كلياً، وإلّا لأنكره علماء الدين من الأئمّة المجتهدين مع توفّرهم إذ ذاك، وكان الإمامان ابو يوسف محمد بن الحسن والامام مالك بن انس موجودين يومئذٍ، وقد أقروا بذلك وسكنوا إليه(1)، وكذلك من صار بعد ذلك الوقت في مرتبة الاجتهاد كالامام الشافعي وأحمد بن حنبل وبقيّة المجتهدين، فكان إجماعاً منهم على صحة السعي من غير نقل خلاف عنهم، وبقي(2) الاشكال في [جواز ادخال](3) شي ء من السعي في المسجد، وكيف يصير ذلك مسجداً، وكيف يصير حال الاعتكاف فيه.

وحلّه بأن يجعل حكم المسعى حكم الطريق العام:


1- في المصدر: «وسكتوا عليه».
2- كذا في المصدر، وفي المخطوطة: «ووقع».
3- من المصدر.

ص: 222

قال علماؤنا بجواز ادخال الطريق في المسجد إذا لم يضرّ بأصحاب الطريق فيصير مسجداً، وصح الاعتكاف فيه حيث لم يضر بمن يسعى. فاعلم ذلك.

وهذا ممّا تفرّدت ببيانه، وللّه الحمد على التوفيق [لتبيانه](1).

فصل:

وممّا لم يلائم ما نحن فيه من عجيب ما نقل في التعدي على المسعى الشريف واغتصابه ما وقع قبل عصرنا هذا بنحو مئة عام، في أيام دولة ملوك الجراكسة في سلطنة الملك الاشرف قايتباي المحمودي سامحه اللّه، ومحصّله: انّه كان له تاجر يستخدمه قبل سلطنته في زمان امارته، اسمه الخواجا شمس الدين محمد بن عمر ابن الزمن، وكان مقرّباً منه بعد سلطنته ويتعاطى له متاجره وخيريته ومآثره الجميلة، واعتقاده في العلماء والصلحاء واتصافه بصفة العلم أيضاً، وكان السلطان قايتباي أرسله إلى مكّة ليتعاطى له متاجره، ويعمر له مدرسته ويعمر جانباً من الحرم الشريف، ومن جوف الكعبة، وهو الذي أمره بعمارة المسجد الشريف النبوي بعد الحريق المشهور سنة 886، وبنى له المدرسة التي بالمدينة الشريفة، وأجرى عين الزرقاء بها، وعين خليص من طريقها، وعين عرفات وغير ذلك من الخيرات الجارية إلى الآن، غير أنّ حبّ الجاه ونفاذ الأمر أوقعه فيما نذكره، وهو أنّه كان بين الميلين ميضاة أمر بعملها السلطان الملك الاشرف شعبان بن الناصر حسن بن قلاوون، وكانت في مقابلة باب علي، يحدّها من


1- الاعلام بأعلام بيت الله الحرام: 140، والزيادة من المصدر.

ص: 223

الشرق بيوت الناس، ومن الغرب المسعى الشريف، ومن الجنوب مسيل وادي ابراهيم الذي يقال له الآن: سوق الليل، ومن الشمال دار سيدنا العباس الذي هو الآن رباط يسكنه الفقراء. واستأجر الخواجا شمس الدين بن الزمن هذه الميضاة وهدمها، وهدم من جانب المسعى مقدار ثلاثة أذرع وحفر أساسه ليبني بها رباطاً للفقراء، فمنعه من ذلك قاضي القضاة بمكّة عالم المسلمين وقاضي الشرع المبين القاضي برهان الدين ابراهيم بن ظهيرة الشافعي، فلم يمتنع من ذلك، فجمع القاضي ابراهيم محضراً حافلًا، حضره علماء المذاهب الأربعة، ومن أجلّهم مولانا الشيخ زين الدين قاسم بن قطلوبغا الحنفي رئيس العلماء الحنفية، والشيخ شرف الدين موسى بن عبيد الحنفي، والقاضي علاء الدين الزواوي الحنبلي، وبقيّة العلماء المكيّين والقضاة والفقهاء، وطلب الخواجا شمس الدين بن الزمن، وأنكر عليه جميع الحاضرين وقالوا له في وجهه: أن عرض المسعى كان خمسة وثلاثين ذراعاً، وأحضر النقل من تاريخ الفاكهي، وذرعوا من ركن المسجد إلى المحل الذي وضع فيه ابن الزمن أساسه، فكان سبعة وعشرين ذراعاً، فقال ابن الزمن: المنع قاصر بي أو لجميع الناس؟. فقال له القاضي: أمنعك الآن لأنّك مباشر في هذا الحال لهذا الفعل الحرام، وآمر الغير أيضاً بازالة تعديه، وتوجّه القاضي بنفسه إلى محل الأساس ومنع البنائين والعمال عن العمل، وأرسل عرضاً ومحضراً فيه خطوط العلماء إلى السلطان قايتباي، وكتب ابن الزمن أيضاً إليه، وكانت الجراكسة لهم تعصّب وقيام في [مساعدة](1) من يلوذ بهم ولو على


1- من المصدر.

ص: 224

الباطل، فلما وقف على تلك الاحوال السلطان قايتباي نصر ابن الزمن وعزل القاضي ابراهيم، وولّى خصمه المنصب، وأمر أمير الحاج أن يضع الاساس على مراد ابن الزمن، فوصل في موسم 875 ووقف بنفسه بالليل، وأوقد المشاعل، وأمر البنائين والعمال بالبناء خوفاً من اقدام العامّة عليهم، فبنوه إلى أن صعدوا به وجه الأرض، وجعل ابن الزمن ذلك رباطاً وسبيلًا، وبنى في جانبه داراً، وحفر الميضاة وجعل لها باباً من جهة سوق الليل، وجعل في جانب الميضاة مطبخاً يطبخ فيه الدشيشة ويقسّم على الفقراء، ووقف على ذلك دوراً بمكّة و مزارع بمصر، واستمرّت إلى أن انقطع ذلك المطبخ في عصرنا وبيعت القدور، بل الدور، وباللّه العجب من ابن الزمن وما ذكرناه من فضله ودينه، كيف ارتكب هذا المحرّم بإجماع المسلمين طالباً به الثواب، وكيف تعصّب سلطان عصره الاشرف قايتباي مع أنّه أحسن ملوك الجراكسة عقلًا وديناً، وهو يأمر بهذا الامر المجمع على حرمته في مشعر من مشاعر اللّه تعالى؟ وكيف يعزل قاضي الشرع الشريف لكونه ينهى عن منكر ظاهر الانكار؟ وأين هذا مما يحكى عن أنو شيروان العادل، وهو من أهل الكفر، لمّا أمر المهندسون تسوية ايوانه بادخال قطعة أرض لعجوز بعد أن بذل لها اضعاف ثمن ارضها، فأبت، فأمر بعدم التعرّض لها، فبقى في أيوانه ازورار بسبب ذلك. فقال: هذا الازورار خير من الاستقامة، وصار ذلك مثلًا يذكر بعد الوقت من السنين.

وانّما المرء حديث بعده فكن حديثاً حسناً لمن روى.(1)


1- الاعلام بأعلام بيت الله الحرام: 140- 142.

ص: 225

[طول المسعى]

قيل: «طول المسعى من الصفا والمروة خمسمئة وعشرون خطوة، وعرضه اثنتان وثلاثون ذراعاً، وبطن العقد الذي في المروة ستّة عشر ذراعاً بالحديد، وهو آخر حدّ المروة، وماوراء العقد زائد على حدّ المروة، فإذا دخل تحت العقد فقد أدّى الواجب، ولا يلزمه الصعود على الدرج، فإن صعد إليها لا يضر»، انتهى. قال الفاسي: «والعقد الذي في المروة جدّد بعد سقوطه سنة 801 (ثمانمئة وواحدة)، أو في أوائل الذي بعدها، وعمارته هذه من جهة الملك الظاهر برقوق صاحب مصر، واسمه مكتوب في أعلى هذا العقد(1)، ونقل عن المحب الطبري مانصّه: والمروة في وجهها عقد كبير مشرف، والظاهر أنّه جعل علماً لحدّ المروة، وإلّا كان وضعه عبثاً، وقد تواتر كونه حدّاً بنقل الخلف عن السلف، وتطابق الناسكون عليه، فينبغي للساعي أن يمرّ [تحته](2) ويرقى على البناء المرتفع عن


1- نقله الفاسي في شفاء الغرام 1: 315.
2- من شفاء الغرام.

ص: 226

الأرض»(1)، انتهى.

قلت: ولم يذكر من عقده للسنجاري في منسك الملّا رحمه اللّه.

وأما حدّ الصفا والمروة، فمخلص كلام بعض المؤرخين وغيرهم: إنّ أدنى الصفا الدرجة السفلى منه، أو ما قرب منها، وأدنى المروة تحت العقد المشرف عليها، واللّه أعلم.

وأمّا عرض المسعى، فذكر بعض الشافعية: «يشترط أن يكون السعي في بطن الوادي، فإن التوى شيئاً يسيراً أجزأه، وان عدل عنه إلى زقاق العطارين لم يجزه». وقال قبل ذاك متّصلًا: «وقول الطرابلسي: والشرط أن يقطع جميع المسافة بين الصفا والمروة. ليس بظاهر؛ لأنّه مذهب الشافعية لا مذهبنا، أو يحمل على أنّه شرط لاستيفاء هذا الواجب لا لصحته، لكن ينبغي أن يستوفى المسافة بينهما؛ لأنّه واجب وإن لم يكن شرطاً، واستيفاء ذلك أن يلصق عقبيه بهما، أو يلصق في الابتداء عقبه بالصفا وأصابع رجليه بالمروة، وفي الرجوع عكسه، هكذا في كلّ مرة، وكذا الراكب يضع حافر الدابة ليكون قد قطع جميع المسافة، ولا يبقى شي ء ولا فرجة يسيرة»(2)، انتهى كلامه.

وفي منسك الملّا علي القاري: «وأعلم أنّ كثيراً من درجات الصفا دفنت تحت الأرض بارتفاعها حتى إنّ من وقف على أوّل درجة من درجاتها الموجودة، أمكنه أن يرى البيت، ولايحتاج إلى الصعود، وما يفعله بعض أهل البدعة والجهلة الموسوسة من الصعود عليه حتى يلصقوا أنفسهم بالجدار، فهو خلاف طريقة أهل السنّة والجماعة، وذكر نحو ذلك في المروة»(3)، انتهى.


1- شفاء الغرام 1: 315 وانظر: منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 400.
2- راجع ما ذكره الفاسي عن الصفا والمروة في شفاء الغرام 1: 297.
3- لم نقف عليه.

ص: 227

حدود مكة المكرّمة

ص: 228

ص: 229

حدود مكّة المكرّمة

اشارة

قال السنجاري في تاريخه المسمى منائح الكرم: «ان مكّة المشرفة- زادها اللّه شرفاً وأحل سكّانها من الجنّة غرفاً من أقليم الحجاز، والحجاز: مكة والمدينة واليمامة واليمن ومخاليفها(1). وسمي حجازاً؛ لأنّه حجز بين الصراة ونجد، وقيل: لأنّه حجز بين الشام والبادية، وقيل: لأنّه حجز بين نجد والغور، والاقليم مئة فرسخ.

ومكّة- شرفها اللّه تعالى- بلدة عظيمة لها مبدأ ونهايات، فمبدؤها المعلّى، وهي المقبرة الشريفة وسيأتي الكلام عليها. ومنتهاها من جانب جدّة: الشبيكة، ومن جانب اليمن: رأس عين يقال لها: باذان، وهو باب ماجن، قاله القطب»(2).

وقال التقي الفاسي: «من باب المعلّاة إلى باب الماجن أربعة آلاف ذراع


1- المخاليف: جمع مخلاف، وهو مجموعة من القرى والبلاد التي تمتد إليها الولاية. وقد حكي ذلك عن مالك في تفسيره جزيرة العرب. وأمّا الحجاز، فقد فسّره الاكثرون بمكة والمدينة واليمامة فقط، انظر فيض القدير 2: 436، ومواهب الجليل 4: 595، وحواشي الشيرواني 4: 278.
2- منائح الكرم 1: 205- 206، ونقل معناه القطب في الاعلام: 39.

ص: 230

[وأربعمئة ذراع] واثنان وسبعون ذراعاً على خط المسعى، ومن باب المعلّاة إلى باب الشبيكة أربعة آلاف وستمئة واثنان وتسعون ذراعاً، ومن باب المعلّاة إلى باب الشبيكة على خط الردم وتعدل إلى السوق [سوق البنّ] ثم إلى الشبيكة:

أربعمئة آلاف ذراع ومئة ذراع واثنان وسبعون ذراعاً(1)، وعرضها من جبل يقال له: جبل جزل- نوع من الحبوش(2)، وهو قيقعان بالتصغير، ويقال له:

الأحمر والأعرق- إلى أكثر من نصف جبل أبي قبيس، وهما أخشباها»(3).

قال الامام علي بن عبد القادر: «وكون المعلّاة مبتدأها الظاهر أنّه باعتبار زمنه، ولا شك أنّه كلّما كثر العمران كثر مسمّاها، ألاترى أنّ الفقهاء لا يجيزون القصر الّا بعد مفارقة العمران، فحينئذٍ يكون مبدؤها في زماننا البنيان الكائن بالنخا، المعروف ببستان المريس، وذلك على طريق منى، ومن جهة المقبرة- وهي المعلاة- الحجون الأوّل؛ لأنّ العمران متّصل به، ومن أسفلها بركة ماجن، ومن طريق المدينة باب الشبيكة، وهو المحل المعروف الآن بتوبة الشيخ محمود، ومن الجهة الشرقية إلى اجياد. وآخره: شعب علي عليه السلام، وآخره شعب عامر، وما هو على سمتهم من الشعوب»(4)، انتهى كلامه.


1- شفاء الغرام 1: 13.
2- في الاعلام: «جبل جزل- بكسر الجيم وفتح الزاي وتشديد اللام-؛ لانّ طائفة من الحبوش يقيمون بهذا الجبل يسمون بهذا الاسم». الاعلام: 390- 400.
3- الأخشب في اللغة كل جبل خشن غليظ، ذكر ذلك ابن الأثير، وانظر شفاء الغرام 1: 16، وأخشبا مكّة: جبل أبي قبيس وجبل الاحمر.
4- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 207.

ص: 231

أقول: ولم أقف على تحديد المعلّاة ولا الشبيكة لأحد ممن وقفت على كلامه(1).

وأما باب المعلّاة فهو باب سور مكة، لأنّ لها أسواراً ذكرها التقي الفاسي في الشفا تركتها لعدم وجدانها، ومحل باب السور محل سبيل السلطان سليمان خان، كذا رأيته بخط بعض الفضلاء عن الشيخ عبدالرحمن بن عيسى المرشدي، وهو مفهوم كلام الفاسي(2).

وأمّا جبل أبي قبيس، فنصّ ياقوت الحموي بأن الأخشب موضعان؛ الأخشب الشرقي والأخشب الغربي، فالشرقي هو أبو قبيس، والغربي قيقعان، وقيل: بل هما أبو قبيس والجبل الأحمر المشرف هنالك، وقد بسط ذكرها في المعجم(3)، انتهى.

واختلف في تسميته بأبي قبيس، فقيل: انّ رجلًا من أياد، وقيل: من مذحج يدعى قبيساً، كان أوّل من بنى فيه فسمّي به، وقيل: لأنّ الحجر الأسود اقتبس


1- وقد حدّه الفاسي في شفاء الغرام بقوله: «حدّ المعلاة من شق مكة الايمن ما جاوز دار الارقم بن ابي الارقم والزقاق الذي على الصفا يصعد منه إلى جبل ابي قبيس مصعداً في الوادي، فذلك كلّه من المعلاة ووجه الكعبة والمقام وزمزم واعلى المسجد. وحد المعلاة من الشق الايسر من زقاق البقر الذي عند الطاحونة ودار عبد الصمد بن علي اللبان مقابل دار يزيد بن منصور الحميري خال المهدي يقال لها: دار العروس، مصعداً الى قعيقعان ودار جعفر بن محمد ودار العجلة وما جاز سبيل قعيقعان إلى السويقة وقيقعان مصعداً، فذلك كله من المعلاة»، شفاء الغرام 1: 17.
2- انظر التعليق السابق.
3- معجم البلدان 1: 122 و 81.

ص: 232

منه، وقيل: قبيس بن سالم من جرهم؛ لانقطاعه به. وقيل: لأنّ النار التي بأيدي الناس اقتبست منه، من سرحين نزلتا من السماء، ويقال له: أبو قابوس وشيخ الجبال»(1)، انتهى من الفاسي

وذكر القطب أن في هذا الجبل قبر آدم وحواء وشيث عليه السلام، وذكر أنّ الدعاء فيه مستجاب(2).

وذكر الفاسي: أنّ الناس كانوا لايتجاوزون في السكنى البئر التي عند الردم وهي بئر جبير بن مطعم بن عبيد بن نوفل، قال الامام علي بن عبد القادر: وهي البئر المعروفة في زمننا ببئر الدشيشة الحاسكية؛ لكونها بالقرب منها. والردم المشار إليه: ردم بني جمح- بالميم والحاء- وهو ردم عمر، وإلى هذه البئر أشار عمر بن أبي ربيعة في قوله:

نزلوا بمكّة في قبائل نوفل ونزلت خلف البئر أبعد منزل

حذراً عليها من مقالة كاشح ذرب اللسان يقول ما لم يفعل

وقد تجاوزت العمارة الحدّ وخرجت عن العدّ.

أمّا المخاليف- والمراد بها ما تمتدّ إليها الولاية- فتزيد وتنقص بحسب قوّة ولاة مكّة، ولا طائل في ذكرها(3).


1- انظر شفاء الغرام 1: 15-/ 16.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 207.
3- انظر شفاء الغرام 1: 15-/ 16.

ص: 233

أسماء مكّة المكرّمة

وأمّا أسماء هذه البلدة الشريفة فكثيرة، وقد ورد منها في القرآن ثمانية:

مكة(1)، وبكة(2)، وامّ القرى(3)، والقرية(4)، والبلد(5)، والبلدة(6)، ومعاد(7)، والوادي(8)، وقد نظم القاضي أبو البقاء ابن الضياء أسماءها في سبعة أبيات:

لمكة أسماء ثلاثون عدّدت ومن بعد ذاك اثنان منها اسم بكة

صلاح وكوثى والحرام وقادس وحاطمة البلد العريش بقرية

ومعطشة ام القرى رحم ناسةونساسة رأس بفتح لهمزة

مقدّسة والقادسيّة وباسةورأس رتاح ام كوثى كبرّة


1- الفتح: 24.
2- آل عمران: 96.
3- الانعام: 92.
4- محمد عليه السلام: 13.
5- البلد: 1 و 2.
6- النمل: 91.
7- القصص: 85.
8- ابراهيم: 37.

ص: 234

سبوحة عرش ام رحم عريشناكذا حرم البلد الامين كبلدة

كذا اسمها البلد الحرام لأمنهاوبالمسجد الاسنى الحرام تسمّت

وما كثرة الاسماء الّا لفضلهاحباها بها الرحمان من اجل كعبة

انتهى كلام السنجاري(1).


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 214- 215.

ص: 235

الحرم المكّي

ص: 236

ص: 237

الحرم المحرّم

اشارة

قال السنجاري: «قال السيد الفاسي: حرم مكّة ما أحاط بها وأطاف بها من جوانبها، وحكمه حكمها في كلّ ما يختصّ به من غير خلاف، واختلف في سبب تسميته حرماً:

فقيل: انّ آدم عليه السلام لمّا اهبط إلى الأرض خاف على نفسه من الشيطان، فبعث اللّه ملائكة لتحرسه، فوقفوا في مواضع أنصاب الحرم، فصار ما بينه وبين مواقفهم حرماً.

وقيل: إنّ الحجر الأسود لمّا وضعه الخليل في الكعبة حين بناها أضاء الحجر يميناً وشمالًا وشرقاً وغرباً، فحرم اللّه من حيث انتهى نوره(1)، وقيل غير ذلك.

وللحرم علامات مبنيّة، وهي الأنصاب من جميع جوانبه، خلا جهة جدّة وجهة الجعرانة، فإنّه ليس فيهما أنصاب.

وأوّل من وضع الأنصاب على حدود الحرم: ابراهيم الخليل عليه السلام بدلالة


1- راجع شفاء الغرام 1: 54 و 55.

ص: 238

جبريل، ثمّ قصي بن كلاب، وقيل: نصب اسماعيل عليه السلام بعد أبيه، وقيل: عدنان بن ادد، وقلعتها قريش في زمن النبي صلى الله عليه و آله فاشتدّ ذلك عليه، فجاءه جبرئيل عليه السلام [وقال]: أنّهم سيعيدونها، فرأى رجال منهم في المنام: حرمٌ أعزّكم اللّه به نزعتم أنصابه؟ ستحطمكم العرب [فأصبحوا يتحدثون بذلك في مجالسهم، فأعادوها](1)، فقال جبرئيل عليه السلام للنبي صلى الله عليه و آله: يا محمد قد أعادوها، فقال: هل أصابوا؟ فقال: ما وضعوا منها الّا بيد ملك»(2)، ثم بعث رسول اللّه صلى الله عليه و آله عام الفتح تميم بن أسد فجدّدها، ثم بعث عمر لتجديدها مخرمة بن نوفل وسعيد بن يربوع وحويطب بن عبدالعزّى وأزهر بن عبد عوف فجدّدوها(3)، ثم جدّدها عثمان، ثمّ معاوية(4)، ثم الخلفاء والملوك إلى عهدنا هذا.

ونظم بعضهم حدود الحرم في قوله:

وللحرم التحديد من أرض طيبّةثلاثة أميال إذا رمت اتقانه

وسبعة أميال عراق وطائف وجدّة عشر ثم تسع جعرانة

ومن يمن سبع بتقديم سينهافسل ربك الوهّاب يرزقك غفرانه

وقد زيد في حدٍّ لطائف أربع ولم يرض جمهور لذا القول رجحانه(5)


1- من اخبار مكة 2: 129.
2- نقله الازرقي في أخبار مكة 2: 129.
3- انظر اخبار مكة 2: 129.
4- انظر اخبار مكة 2: 129-/ 130.
5- شفاء الغرام 1: 64.

ص: 239

وقد ذكر العلّامة الفاسي مقدار الحرم بالذرع وأطال في ذلك(1)، وملخّصه ما قال الإمام علي بن عبدالقادر الطبري في تأريخه الذي جمعه: «أنّ المسافة من باب الشبيكة إلى اعلام العمرة التي هناك: عشرة آلاف ذراع وثمانمئة ذراع واثنا عشر ذراعاً، فتزيد على الثلاثة الأميال ثلاثمئة ذراع واثنا عشر ذراعاً.

ومن باب الشبيكة إلى باب المسجد- المعروف بباب العمرة- ألف وستمئة ذراع وثمانية أذرع.

ومن جهة اليمن من جدار باب المسجد المعروف بباب ابراهيم إلى علامة حدّ الحرم في تلك الجهة أربعة وعشرون ألف ذراع وخمسمئة ذراع وتسعة أذرع- بتقديم التاء- ونحو نصف ذراع، فتزيد على سبعة أميال- بتقديم السين. قال الملّاعلي في منسكه هذا القول عن الأزرقي، والجمع بأنّه أراد غير طريق أراد غيره من الجمهور- وتسعة أذرع ونحو نصف ذراع.

ومن جهة العراق من عتبة باب المعلاة إلى العلمين- اللذين هما حدّ الحرم- خمسة وعشرون ألف ذراع وخمسة وعشرون ذراعاً.

ومن جهة عرفة من عتبة باب السلام سبعة- بتقديم السين- وثلاثون ألف ذراع وعشرة أذرع وسبعا ذراع، وهي أحد عشر ميلًا الّا ألف ذراع، وباقي ذراع ونحو تسعين ذراعاً.

ومن جهة الجعرانة إلى شعب عبد اللّه بن خالد اثنا عشر ميلًا، والشعب المذكور هو الشعب القريب من المسجد.


1- انظر شفاء الغرام 1: 55-/ 66.

ص: 240

ومن جهة جدّة إلى البئر المعروفة بئر الستريسي- ويقال لها: الحديبية- عشرة أميال»(1)، انتهى.

فائدة

قال العلّامة الفاسي: «ولم أر من تعرّض لمقدار دور الحرم الّا ابن خرداذبه، فإنّه في كتاب المسالك قال: وطول الحرم حول مكة سبعة وثلاثون ميلًا، وهي التي يدور بها أنصاب الحرم. قلت: وفي هذا القدر كفاية للمستفيد، وبقية الكلام شهير في كتاب الفقه»، انتهى كلام السنجاري(2).

وفي جمع المناسك للملا: «اعلم أنّ معرفة حدود الحرم من أهم ما ينبغي أن يعتنى به؛ لأنّه يتعلّق به أحكام كثيرة، وقد اختلفوا في ذلك، فقال الامام الهندواني: مقدار الحرم من المشرق قدر ستّة أميال، ومن الجانب الثاني اثنا عشر ميلًا، ومن الجانب الثالث ثمانية عشر ميلًا، ومن الجانب الرابع أربعة وعشرون ميلًا. وهذا شي ء لا يعرف الّا نقلًا. قال الصدر الشهيد: فيه نظر؛ فإن الجانب الثاني التنعيم، وهو قريب من ثلاثة أميال، كذا في الفتاوى الظهيرية.

وفي السراجية: من الجانب الثاني قيل ثلاثة أميال، وهو الاصح»(3)، انتهى.


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 213- 219.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 219- 220.
3- شرح المسلك المتقسط على المنسك المتوسط: 277.

ص: 241

وقال السروجي: «وحدّه من طريق المدينة يعني التنعيم عند بيوت غفار، على ثلاثة أميال من مكة، ومن طريق اليمن أضاة لبن- كفتاة(1)- على سبعة أميال، ومن طريق الجعرانة في شعب ال أبي عبد اللّه بن خالد على تسعة أميال، ومن طريق جدّة منقطع الاعشاش على عشرة أميال، ومن طريق الطائف على عرفات من بطن نمرة على سبعة أميال، ومن طريق العراق على ثنية خلّ بالمقطع على سبعة أميال أيضاً»(2).

هكذا ذكر هذه الحدود جماعة كثيرة كالازرقي والنووي وغيرهما(3).

وانفرد الازرقي فقال: حدّه من طريق الطائف أحد عشر ميلًا(4)، وقال الجمهور سبعة فقط(5)، ولم يذكر الطرابلسي فيما نقل عن السروجي حدّه من طريق العراق، وقد ذكره النووي وغيره كما مرّ.

وهذا ما عند المحقّقين في حدود الحرم الكريم، وفوق كل ذي علم عليم.

وفي منسك الملا على القاري المسمى بالمسك المتوسط: «قلت: من رأى


1- كلمة الاضاة تمدّ وتقصر، وهي مستنقع الماء، وهي بهمزة مفتوحة وضاد معجمة على وزن: فتاة، ولبن- بكسر اللام وسكون الباء الموحدة- قاله الحازمي، كما في شفاء الغليل 1: 58.
2- لم نقف عليه.
3- انظر اخبار مكّة 2: 131.
4- اخبار مكة 2: 131.
5- كذا، ولعل ما تقدم نقله من قوله: «قال الملّا علي في منسكه هذا القول عن الأزرقي، والجمع بأنّه أراد غير طريق أراد غيره من الجمهور» يرتبط بما هنا.

ص: 242

التنعيم فلا يشك في أنّه ثلاثة أميال، وإنّما الكلام على مرام الهندواني، فإن مراده من الجانب الثاني هو المغرب المقابل للمشرق، وهو لا يكون الّا نحو الحديبية قرب جدّة على طريق جُدّة، وهو على عشرة أميال بلا خلاف»(1)، انتهى.


1- شرح المسلك المتقسط على المنسك المتوسط: 227.

ص: 243

عرفة

ص: 244

ص: 245

عرفة

قال صاحب المنسك الكبير ملا رحمة اللّه الحنفي في حدود عرفة: «واختلفت العبارات في ذلك، فقيل: حدّه مابين الجبل المشرف على بطن عرنة إلى الجبال المقابلة لعرفة مما يلي حوائط بني عامر وطريق الحصين، وما جاوز ذلك فليس من عرفة.

وقيل: حدّ عرفة من الجبل المشرف- يعني جبل الرحمة- إلى الجبال المقابلة له يميناً وشمالًا. وقيل: الصواب المراد بالمشرف الجبل الطويل الذي في آخر عرفة حتى يكون مشرفاً على أوّل عرفة، والحمل على جبل الرحمة لا يصحّ؛ لأنّ عرفة مطيفة به.

وقيل: حدّها الأوّل ينتهي إلى جادّة طريق المشرق. والثاني: إلى حافات الجبل الذي من وراء عرفات. والثالث: ينتهي إلى الحوائط التي هي قرية عرفة على يسار من يستقبل القبلة بعرفة. والرابع: إلى وادي عرنة»(1).


1- انظر شرح المسلك المتقسط على المنسك المتوسط: 111. وقد ذكر الازرقي حدود عرفة في اخبار مكة 2: 194.

ص: 246

وقال امام الحرمين: «ويطيف بمنعرجات عرفات جبال وجوهها المقبلة من عرفات»(1).

وذكر الازرقي عن ابن عباس: أنّ حدّ عرفات من الجبل المشرف على بطن عرنة- بالنون- إلى جبال عرفات، إلى الوصيق، إلى ملتقى الوصيق، ووادي عرفة- بالفاء(2)- قيل: إنّه يقتضي ادخال عرنة في عرفة.

وضبط بعضهم بطن عرفة- بالفاء- ووادي عرنة- بالنون- ولايصحّ؛ لأنّ وادي عرنة لا ينعطف على عرفة، بل هو ممتد ممّا يلي مكّة يميناً وشمالًا، قاله العزّ ابن جماعة(3).

وحكى الباجي: «أنّ عرفة في الحل، وعرنة في الحرم، ومسجد ابراهيم أوّله ليس من عرفة، فمقدّم المسجد في وادي عرنة لا في عرفات، حتى لو وقع جداره الغربي لسقط في بطن عرنة. كذا ذكره بعضهم»(4).

وذكر السروجي في الغاية: «المسجد الذي يصلي فيه الإمام ليس من عرفات»(5).

وفي غرر الأذكار: «قال القشيري: والمسجد الذي يصلي فيه الإمام يوم عرفة في بطن عرنة، فإذا خرج الانسان منه يريد الموقف فقد صار في عرفة»، انتهى.


1- المجموع 8: 106.
2- أخبار مكّة 2: 194.
3- انظر شفاء الغرام 1: 301.
4- انظر شفاء الغرام 1: 304.
5- شفاء الغرام 1: 305، وفيه: وانكر ذلك القاضي عز الدين بن جماعة.

ص: 247

وقولهم في الجواب لأبي يوسف: إذ لا منافاة بين الوقوف والصلاة؛ فإن المصلي واقف حين الجمع بين الصلاتين- يدلّ على أنّ المسجد في عرفة، وما قدّمناه عن الخبازي من أن المصلّين بالجماعة يحتاجون إلى الخروج من الموقف، فلعلّه ذكر بناءً على الاختلاف في المسجد أنّه داخل عرفة أو خارجه، فلهذا ذكره على وجه التسليم والتنزّل.

وذكر بعض الشافعيّة: إنّ مقدم هذا المسجد ليس من عرفات وآخره منها»(1).

ونص الشافعي أنّه ليس منها، قال النووي: «وجزم الرافعي بالأوّل مع شدّة تحقيقه واطلاعه، فلعلّه زيد فيه بعد الشافعي»(2)، انتهى.

واختلف في ابراهيم هذا المنسوب إلى مسجد نمرة، فجزم الرافعي والنووي بأنّه الخليل عليه السلام(3).

وقيل: إنّه منسوب إلى ابراهيم الذي نسب إليه أحد أبواب المسجد الحرام، ويقال لهذا المسجد: مسجد عرنة ومسجد نمرة ومسجد ابراهيم، والنمرة هو بطن من عرنة-/ بالنون- وقيل: إنّها من عرفة، وقيل: المعروف أنّها ليست منها(4)،


1- شفاء الغرام 1: 304.
2- المجموع شرح المهذّب؛ للنووي 8: 108، ونقل مقتطفات منه في التاريخ القويم 5: 329 و 338، ط/ بيروت دار خضر 1420 ه ق/ 2000 م.
3- انظر التاريخ القويم 5: 339.
4- ذكر بعض الخلاف في ذلك في المجموع 8: 109 وكذا في التاريخ القويم 5: 338 و 339 وفي شفاء الغرام 1: 306 واستدلّ بعضهم للقول الأخير بقول النبي صلى الله عليه و آله «وارتفعوا عن بطن عرنة». شفاء الغرام 1: 307.

ص: 248

وقيل: أنّ نمرة من الحرم»، انتهى كلام صاحب المنسك بلفظه(1). وذكر في الفصل المتقدّم على هذا خلافاً في عرنة والوقوف بها هل هو مكروه أو لايصح.

وجملة الأقوال، والوجوه المحصّلة مما ذكره خمسة:

الأوّل: أنّ عرنة خارجة عن عرفات، حكي في شرح النقاية عن الكفاية:

عرنة واد بحذاء عرفات.

والثاني: أنّها داخلة في عرفات، والوقوف بها مكروه، حكاه عن البدائع وابن همام.

والثالث: أنّها داخلة والوقوف بها مجزٍ وعليه دم، حكاه الكرماني عن مالك.

والرابع: أنّها داخلة فيها والوقوف بها لايصحّ، حكاه ابن همام عن ظاهر القدوري والهداية وغيرهما. قال: وكذا عبارة الأصل من كلام محمّد، قال:

وهكذا ظاهر الحديث.

الخامس: أنّ الوقوف بها لايصحّ من غير تعليل. قال: صرّح الكرماني بأنّه لا يجوز الوقوف بها، حيث قال: قال مالك: هي من عرفة حتى لو وقف بعرنة أجزأه وعليه دم، كذا روى القاضي أبو الطيب عن مالك، وهذا خلاف مذهب الفقهاء جميعاً، ونصّ أصحابه أنّه لايجوز أن يقف بعرنة كما هو مذهبنا»(2)، انتهى.


1- انظر المجموع بشرح المهذب؛ للنووي 8: 120.
2- نقل ذلك الكردي المكي في التاريخ القويم لمكّة وبيت اللّه الكريم 5: 338 وما بعدها.

ص: 249

قال: ونقل الغزالي من المالكيّة اتفاق الأربعة على عدم جواز الوقوف بعرنة، فافهم واغتنم، واللّه سبحانه اعلم»(1)، انتهى.

وقال قبل ذلك: «فصل: أفضل المواقف موقف رسول اللّه صلى الله عليه و آله، وهو على ما قيل: الصخرات السود الكبار المفترشات في طرف الجبيلات الصغار التي كأنّها الروابي الصغار عند جبل الرحمة، وجعل رسول اللّه صلى الله عليه و آله بطن ناقته إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة(2) بين يديه واستقبل القبلة وكان موقفه عند النابت»(3).

وذكر الازرقي: أنّ النابت منها هو النشرة التي خلف موقف الامام، وأن موقف النبي صلى الله عليه و آله كان على النابت على ضرس مضرّس بين الأحجار هناك ناتئة في الجبل الألّ(4).

وحكي الفاسي: «قال قاضي القضاة بدر الدين: وقد اجتهدت على تعيين موقفه صلى الله عليه و آله من جهات متعدّدة، ووافقني عليه بعض من يعتمد عليه من محدثي مكّة وعلمائنا حتى حصل الظن بتعيينه- واللّه أعلم- وأنّه هو الحجرة المستعلية


1- قال ابن قدامة في الشرح الكبير 3: 428: «قال ابن عبد البر: أجمع الفقهاء على أنّ من وقف به لا يجزئه». وفي شرح المسلك المتقسط الصفحة 100: «مسجد نمرة وهو في أواخر عرفة بقربها، بل قيل: إنّ بعضهه منها». وانظر التاريخ القويم 5: 338- 342.
2- حبل المشاة: مجتمعهم، وبالجيم طريقهم وحيث تسلك الرجالة. انظر المحلى 8: 121.
3- نقل ذلك ابن قدامة من حديث جابر في الشرح الكبير 3: 428. وانظر التاريخ القويم 5: 343- 345.
4- كذا في أخبار مكّة 2: 194، وفي المخطوطة: «الاول».

ص: 250

المشرفة على الموقف التي عن يمينها ووراءها صخر نابت متّصل بصخرة الجبل، وهذه الحجرة بين الجبل والبناء عن يساره، وهي إلى الجبل أقرب بقليل بحيث يكون الجبل قبالتك بيمين إذا استقبلت القبلة والبناء المربّع عن يسارك بقليل وراء، فإن ظفرت به فهو الغاية، وإن خفي عليك فقف مابين جميع الجبل والبناء المذكور على جميع الصخرات والأماكن التي بينها، فعلى شمالها تارة، وعلى جبلها اخرى، لعلك تصادف الموقف النبوي»، انتهى ملخصاً في منسك الملّا علي القاري[(1).

وأمّا ما في بعض النسخ موافقاً لما في الكبير من زيادة: «قبالتك بيمين» فصدر عن غير يقين(2)، انتهى.


1- في شرح المسلك المتقسط 104: عند الصخرات أي الحجارات الكبار المفروشات السود، فانّها مظنّة موقفه صلّى اللّه عليه وسلّم. وفي الصفحة 107: قيل هو أي موقف النبي الأعظم الفجوة بفتح الفاء وهي الفرجة وما اتسع من الأرض المستعلية أي المرتفعة بالنسبة إلى سائر أرض عرفات التي عند الصخرات السود الكبار عند جبل الرحمة بحيث يكون الجبل بيمينك.
2- شرح المسلك المتقسط على المنسك المتوسط: 107.

ص: 251

المزدلفة

ص: 252

ص: 253

المزدلفة

قال الملّا في المنسك الكبير المسمّى بجمع المناسك: «وحدّ المزدلفة من مأزمي عرفة إلى قرني محسّر»(1)، قاله الفاسي.

وعبارة بعضهم «ما بين مأزمي عرفة وقرن محسّر»، وقال الكرماني: «إلى مأزمي محسّر».

وفي الطرابلسي: «إلى قرن محسّر يميناً وشمالًا من تلك الشعاب والجبال، وليس المأزمان ووادي محسّر منها».

وفي بعض النسخ: «المأزمان بوادي محسّر ليسا من المزدلفة»(2).

وفي فتح الجليل حاشية البيضاوي: «قال الزمخشري: وليس المأزمان ولا وادى محسّر من المشعر الحرام، وعبّر غيره بقوله: من المزدلفة، ولا تنافي بينهما»(3)، وأوّل وادي محسّر من القرن المشرف من الجبل الذي على يسار


1- قال الملّا علي في المنسك المتوسط: «وحدّ المزدلفة ما بين مأذمي عرفة و قرني محسّر بيميناً وشمالًا من تلك الشعاب». انظر شرح المسلك المتقسط على المنسك المتوسط: 117.
2- انظر شفاء الغرام 1: 316.
3- انظر المجموع 8: 143، والمغني لابن قدامة 3: 441.

ص: 254

الذاهب إلى منى، وآخرهُ: أول منى، وهي منه إلى العقبة.

وذكر الطرابلسي ما يفيد أنّ طول محسّر ميل، وليس وادي محسّر من منى ولا من مزدلفة، وانّما هو مسيل بينهما، ويسمى وادي النار، كذا ذكره بعضهم.

قال السروجي في الغاية: أنّ بطن محسّر من منى في الصحيح، والشافعيّة يقولون: هو بين منى ومزدلفة، والصحيح الأوّل»(1)، انتهى.

وقالوا: من عرفات إلى مزدلفة فرسخ، ومن مزدلفة إلى منى فرسخ، ومن منى إلى مكّة فرسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، وقد قدّمنا أن حدّ مزدلفة من مأزمي عرفة.

ولا يخفى أنّ مابين عرفات ومأزمية أقلّ من فرسخ بكثير، فلا يتأتّى قولهم:

من عرفة إلى مزدلفة فرسخ، الّا أن يحاسب إلى قزح، ومثل هذا يتأتّى فيما بينه وبين منى، وقولهم: وليس المأزمان من مزدلفة، يفهم منه أن مسافة المزدلفة غير داخلة في الفرسخ، وبه صرّح بعض العلماء حيث قال: أنّ مسافة مزدلفة ميل فقط. وعلّله بعضهم بأنّ حد الحرم من مكّة من تلك الجهة سبعة أميال على ما قاله النووي، وبين المزدلفة، وكلّ واحدة من مكّة ومنى فرسخ، فهذه ستّة أميال، بقي الميل السابع، وهو مسافة المزدلفة.

وقيل: إنّ ذلك لا يتمّ الّا بإدخال منى في مسافة الفرسخ الذي بينهما وبين


1- نقل الحطاب الرعيني في مواهب الجليل 4: 178 ذلك عن ابن ناجي. وانظر قول الشافعي في الام 2: 236.

ص: 255

المزدلفة، ولا شك أنّه مراد النووي؛ لأنّه قال: ليس بينهما الّا وادي محسّر، والمفهوم من كلامه أنّ طول محسّر نحو ميل، وصرّح بأن طول منى ميلان، وقيل:

ما ذكر من إدخال منى في الفرسخ الذي بين منى وبين مزدلفة فيه نظر؛ لأنّ الكلام في المسافة التي بينهما، فكيف يصحّ إدخال أحدهما فيها...» انتهى. والمشاهد يردّ هذا القيل، فتأمّل.

قيل: وحدّ المأزمين من العلمين- اللذين هما حدّ الحرم من جهة عرفة- إلى أوّل المزدلفة.

ثمّ قيل: طول المأزمين ميلان، وقيل: ستة أميال، وقيل: أكثر.

وطول المزدلفة، قيل: ميل، وقيل: ميلان،

وطول محسّر قيل: ميل، وقيل: خمسمئة ذراع.

وطول منى ميلان، والمأزم هو الطريق المضيّق بين الجبلين.

ثم للمزدلفة ثلاثة أسماء، المزدلفة والمشعر الحرام وجُمع، كذا ذكره الطحاوي.

وقيل: المشعر الحرام في المزدلفة، لا عين المزدلفة، قال الكرماني: وهو الأصحّ، وقال في القاموس: «المشعر الحرام بالمزدلفة، وعليه بناء اليوم، ووهم من ظنّه جبلًا بقرب ذلك البناء»(1).

وفي الكشاف: «المشعر الحرام قزح، وهو الجبل الذي يقف عليه الامام، وعليه المعوّل».


1- القاموس المحيط 2: 86.

ص: 256

وقيل: المشعر الحرام ما بين جبلي المزدلفة من مأزمي عرفة إلى وادي محسّر(1)، وليس المأزمان ولا وادي محسّر من المشعر الحرام(2)، والصحيح أنّه الجبل المنهي يعني قزح، وكذا صحّح الشافعيّة: أنّ المشعر الحرام هو قزح لا جميع المزدلفة.

وقال حافظ الدين في تفسيره: «وقزح جبل صغير في آخر المزدلفة»(3) انتهى كلامه في المنسك.


1- ذكر معنى ذلك الشوكاني في فتح القدير 1: 201.
2- راجع جامع البيان 2: 393.
3- لم نقف عليه.

ص: 257

منى

والجمرات والمحصّب

ص: 258

ص: 259

منى

اشارة

قال في المنسك الكبير: «ومنى شعب طوله ميلان، وعرضه يسير، والجبال المحيطة به ما أقبل منها عليه فهو من منى، وليست العقبة منها»(1).


1- في معجم لغة الفقهاء؛ لمحمد قلعجي، ص 460 ما نصه: منى- بكسر الميم وفتح النون- مكان قريب من مكة ضمن الحرم، يقيم فيه الحجاج أيام التشريق، سمي بذلك لما يمنى فيه من الدماء. وأيام منى: أيام التشريق الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة. وفي القاموس الفقهي؛ للدكتور سعدي أبوحبيب، ص 341 مانصّه: منى: بلدة قرب مكة، ينزلها الحجاج أيام التشريق. يجوز فيها التذكير، والتأنيث، والصرف وعدمه. والاجود الصرف. قال الفراء: التذكير هو الاغلب. وأيام منى: أيام التشريق: أضيفت إلى منى لاقامة الحاج بها لرمي الجمار. وقد وردت روايات بشأن منى، نذكر منها: ما في المحاسن؛ لاحمد بن محمد بن خالد البرقي 1: 66 مانصّه: ثواب جمع منى: أحمد، عن بعض أصحابه، عن الحسن بن يوسف، عن زكريا بن محمد، عن مسعود الطائي، عن عبد الحميد، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «إذا اجتمع الناس بمنى نادى مناد: أيها الجمع لو تعلمون بمن أحللتم لايقنتم بالمغفرة بعد الخلف، ثم يقول الله تبارك وتعالى: ان عبداً إذا أوسعت عليه في رزقه لم يفد الي في كل أربع لمحروم».

ص: 260

...................................-

ثواب الافاضة من منى:

عنه، عن الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: «إذا أفاض الرجل من منى وضع ملك يده بين كتفيه ثم قال له: استأنف».

ثواب المار بالمأزمين:

عنه، عن ابن فضال، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: «من مر بالمأزمين وليس في قلبه كبر، نظر الله إليه، قلت: ما الكبر؟ قال: يغمص الناس و يسفه الحق وقال: وملكان موكلان بالمأزمين يقولان: رب سلم سلم».

وفي وسائل الشيعة 13: 527 مانصّه:

محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن أبيه، وعن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، وابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: «إذا انتهيت إلى منى فقل: اللهم هذه منى وهذه مما مننت به علينا من المناسك، فأسألك أن تمن علي بما مننت به على أنبيائك، فانما أنا عبدك وفي قبضتك» إلى أن قال: «وحدّ منى من العقبة إلى وادي محسّر».

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب.

ص: 261

الجمرات

قال ابن جماعة: «قال الشافعيّة: أنّ المرمى مجتمع الحصى عند البناء الشاخص هناك، لا ماسال من الحصى، ولا البناء الشاخص، فإنّه بني علامة على موضع الرمي. قال الشافعي في الاملاء: فمن أصاب مجتمع الحصى بالرمي أجزأ عنه، ومن أصاب سائله لم يجز عنه، وهذا مقتضى قول الحنابلة. وإن أصاب البناء الشاخص ووقعت الحصى في المرمى، أو لم تقع في المرمى واستقرّت على البناء الشاخص، فيحتمل عندي أن يقال: لا يجزي؛ لأنّه لم يقصد المرمى.

ويحتمل أن يقال: يجزي ويجعل للبناء الشاخص حكم أسفله، كما قالوا في استقبال المتصل بالكعبة، ولم أقف على نقل عند الشافعيّة في ذلك، واللّه أعلم.

وعند الحنفيّة: أنّه يرمى الجمرة بسبع حصيات في سبع مرّات، وأنّها إن وقعت عند الجمرة أو قريباً منها أجزأه، وإن وقعت بعيداً منها لم يجزئه. وقال ابن الحاجب من المالكيّة: إنّه يشترط كونه مرمياً على الجمرة أو موضع حصاها.

وأراد ابن الحاجب بالجمرة رأس المرمى لا البناء الشاخص.

وقال ابن المعلى المالكي في مناسكه: أنّ بعض المتأخرين من المالكيّة حذّر من الرمي في البناء الذي هنالك. وقال: أنّه لو رمى إليه لم يجزه، وبهذا أفتى الشيخ ضياء الدين خليل المالكي إمام مقام المالكيّة»(1)، انتهى.


1- لا يوجد لدينا منسك ابن جماعة.

ص: 262

وقال في القاموس: «الجمرة والحصاة، وواحدة جمرات المناسك، وهي ثلاث: الاولى والوسطى وجمرة العقبة، يرمين بالجمار»(1).

وقال في الروضة شرح اللمعة: «وهي- أي الجمرة- البناء المخصوص أو موضعه وما حوله ممّا يجتمع من الحصى، كذا عرّفها المصنف في الدروس، وقيل:

هو مجتمع الحصى دون السائل، قيل: وهي الأرض»(2)، انتهى.

وعبارة الدروس هكذا: «ان الجمرة اسم لموضع الرمي، وهو البناء أو موضعه ممّا يجتمع من الحصى، وقيل: هو مجتمع الحصى، لا السائل منه. وصرّح علي بن بابويه بأنّه الأرض»(3).

وقال الشهيدان: «ولو وقعت على ما هو أعلى من الجمرة ثمّ استرسلت إليها اجزأت»(4).

وفي المدارك: «وينبغي القطع باعتبار إصابة البناء مع وجوده؛ لأنّه المعروف الآن من لفظ الجمرة، ولعدم تيقّن الخروج من العهدة بدونه. أمّا مع زواله فالظاهر الاكتفاء بإصابة موضعه»(5)، انتهى.

وفي الحديث: «ولا ترم على الجمرة»(6). قيل في معناه: «يعني لا تلق عليها بل إليها»، انتهى.


1- القاموس المحيط 1: 279.
2- الروضة البهية شرح اللمعة 2: 282.
3- الدروس 1: 428.
4- راجع: الروضة البهية 2: 282. الدروس 1: 428.
5- المدارك 8: 9.
6- رواه الشيخ عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن عليه السلام في الكافي 4: 478، ح 7 والوسائل 14: 65.

ص: 263

المحصّب

(1) قال في المنسك الكبير: «وإذا فرغ من الرمي وأراد أن ينفر إلى مكّة في النفر الأوّل أو الثاني توجّه إلى مكّة فيأتي المحصب وهو الأبطح. ويسمّى الحصباء والبطحاء والخيف»(2).

قال الامام علي: «وهو موضع بين مكّة ومنى، وهو إلى منى أقرب»(3)، وهذا لا تحرير فيه. وقال غيره: «وهو فناء مكّة، حدّه مابين الجبل الذي عنده مقابر مكّة والجبل الذي يقابله مصعداً في الشق الأيسر وأنت ذاهب إلى منى مرتفعاً عن


1- المحصب هو المكان الذي يستحب للحاج النزول فيه بعد انصرافه من منى، و هو مسيل بين مكة ومنى، وهو اقرب إلى مكة بكثير، وسمّي بالمحصّب لأنّه يجتمع فيه حصب من السيل. انظر شفاء الغرام 1: 313 و 314، وفي معجم ألفاظ الفقه الجعفري؛ للدكتور أحمد فتح الله، ص 374 وفي القاموس الفقهي؛ للدكتور سعدي أبوحبيب، ص 90 مانصّه: «المحصب: موضع رمى الجمار بمنى. وموضع بمكة على طريق منى، ويسمى البطحاء، والابطح، وخيف بني كنانة، وهو إلى منى أقرب منه إلى مكة، وسمي بذلك لكثرة ما به من الحصا من جرف السيول».
2- شرح المسلك المتقسط على المنسك المتوسط: 135.
3- نقله في شرح المسلك المتقسط على المنسك المتوسط: 135 بلفظ «قيل»، ثمّ قال: «وهذا غير صحيح، والمعتمد ما ذكره غيره أنه بفناء مكّة».

ص: 264

الوادي، وليس المقبرة من المحصّب»(1).

وقيل: طوله إلى باب مكّة، والمقبرة مستثنى من عرض المحصب(2).

وفي الدروس: «ويستحبّ للنافر في الأخير التحصيب تأسّياً برسول اللّه صلى الله عليه و آله، وهو النزول بمسجد الحصبة بالأبطح الذي نزل به رسول اللّه صلى الله عليه و آله»(3).

قال ابن ادريس: «ليس للمسجد أثر الآن، فتتأدّى السنّة بالنزول بالمحصّب من الأبطح، قال: وهو ما بين العقبة وبين مكّة، وقيل: هو مابين الجبل الذي عنده مقابر مكّة والجبل الذي يقابله مصعداً في الشق الأيمن لقاصد مكّة، وليست المقبرة منه، واشتقاقه من الحصباء، وهي الحصى المحمولة بالسيل»(4).

وقال السيد ضياء الدين بن الفاخر شارح الرسالة: «ما شاهدت أحداً يعلمني به في زماني، وإنّما وقفني واحد على أثر مسجد بقرب منى على يمين قاصد مكّة في مسيل وادٍ، وقال: وذكر آخرون أنّه عند مخرج مسجد الابطح إلى مكّة، وأكثر الروايات ليس فيها تعيين المسجد»(5)، انتهى.


1- قاله ابن الصلاح على ما ذكره الفاسي في شفاء الغرام 1: 313.
2- انظر شفاء الغرام 1: 314.
3- الدروس 1: 464.
4- انظر: السرائر 1: 613 و 592.
5- نقله السيد العاملي عن ابن ادريس في المدارك 8: 262.

ص: 265

فخّ

ص: 266

ص: 267

[فخّ]

(1) في تاريخ السنجاري: «في عهد موسى الهادي(2) بن المهدي، وفي سنة مئة وتسعة وستين ظهر الحسين بن علي بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام بالمدينة(3)، ونهب بيت المال وخرج بمن تابعه من جماعته إلى مكّة


1- فخّ هو الوادي الذي بأصل الثنية البيضاء فى طريق جدة على يسار ذي طوى باسفل مكة، وسمى ايضاً وادي الزاهر لكثرة الاشجار والازهار التي كانت فيه قديماً، واما اليوم فيعرف باسم الشهداء؛ اشارة الى وقعه الحسين بن علي واهل بيته، وهذا الوادي هو من منتزهات مكة، وفيه بيوت ومقاهٍ عامرة، وقصر الملك عبد العزيز يسمى ب «قصر المنصور» اسس عام 1347 ه. هامش اخبار مكة 1: 191.
2- هو موسى بن المهدي العباسي، ولي الخلافة عاماً واحداً من عام 169 إلى عام 170 ه.
3- كان ميلاد الحسين عام 128 ه وقتل عام 169 ه في يوم التروية بفخ. أقوال العلماء في الحسين بن علي شهيد فخ: قال الشيخ في رجاله ص 182 في أصحاب الصادق عليه السلام: «الحسين بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب مدني». وفي التعليقة 2: 419: «آخر دعاة الزيدية، قتل في زمن الهادي موسى بن المهدي العباسي، وحُمل رأسه اليه، نقل البخاري النسابة عن الجواد عليه السلام أنه قال: لم يكن لنا بعد الطف مصرع أعظم من فخ».] وفي عمدة الطالب ص 183: من ولد العابد ابن الحسن المثلث، الحسين بن علي، وهو الشهيد صاحب فخ، خرج ومعه جماعة من العلويين زمن الهادي موسى بن المهدي بن المنصور بمكة، وجاء موسى بن عيسى بن علي ومحمد بن سليمان بن المنصور فقتلاهم بفخ يوم التروية سنة 169، وقيل: سنة 170، وحملا رأسه إلى الهادي، فأنكر الهادي فعلهما وامضاءهما حكم السيف فيهم. وروى أبو الفرج في مقاتل الطالبيين ص 299: «أنّه لما كانت بيعة الحسين بن علي صاحب فخ قال: أبايعكم على كتاب اللّه وسنة رسوله، وعلى أن يطاع اللّه ولا يعصى، وأدعوكم الى الرضا من آل محمد صلى الله عليه و آله، وعلى أن نعمل فيكم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه و آله، والعدل في الرعية، والقسم بالسوية، وعلى ان تقيموا معنا، وتجاهدوا عدونا، فإن نحن وفينا لكم وفيتم لنا، وإن نحن لم نف لكم فلا بيعة لنا عليكم». قال السيد الامين في أعيان الشيعة 6: 97: «في غاية الاختصار: كان الحسين بن علي شهيد فخ جواداً عظيم القدر، لحقته ذلة زمن الخليفة الهادي من أمير المدينة فخرج عليه. وقال ابن الأثير: كان الحسين شجاعاً كريماً. وفي البلغة: ممدوح وفيه ذم أيضاً. وروى أبو الفرج في مقاتل الطالبيين ص 302 عن عدّة من رجاله أنهم قالوا: «جاء الجند بالرؤوس الى موسى بن عيسى العباسي وفيها رأس الحسين بن عليّ وعنده جماعة من ولد الحسن والحسين عليهما السلام، فلم يسأل احداً منهم إلّاموسى بن جعفر قال له: هذا رأس الحسين؟ فقال: نعم، انا للّه وانا اليه راجعون، مضى واللّه مسلماً صالحاً صواماً، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، ما كان في أهل بيته مثله، فلم يجبه بشي ء». ثم قال السيد الامين في أعيان الشيعة: «كأن هذا هو المراد بالمدح الذي ذكر له في البلغة، ويؤيد ما ذكرناه ما جاء من المدح الكثير في حق زيد الشهيد مع خروجه بالسيف». وروى المجلسي في بحار الأنوار 48: 161 عن الكليني في الكافي بسنده: «انه لما خرج الحسين بن علي المقتول بفخ واحتوى على المدينة دعا موسى بن جعفر الى البيعة، فأتاه فقال له: يا ابن عمّ لا تكلفني ماكلفّ ابن عمك عمك أبا عبد اللّه، فيخرج مني ما لا أريد، كما خرج من أبي عبد اللّه ما لم يكن يريد، فقال له الحسين: انما عرضت عليك أمراً،] فإن أردته دخلت فيه وإن كرهته لم أحملك عليه، واللّه المستعان. ثمّ ودّعه، فقال له أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام حين ودّعه: يا ابن عم انك مقتول فأجد الضراب؛ فإن القوم فسّاق يظهرون ايماناً ويسرّون خلافه، وإنا للّه وانّا إليه راجعون وأحتسبكم عند اللّه من عصبة، ثم خرج الحسين وكان من أمره ما كان، قتلوا كلهم». وقال السيد الامين في أعيان الشيعة: «أما دعوته الامام الى البيعة فلم تكن بيعته على انه امام وخليفة، بل كانت الى ما مر مما ذكره أبو الفرج فأراد ان يتقوى ببيعة الامام له على ذلك. فلما قال له الامام ما قال، لم يلزمه، وأجابه بكل أدب». وروى أبو الفرج في مقاتل الطالبيين ص 298 بسنده: ان الحسين قال لموسى بن جعفر في الخروج، فقال له: انك مقتول فأجد الضرب؛ فإن القوم فسّاق يظهرون إيماناً ويضمرون نفاقاً وشكاً، فإنّا للّه وإناإليه راجعون، وعند اللّه جل وعز احتسبكم من عصبة. وروى بسنده: انه رئي موسى بن جعفر بعد عتمة، وقد جاء الى الحسين صاحب فخ وقال: احب أن تجعلني في سعة. ونقل أبو نصر البخاري عن محمد الجواد بن علي الرضا أنه قال: «لم يكن لنا بعد الطف مصرع أعظم من فخ». وراجع ترجمة الحسين بن علي شهيد فخ في رجال الطوسي: 206. تنقيح المقال: 2: 64. خاتمة المستدرك 3: 810. معجم رجال الحديث 8: 273. جامع الرواة 1: 382. نقد الرجال: 161. مجمع الرجال 3: 68. مروج الذهب 2: 183.

ص: 268

ص: 269

لستٍ بقين من ذي القعدة، فدخل مكّة ونادى في الناس: أيّما عبد أتانا فهو حرّ، فأتته عامة العبيد بمكّة، وبلغ الهادي خبره، فكتب إلى محمد بن سليمان بن علي بن عبد اللّه بن العباس يأمره بمحاربته ومدافعته، وكان محمد بن سليمان قد توجّه إلى الحج في هذه السنة في عدّة من قومه، فعسكر بذي طوى، وانضمّ إليه من حجّ من جماعتهم وقوّادهم، فلاقاه، فاقتتلا يوم التروية فقتل الحسين وهو محرم بالفخ، وقتل من أصحابه نحو مئة رجل بفخ- موضع بقرب الزاهر، وحمل رأس الحسين

ص: 270

إلى الهادي، فلمّا رآه نحب ولم يعجبه ذلك، وقال: من أيسر ما اجازيكم به أن لا اعطيكم جوائزكم، ومنعهم إياها، وقبر الحسين معروف بفخ يزار، وقد بني عليه وعلى أصحابه هناك حائط، وبعض أشراف مكّة يدفن أمواته هناك في تلك المحوطة»(1).

كذا قاله الطبري في حسن السريرة(2).

ورأيت الصفدي قال في ترجمة الحسين بن علي المذكور بعد ذكر خروجه من المدينة: «وتلقته الجيوش بفخّ وفيها سليمان بن أبي جعفر- وكان أمير الموسم- وموسى بن عيسى على العسكر، وجرى القتال بينهم والتحم، فتفرق عنه أصحابه وبقي في نفر قليل فقتل، وقتل معه رجلان من أهل بيته عليهم السلام سليمان بن عبد اللّه بن الحسن وعبد اللّه بن اسحاق بن ابراهيم بن حسن، وكان مقدم العسكر رجلًا يقال له: بقطيرا، فلمّا قتل الحسين قطع رأسه وحمل إلى الهادي فلمّا رآه قال: ارفق، فليس برأس جالوت ولا طالوت.

وقالت فاطمة بنت علي لأخيها الحسين: واللّه لا أسأل عنك الركبان أبداً، وخرجت معه حتى شهدت قتله، وكانت تعتاد قبره وفي عنقها مصحف، فتبكيه حتى عميت، وتأخر عنه أقوام كانوا بايعوه، فلمّا فقدهم في المعركة أنشأ يقول شعراً:


1- قد اهملت هذه المقبرة، ولم تبق بمكة مقبرة غير مقبرة المعلاة. المحقق.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 115، ونقل الطبري بعض ذلك في حوادث سنة 169 في تاريخه 10: 38- 36، ط/ دار الفكر، سنة 1418 ه.

ص: 271

وإنّي لأهوى الخير سرّاً وجهرةوأعرف معروفاً وأنكر منكراً

ويعجبني المرء الكريم نجاره ومن حين أدعوه إلى الخير شمّرا

يعين على الأمر الجميل وإن يرى فواحش لا يصبر عليها وغيّرا

انتهى كلام الصفدي(1).

وقال داود بن علي الكاتب وزير المهدي يرثي الحسين بن علي صاحب فخ:

يا عين جودي بدمعٍ منك منهتن فقد رأيت الذي لاقى بنو حسن

صرعى بفخّ تجرّ الريح فوقهم أذيالها وغوادي دلّح المزن

حتى عفت أعظماً لو كان شاهدهامحمد ذبّ عنها [ثمّ] لم يهن

ما ذا يقولون والماضون قبلهم على العداوة والشحناء والإحن

ما ذا يقولون إن قال الرسول لهم ما ذا صنعتم بنا في سالفِ الزمن(2)

وروى ابوالفرج الاصبهاني في مقاتل الطالبيين باسناده إلى النبي صلى الله عليه و آله: «...

فلما انتهى رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلى فخ صلّى بأصحابه صلاة الجنائز، ثم قال: يقتل ها هنا رجل من اهل بيتي في عصابة من المسلمين ينزل لهم بأكفان وحنوط من الجنّة، تسبق أرواحهم إلى الجنّة أجسادهم»(3)، انتهى.


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 116- 117.
2- مقاتل الطالبيين: 385، ط/ الاعلمي، سنة 1408 ه، وبذيلها: لا الناس من مضرٍ حاموا ولا غضبواولا ربيعة والأحياء من يمن ياويحهم كيف لم يرعوا لهم حرماًوقد رعى الفيل حق البيت ذي الركن
3- مقاتل الطالبيّين: 366، ط/ الاعلمي، سنة 1408 ه/ 1987 م.

ص: 272

وكان الحسين بن علي هذا كريماً شجاعاً مفضالًا، وفد على المهدي فأعطاه أربعين ألف دينار، ففرّقها على الناس ببغداد والكوفة، وخرج لا يملك ما يلبسه إلّا فروة لبس تحتها قميصاً، كذا قال الفاسي(1)، انتهى.


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 117- 119. وانظر شفاء الغرام 2: 179- 180.

ص: 273

قرن المنازل

ص: 274

ص: 275

[قرن المنازل]

بسم اللّه الرحمن الرحيم، الحمد للّه وسلامه على عباده الذين اصطفى

قال في القاموس في مادة «قرن»: «القرن: الروق من الحيوان وموضعه من رأسنا أو الجانب الأعلى من الرأس. جمع قرون، والذؤابة أو ذؤابة المرأة والخصلة من الشعر، وأعلى الجبل، جمع قران، ومن الجراد: شعرتان في رأسه، وغطاء للهودج، وأوّل الفلاة، ومن الشمس: ناحيتها أوأعلاها أو أوّل شعاعها، ومن القوم: سيدهم، ومن الكلأ: خيره أو آخره أو أنفه الذي لم يوطأ.

قال: والجبل الصغير، أو قطعة تنفرد من الجبل، جمع قُرون وقِران، قال:

وميل واحد من الكحل، والمرّة الواحدة، وجبل مطلّ على عرفات، والحجر الأملس النقي، وميقات أهل نجد، وهي قرية عند الطائف، أو اسم الوادي كلّه.

وغلط الجوهري في تحريكه، وفي نسبة اويس القرني إليه»(1).

وقال في «ثعلب»: «وقرن الثعالب: قرن المنازل، ميقات نجد»(2)، انتهى.


1- القاموس المحيط 4: 364-/ 365.
2- القاموس المحيط 1: 163.

ص: 276

وقال الفيومي في المصباح المنير: «وقرن- بالسكون أيضاً- ميقات أهل نجد، وهو جبل مشرف على عرفات، ويقال له: قرن المنازل وقرن الثعالب. وقال الجوهري: «هو بفتح الراء، وإليه ينسب اويس القرني(1)، وغلّطوه فيه وقالوا:

قرن بالفتح- قبيلة باليمن [يقال لهم: بنو قرن](2)، واويس منها، والصواب في الميقات: السكون، وعليه قول عمر بن ابي ربيعة:

ألم تسأل الربع أن ينطقابقرن المنازل قد أخلقا(3)

وقال في النهر: «وقرن بفتح- القاف وسكون الراء- جبل مطلّ على عرفات، لا خلاف في ضبطه بهذا بين رواة الحديث واللغة والفقه وأصحاب الأخبار وغيرهم، وغلّط الجوهري انّه بفتح الراء وفي قوله: إنّ اويساً منسوب إليه، كذا في تهذيب الاسماء واللغات لأهل اليمن والحجاز ونجد وتهامة والطائف»(4)، انتهى.

وقال في البحر: «وقرن- بفتح القاف وسكون الراء- هو جبل مطلّ على


1- صحاح اللغة 6: 2181.
2- من المصدر.
3- المصباح المنير: 501.
4- البحر الرائق 2: 555، وانظر حاشية رد المختار لابن عابدين 2: 522.

ص: 277

عرفات، بينه وبين مكة نحو مرحلتين، قال: وهو ميقات أهل نجد».

وفي حاشية البحر: «فائدة: قوله: مطلّ على عرفات. أقول: ليس المطلّ على عرفات هو الميقات، بل غيره، قال في القاموس في هذه المادة: و جبل مطلّ على عرفات، والحجر الأملس النقي، وميقات أهل نجد، وهي قرية عند الطائف، أو اسم الوادي كلّه»(1)، انتهى، وليس للميقات إطلال على عرفة كما يعلم ذلك من شاهد ما هنالك، ولعلّ المراد بالمطلّ الجبل الصغير الكائن بها، المعروف الآن بالقرين»، انتهى ما وجد على هامش البحر من كلام محمد عبد الغني(2).

ورأيت على هامش كتاب عبد الغفّار المعزي كلاماً هذا نصّه: «قوله: وهو جبل مطلّ على عرفات، انتهى. ليس هذا الجبل الميقات، بل الميقات وادٍ يقال له:

قرن المنازل وقرن الثعالب، فيه حصون ودور ومزارع، وأكثر فواكه مكة منه، بينه وبين عرفات أودية وجبال، ومن توهّم أنّه المطلّ فمن حيث الاشتراك؛ لأنّ بعرفات جبلًا يقال له: القرن، معروف عند غالب أهل مكّة ومن حولها ومن ألمّ بها، قال في القاموس في مادة «ق ر ن»: وجبل مطلّ على عرفات والحجر الاملس وميقات أهل نجد، وهي قرية عند الطائف، أو اسم الوادي كلّه»(3)، وقال البرجندي في شرح النقابة: «والقرن جبل مدوّر أملس كأنّه بيضة، مشرف على عرفات، كذا قاله البيضاوي في شرح المصابيح»(4)، انتهى.

وفي شرحٍ جديدٍ للكنز مسمّىً بتوفيق الرحمان: «وقرن لأهل نجد، وهو جبل مطلّ على عرفات»(5).


1- انظر القاموس المحيط 1: 165.
2- لايوجد كتابه لدينا.
3- القاموس المحيط 1: 165.
4- لايوجد لدينا، وورد مفاد ما قاله البرجندي في الدر المنضود: 75.
5- لايوجد الكتاب لدينا.

ص: 278

وفي وسيط الأقوال مختصر البسيط المسمّى بتوفيق الرحمان: «وقرن لأهل نجد، وهو جبل على مرحلتين من مكّة»(1).

وقال القوهستاني في شرح النقابة: «ونجد اسم لعشرة مواضع مرتفعة بين اليمن وتهامة وهما أعلاها، والعراق والشام أسفلها، وأوّلها من ناحية الحجاز:

ذات عرق كما في تقويم البلدان، قرن بالتحريك كما في الصحاح»(2) وفيه: أنّه بالسكون وهو جبل مشرف على عرفات، كما في المغرب، لكن نقل القاضي عياض ان المتحرك: الطريق، والساكن: الجبل، وهو على مرحلتين من مكّة كما في فتح الباري»(3).

وفي شرح المناسك للشيخ فيض اللّه الحنفي: «وقرن- بفتح القاف وسكون الراء- في القاموس: وهي قرية عند الطائف أو اسم الوادي كله، أو جبل مطلّ على عرفات(4) [بينه بين مكّة نحو مرحلتين لأهل نجد اليمن]، والنجد: ما أشرف من الأرض، والطريق الواضح المرتفع، وما خالف الغور أي تهامة وقد يضمّ جيمه، مذكّر، أعلاه تهامة وأسفله العراق والشام»(5).


1- لايوجد كتابه لدينا.
2- صحاح اللغة 6: 2181.
3- راجع فتح الباري 3: 305 ونقله عن القاضي عياض في هامش صحاح اللغة 6: 2181.
4- القاموس المحيط 4: 365، و 1: 640 2: 244- 245.
5- لايوجد لدينا.

ص: 279

ونجد الحجاز، ونجد تهامة والحجاز- بكسر الحاء والجيم والزاء المعجمتين- مكّة والمدينة والطائف، سميت به؛ لأنّها حجزت بين نجد وتهامة، أو بين نجد والصراة، ولأنّها احتجزت بالحرار الخمس: حرة بني سليم وراقم وليلى وشودان والنار. والحجز: المنع والفصل- كما في القاموس- والمراد هنا من الحجاز المعنى الثالث»(1)، انتهى.

قال في القاموس: «والطائف بلاد ثقيف في وادٍ، أوّل قراها: لقيم، وآخرها الوهط؛ سميت بذلك لأنّها طافت على الماء في الطوفان، أو لأنّ جبرئيل عليه السلام طاف بها على البيت، أو لأنّها كانت بالشام فنقلها اللّه إلى الحجاز بدعوة ابراهيم، أو لأنّ رجلًا من الصَّدِف أصاب دماً بحضرموت ففرّ الى وجّ وخالف مسعود بن معيتب وكان له مال عظيم، فقال: هل لكم ان أبني طوفاً عليكم يكون لكم ردءاً من العرب؟ فقالوا: نعم، فبناه. أو هو الحائط المطيف به»(2).

وقال الشيخ عبدالقادر بن علي الفاكهي الشافعي المكي في تاريخ الطائف المسمّى بعقود اللطائف في محاسن الطائف، في جملة تعداد قرى الطائف قال:

«ويسمّى قريته قرية الثغر، وتعرف بقرية الطائف حديثاً وبقرية السوق قديماً، وفيها حصنٌ قديم جاهلي، جدّد ثم خرب، وبقربه آثار ومدينة كبيرة قديمة جاهليّة معروفة بمدينة الحجاج»(3).


1- شرح المناسك لايوجد لدينا، وأما استشهد به فينظر في القاموس المحيط 4: 365 و 1: 640 و 2: 244-/ 245.
2- القاموس المحيط 3: 247.
3- لايوجد لدينا.

ص: 280

وقال في اجمال القرى: «وعدّة قرى وادي قرن خمسة، ثمّ ذكر في التفصيل، قال: وأما قرى قرن الذي فيه الميقات الشرعي: فالصهبة والدار البيضاء وام الطبر وبزع، وبلح بساتين هذه القرية في غاية الكثرة، فإذا أثمرت في عام كان لا نظير لها في كثرة الأعناب وحسنها وتعدّى نفعها إلى الحرم المكي»(1)، انتهى.

[و] قد ذكرنا في وجه تسمية الوادي بوادي قرن وجوهاً ثم لاح لنا من مشاهدة ما هنالك من الجبال وجه آخر أظنّ أنّه أقرب ممّا ذكر، وهو أنّ قرناً في الأصل اسم لجبل هناك يسمّى الآن بالجلة، وهو أعلى جبل في تلك الديار، والصفات التي ذكروها لقرن من كونه جبلًا منفرداً ألمس، كالبيضة في تدويره، مطلّاً على عرفة، بينه وبين مكّة مرحلتان، موجودة فيه.

وهو في صدر الوادي ومصبّه الكلّي، وربما أتاه من نواحيه الشي ء اليسير لكن لا يعظم السيل الّا من جهته، ولا يستسقي الوادي ولا تعظم المنفعة الّا منه، ومحل هذا الجبل ميسرة الهدي للآتي من الطائف إلى مكّة.

وهذا المحل أعلى موضع هناك وأنجده، فإنّ هذا النجد نجد الطائف لم يزل يرتفع من نواحيه حتى ينتهي إلى محل هذا الجبل. وماذكروه انّه جبل صغير فهو صحيح أيضاً؛ فإنّ الجبل ليس بالعظيم غير أنّه لارتفاع محلّه وإشرافه مرتفع على جميع ما هنالك من الاراضي والجبال، مشرف على سائر جهاته من اليمانية


1- عقود اللطائف لايوجد لدينا.

ص: 281

والشامية والشرقية والغربية، وأنّ بحر جدّة يرى منه، الّا أنّه ظاهر مطلّ على عرفة وتهامة وعرفة واعلامها ومسجد نمرة يرى منه، بل من أصل الجبل، على ما أخبر به جماعة من أهل تلك الديار والساكنين قريباً منه من أهل الغديرين والاعمق وغيرهما، غير أنّ القرن لكونه تحت جبل المشعر، لا يرى منه، فعلى هذا وجه تسمية بقرن ظاهر، وتسمية الوادي باسمه كما هو عادة العرب تسمية الوديان بما فيها أو عليها من الآبار والجبال، وكونه مبدأ الوادي وصدره، وانّ منه مسيله.

وليس ينافيه تسميته الآن بالجبلة؛ فان الأسماء قد تتغير بتطاول الازمنة وتمادي الدهور، ولم أجد هذه التسمية في كتب اللغة، غير أنّ صاحب القاموس ذكر أن في بلاد مصر جبلًا يسمّى الجبلان(1) أم الجبابل، وأنّ جبل عرفة المسمّى بقرين يسمى جبلًا أيضاً، ولعلّ أن جبلان أم الجبابل هو الجبلة المشرف على جبل الذي هو جبل عرفة.

لطيفة: ذكر العلّامة الباعوني أنّه كتب لوالده يسأله عن تعليل ملوحة زمزم فأجابه وذكر ذلك في أبيات:

سألت أبا العباس والدي الذي على فهمه في المشكلات يعوّل

فقلت اطال اللّه عمرك في الورى وأبقاك في غربة الخير موصل

تفكّرت يا مولاي في بئر زمزم بمكّة بئر فخرها لا يمثل

وفي كون ما فيها من الماء مالحاًعلى أنّها من سائر الأرض أفضل


1- القاموس المحيط 3: 595.

ص: 282

وقلت له هل من جواب مبيّن وهل عندكم فيه مقال فينقل

فقال أمد اللّه في عمره عل- ى البديهة قولًا للجواهر يخجل

نعم عندنا فيه جواب وإنّه لك- السحر أو كالدرّ أو هو أمثل

جواباً غدا مثل النسيم لطافةأزال عن الافهام ما كان يشكل

فلاتعجبوا منه فذلك ظاهركشمس الضحى يبدو لمن جاء يسأل

فمكّة عين(1) الأرض والعين ماؤها

كما قد علمتم مالحاً ليس يجهل

من السنجاري(2).


1- وجاء في هامش النسخة هنا ما يلي: مكّة عين الأرض قد أصبحت والحجر الأسود انسانها وماؤها المالح في زمزم وكلّ عين هكذا شأنها لمحرّره بديهة، ويمكن نظم هذا المعنى بأحسن من هذا ولكن الوقت لم يسع لذلك.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 416- 417.

ص: 283

المواضع الشريفة في مكّة

اشارة

ص: 284

ص: 285

[البيوت الشريفة في مكة]

فائدة: أفضل محلّ بالحرم- بعد المسجد الحرام- دار خديجة بنت خويلد رضي اللّه عنها، وهو بجانب مولد فاطمة عليها السلام، وهو بزقاق الحجر على يمين الذاهب إلى المسجد الحرام، وإلى جانبه محل يقال له: قبّة الوحي، ويحيط بالجميع جدار فيه باب ينزل منه إلى هذه الأماكن.

الأوّل: ممّا يلي يمين الداخل هو مولد فاطمة، وبجنبه بيت خديجة، وإلى جانبه قبة الوحي، وله زيت معيّن من زيت الحرم يسرج بها قناديل ثمة، وله خادم بمعلوم معيّن ومدرّس، وتبيضّ المعمارية الواردة بهذا المحل إذا احتاج إلى التبييض»، للسنجاري(1).

أخشبا مكة:

أبوقبيس شرقاً وأبوالحارث غرباً في صوب قيقعان.

ذكر السنجاري بعضهم في مكّة المشرّفة:

هنيئاً لمن زار بيت التقى حطّ عن النفس أوزارها

فإنّ السعادة محفوفةبمن جاور مكّة أو زارها(2)

وحكي عن الزمخشري أنّه قال:

أنا الجار جار اللّه مكّة مركزي ومضرب أوتادي ومعقد أطنابي

وما كان الّا زورة نهضتي الى بلاد بها أوطار أهلي وأحبابي

فلمّا قضت نفسي وللّه درّهالبانة وارٍ زندها غير هيّاب

كررت إلى بطحاء مكة راجعاًكأنّي ابو شبلين كرّ الى غابِ

فمن يلق في بعض القريات رحله فام القرى ملقى رحابي ومنسابي

اذا التصقت في آخر الليل لبتي بمتلزم الأبرار من اين ذا الباب

أو التصقت بالمستجار أو التقت على الركن اجفاني بسيح وتسكاب

فقل لملوك الارض تلهوا وتلعبوافذلك لهوي ماحييت وتلعابي

انتهى(3).

[و] لصاحب القاموس في الحجر الأسود:

للحجر الأسود سرّ سرى فكر البرى في بحره غاطسا

وصح ما قالوا وقلت فقدأضحى لقلب الناس مغناطسا(4)

قال السنجاري: «قيل: ان الياس بن مضر اول من وضع للناس الحجر، اي الحجر الأسود بعد الغرق»(5)، انتهى.

المواضع التي صلّى فيها النبي صلى الله عليه و آله حول الكعبة

قال ابن ظهيرة: «وبيانها ملخصه مما نقله الفاسي عن القرى للمحب [الطبري] مع زيادة أدلّة:

الأوّل: خلف المقام؛ لخبر جابر: «أنّه جعل المقام بينه وبين البيت، وتلا قوله تعالى: «واتخذوا»(6) الآية، ثم صلّى ركعتين».

الثاني: تلقاء الحجر الأسود عند حاشية المطاف، كما في النسائي من حديث المطلب بن أبي وداعة.

الثالث: قريباً من الركن الشامي مما يلي الحجر- بالسكون- كما في سنن أبي داود من حديث عبد اللّه بن السائب.

الرابع: عند باب الكعبة كما في تأريخ الأزرقي من حديث ابن عباس: «أمّني جبرئيل عند باب الكعبة مرتين». قال الفاسي: ويحتمل ثلاثة وجوه: تجاه الباب، والحفرة المرخّمة التي عن يمين الباب، والملتزم الذي عن يساره، واستقرب الأوّل من لفظ الحديث. وحكي عن عزّ الدين بن عبد السلام والشيخ أحمد بن موسى بن العجيل: أنّه الحفرة المذكورة. قال ابن جماعة بعد حكاية ذلك عن ابن سلام: «ولم أر ذلك لغيره، وفيه بعد، ولو صحّ لنبّهوا عليه بالكتابة في


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 304- 305.
2- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 295.
3- البقرة: 125.
4- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 304- 305.
5- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 295.
6- البقرة: 125.

ص: 286

ص: 287

ص: 288

الحفرة، ولما اقتصروا فيها على ذكر من أمر بعمل المطاف»(1).

الخامس: مقابل الركن الغربي مستدبر الباب المعروف اليوم بباب العمرة، كما في مسند أحمد وسنن أبي داود وغيرهما من حديث المطلب بن أبي وداعة: أنّه رأى النبي صلى الله عليه و آله يصّلي مما يلي باب بني سهم والناس يمرون من بين يديه».

وباب بني سهم هو باب العمرة.

السادس: في وجه الكعبة، كما في الصحيحين من حديث اسامة بن زيد أنّه:

«لمّا خرج من البيت صلّى قبل البيت ركعتين، وقال: هذه القبلة»، وهذا يحتمل اتحاده مع الرابع، وظاهره وسط الجدار على استدبار المقام.

السابع: بين الركنين اليمانيين، ذكره ابن اسحاق في سيرته في قصة طويلة. قال الفاسي: ولم يبيّنه المحب(2)، وظاهره أنّه وسط الجدار عند الرخامة التي هي في الوسط كما نقله ابن سراقة.

الثامن: في الحجر، كما في الصحيح: «بينا النبي صلى الله عليه و آله يصلّي في حجر الكعبة اذ أقبل عقبة بن أبي معيط... الحديث».

قال المحب: ولا يبعد أن يكون تحت الميزاب كما في حديث ابن عباس:

«صلّوا في مصلّى الأخيار»، وفسره بما تحت الميزاب، وهو صلى الله عليه و آله سيد الأخيار(3)، انتهى ملخّصاً.

قال ابن ظهيرة في جامعه: «أخرج الفاسي رحمه الله عن بعض مشايخ مكّة المتقدمين ان للنبي صلى الله عليه و آله مصلّى بين الحفرة المرخّمة وبين الحجر- بسكون الجيم- عند الحجر المشوبر الذي يقال له: المقام المحمدي، وأنّ من دعا عنده بهذا الدعاء: يا واحد يا واحد يا ماجد يا ماجد يا برّ يا رحيم يا غني يا كريم، أتمم عليّ نعمتك وألبسني عافيتك، استجيب له. ثم قال: والحجر المشوبر الذي هو علامة لهذا المصلّى لا يعرف الآن، والحفرة قد سبق ذكرها، وهذا المصلّى هو الموضع الذي ذكره المحب؛ اذ ليس بينها وبين الركن الشامي مصلّى للنبي»(4)، انتهى.


1- العبارة منقولة بالمعنى، انظر الجامع اللطيف: 138.
2- 2 الجامع اللطيف: 137-/ 139.
3- 3
4- الجامع اللطيف: 143.

ص: 289

الموضع الذي صلى فيه آدم عليه السلام

فعن الازرقي: «انّه صلّى تجاه الكعبة، وفي رواية اخرى: تجاه باب الكعبة(1)، ونقل الفاسي في شفائه عن ابن سراقة أنّه قال: «ومن باب الكعبة إلى مصلّى آدم حين فرغ من طوافه وأنزلت عليه التوبة، وهو موضع الخلوق من أزار الكعبة أرجح من تسعة أذرع، وهناك كان موضع مقام ابراهيم عليه السلام، وصلّى النبي صلى الله عليه و آله عنده ركعتي طوافه، وبين مصلّى آدم عليه السلام والركن الشامي ثمانية أذرع»(2)، انتهى.

قال الفاسي: «وقد تحرّر لي ممّا ذكره ابن سراقة في ذرع ما بين الركن الشامي ومصلّى آدم أن يكون مصلّى آدم ظنّاً بقرب الحفرة المرخّمة التي في وجه الكعبة، بحيث يكون منه إلى الحفرة ثلاثة أذرع، الّا ثلثاً


1- انظر أخبار مكّة 1: 44.
2- شفاء الغرام 1: 220.

ص: 290

بالحديد»(1)، انتهى.

قال ابن ظهيرة: «وفي رواية لابن أبي الدنيا: أنّ صلاة آدم إلى جانب الركن اليماني»(2)، انتهى.


1- نقله ابن ظهيرة نصاً في الجامع اللطيف: 143-/ 144، وانظر شفاء الغرام 1: 220.
2- الجامع اللطيف: 144.

ص: 291

الملاحق

اشارة

ص: 292

ص: 293

[جهات المصلين إلى القبلة]

قال ابن ظهيرة في جامعه: «فصل: بيان جهات المصلّين إلى القبلة من سائر الآفاق ملخصاً مما ذكره العزّ بن جماعة في دائرة بحذف الكواكب:

1- فجهة مصر وصعيدها الأعلى وسواحلها السفلى- اسوان واسنا وقوص والفسطاط والاسكندريّة والاكيدم والمحلّة ودمياط وبلبيس وبرقة وطرابلس وصفد وساحل المغرب والاندلس وما كان على سمته-: مابين الغربي والميزاب.

2- وجهة جانب الشام الغربي ووسط غزّة والرملة وبيت المقدس والمدينة الشريفة ودمشق وفلسطين وعكا وصيدا وما إلى ذلك من السواحل وما على سمته، وهي من قبل ميزاب الكعبة إلى دون الركن الغربي.

ص: 294

3- وجهة الشام كلّها غير ما ذكر- وهي: حمص وحماة وسلميّة وحلب ومنبج حرّان وميافارقين وما والاها من البلاد وسواحل الروم-: ما بين الميزاب والركن الشامي، موقفهم موقف أهل المدينة ودمشق، لكنهم يتياسرون شيئاً يسيراً، والجهة شاملة للجميع.

4- وجهة الرها والموصل وملطية وسميشاط وسنجار والجزيرة وديار بكر وما كان على سمت ذلك إلى القبلة: من الركن الشامي إلى مصلّى آدم عليه السلام العلامة في جعل القطب على الأذن اليمنى(1).

5- وجهة الكوفة وبغداد وحلوان والقادسيّة وهمدان ونيسابور وخراسان ومرو وخوارزم وبخارى وفرغانة والشاش وما كان على سمت ذلك: مابين مصلى آدم عليه السلام إلى قرب باب الكعبة.

6- وجهة البصرة والأهواز وفارس وكرمان وأصبهان وسجستان وشمال بلاد الصين وما على سمت ذلك: من باب الكعبة إلى الحجر الأسود.

7- وجهة بلاد الصين والهند والمهرجان وكابل والمهديان والتتار والمغل وقندهار وماوالاها وما كان على سمتها: من الركن الأسود إلى دون مصلّى النبي عليه السلام.

8- وجهة بلاد الهند وجنوب بلاد الصين وأهل التهايم والسند والبحرين وما


1- ما بين الشارحتين لم يرد في المصدر.

ص: 295

والاها وما كان على سمتها: من دون مصلّى النبي عليه السلام إلى ثلثي هذا الجدار.

9- وجهة اليمن بأسره ظفار وحضرموت وصنعاء وعمان وصعدة والشحر وسبأ وما والاها وما كان على سمتها: من دون الركن اليماني بتسعة أذرع أو سبعة(1) إلى الركن اليماني.

10- وجهة الحبشة والزنج ويلع وأكثر بلاد السودان وجزائر فرسان وماوالاها من البلاد وكان على سمتها: من الركن اليماني إلى ثلث الجدار، وهو آخر الباب المسدود.

11- وجهة جنوب بلاد البجاة ودهلك وسواكن وبلاد البُليْن والنوبة إلى بلاد التكرور وما وراء ذلك وما على سمته من بلاد السودان وغيرهم إلى البحر المحيط:

من دون الباب المسدود إلى ثلثي الجدار.

12- وجهة شمال بلاد البجاة والنوبة وأوسط المغرب من جنوب الواحات إلى بلاد افريقية وأوسط بلاد البربر وبلاد الجريد إلى بحر المحيط، وهي جهة جدّة وعيذاب وجنوب أسوان: من دون الركن الغربي بثلث الجدار إلى الركن الغربي.

انتهى ما لخص من الدائرة.


1- لم يرد «تسعة اذرع» في المصدر، وفيه: بسبعة أذرع.

ص: 296

وهذه الجهات المذكورة هي من حيث الجملة، ومن أراد التحرير في الاستقبال كما ينبغي فيلراجع كتب الميقات وما وضع لذلك من الآلات يقف على المراد واللّه أعلم»(1).


1- الجامع اللطيف: 144-/ 146.

ص: 297

[نبذة من حياة النبي صلى الله عليه و آله]

قال السنجاري: «فلما تمّ لُامّه شهران من حملها توفي عبد اللّه، وقيل: بعد ما ولد بثمانية وعشرين شهراً، وقيل: بسبعة أشهر، وقيل: بشهرين، وكان عبدالمطلب قد بعثه يمتار له مع قريش فرجع ضعيفاً معهم، فتخلف بيثرب عند أخواله من بني النجار، فأقام عندهم مريضاً شهراً، فلما قدم أصحابه مكّة أخبروه بذلك، فبعث له الحرث فوجده قد توفي، ودفن في دار التابعة. كذا في المواهب»(1).

قال الشامي في سيرته: «والتابعة: بالتاء المثناة من فوق فباء موحدة فعين مهملة»(2)، وقيل: «توفي بالابواء بين مكّة والمدينة»(3).

وذكر الحافظ العلائي في مولده: «انّه كان سنّه لما حملت منه امّه ثمانية عشر


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 422، وانظر حياة عبدالله والد النبي صلى الله عليه و آله فى تاريخ اليعقوبي 2: 10.
2- سبل الهدى والرشاد 1: 332.
3- انظر السيرة الحلبية 1: 50، ط/ دار احياء التراث- بيروت، د. ت.

ص: 298

سنة، وقيل: سبعة وعشرون، وقيل: كان عمره يوم تزوّج ثلاثين سنة، وقيل:

سبعة عشر، واللّه أعلم.

وورث صلى الله عليه و آله من أبيه خمسة أجمال وقطعة من الغنم، وامّ أيمن بركة الحبشية وشقران- بضمّ الشين- الحبشي فأعتقهما صلى الله عليه و آله(1)، انتهى.


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 424.

ص: 299

[ايمان آباء النبي صلى الله عليه و آله]

(1) قال المسعودي: «بعث النبي صلى الله عليه و آله لستة آلاف ومئة وعشرين سنة من هبوط آدم، وقال بعضهم: ومئة وعشرين سنة»(2)، قاله السنجاري.

فائدة: الذي عليه المحققون أنّ أبويه- أي النبي صلى الله عليه و آله- من الناجين وليسا في النار؛ لموتهما قبل البعثة، ولا تعذيب قبلها بنصّ: «وما كنّا معذّبين حتى نبعث رسولًا»(3) ولأنّهما لم يثبت عنهما شرك، بل كانا على دين الحنيفة- دين ابراهيم عليه السلام- كما قال الفخر الرازي(4)، بل قيل: إنّ اللّه أحياهما له وآمنا به، وقد ألّف العلّامة السيوطي وغيره مؤلفات في ذلك جزاهم اللّه خيراً، قال الجلال في المسالك، بعد سابق كلام فثبت أنّ آباءه صلى الله عليه و آله من عهد ابراهيم عليه السلام إلى عمرو بن لحي، كلهم مؤمنون بيقين، ثم أورد آيات وأحاديث إلى أن قال: «فتحصّل من


1- العنوان زيادة منا.
2- راجع التنبيه والاشراف: 182.
3- الاسراء: 15.
4- نقل ذلك في هامش البحار 15: 118 عن السيوطي من مسالك الحنفاء: 17 وعن الفخر الرازي من كتابه اسرار التنزيل.

ص: 300

هذا: أنّ آباءه كلهم على دين ابراهيم عليه السلام، وولد كعب بن مرة الظاهر أنّهم كانوا كذلك؛ لأنّ أباه أوصاه بالايمان، وقد بقي بينه وبين عبدالمطلب كلاب وقصيّ وعبد مناف وهاشم لم أظفر فيهم بنقل لا كذا ولا كذا»(1)، انتهى.

وقال العلّامة ابن حجر في شرح الهمزية عند قوله:

لم تزل في ضمائر الكون تختار لك الامهات والآباء

لك أن تأخذ من كلام الناظم الذي علمت أنّ الأحاديث صرّحت به لفظاً في أكثره وسمى في كلّه: أنّ آباءه عليه السلام من آدم وحوا ليس فيهم كافر؛ لأنّ الكافر لا يقال فيه: مختار ولا طاهر ولاكريم، بل: «انّما المشركون نجس»[(2) وأيضاً قوله تعالى: «وتقلّبك في الساجدين»(3) على أحد التفاسير أنّ المراد من ساجد إلى ساجد»(4)، انتهى من السنجاري.


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 424- 426.
2- التوبة: 28.
3- الشعراء 219.
4- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 426.

ص: 301

عمر الدنيا

فائدة:

نقلت من خط شيخ مشايخنا العلّامة الشيخ عبد الرحمن بن عيسى المرشدي ما نصه: «نقل بعض المؤرخين أنّ تاريخ الدنيا من لدن آدم عليه السلام إلى طوفان نوح ألف عام، ومن الطوفان إلى زمن ابراهيم ألف ومئة عام، ومن زمن ابراهيم عليه السلام إلى زمن موسى ألف عام، ومن زمن موسى عليه السلام إلى زمن عيسى عليه السلام [خمسمئة عام، ومن زمن عيسى عليه السلام](1) إلى زمن نبينا صلى الله عليه و آله خمسمئة عام، ومن الهجرة إلى عامنا [هذا](2) الذي هو ألف ومئتي(3) سبعمئة عام، بدليل عليه السلام عمر الدنيا سبعة أيام من أيام الآخرة، وبعثت في اليوم السادس، وقال تعالى: «انّ يوماً عند ربك كألف سنة ممّا تعدّون»(4) هذا تقريباً. والتحقيق إنّ: «علمها عند ربي في كتاب لا يضلّ ربّي ولا ينسى»(5)، انتهى للسنجاري(6).


1- الزيادة منا.
2- من المصدر.
3- كذا في الأصل.
4- الحج: 47.
5- طه: 52.
6- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 273- 274.

ص: 302

وفيه أيضاً: «وكان الطوفان بعد هبوط آدم بألفين ومئتين وأربعين سنة، وبين مولد ابراهيم عليه السلام والهجرة النبوية ألفان وثمانمئة وثلاث وسبعين سنة، والاختلاف في ذلك كثير، قاله العليمي في تاريخ القدس»(1)، انتهى.

ابن ظهيرة قال: «ويروي أنّ قبر حوّاء بجدة، واللّه أعلم، قال: روي الفاكهي عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله: مكّة رباط وجدّة جهاد. وظاهر هذا الحديث لايلائم ما قالوه: إنّ عثمان حوّل ساحل مكّة من الشعيبة إلى جدّة، وكذا ما قالوه: إنّه ذكر عن ابن حيرانة رأى بجدّة أثر سور محدق بها، وأن بها مسجدين ينسبان الى عمر بن الخطاب»(2)، انتهى.


1- منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 272- 273.
2- الجامع اللطيف: 81 و 82.

ص: 303

[الختام]

هذا آخر ما وجد بخطّ المرحوم المبرور، المستقر في دار الرحمة والسرور، العالم الرباني، والحبر الصمداني، آية اللّه في العالمين، السيد السند، والركن المعتمد، التقي النقيّ، الألمعيّ اللوذعيّ، السيد مهدي الطباطبائي الملقّب ببحر العلوم، أعلى اللّه درجته في الجنان، وألبسه ثوب المغفرة والرضوان.

وقد حرّره وسطره امتثالًا لأمر العالم العلّامة والفاضل البحر الفهامة الكريم بن الكريم والعالم بن العالم، الذي فضائله لا تعدّ، وفواضله لاتحصى، جناب الشيخ عباس نجل الأجلّ الأكرم الشيخ علي، نجل شيخنا الأعظم الأكبر جعفر النجفي طاب ثراهما.

وقد وقع الفراغ منه يوم الأحد السادس من شهر اللّه رجب المرجب من سنة 1295 ه، وأسأل اللّه العفو والغفران، والحمد للّه أوّلًا وآخراً.(1)

هوامش


1- السيد محمد مهدي بحر العلوم، تحفة الكرام في تاريخ مكة وبيت الله الحرام، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1425 ه. ق.

ص: 304

[1] ( 1) ومراده بان جده احمد هو النبي صلى الله عليه و آله، وأما ان والده مالكي، انّ والده مالك له؛ طبقاً لحديث:« أنت ومالك لأبيك»، وأما ان دينه شافعي فهو أنّ دينه هو الذي سوف يشفع له في يوم القيامة، وكما أنّ اعتقاده هو بالدين الحنيف وهو الاسلام، وانّه يقول بالشفاعة في يوم القيامة، وانّ الحق دائماً مع سنة رسول اللّه المنضمّة إلى روايات اهل البيت عليهم السلام.

[2] ( 1)« السيد بحر العلوم» ضمن سلسلة« ديدار با ابرار»( لقاء مع الأبرار: 6): 38- 40.

[3] ( 1) يطلق البيت على ما يقارب السطر الواحد من الكتابة.

[4] ( 1) فهرس التراث 2: 100.

[5] ( 1) تحفة العالم: 136.

[6] ( 2) الفوائد الرضوية: 670.

[7] ( 1) رجال السيد بحر العلوم 1: 116-/ 117.

[8] ( 2) رجال السيد بحر العلوم 1: 49.

[9] ( 1) البقرة: 125.

[10] ( 1) في هامش الاصل هنا مايلي:« هو السلطان مراد بن السلطان سليم بن السلطان سليمان بن السلطان سليم بن السلطان بايزيد بن السلطان محمد بن السلطان مراد بن السلطان محمد بن السلطان قلدرم با يزيد بن السلطان مراد بن اورخان بن السلطان عثمان، هكذا نسبه القطبي في تاريخه».

[11] ( 2) من المصدر.

[12] ( 3) شفاء الغرام؛ هو: شفاء الغرام في تاريخ بلد اللَّه الحرام، لتقي الدين محمد بن أحمد بن علي الفاسي المكّي، المتوفى سنة 832 ه، ألفه على نمط تاريخ الأزرقي، و حذف منه أسانيد الأحاديث، والكتاب في أربعين باباً زاد فيها الفاسي ما جدّ بعد الأزرقي، واختصره الفاسي مراراً. وقد اعتمدنا على طبعة محققة، مطبوعة في دار الكتب العلميّة في بيروت بدون تاريخ.

[13] ( 1) انظر شفاء الغرام 1: 91.

[14] ( 2) الاعلام بأعلام بيت الله الحرام: 55- 56.

[15] ( 3) في المصدر: حدّثني علي بن هارون.

ص: 305

[16] ( 4) كذا في المصدر، وفي المخطوطة:« عبد اللّه».

[17] ( 1) بدل ما بين المعقوفتين في المصدر:« قال: حدثني محمد بن علي بن الحسين».

[18] ( 2) من المصدر.

[19] ( 3) لم يرد:« فردّ عليه السلام» في المصدر.

[20] ( 4) من المصدر.

[21] ( 5) من المصدر.

[22] ( 6) البقرة: 124.

[23] ( 1) البقرة: 30.

[24] ( 2) كذا، وفي الاعلام: ردّ.

[25] ( 3) كذا في المصدر، وفي المخطوطة:« أيديهم».

[26] ( 4) من المصدر.

[27] ( 5) كذا في المصدر، وفي المخطوطة بدل ما بين المعقوفين:« فطافت الملائكة بهذا البيت».

[28] ( 6) أخبار مكّة؛ للازرقي 1: 33- 34 وانظر الاعلام: 56- 57.

[29] ( 1) من الاعلام.

[30] ( 2) المطبوع من تاريخ مكة بعنوان« أخبار مكة» هو النصف الثاني من الكتاب وقد ضاع النصف الأول منه كما أشار إليه محقق الكتاب في ج 1: 33 من أخبار مكة.

[31] ( 3) نقله النهرواني في الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 75، والأزرقي في أخبار مكّة 1: 31.

[32] ( 4) في ط:« تحت الكعبة».

[33] ( 5) في المصدر:« من تحت الكعبة».

[34] ( 1) كذا في المصدر، وفي المخطوطة:« بحمد اللّه».

[35] ( 2) الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 58.

ص: 306

[36] ( 3) في هامش المخطوطة هنا مايلي:« ذكر ابن ظهيرة بعد قوله:« ثلاثون رجلًا»: قال ابن عباس: فكان أوّل من أسس البيت وصلّى فيه وطاف به آدم، ولم يزل كذلك، حتى بعث اللَّه الطوفان فدرس مواضع البيت. ثم قال: اقول: هذا ما يشهد بان بناء الملائكة وبناء آدم عليه السلام بناء واحد، انتهى».

[37] ( 1) طور زيتا: هو جبل يشرف على المسجد الأقصى.

[38] ( 2) اخبار مكّة 1: 37.

[39] ( 3) من الاعلام.

[40] ( 4) أخبار مكّة 1: 40.

[41] ( 1) أخبار مكّة 1: 43.

[42] ( 2) من أخبار مكة 1: 44.

[43] ( 3) أخبار مكة 1: 43- 44.

[44] ( 1) الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 60، أخبار مكّة 1: 44.

[45] ( 2) من الاعلام.

[46] ( 3) الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 61، أخبار مكة 1: 49.

[47] ( 4) أبو القاسم السهيلي؛ هو: عبد الرحمن بن عبداللَّه بن أحمد بن أصبغ بن حسن بن حسين بن سعدون الخثعمي الأندلسي المالقي؛ أبو القاسم، وأبو زيد، صاحب« الروض الانف»، و« التعريفات في مبهمات القرآن»، وغير ذلك. ولد سنة 508 ه، سمع من ابن العربي وطائفة، وأخذ النحو والأدب عن ابن الطراوة والقراءات عن أبي داود والصغير؛ سليمان بن يحيى، كان جامعاً بين علوم كثيرة؛ التاريخ والحديث والتفسير وأصول الفقه وعلم الرجال والأنساب. مات السهيلي سنة 581 ه. طبقات الحفاظ: 478، 479. البداية والنهاية 12: 319. طبقات المفسرين 1: 266، أنباء الرواة 2: 162، وفيات الأعيان 1: 280.

[48] ( 1) انظر: الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 61.

[49] ( 2) الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 61.

[50] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 274.

[51] ( 1) شفاء الغرام 1: 92.

ص: 307

[52] ( 2) الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 62.

[53] ( 3) الجامع اللطيف: 79-/ 80، وانظر أخبار مكة؛ للازرقي 1: 64-/ 65.

[54] ( 4) اخبار مكة 1: 64- 66، وانظر: الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 62- 63.

[55] ( 1) في اخبار مكة 1: 64: تسعة أذرع.

[56] ( 2) في اخبار مكة 1: 65: شرقاً وغرباً ويمناً وشاماً.

[57] ( 1) في اخبار مكة 1: 65:« وانما شدّة سواده لأنّه أصابه الحريق مرة بعد مرة في الجاهليّة».

[58] ( 2) في اخبار مكة 1: 66:« وانّما رضمه رضماً»، والرضم: التنضيد، يقال: رضم المتاع: نضّده، والرضم والرضام: الصخور العظيمة يرضم بعضها فوق بعض في الأبنية.

[59] ( 3) أخبار مكّة 1: 63-/ 64، الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 63.

[60] ( 4) طور زيتا: جبل يشرف على المسجد الأقصى.

[61] ( 5) شفاء الغرام 1: 93.

[62] ( 6) من اخبار مكة.

[63] ( 1) لم ترد« مكانه» في المخطوطة.

[64] ( 2) اخبار مكة 1: 52- 53.

[65] ( 3) الجامع اللطيف: 76.

[66] ( 4) الجامع اللطيف: 76.

[67] ( 5) الجامع اللطيف: 76، اخبار مكة 1: 60.

[68] ( 6) اخبار مكة 1: 60.

[69] ( 7) الجامع اللطيف: 76- 77. اخبار مكة 1: 60- 61.

[70] ( 1) الجامع اللطيف: 77.

[71] ( 2) الجامع اللطيف: 77. اخبار مكة 1: 61، وتاريخ مكة المشرفة: 37.

[72] ( 3) اخبار مكة 1: 64، وتاريخ مكة المشرفة: 37.

[73] ( 4) الجامع اللطيف: 77.

[74] ( 5) اخبار مكة: للارزقي 1: 66.

[75] ( 6) اخبار مكة: للارزقي 1: 66.

[76] ( 7) تاريخ مكة المشرفة: 38.

ص: 308

[77] ( 1) طور زيتا: جبل يشرف على المسجد الأقصى.

[78] ( 2) راجع الإعلام بأعلام بيت الله الحرام: 64-/ 67.

[79] ( 3) الإعلام بأعلام بيت الله الحرام: 68.

[80] ( 1) كذا في المصدر، وفي المخطوطة بدل ما بين المعقوفين:« وثابت عليه خزاعة».

[81] ( 2) كتاب الاعلام بأعلام بيت اللَّه الحرام: 72- 75( بتلخيص) وما بين المعقوفات من المصدر.

[82] ( 1) انظر تفصيل ذلك في كتاب الإعلام بأعلام بيت اللَّه الحرام: 77- 78، وكتب هنا في هامش المخطوطة ما يلى:« بلغ مقابلة على التي بخط السيد رحمه اللّه».

[83] ( 2) اخبار مكة 1: 62.

[84] ( 3) ما بين المعقوفين من المصدر، انظر شفاء الغرام 1: 94.

[85] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 324.

[86] ( 2) كذا في المصدر، وفي المخطوطة:« وردمه».

[87] ( 3) شفاء الغرام 1: 94.

[88] ( 4) من المصدر.

[89] ( 1) اخبار مكة 1: 89-/ 90.

[90] ( 2) من الاعلام.

[91] ( 3) شفاء الغرام 1: 94.

[92] ( 4) الأحكام السلطانية 2: 160، وعنها الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 77.

[93] ( 5) في المصدر:« جعل عرضها».

[94] ( 1) الاعلام بأعلام بيت اللَّه الحرام: 77.

[95] ( 2) من الاعلام.

[96] ( 3) انظر سبل الهدى والرشاد 2: 169.

[97] ( 1) الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 82- 83، وانظر سيرة ابن هشام 1: 204-/ 205.

ص: 309

[98] ( 2) بنو زهرة: بطن من مرة بن كلاب؛ من قريش؛ من العدنانية، وهم: بنو زهرة بن كلاب بن مرة، منهم: سعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف ومنهم: آمنة بنت وهب أمّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.( انظر: نهاية الإرب في معرفة أنساب العرب: 275).

[99] ( 1) بنو عبد مناف: بطن من قريش؛ من العدنانية، وهم: بنو عبد مناف بن قصي، وأمه: حبى بنت خليل.( نهاية الإرب: 342).

[100] ( 2) بنو مخزوم: بطن من لؤي بن غالب؛ من قريش، وكان لمخزوم من الولد: عمرو، وعامر، وعمران. منهم: خالد بن الوليد، ومنهم: أبو جهل؛ عدو رسول اللَّه، وأخوه العاص، قتلا كافرين ببدر، وأخوهما سلمة بن هشام أسلم فكان من خيار المسلمين، ومنهم: سعيد بن المسيب التابعي المشهور.( نهاية الإرب: 416).

[101] ( 3) بنو جمح: بطن من هصيص؛ من قريش؛ من العدنانية؛ وهم: بنو جمح بن عمرو بن هصيص، كان له من الولد: حذافة، وسعد. من بني سعد بن جمح: أبو محذورة؛ مؤذّن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، وأخوه أبي بن خلف عدوّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، وكلدة ابن خلف بن حذافة بن جمح.( نهاية الإرب: 218).

[102] ( 4) بنو سهم: بطن من هصيص، من قريش، من العدنانية، وهم: بنو عمرو بن هصيص، كان له الولد: سعد، وسعيد، فمن بني سعيد بن سهم: قيس بن عدي بن سهم، وابنه الحارث بن قيس من المستهزئين برسول اللَّه صلى الله عليه و آله، ومنهم عبد اللَّه بن الزبعرى الشاعر. ومن بني سعد بن سهم: عمرو بن العاص بن وائل بن هشام بن سعيد بن سهم.( نهاية الإرب: 298).

[103] ( 5) بنو عبد الدار: بطن من قصي بن كلاب؛ من العدنانية، وكان لعبد الدار من الولد: عثمان، وعبد مناف، والسباق. منهم: عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار، وهو الذي أخذ منه النبي صلى الله عليه و آله مفتاح الكعبة يوم الفتح.( نهاية الإرب: 336).

[104] ( 6) بنو أسد بن عبد العزى: يبدو أنهم أحد بطون بني أسد بن قصي بن كلاب الذين منهم: الزبير من العوام، وحكيم بن حزام بن خويلد بن أسد، وهو ابن عم الزبير بن العوام، ومنهم أيضاً: خديجة بنت خويلد زوجة النبي صلى الله عليه و آله، وورقة بن نوفل كذلك من بني أسد.( نهاية الإرب: 38).

[105] السيد محمد مهدي بحر العلوم، تحفة الكرام في تاريخ مكة وبيت الله الحرام، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1425 ه. ق..

[106] ( 1) بنو عدي بن كعب: بطن من لؤي بن غالب؛ من العدنانية، وهم: بنو عدي بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، وكان لكعب من الولد: رزاح، وعويج، فمن بني رزاح: عمر بن الخطاب، ومن بني عويج: نعيم بن عبد اللَّه، المعروف بالنحّام؛ بفتح النون وتشديد الحاء.( نهاية الإرب: 358).

[107] ( 1) في المخطوطة:« ففاجأنا» وفي سبل الهدى:« فلم يفجنا إلّاالأمين محمّد».

[108] ( 2) في سبل الهدى:« أمر ديمة».

[109] ( 3) في سبل الهدى:« مع ما».

[110] ( 4) في سبل الهدى:« بأكناف».

ص: 310

[111] ( 5) في سبل الهدى:« أكف إليه فسر في خير مسند».

[112] ( 6) في سبل الهدى:« وكان رضينا ذاك عنه بعينه».

[113] ( 7) في سبل الهدى:« لتلك يد منه علينا عظيمة يروح بها ركب العراق ويغتدي»، انظر سبل الهدى والسلام 2: 172.

[114] ( 1) كتاب الإعلام بأعلام بيت اللَّه الحرام: 86، وانظر سيرة ابن هشام 1: 20-/ 210.

[115] ( 2) الجامع اللطيف: 83.

[116] ( 1) الاعلام بأعلام بيت الله الحرام: 86.

[117] ( 2) الجامع اللطيف: 82.

[118] ( 3) الاعلام بأعلام بيت الله الحرام: 86.

[119] ( 1) الاعلام بأعلام بيت اللَّه الحرام: 87.

[120] ( 2) رواه البخاري في 2: 574، كتاب الحج، باب فضل مكّة وبنيانها، الحديث 1509، ط/ اليمامة- دمشق 1410، ومسلم في 3: 143، كتاب الحج، الحديث 401، وذيله في الحديث 403. ط/ مؤسسة عزّالدين-/ بيروت 1407 ه. وانظر فتح الباري 2: 353.

[121] ( 1) رواه مسلم 3: 144، ذيل الحديث 402، ط/ مؤسسة عزالدين-/ بيروت سنة 1407.

[122] ( 2) لم نقف عليه في مرآة الجنان، وانظر التاريخ القويم المجلد الثاني( 3: 66- 67).

[123] ( 1) الاعلام بأعلام بيت اللَّه الحرام: 117- 119( باختصار).

[124] ( 2) كتاب الاعلام بأعلام بيت اللَّه الحرام: 119- 120( باختصار).

[125] ( 1) آل عمران: 96.

[126] ( 1) الحج: 26.

[127] ( 1) الجامع اللطيف: 69- 71.( باختصار).

[128] ( 2) الأخشبان- بفتح اوّله وسكون ثانيه: تثنية الأخشب، والاخشب من الجبل: الخشن الغليظ، ويقال: هو الذي لا يرتقى فيه، والأخشبان جبلان يضافان إلى مكة تارة وإلى منى اخرى، أحدهما: أبو قبيس، والآخر الجبل الاحمر المشرف على منى.( انظر هامش اخبار مكة 2: 267).

[129] ( 1) أخبار مكة؛ للأزرقي 1: 200، ونقل نص ذلك عن الأزرقي في التاريخ القويم، المجلد الثاني( 3: 62- 63)، إلّاأنّ في أخبار مكّة للفاكهي( 2: 355): إنّ ابن الزبير ضرب فسطاطاً في المسجد فكان فيه نساء يسقين الجرحى ويداوينهم ويطعمن الجائع. قال الحصين: ما يزال يخرج علينا من هذا الفسطاط أُسد كأنّها تخرج من عرينها فمن يكفينيه! قال رجل من أهل الشام أنا. قال فلمّا جنّ الليل وضع شمعة في طرف رمح ثمّ ضرب فرسه حتّى طعن الفسطاط فالتهب ناراً. قال: والكعبه يومئذ مؤزره بطنافس حتّى احترقت الكعبة واحترق يومئذ فيها قرنا الكبش.

ص: 311

[130] ( 2) المراد هو جدّ صاحب الجامع اللطيف، وهو المسمى بابن ظهيرة أيضاً، صاحب المنسك الكبير.

[131] ( 1) تقدم تخريج الحديث آنفاً.

[132] ( 2) الجامع اللطيف: 84- 87.

[133] ( 1) انظر اخبار مكة 1: 202، ونقله عنه في التاريخ القويم، المجلد الثاني( 3: 65).

[134] ( 2) في التاريخ القويم، المجلد الثاني( 3: 79):« وقيل إنّه بناها بالرصاص المذاب المخلوط بالورس، وهو نبت أصفر يزرع باليمن ويصبغ به».

[135] ( 3) الجامع اللطيف: 88-/ 89، وانظر اخبار مكة 1: 209، والتاريخ القويم، المجلد الثاني( 3: 65- 68).

[136] ( 1) الجامع اللطيف: 89-/ 90.

[137] ( 2) أخبار مكّة 5: 230،« ما عليه بناء الكعبة في زمن الفاكهي»، الجامع اللطيف: 90.

[138] ( 1) الجامع اللطيف: 89-/ 91.

[139] ( 1) اخبار مكة 1: 143، 153.

[140] ( 2) مثل تاريخ ابن جرير الطبري 6: 520.

[141] ( 3) الروض الآنف 1: 132( طبعة باكستان).

[142] ( 4) منائح الكرم؛ للسنجاري 2: 23- 24، ونقل بعض ذلك الازرقي في اخبار مكة 1: 207.

[143] ( 5) في الاعلام:« سنة أربع وستين من الهجرة»، انظر الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 119.

[144] ( 1) نقله السنجاري في منائح الكرم 2: 25- 26.

[145] ( 1) الجامع اللطيف: 92.

[146] ( 2) الجامع اللطيف: 93.

[147] ( 3) بياض في المخطوطة بمقدار كلمة.

[148] ( 1) نقله عن حاشية الكشاف، في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 253- 254.

[149] ( 1) كذا في المخطوطة، وبعده بياض بمقدار سطر. والظاهر انه عنون الكثيب الأحمر وأراد توضيحه فيما بعد، ولم يصدر من قلمه الشريف ذلك، هذا وقد ورد ذكر الأكمة الحمراء في موضعين من هذا الكتاب هما:

1- عند قوله: قال الأزرقي؛:« قال أبي: وحدثني جدي، عن سعيد بن سالم، عن ابن جريح، عن مجاهد، أنه قال: موضع الكعبة قد خفي ودرس زمن الطوفان فيما بين نوح وإبراهيم عليهما السلام. قال: وكان موضعه أكمة حمراء لا تعلوها السيول، غير أن الناس كانوايعلمون أن موضع البيت فيما هنالك من غير تعيين محله، وكان يأتيه المظلوم والمتعوّذ من أقطار الأرض، ويدعو عنده المكروب، وما دعاعنده أحد الّا استجيب له. وكان الناس يحجون إلى موضع البيت، حتى بوّأ اللَّه مكانه لإبراهيم عليه السلام لما أراد عمارة بيته وإظهار بنيته وشعائره، فلم يزل منذ أهبط اللَّه سبحانه وتعالى آدم إلى الأرض معظّماً عند الأمم والملل». وعن ابن عمر:« كانت الانبياء يحجّونه ولايعلمون مكانه حتى بوّأه اللَّه لخليله وأعلمه مكانه».

ص: 312

2- عند قوله:« وكان آدم أوّل من أسّس البيت وصلّى فيه، ثمّ إنّ ابراهيم عليه السلام امر ببناء البيت وكان عمره إذ ذاك مئة سنة، فوفد مكّة من الشام وهي وفدته الثالثة، فادرك اسماعيل تحت دوحة قريباً من زمزم وهو يبري نبلًا، فلما رآه قام إليه، فقال له: يا اسماعيل إنّ اللّه أمرني أن ابني له بيتاً ها هنا-/ وأشار إلى أكمة حمراء مرتفعة-/ فقال: اصنع ما أمرك. قال: وتعينني؟ قال: واعينك. وكان سنّ اسماعيل إذ ذاك ستّة وثلاثون سنة- وفي رواية الأزرقي: عشرون سنة، وفي رواية ذكرها المسعودي: ثلاثون سنة- فعزما على البناء وجمعا الحجارة» ... الى آخر ما قال، فراجع.

[150] ( 1) من المصدر.

[151] ( 2) ربيع الابرار 1: 358، ط/ 1410.

[152] ( 3) القاموس المحيط 2: 291. وفي ص 261:« العزّى: سمرة عبدتها غطفان، اول من اتخذها ظالم بن أسعد، فوق ذات عرق الى البستان بتسعة أميال، بنى عليها بيتاً وسماه: بسّاً، وكانوا يسمعون فيها الصوت، فبعث اليها رسول اللّه صلى الله عليه و آله خالد بن الوليد فهدم البيت وأحرق السمرة».

[153] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 146 وما بعدها.

[154] ( 1) مروج الذهب 2: 237 ط/ دار المعرفة بيروت، سنة 1403.

[155] ( 2) اخبار مكة 1: 280.

[156] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 259.

[157] ( 1) الكلام لابن ظهيرة في الجامع اللطيف: 67.

[158] ( 2) شفاء الغرام 1: 91.

[159] ( 3) من المصدر.

[160] ( 1). من منائح الكرم بأخبار مكة و ولاة الحرم.

[161] ( 2). انظر أخبار مكة 1: 372- 373.

[162] ( 1) الى هنا من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 259- 263.

[163] ( 1) أخبار مكة 1: 64، وتاريخ مكة المشرفة؛ لابن الضياء: 40.

[164] ( 2) أخبار مكة 1: 64، وتاريخ مكة المشرفة؛ لابن الضياء: 40.

[165] ( 3) شفاء الغرام 1: 93.

[166] ( 4) المراد بالقدس هو« طور زيتا» الذي هو جبل يشرف على المسجد الأقصى.

[167] ( 1) القصة- بفتح القاف-: هي النورة أو شبهها.( الجامع اللطيف: 77).

[168] ( 2) شفاء الغرام 1: 93.

ص: 313

[169] ( 3) هذا اسم كتاب ابن ظهيرة؛ جدّ مؤلف الجامع اللطيف، كما في الصفحة 200 من الجامع اللطيف.

[170] ( 4) تاريخ مكة المشرّفة؛ لابن الضياء: 36-/ 38( باختصار)، وانظر شفاء الغرام 1: 93، والجامع اللطيف: 73-/ 74.

[171] ( 5) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 294.

[172] ( 6) انظر شفاء الغرام 1: 93.

[173] ( 7) كذا في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 294، وفي المخطوطة:« من الكعب».

[174] ( 8) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 295. وانظر شفاء الغرام 1: 202.

[175] ( 9) راجع: منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 295.

[176] ( 1) تاريخ مكة المشرفة؛ لابن الضياء: 39.

[177] ( 2) منائح الكرم بأخبارمكة وولاة الحرم 1: 313.

[178] ( 3) تاريخ مكة المشرفة؛ لابن الضياء: 25- 26.

[179] ( 4) انظر: تفسير البيضاوي 1: 82.

[180] ( 5) كذا الجامع اللطيف: 20.

[181] ( 6) انظر: تاريخ القضاعي 60- 61.

[182] ( 7) الجامع اللطيف: 20-/ 21.

[183] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 314.

[184] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 322- 323.

[185] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 325.

[186] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 326.

[187] ( 2) الجامع اللطيف: 141، وانظر أقوال اخرى في مدفنه عليه السلام في شفاء الغرام 1: 14.

[188] ( 3) كذا في أكثر المصادر، واعله في المخطوطة:« ثابت» كما في بعض المصادر الاخرى، وكذا في الموارد التالية.

[189] ( 4) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 331- 332.

[190] ( 1) اخبار مكة 1: 81-/ 83( بتلخيص)، وانظر تاريخ مكة المشرفة: 49. ومنائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 335- 336.

[191] ( 2) تاريخ مكة المشرفة: 53.

ص: 314

[192] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 337.

[193] ( 4) انظر تفصيل ذلك في تاريخ مكة المشرفة؛ لابن الضياء: 51-/ 53. ومنائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 337- 338.

[194] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 359.

[195] ( 2) كذا ظاهرا، ولعلّ الصحيح:« طارف».

[196] ( 3) راجع البناء السابع للكعبة الشريفة في ص 62 وما بعدها.

[197] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 359.

[198] ( 2) كذا ظاهرا، ولعلّ الصحيح:« طارف».

[199] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 359.

[200] ( 2) كذا ظاهرا، ولعلّ الصحيح:« طارف».

[201] ( 3) راجع البناء السابع للكعبة الشريفة في ص 62 وما بعدها.

[202] ( 4) اي قصي بن كلاب، كما في شفاء الغرام 1: 94.

[203] ( 5) شفاء الغرام 1: 94.

[204] ( 6) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 365 وما بعدها.

[205] ( 1) معناه في اخبار مكة 1: 85-/ 86.

[206] ( 2) انظر شفاء الغرام 1: 352.

[207] ( 3)« طسم» هو اخو عملاق، كما في شفاء الغرام 1: 356، وقد وليت قبيلة طسم مكة قبل قريش.

[208] ( 4) انظر العقد الثمين 1: 292.

[209] ( 1) شفاء الغرام 2: 26.

[210] ( 2) شفاء الغرام 2: 27، وفي العقد الثمين 1: 229 ما نصه:« انّ رجلًا من إياد ورجلًا من مضر خرجا يتصيّدان، فمرت بهما إرنب، فاكتنفاها يرميانها، فرماها الإيادي فنزل سهمه فنظم قلب المضري، فقتله، فبلغ الخبر مضر، فاستغاثت بفهم وعدوان، يطلبون لهم قود صاحبهم، فقالوا: إنما أخطأه، فأبت فهم وعدوان الّا قتله، فتناوش الناس بينهم بالمدور- وهو مكان- فسمت مضر من أياد ظفراً، فقالت لهم إياد: أجّلونا ثلاثاً فلن نساكنكم أرضكم، فأجّلوهم ثلاثاً، فظعنوا قبل المشرق».( العقد الثمين 1: 299).

ص: 315

[211] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 351- 352.

[212] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 353.

[213] ( 2) القاموس المحيط 3: 251، مادة« عرف».

[214] ( 3) انظر: مسلم بشرح النووي 9: 89، والزيادة من المصدر.

[215] ( 4) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 31.

[216] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 353.

[217] ( 2) راجع تاريخ مكّة المشرّفة؛ لابن الضياء: 76.

[218] ( 3) نقله عنه السنجاري في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 353.

[219] ( 4) انظر: منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 354.

[220] ( 5) كذا ظاهرا، ولعلها:« الحسنيّة». ولم نقف على الكتاب المذكور.

[221] ( 1) مفصّل هذه الحادثة في ملحق أخبار مكّة 1: 356.

[222] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 64- 65. اخبار مكة 1: 356.

[223] ( 2) من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.

[224] ( 3) في أخبار مكة 1: 356« وانجذب»، وهو الصحيح.

[225] ( 1) من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.

[226] ( 2) اخبار مكة 1: 356.

[227] ( 3) من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.

[228] ( 4) في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم:« رابع عشرين شعبان».

[229] ( 5) من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.

[230] ( 6) الزيادة اقتضتها العبارة.

[231] ( 1) في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم:« ويكتب بذلك الواقع الى الابواب».

[232] ( 2) من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.

[233] ( 1) أي الابقار التي تجرّ ألواح الحراثة.

[234] ( 2) كتب في الهامش المخطوطة هنا كلمة:« ثامن- ظ».

[235] ( 3) كذا في المخطوطة.

[236] ( 4) من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.

[237] ( 5) اي كلام الشيخ احمد بن علان الصديقي، وكان على رأس الأقلّية التي عارضت تنظيف المسجد الحرام ريثما يرد الأمر من السلطان، وقد جمع يوميات تاريخ بناء الكعبة في كتاب اسمه: أنباء المؤيّد الجليل مراد ببناء بيت الوهاب الجواد»، راجع اخبار مكة 1: 357 و 358.

[238] ( 1) من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.

ص: 316

[239] ( 2) من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.

[240] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 78.

[241] ( 4) وهذه بحساب الجمل تساوي 1040، وبحذف( أ) تكون 1039.

[242] ( 5) من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.

[243] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 79- 80.

[244] ( 2) في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم:« الغداة».

[245] ( 3) في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم:« وصريعاً».

[246] ( 4) في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم:« فبهذا قد أتى تاريخه».

[247] ( 5) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 80- 81.

[248] ( 6) لم نقف عليه، و نقل نصاً في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 81- 82.

[249] ( 7) في اخبار مكّة( 1: 356): ان العمل استمر من 26 رمضان إلى 13 شوال، ثم البست الكعبة الثوب.

[250] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 82- 83.

[251] ( 2) من المصدر.

[252] ( 3) من المصدر.

[253] ( 4) كلمة تركية، معناها: ضابط المدفعية.

[254] ( 5) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 84- 85.

[255] ( 6) من المصدر.

[256] ( 1) من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.

[257] ( 2) الليم: الليمون.

[258] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 86- 90.

[259] ( 4) في هامش المخطوطة في نسخة:« ثامن عشر- ظ».

[260] ( 1) في ملحق أخبار مكة؛ للأزرقي( 1: 357) ان ايوب صبري باشا جمع الفتاوى واجوبة العلماء عليها في كتابه« مرآت الحرمين» بنصّها باللغتين العربية والتركية، ولم نقف على الكتاب.

ص: 317

[261] ( 2) من المصدر.

[262] ( 1) نقله السنجاري في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 92- 96.

[263] ( 2) في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم:« والعشرين».

[264] ( 3) من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.

[265] ( 4) الظاهر انّه من الشهر التالي، لا جمادى الاولى المذكور سابقا، ثم انّ المحقق رشدي صالح، محقق كتاب اخبار مكة، قد الحق بالجزء الأوّل ما حصل له مما أوضحه الازرقي واتفق عليه المؤرخون الآخرون: بناء الكعبة للمرة الحادية عشرة عام 1039 هجرية في عهد السلطان مراد العثمانى، وذكر تفصيل البناء في الصفحات 353-/ 373 من ملحق أخبار مكة، فراجع.

[266] ( 1) في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم:« من الشهر» أي جمادى الثانية.

[267] ( 1) كذا، والعبارة غير واضحة.

[268] ( 2) العبارة غير واضحة في المخطوطة، وفي ملحق اخبار مكة( 1: 362) مانصه:« ... وقصدابن شمس الدين رفعه من محلّه ورفع الحجر تحته، اخذ عبدالرحمن بن زين البنّاء وصار يقلع به ما على ظهر الحجر الاسود من فضة وجير، فقوّس به في وسط الحجر والتكي، فإذا يقطع وجه الحجر الأسود انقشر ماكان تحتها وتفارق ماكان بينها وكادت تسقط».

[269] ( 3) من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.

[270] ( 4) كذا، والعبارة غير واضحة.

[271] ( 1) كذا، وفي ملحق اخبار مكّة( 1: 369):« محمود الهندي».

[272] ( 2) في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم:« تكسرت».

[273] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 97- 103.

[274] ( 4) في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم:« رمي».

[275] ( 5) في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم:« رمي».

[276] ( 1) من المصدر.

[277] ( 2) من المصدر.

[278] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 104- 106.

[279] ( 1) في هامش المخطوطة:« خامس- ظ».

[280] ( 2) في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم:« سادس عشرين شعبان».

[281] ( 3) انظر ملحق اخبار مكة 1: 366.

ص: 318

[282] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 107- 114.

[283] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 114.

[284] ( 1) ولم يبيّن الخصوصية التي حواها بناء الحجّاج حتى عدّ محوراً لهذا الحكم دون غيره.

[285] ( 2) ذكر الأزرقي ذرع البيت من خارجها وداخلها في اخبار مكة 1: 289- 293.

[286] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 114- 117.

[287] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 118.

[288] ( 3) في المخطوطة« الجدر» هنا وفي الموارد المشابهة، وصححناه على المصادر.

[289] ( 1) من شفاء الغرام 1: 110، ومحله بياض فى المخطوطة.

[290] ( 2) الزيادة من المصدر، وكذا في الموارد التالية.

[291] ( 3) من المصدر، وفي المخطوطة:« بينه».

[292] ( 4) الى هنا نقله السنجاري في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 118- 121.

[293] ( 1) مابين المعقوفين من المصدر، ومحله بياض في المخطوطة.

[294] ( 2) من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.

[295] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 4: 121.

[296] ( 1) الجامع اللطيف: 34.

[297] ( 2) الجامع اللطيف: 79.

[298] ( 1) نقله ابن ظهيرة في الجامع اللطيف: 34، وانظر شفاء الغرام 1: 169.

[299] ( 2) الجامع اللطيف: 35، والاية من سورة الاحزاب: 21، والحديث أخرجه الكحلاني في سبل السلام 2: 205.

[300] ( 3) نقله ابن ظهيرة في الجامع اللطيف 35.

[301] ( 4) الجامع اللطيف: 37.

[302] ( 1) الجامع اللطيف: 37.

[303] ( 2) الجامع اللطيف: 37-/ 38.

ص: 319

[304] ( 1) نقله عن المسبحي عن ابن الضياء في تاريخ مكّة المشرفة: 178-/ 179. وانظر شفاء الغرام 1: 194.

[305] ( 2) شفاء الغرام: 195.

[306] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 300- 302.

[307] ( 4) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 302.

[308] ( 1) من المصدر.

[309] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 193- 194.

[310] ( 3) من المصدر.

[311] ( 1) آل عمران: 97.

[312] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 187- 189.

[313] ( 3) من المصدر.

[314] ( 4) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 190- 191. ونقل معناه الفاسي في شفاء الغرام 1: 193، وانظر الاعلام: 195- 197.

[315] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 191- 192. وانظر شفاء الغرام 1: 193.

[316] ( 2) من المصدر.

[317] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 192- 193. الاعلام: 199.

[318] ( 4) شفاء الغرام 1: 193.

[319] ( 5) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 193.

[320] السيد محمد مهدي بحر العلوم، تحفة الكرام في تاريخ مكة وبيت الله الحرام، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1425 ه. ق..

[321] ( 1) مضمونه في تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام: 127.

[322] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 194- 195.

[323] ( 3) من المصدر.

[324] ( 4) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 195- 196. شفاء الغرام 1: 194.

[325] ( 5) نقله ابن الضياء في تاريخ مكّة المشرفة: 178-/ 179.

[326] ( 6) لم نقف عليه، ونقل معناه في هامش اخبار مكة 1: 346، وفيه ذكر العمالقة ايضاً، وانظر اخبار الحجر في شفاء الغرام 1: 191-/ 195 أيضاً.

[327] ( 1) من المصدر.

[328] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 204- 205. وورد ذكره في هامش اخبار مكة 1: 346.

[329] ( 3) العبارة في المخطوطة غير واضحة. ومابين المعقوفتين من الكامل لابن الاثير 9: 333.

[330] ( 1) الكامل في التاريخ 9: 333.

[331] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 214- 215، ونقل معناه ابن الضياء في تاريخ مكّة المشرفة: 178 مع اختلاف.

[332] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 216.

ص: 320

[333] ( 4) نقل ذلك عنه في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 216.

[334] ( 5) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 265. وانظر شفاء الغرام 1: 194.

[335] ( 1) كذا في شفاء الغرام، وفي المخطوطة:« البلوي» بدل« السهيلي».

[336] ( 2) شفاء الغرام 1: 168.

[337] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 311- 312.

[338] ( 1) من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.

[339] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 223- 224. ونقل ذلك الفاسي في شفاء الغرام 1: 185.

[340] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 243، وذكره الفاسي في شفاء الغرام 1: 185.

[341] ( 4) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 255.

[342] ( 5) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 265. ونقل معناه الفاسي شفاء الغرام 1: 185.

[343] ( 6) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 265. ونقله الفاسي في شفاء الغرام 1: 185.

[344] ( 1) الجامع اللطيف: 45.

[345] ( 2) كذا، وفي المصدر:« المستجاب» ولعله خطأ.

[346] ( 3) الجامع اللطيف: 46.

[347] ( 4) الجامع اللطيف: 46-/ 45.

[348] ( 5) قاله ابن ظهيرة في الجامع اللطيف.

[349] ( 1) الجامع اللطيف: 46.

[350] ( 2) في المصدر:« الركن» بدل« الباب».

[351] ( 3) في المطبوعة من المصدر: الركن.

[352] ( 4) الجامع اللطيف: 46.

[353] ( 5) الجامع اللطيف: 75.

[354] ( 6) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 307، ونقل معناه ابن ظهيرة فى الجامع اللطيف: 45.

[355] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 307- 308، ونقل معناه ابن ظهيرة فى الجامع اللطيف: 47.

[356] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 308، وانظر شفاء الغرام 1: 197.

ص: 321

[357] ( 3) شفاء الغرام 1: 197.

[358] ( 4) كذا في هامش المخطوطة، وفي المتن:« من».

[359] ( 5) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 308- 309، ونقل كلّ ذلك الفاسي في شفاء الغرام 1: 197.

[360] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 309، ورواه الفاسي في شفاء الغرام 1: 197.

[361] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 309، وشفاء الغرام 1: 197.

[362] ( 3) مابين المعقوفتين من شفاء الغرام 1: 197.

[363] ( 4) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 309- 310، وشفاء الغرام 1: 218.

[364] ( 1) كذا في المخطوطة.

[365] ( 1) لم نقف على حاشية الجامع اللطيف، الّا انّ النص مع التفصيل موجود في شفاء الغرام 1: 113، وانظر أخبار مكة 1: 310.

[366] ( 2) كذا في المصدر، وفي المخطوطة:« التحرير».

[367] ( 1) الجامع اللطيف: 131-/ 132

[368] ( 2) كذا ظاهرا، وفي الجامع اللطيف:« ابن الميلق».

[369] ( 1) الجامع اللطيف: 132-/ 133.

[370] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 374، وشفاء الغرام 1: 104.

[371] ( 2) ذكره الفاسي في شفاء الغرام 1: 104، وتقدم عن الجامع اللطيف آنفا.

[372] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 369.

[373] ( 4) الجامع اللطيف: 118.

[374] ( 1) اخبار مكة 1: 174.

[375] ( 2) شفاء الغرام 1: 128.

[376] ( 3) الجامع اللطيف: 118.

[377] ( 4) من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.

[378] ( 5) في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم:« وآخر».

[379] ( 6) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 389- 390، مع اختلاف.

[380] ( 1) الجامع اللطيف: 105.

ص: 322

[381] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 370، وشفاء الغرام 1: 121.

[382] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 371، والجامع اللطيف: 105.

[383] ( 4) اخبار مكة 1: 249-/ 250، الجامع اللطيف: 105.

[384] ( 1) الجامع اللطيف: 105، هذا وقد ذكر الفاسي في شفاء الغرام تفسير وبيان هذه الكلمات، فقال:« فأمّا القباطي فهي جمع قبطية- بالضم- وهو ثوب من ثياب مصر رقيق أبيض كان منسوباً إلى القبط، وهم أهل المصر، والضم فيها من تغيير النسب، وهذا في الثياب. وأمّا في الناس فقبطي- بالكسر- لا غير.

وأمّا الوصايل فثياب حمر مخططة يمانية.

وأمّا الحبرات فجمع حبرة، وهو ما كان من برود مخططة يقال لها: برد حبرة وبرد حبر على الوصف وعلى الاضافة، وهو من ثياب اليمن.

وأما العصب فهو برود يمانية يعصب غزلها، أي يجمع ويشدّ ثم يصبغ وينسج، فنأى موسى لبقايا عصب منه أبيض، ثم يأخذه صبغ يقال له: برد عصب وبرود عصيب بالتنوين والاضافة.

وأما الانماط فضرب من البسط، واحدها نمط.

ذكر تفسير ذلك كله على ما ذكرنا من يعتمد من العلماء».( شفاء الغرام 1: 121)

[385] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 372- 373، وانظر القاموس المحيط 3: 196.

[386] ( 3) الجامع اللطيف: 106، وما بين المعقوفات من المصدر.

[387] ( 4) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 370.

[388] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 371، واخبار مكة 1: 251-/ 252.

[389] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 373، وانظر الجامع اللطيف: 107.

[390] ( 3) الزيادة اقتضاها السياق.

[391] ( 4) الجامع اللطيف: 107.

[392] ( 1) اخبار مكة 1: 253.

[393] ( 2) الجامع اللطيف: 105.

[394] ( 3) تاريخ مكة 1: 253.

[395] ( 4) انظر الجامع اللطيف 107.

[396] ( 5) الجامع اللطيف: 107.

[397] ( 6) من المصدر.

[398] ( 7) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 379- 380.

[399] ( 8) أخبار مكة 1: 257.

[400] ( 1) الجامع اللطيف: 109.

[401] ( 1) شفاء الغرام 1: 211.

[402] ( 2) الجامع اللطيف: 256.

[403] ( 3) الجامع اللطيف: 141.

[404] ( 4) ما بين المعقوفتين من شفاء الغرام، وفي المخطوطة:« جداره».

[405] ( 1) في المخطوطة:« وكان».

ص: 323

[406] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 316- 317. شفاء الغرام 1: 217.

[407] ( 3) انظر: منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 316- 317. شفاء الغرام 1: 217.

[408] ( 4) شفاء الغرام 1: 198. وفي التاريخ القويم 1: 580 وفيه ...

[409] ( 5) انظر أخبار مكة 1: 313.

[410] ( 1) الجامع اللطيف: 141.

[411] ( 2) الجامع اللطيف: 142.

[412] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 326.

[413] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 372، وانظر شفاء الغرام 1: 121.

[414] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 319. ومعناه في الجامع اللطيف: 138.

[415] ( 2) من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.

[416] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 319- 320. شفاء الغرام 1: 223.

[417] ( 1) كذا في المخطوطة، وكتب الناسخ بعدها كلمة:« كذا»، والحفرة لم ترخّم الّا بعد قدوم ابن جبير الى مكة، وكان قدومه في سنة تسع وسبعين وخمسمئة، كما في شفاء الغرام 1: 227.

[418] ( 2) من منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم.

[419] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 320.

[420] ( 1) الجامع اللطيف: 30.

[421] ( 2) نقله الازرقي عن مجاهد في أخبار مكة 2: 30، وانظر شفاء الغرام 1: 202.

[422] ( 1) لم نقف عليه، راجع ما ذكره السنجاري عن المقام في منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 395 وما بعدها.

[423] ( 2) شفاء الغرام 1: 202.

[424] ( 3) أخبار مكّة 2: 30.

[425] ( 4) أخبار مكّة 2: 38.

[426] ( 5) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 396، ونقله ابن ظهيرة في الجامع اللطيف: 31، وانظر تاريخ مكّة المشرفة: 131.

[427] ( 6) الجامع اللطيف: 31.

ص: 324

[428] ( 1) هي ام نهشل ابنة عبيدة بن أبي أحيحة سعيد بن العاصي، وإنّما سمي السيل باسمها لأنّه ذهب بها فماتت فيه، كما ذهب بمقام ابراهيم عليه السلام، وذلك في سنة 17 ه كما في هامش أخبار مكّة 2: 33.

[429] ( 2) المقاط: حبل صغير شديد الفتل.

[430] ( 3) كذا.

[431] ( 4) الجامع اللطيف: 31.

[432] ( 5) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 397. الجامع اللطيف: 32.

[433] ( 1) انظر أخبار مكّة 2: 34.

[434] ( 2) شفاء الغرام 1: 209.

[435] ( 3) أخبار مكّة 2: 35.

[436] ( 4) انظر شفاء الغرام 1: 206، وقد نقل عن مالك في المدونة: ان المقام كان في عهد ابراهيم عليه السلام في مكانه اليوم، وكان أهل الجاهلية ألصقوه بالبيت خيفة السيل، فكان كذلك في عهد النبي عليه السلام وعهد أبي بكر، فلما ولي عمر ردّه بعد أن قاس موضعه بخيوط قديمة قيس بها حين أخّروه.

[437] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 297.

[438] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 516، ومعناه في أخبار مكّة 2: 35.

[439] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 517.

[440] ( 4) انظر أخبار مكّة 2: 35.

[441] ( 5) تقدم نقله في هامش الصفحة السابقة.

[442] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 517، وانظر شفاء الغرام 1: 206.

[443] ( 2) نقله الفاسي في شفاء الغرام 1: 206.

[444] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 517، ونقله الفاسي عن ابي عروبة في شفاء الغرام 1: 206.

[445] ( 4) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 517، وقال الفاسي في شفاء الغرام( 1: 207) نقلًا عن الفاكهي باسناده عن سعيد بن جبير، انه قال: كان المقام في وجه الكعبة، وانّما قام ابراهيم عليه حين ارتفع البنيان، فأراد ان يشرف على البناء، قال: فلما كثر الناس خشي عمربن الخطاب ان يطأوه باقدامهم، فأخّره إلى موضعه الذي هو به اليوم حذاء موضعه الذي كان قدام الكعبة.

[446] ( 5) البقرة: 125.

[447] ( 1) انظر شفاء الغرام 1: 208.

[448] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 517- 518، وانظر شفاء الغرام 1: 108-/ 209.

[449] ( 3) البقرة: 125.

[450] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 520.

[451] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 521، وشفاء الغرام 1: 208.

[452] ( 3) نقله الفاسي في شفاء الغرام 1: 209.

ص: 325

[453] ( 1) شفاء الغرام 1: 209.

[454] ( 2) الزيادة اقتضتها العبارة.

[455] ( 3) نقل ابن الضياء معنى ذلك في تاريخ مكة المشرفة: 130.

[456] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 522- 523، وتحفة الكرام باخبار البلد الحرام هو اختصار لكتابه شفاء الغرام. انظر شفاء الغرام 1: 305.

[457] ( 1) الشنة: القربة

[458] ( 2) ابراهيم: 37.

[459] ( 3) من المصدر.

[460] ( 1) اي تحوط عليه بالتراب خوفاً من أن يسيل، وفي المخطوطة:« تحوضه».

[461] ( 2) من المصدر.

[462] ( 1) النص بطوله من الجامع اللطيف: 254-/ 257، وما بين المعقوفات من المصدر.

[463] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 281، وانظر معناه في شفاء الغرام 1: 113.

[464] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 281.

[465] ( 4) من المصدر.

[466] ( 1) الجامع اللطيف: 260-/ 259.

[467] ( 1) الجامع اللطيف: 161، وانظر اخبار مكة 2: 47.

[468] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 404- 405، وانظر شفاء الغرام 1: 113.

[469] ( 1) السيرة الحلبيّة 1: 56-/ 55، ط/ دار المعرفة، والزيادات من المصدر.

[470] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 410- 411.

[471] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 411، وفيه:« حلّ، بل قال سفيان: حلّ محلل»، ونقله الأزرقي في أخبار مكّة 2: 58.

[472] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 411.

[473] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 412.

[474] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 412.

[475] ( 4) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 413.

[476] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 413، ومعناه في اخبار مكة 1: 60، وقد حدد الفاسي سقاية العباس في شفاء الغرام 1: 259.

[477] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 413. شفاء الغرام 1: 248.

[478] ( 3) الزيادة اقتضاها السياق

ص: 326

[479] ( 4) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 414. شفاء الغرام 1: 248-/ 249.

[480] ( 5) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 415. أخبار مكة 2: 61. وانظر: شفاء الغرام 1: 148.

[481] ( 6) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 415. ونقل معنى ذلك الفاسي في شفاء الغرام 1: 257.

[482] ( 1) هزمة جبريل: اي ضربته، حيث ضربها برجله.( انظر النهاية 5: 263).

[483] ( 2) من الغذاء.

[484] ( 3) بالحاء المهملة لكونها بالحرم.

[485] ( 4) من المصدر.

[486] ( 1) في الجامع اللطيف: وشباعة العيال.

[487] ( 2) أخبار مكة 2: 42.

[488] ( 3) ان ابن ظهيرة لم يدر معنى الجملة لوقوع التحريف في نقل الحديث عنده هنا، وكان قدنقله صحيحاً في ص 259 من جامعه عند ذكره لحديث رؤيا عبد المطلب في ذلك، وأنها بين الفرث والدم عند نقرة الغراب الاعصم عند قرية النمل.

وقد أوضح العلّامة السيد محمد حسين الجلالي هذه الفقرة في كتابه« موارد الاعتبار في سيرة النبي المختار» عند تعرّضه لقصّة حفر زمزم فقال: انّ الاستدلال بوجود النمل على الماء قد أثبته التجارب؛ فان النمل لا يتواجد الّا في القرب منها، ومن وجودها يمكن الوصول إلى وجود الآبار.( راجع موارد الاعتبار: 35).

[489] ( 4) النص منقول من الجامع اللطيف: 273 بتصرف يسير، وانظر شفاء الغرام 1: 220 فقد نقله عن الازرقي أيضا.

[490] ( 1) كذا يقتضيه السياق، وفي الاعلام:« ان سكنتم حول الحرم».

[491] ( 2) نقل معناه القطب النهرواني في الاعلام: 78.

[492] ( 1) نقله رشدي الصالح؛ محقق اخبار مكة، في هامش اخبار مكة 2: 114.

[493] ( 2) انظر اخبار مكه للازرقي 2: 68-/ 69، وشفاء الغرام 1: 224، والجامع اللطيف: 197، والاعلام: 79.

[494] ( 3) الجامع اللطيف: 198.

[495] ( 1) ذكر بعض ذلك الفاسي في شفاء الغرام 1: 24.

[496] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 525.

[497] ( 1) الجامع اللطيف: 197-/ 198.

[498] ( 2) من اخبار مكة.

[499] ( 3) انظر أخبار مكة 2: 70.

[500] ( 4) انظر اخبار مكة 2: 69.

[501] ( 5) أخبار مكة 2: 72.

ص: 327

[502] ( 1) الاعلام بأعلام بيت الله الحرام: 122، ومعناه في شفاء الغرام 1: 115.

[503] ( 2) راجع اخبار مكة 1: 72-/ 73.

[504] ( 1) من الجامع اللطيف.

[505] ( 2) انظر أخبار مكّة 1: 80.

[506] ( 1) الجامع اللطيف: 199-/ 201.

[507] ( 2) في المخطوطة هكذا:« زيادة باب الزيادة»، ومابين المعقوفتين من شفاء الغرام والجامع اللطيف.

[508] ( 3) شفاء الغرام 1: 22، الجامع اللطيف: 202-/ 203.

[509] ( 4) اخبار مكّة: 81.

[510] ( 5) اخبار مكّة 1: 81.

[511] ( 1) شفاء الغرام 1: 230- 231، الجامع اللطيف: 206- 207.

[512] ( 2) من شفاء الغرام.

[513] ( 3) راجع شفاء الغرام 1: 231.

[514] ( 4) كذا، وفي المصدر زيادة:« تعالى».

[515] ( 5) الجامع اللطيف: 207.

[516] ( 1) الجامع اللطيف: 152.

[517] ( 2) الجامع اللطيف: 152.

[518] ( 1) راجع الجامع اللطيف: 153.

[519] ( 2) انظر الجامع اللطيف: 205-/ 206.

[520] ( 3) الجامع اللطيف: 218.

[521] ( 4) أخبار مكة 1: 91.

[522] ( 5) الجامع اللطيف: 201.

[523] ( 6) شفاء الغرام 2: 26.

[524] ( 1) انظر الجامع اللطيف: 219.

[525] ( 2) الاعلام بأعلام بيت الله الحرام: 143، تاريخ مكة المشرفة: 154.

[526] ( 3) الزيادة منّا.

[527] ( 4) اخبار مكة 2: 163.

[528] ( 5) الجامع اللطيف: 152-/ 153.

[529] ( 6) القاموس المحيط 2: 13.

[530] ( 7) القاموس المحيط 2: 125.

ص: 328

[531] ( 8) الترمذي، كتاب المناقب، باب فضل مكة، ح 3925.

[532] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 3: 479- 482.

[533] ( 2) نقله ابن ظهيرة في الجامع اللطيف: 206-/ 207، وتقدم مثل ذلك عن السنجاري آنفا.

[534] ( 3) نقله ابن ظهيرة في الجامع اللطيف: 207-/ 208.

[535] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 3: 473- 476.

[536] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 3: 476، وانظر ذرع المسجد الحرام في شفاءالغرام 1: 230-/ 331.

[537] ( 3) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 3: 476- 477، وقد تعرّض لذكر اساطين المسجد كلّ من الأزرقي في أخبار مكة 2: 82، والفاسي في شفاء الغرام 1: 233.

[538] ( 1) الزيادة اقتضاها السياق.

[539] ( 2) كذا في المخطوطة، وفي الجامع اللطيف 218:« باب السدة؛ لكونه سدّ ثم فتح».

[540] ( 3) في الجامع اللطيف:« وسمي بذلك لكونه عند دار كانت تسمى قديماً دار العجلة». الجامع اللطيف: 218.

[541] ( 4) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 3: 478- 482، الّا انّ الازرقي ذكر عدد ابواب المسجد فى اخبار مكة 2: 86-/ 94، والفاسي في شفاء الغرام 1: 237، وابن ظهيرة في الجامع اللطيف: 217.

[542] ( 5) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 3: 485- 488، وقد ورد ذكر قبب ومنائر المسجد الحرام في الجامع اللطيف: 204-/ 206 و 215، فراجع.

[543] السيد محمد مهدي بحر العلوم، تحفة الكرام في تاريخ مكة وبيت الله الحرام، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1425 ه. ق..

[544] ( 1) في الاعلام:« وحرثوا».

[545] ( 2) من المصدر.

[546] ( 1) راجع الاعلام بأعلام بيت اللّه الحرام: 142- 145.( بتلخيص).

[547] ( 1) كذا في المصدر:« الازرقي».

[548] ( 1) كذا في المصدر، وفي المخطوطة:« ضرّة».

[549] ( 2) كذا في المصدر، وفي المخطوطة:« لأبي».

[550] ( 3) كذا في المصدر، وفي المخطوطة:« وتداولت».

[551] ( 4) كذا في المصدر، وفي المخطوطة:« من».

[552] ( 1) كذا في المخطوطة، وفي المصدر:« 191»، وهو خطأ.

ص: 329

[553] ( 2) العبارة في المصدر هكذا:« وكان السعي في موضع المسجد الحرام».

[554] ( 3) كذا في المصدر، وفي المخطوطة:« بعمارته التي فيها».

[555] ( 4) من المصدر.

[556] ( 5) كذا في المصدر، وفي المخطوطة:« بجدار».

[557] ( 1) كذا في المصدر، وفي المخطوطة:« وذرعوا».

[558] ( 2) من المصدر.

[559] ( 1) في المصدر:« وسكتوا عليه».

[560] ( 2) كذا في المصدر، وفي المخطوطة:« ووقع».

[561] ( 3) من المصدر.

[562] ( 1) الاعلام بأعلام بيت الله الحرام: 140، والزيادة من المصدر.

[563] ( 1) من المصدر.

[564] ( 1) الاعلام بأعلام بيت الله الحرام: 140- 142.

[565] ( 1) نقله الفاسي في شفاء الغرام 1: 315.

[566] ( 2) من شفاء الغرام.

[567] ( 1) شفاء الغرام 1: 315 وانظر: منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 400.

[568] ( 2) راجع ما ذكره الفاسي عن الصفا والمروة في شفاء الغرام 1: 297.

[569] ( 3) لم نقف عليه.

[570] ( 1) المخاليف: جمع مخلاف، وهو مجموعة من القرى والبلاد التي تمتد إليها الولاية. وقد حكي ذلك عن مالك في تفسيره جزيرة العرب. وأمّا الحجاز، فقد فسّره الاكثرون بمكة والمدينة واليمامة فقط، انظر فيض القدير 2: 436، ومواهب الجليل 4: 595، وحواشي الشيرواني 4: 278.

[571] ( 2) منائح الكرم 1: 205- 206، ونقل معناه القطب في الاعلام: 39.

[572] ( 1) شفاء الغرام 1: 13.

[573] ( 2) في الاعلام:« جبل جزل- بكسر الجيم وفتح الزاي وتشديد اللام-؛ لانّ طائفة من الحبوش يقيمون بهذا الجبل يسمون بهذا الاسم». الاعلام: 390- 400.

[574] ( 3) الأخشب في اللغة كل جبل خشن غليظ، ذكر ذلك ابن الأثير، وانظر شفاء الغرام 1: 16، وأخشبا مكّة: جبل أبي قبيس وجبل الاحمر.

[575] ( 4) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 207.

[576] ( 1) وقد حدّه الفاسي في شفاء الغرام بقوله:« حدّ المعلاة من شق مكة الايمن ما جاوز دار الارقم بن ابي الارقم والزقاق الذي على الصفا يصعد منه إلى جبل ابي قبيس مصعداً في الوادي، فذلك كلّه من المعلاة ووجه الكعبة والمقام وزمزم واعلى المسجد.

وحد المعلاة من الشق الايسر من زقاق البقر الذي عند الطاحونة ودار عبد الصمد بن علي اللبان مقابل دار يزيد بن منصور الحميري خال المهدي يقال لها: دار العروس، مصعداً الى قعيقعان ودار جعفر بن محمد ودار العجلة وما جاز سبيل قعيقعان إلى السويقة وقيقعان مصعداً، فذلك كله من المعلاة»، شفاء الغرام 1: 17.

[577] ( 2) انظر التعليق السابق.

ص: 330

[578] ( 3) معجم البلدان 1: 122 و 81.

[579] ( 1) انظر شفاء الغرام 1: 15-/ 16.

[580] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 207.

[581] ( 3) انظر شفاء الغرام 1: 15-/ 16.

[582] ( 1) الفتح: 24.

[583] ( 2) آل عمران: 96.

[584] ( 3) الانعام: 92.

[585] ( 4) محمد عليه السلام: 13.

[586] ( 5) البلد: 1 و 2.

[587] ( 6) النمل: 91.

[588] ( 7) القصص: 85.

[589] ( 8) ابراهيم: 37.

[590] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 214- 215.

[591] ( 1) راجع شفاء الغرام 1: 54 و 55.

[592] ( 1) من اخبار مكة 2: 129.

[593] ( 2) نقله الازرقي في أخبار مكة 2: 129.

[594] ( 3) انظر اخبار مكة 2: 129.

[595] ( 4) انظر اخبار مكة 2: 129-/ 130.

[596] ( 5)() شفاء الغرام 1: 64.

[597] ( 1) انظر شفاء الغرام 1: 55-/ 66.

[598] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 213- 219.

[599] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 219- 220.

[600] ( 3) شرح المسلك المتقسط على المنسك المتوسط: 277.

[601] ( 1) كلمة الاضاة تمدّ وتقصر، وهي مستنقع الماء، وهي بهمزة مفتوحة وضاد معجمة على وزن: فتاة، ولبن- بكسر اللام وسكون الباء الموحدة- قاله الحازمي، كما في شفاء الغليل 1: 58.

ص: 331

[602] ( 2) لم نقف عليه.

[603] ( 3) انظر اخبار مكّة 2: 131.

[604] ( 4) اخبار مكة 2: 131.

[605] ( 5) كذا، ولعل ما تقدم نقله من قوله:« قال الملّا علي في منسكه هذا القول عن الأزرقي، والجمع بأنّه أراد غير طريق أراد غيره من الجمهور» يرتبط بما هنا.

[606] ( 1) شرح المسلك المتقسط على المنسك المتوسط: 227.

[607] ( 1) انظر شرح المسلك المتقسط على المنسك المتوسط: 111. وقد ذكر الازرقي حدود عرفة في اخبار مكة 2: 194.

[608] ( 1) المجموع 8: 106.

[609] ( 2) أخبار مكّة 2: 194.

[610] ( 3) انظر شفاء الغرام 1: 301.

[611] ( 4) انظر شفاء الغرام 1: 304.

[612] ( 5) شفاء الغرام 1: 305، وفيه: وانكر ذلك القاضي عز الدين بن جماعة.

[613] ( 1) شفاء الغرام 1: 304.

[614] ( 2) المجموع شرح المهذّب؛ للنووي 8: 108، ونقل مقتطفات منه في التاريخ القويم 5: 329 و 338، ط/ بيروت دار خضر 1420 ه ق/ 2000 م.

[615] ( 3) انظر التاريخ القويم 5: 339.

[616] ( 4) ذكر بعض الخلاف في ذلك في المجموع 8: 109 وكذا في التاريخ القويم 5: 338 و 339 وفي شفاء الغرام 1: 306 واستدلّ بعضهم للقول الأخير بقول النبي صلى الله عليه و آله« وارتفعوا عن بطن عرنة». شفاء الغرام 1: 307.

[617] ( 1) انظر المجموع بشرح المهذب؛ للنووي 8: 120.

[618] ( 2) نقل ذلك الكردي المكي في التاريخ القويم لمكّة وبيت اللّه الكريم 5: 338 وما بعدها.

[619] ( 1) قال ابن قدامة في الشرح الكبير( 3: 428):« قال ابن عبد البر: أجمع الفقهاء على أنّ من وقف به لا يجزئه». وفي شرح المسلك المتقسط( الصفحة 100):« مسجد نمرة وهو في أواخر عرفة بقربها، بل قيل: إنّ بعضهه منها». وانظر التاريخ القويم 5: 338- 342.

[620] ( 2) حبل المشاة: مجتمعهم، وبالجيم طريقهم وحيث تسلك الرجالة.( انظر المحلى 8: 121).

[621] ( 3) نقل ذلك ابن قدامة من حديث جابر في الشرح الكبير 3: 428. وانظر التاريخ القويم 5: 343- 345.

[622] ( 4) كذا في أخبار مكّة( 2: 194)، وفي المخطوطة:« الاول».

ص: 332

[623] ( 1) في شرح المسلك المتقسط 104:( عند الصخرات) أي الحجارات الكبار المفروشات( السود)، فانّها مظنّة موقفه صلّى اللّه عليه وسلّم.

وفي الصفحة 107:( قيل هو) أي موقف النبي الأعظم( الفجوة) بفتح الفاء وهي الفرجة وما اتسع من الأرض( المستعلية) أي المرتفعة بالنسبة إلى سائر أرض عرفات( التي عند الصخرات السود) الكبار عند جبل الرحمة بحيث يكون الجبل بيمينك.

[624] ( 2) شرح المسلك المتقسط على المنسك المتوسط: 107.

[625] ( 1) قال الملّا علي في المنسك المتوسط:« وحدّ المزدلفة ما بين مأذمي عرفة و قرني محسّر بيميناً وشمالًا من تلك الشعاب». انظر شرح المسلك المتقسط على المنسك المتوسط: 117.

[626] ( 2) انظر شفاء الغرام 1: 316.

[627] ( 3) انظر المجموع 8: 143، والمغني لابن قدامة 3: 441.

[628] ( 1) نقل الحطاب الرعيني في مواهب الجليل( 4: 178) ذلك عن ابن ناجي. وانظر قول الشافعي في الام 2: 236.

[629] ( 1) القاموس المحيط 2: 86.

[630] ( 1) ذكر معنى ذلك الشوكاني في فتح القدير 1: 201.

[631] ( 2) راجع جامع البيان 2: 393.

[632] ( 3) لم نقف عليه.

[633] ( 1) في معجم لغة الفقهاء؛ لمحمد قلعجي، ص 460 ما نصه: منى- بكسر الميم وفتح النون- مكان قريب من مكة ضمن الحرم، يقيم فيه الحجاج أيام التشريق، سمي بذلك لما يمنى فيه من الدماء.

وأيام منى: أيام التشريق الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة.

وفي القاموس الفقهي؛ للدكتور سعدي أبوحبيب، ص 341 مانصّه:

منى: بلدة قرب مكة، ينزلها الحجاج أيام التشريق. يجوز فيها التذكير، والتأنيث، والصرف وعدمه. والاجود الصرف. قال الفراء: التذكير هو الاغلب.

وأيام منى: أيام التشريق: أضيفت إلى منى لاقامة الحاج بها لرمي الجمار.

وقد وردت روايات بشأن منى، نذكر منها: ما في المحاسن؛ لاحمد بن محمد بن خالد البرقي 1: 66 مانصّه:

ثواب جمع منى:

أحمد، عن بعض أصحابه، عن الحسن بن يوسف، عن زكريا بن محمد، عن مسعود الطائي، عن عبد الحميد، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:« إذا اجتمع الناس بمنى نادى مناد: أيها الجمع لو تعلمون بمن أحللتم لايقنتم بالمغفرة بعد الخلف، ثم يقول الله تبارك وتعالى: ان عبداً إذا أوسعت عليه في رزقه لم يفد الي في كل أربع لمحروم».

ص: 333

]

[634] ( 1) لا يوجد لدينا منسك ابن جماعة.

[635] ( 1) القاموس المحيط 1: 279.

[636] ( 2) الروضة البهية( شرح اللمعة) 2: 282.

[637] ( 3) الدروس 1: 428.

[638] ( 4) راجع: الروضة البهية 2: 282. الدروس 1: 428.

[639] ( 5) المدارك 8: 9.

[640] ( 6) رواه الشيخ عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن عليه السلام في الكافي 4: 478، ح 7 والوسائل 14: 65.

[641] ( 1) المحصب هو المكان الذي يستحب للحاج النزول فيه بعد انصرافه من منى، و هو مسيل بين مكة ومنى، وهو اقرب إلى مكة بكثير، وسمّي بالمحصّب لأنّه يجتمع فيه حصب من السيل.( انظر شفاء الغرام 1: 313 و 314)، وفي معجم ألفاظ الفقه الجعفري؛ للدكتور أحمد فتح الله، ص 374 وفي القاموس الفقهي؛ للدكتور سعدي أبوحبيب، ص 90 مانصّه:« المحصب: موضع رمى الجمار بمنى. وموضع بمكة على طريق منى، ويسمى البطحاء، والابطح، وخيف بني كنانة، وهو إلى منى أقرب منه إلى مكة، وسمي بذلك لكثرة ما به من الحصا من جرف السيول».

[642] ( 2) شرح المسلك المتقسط على المنسك المتوسط: 135.

[643] ( 3) نقله في شرح المسلك المتقسط على المنسك المتوسط: 135 بلفظ« قيل»، ثمّ قال:« وهذا غير صحيح، والمعتمد ما ذكره غيره أنه بفناء مكّة».

[644] ( 1) قاله ابن الصلاح على ما ذكره الفاسي في شفاء الغرام 1: 313.

[645] ( 2) انظر شفاء الغرام 1: 314.

[646] ( 3) الدروس 1: 464.

[647] ( 4) انظر: السرائر 1: 613 و 592.

[648] ( 5) نقله السيد العاملي عن ابن ادريس في المدارك 8: 262.

[649] ( 1) فخّ هو الوادي الذي بأصل الثنية البيضاء فى طريق جدة على يسار ذي طوى باسفل مكة، وسمى ايضاً وادي الزاهر لكثرة الاشجار والازهار التي كانت فيه قديماً، واما اليوم فيعرف باسم الشهداء؛ اشارة الى وقعه الحسين بن علي واهل بيته، وهذا الوادي هو من منتزهات مكة، وفيه بيوت ومقاهٍ عامرة، وقصر الملك عبد العزيز يسمى ب« قصر المنصور» اسس عام 1347 ه.( هامش اخبار مكة 1: 191).

[650] ( 2) هو موسى بن المهدي العباسي، ولي الخلافة عاماً واحداً من عام 169 إلى عام 170 ه.

[651] ( 3) كان ميلاد الحسين عام 128 ه وقتل عام 169 ه في يوم التروية بفخ.

أقوال العلماء في الحسين بن علي شهيد فخ:

ص: 334

قال الشيخ في رجاله( ص 182) في أصحاب الصادق عليه السلام:« الحسين بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب مدني».

وفي التعليقة( 2: 419):« آخر دعاة الزيدية، قتل في زمن الهادي موسى بن المهدي العباسي، وحُمل رأسه اليه، نقل البخاري النسابة عن الجواد عليه السلام أنه قال: لم يكن لنا بعد الطف مصرع أعظم من فخ».]

وفي عمدة الطالب( ص 183): من ولد العابد ابن الحسن المثلث، الحسين بن علي، وهو الشهيد صاحب فخ، خرج ومعه جماعة من العلويين زمن الهادي موسى بن المهدي بن المنصور بمكة، وجاء موسى بن عيسى بن علي ومحمد بن سليمان بن المنصور فقتلاهم بفخ يوم التروية سنة 169، وقيل: سنة 170، وحملا رأسه إلى الهادي، فأنكر الهادي فعلهما وامضاءهما حكم السيف فيهم.

وروى أبو الفرج في مقاتل الطالبيين( ص 299):« أنّه لما كانت بيعة الحسين بن علي صاحب فخ قال: أبايعكم على كتاب اللّه وسنة رسوله، وعلى أن يطاع اللّه ولا يعصى، وأدعوكم الى الرضا من آل محمد صلى الله عليه و آله، وعلى أن نعمل فيكم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه و آله، والعدل في الرعية، والقسم بالسوية، وعلى ان تقيموا معنا، وتجاهدوا عدونا، فإن نحن وفينا لكم وفيتم لنا، وإن نحن لم نف لكم فلا بيعة لنا عليكم».

قال السيد الامين في أعيان الشيعة( 6: 97):« في غاية الاختصار: كان الحسين بن علي شهيد فخ جواداً عظيم القدر، لحقته ذلة زمن الخليفة الهادي من أمير المدينة فخرج عليه. وقال ابن الأثير: كان الحسين شجاعاً كريماً. وفي البلغة: ممدوح وفيه ذم أيضاً. وروى أبو الفرج في مقاتل الطالبيين( ص 302) عن عدّة من رجاله أنهم قالوا:« جاء الجند بالرؤوس الى موسى بن عيسى العباسي وفيها رأس الحسين بن عليّ وعنده جماعة من ولد الحسن والحسين عليهما السلام، فلم يسأل احداً منهم إلّاموسى بن جعفر قال له: هذا رأس الحسين؟ فقال: نعم، انا للّه وانا اليه راجعون، مضى واللّه مسلماً صالحاً صواماً، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، ما كان في أهل بيته مثله، فلم يجبه بشي ء».

ثم قال السيد الامين في أعيان الشيعة:« كأن هذا هو المراد بالمدح الذي ذكر له في البلغة، ويؤيد ما ذكرناه ما جاء من المدح الكثير في حق زيد الشهيد مع خروجه بالسيف».

وروى المجلسي في بحار الأنوار( 48: 161) عن الكليني في الكافي بسنده:« انه لما خرج الحسين بن علي المقتول بفخ واحتوى على المدينة دعا موسى بن جعفر الى البيعة، فأتاه فقال له: يا ابن عمّ لا تكلفني ماكلفّ ابن عمك عمك أبا عبد اللّه، فيخرج مني ما لا أريد، كما خرج من أبي عبد اللّه ما لم يكن يريد، فقال له الحسين: انما عرضت عليك أمراً،] فإن أردته دخلت فيه وإن كرهته لم أحملك عليه، واللّه المستعان. ثمّ ودّعه، فقال له أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام حين ودّعه: يا ابن عم انك مقتول فأجد الضراب؛ فإن القوم فسّاق يظهرون ايماناً ويسرّون خلافه، وإنا للّه وانّا إليه راجعون وأحتسبكم عند اللّه من عصبة، ثم خرج الحسين وكان من أمره ما كان، قتلوا كلهم».

وقال السيد الامين في أعيان الشيعة:« أما دعوته الامام الى البيعة فلم تكن بيعته على انه امام وخليفة، بل كانت الى ما مر مما ذكره أبو الفرج فأراد ان يتقوى ببيعة الامام له على ذلك. فلما قال له الامام ما قال، لم يلزمه، وأجابه بكل أدب».

ص: 335

وروى أبو الفرج في مقاتل الطالبيين( ص 298) بسنده: ان الحسين قال لموسى بن جعفر في الخروج، فقال له: انك مقتول فأجد الضرب؛ فإن القوم فسّاق يظهرون إيماناً ويضمرون نفاقاً وشكاً، فإنّا للّه وإناإليه راجعون، وعند اللّه جل وعز احتسبكم من عصبة.

وروى بسنده: انه رئي موسى بن جعفر بعد عتمة، وقد جاء الى الحسين صاحب فخ وقال: احب أن تجعلني في سعة.

ونقل أبو نصر البخاري عن محمد الجواد بن علي الرضا أنه قال:« لم يكن لنا بعد الطف مصرع أعظم من فخ».

وراجع ترجمة الحسين بن علي شهيد فخ في رجال الطوسي: 206. تنقيح المقال: 2: 64. خاتمة المستدرك 3: 810. معجم رجال الحديث 8: 273. جامع الرواة 1: 382. نقد الرجال: 161. مجمع الرجال 3: 68. مروج الذهب 2: 183.

[652] ( 1) قد اهملت هذه المقبرة، ولم تبق بمكة مقبرة غير مقبرة المعلاة.( المحقق).

[653] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 115، ونقل الطبري بعض ذلك في حوادث سنة 169 في تاريخه 10: 38- 36، ط/ دار الفكر، سنة 1418 ه.

[654] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 116- 117.

[655] ( 2) مقاتل الطالبيين: 385، ط/ الاعلمي، سنة 1408 ه، وبذيلها:

\s\iُ لا الناس من مضرٍ حاموا ولا غضبوا\z ولا ربيعة والأحياء من يمن\z ياويحهم كيف لم يرعوا لهم حرماً\z وقد رعى الفيل حق البيت ذي الركن\z\E\E

[656] ( 3) مقاتل الطالبيّين: 366، ط/ الاعلمي، سنة 1408 ه/ 1987 م.

[657] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 2: 117- 119. وانظر شفاء الغرام 2: 179- 180.

[658] ( 1) القاموس المحيط 4: 364-/ 365.

[659] ( 2) القاموس المحيط 1: 163.

[660] ( 1) صحاح اللغة 6: 2181.

[661] ( 2) من المصدر.

[662] ( 3) المصباح المنير: 501.

[663] ( 4) البحر الرائق 2: 555، وانظر حاشية رد المختار لابن عابدين 2: 522.

[664] ( 1) انظر القاموس المحيط 1: 165.

[665] ( 2) لايوجد كتابه لدينا.

[666] ( 3) القاموس المحيط 1: 165.

[667] ( 4) لايوجد لدينا، وورد مفاد ما قاله البرجندي في الدر المنضود: 75.

[668] ( 5) لايوجد الكتاب لدينا.

[669] ( 1) لايوجد كتابه لدينا.

[670] ( 2) صحاح اللغة 6: 2181.

ص: 336

[671] ( 3) راجع فتح الباري 3: 305 ونقله عن القاضي عياض في هامش صحاح اللغة 6: 2181.

[672] ( 4) القاموس المحيط 4: 365، و 1: 640 2: 244- 245.

[673] ( 5) لايوجد لدينا.

[674] ( 1) شرح المناسك لايوجد لدينا، وأما استشهد به فينظر في القاموس المحيط 4: 365 و 1: 640 و 2: 244-/ 245.

[675] ( 2) القاموس المحيط 3: 247.

[676] ( 3) لايوجد لدينا.

[677] ( 1) عقود اللطائف لايوجد لدينا.

[678] ( 1) القاموس المحيط 3: 595.

[679] ( 1) وجاء في هامش النسخة هنا ما يلي:

\s\iُ مكّة عين الأرض قد أصبحت\z والحجر الأسود انسانها\z وماؤها المالح في زمزم\z وكلّ عين هكذا شأنها\z\E\E

لمحرّره بديهة، ويمكن نظم هذا المعنى بأحسن من هذا ولكن الوقت لم يسع لذلك.

[680] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 416- 417.

[681] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 304- 305.

[682] ( 2) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 295.

[683] ( 3) البقرة: 125.

[684] ( 4) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 304- 305.

[685] ( 5) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 295.

[686] ( 6) البقرة: 125.

[687] ( 1) العبارة منقولة بالمعنى، انظر الجامع اللطيف: 138.

[688] ( 2)( 2) الجامع اللطيف: 137-/ 139.

[689] ( 3)

[690] ( 4) الجامع اللطيف: 143.

[691] ( 1) انظر أخبار مكّة 1: 44.

[692] ( 2) شفاء الغرام 1: 220.

[693] ( 1) نقله ابن ظهيرة نصاً في الجامع اللطيف: 143-/ 144، وانظر شفاء الغرام 1: 220.

[694] ( 2) الجامع اللطيف: 144.

ص: 337

[695] ( 1) ما بين الشارحتين لم يرد في المصدر.

[696] ( 1) لم يرد« تسعة اذرع» في المصدر، وفيه: بسبعة أذرع.

[697] ( 1) الجامع اللطيف: 144-/ 146.

[698] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 422، وانظر حياة عبدالله والد النبي صلى الله عليه و آله فى تاريخ اليعقوبي 2: 10.

[699] ( 2) سبل الهدى والرشاد 1: 332.

[700] ( 3) انظر السيرة الحلبية 1: 50، ط/ دار احياء التراث- بيروت، د. ت.

[701] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 424.

[702] ( 1) العنوان زيادة منا.

[703] ( 2) راجع التنبيه والاشراف: 182.

[704] ( 3) الاسراء: 15.

[705] ( 4) نقل ذلك في هامش البحار( 15: 118) عن السيوطي من مسالك الحنفاء: 17 وعن الفخر الرازي من كتابه اسرار التنزيل.

[706] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 424- 426.

[707] ( 2) التوبة: 28.

[708] ( 3) الشعراء 219.

[709] ( 4) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 426.

[710] ( 1) الزيادة منا.

[711] ( 2) من المصدر.

[712] ( 3) كذا في الأصل.

[713] ( 4) الحج: 47.

[714] ( 5) طه: 52.

[715] ( 6) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 273- 274.

[716] ( 1) منائح الكرم بأخبار مكة وولاة الحرم 1: 272- 273.

[717] ( 2) الجامع اللطيف: 81 و 82.

[718] السيد محمد مهدي بحر العلوم، تحفة الكرام في تاريخ مكة وبيت الله الحرام، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1425 ه. ق..

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.